اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» في غزة... والمدنيون في وضع «لا يطاق»

وحدة مدفعية إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
وحدة مدفعية إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» في غزة... والمدنيون في وضع «لا يطاق»

وحدة مدفعية إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
وحدة مدفعية إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

كثّف الجيش الإسرائيلي الثلاثاء عملياته ضد حركة «حماس» الفلسطينية في جنوب قطاع غزة، حيث أشار شهود إلى حدوث معارك عنيفة، ما يثير مخاوف من «سيناريو أكثر رعبا» للمدنيين.

ووسع الجيش الإسرائيلي الذي يشنّ منذ 27 أكتوبر (تشرين الأول) هجوما بريا في شمال القطاع المحاصر، نطاق عملياته البرية لتشمل قطاع غزة برمّته مع نشر دبابات قرب خان يونس التي أصبحت بؤرة المواجهات الجديدة، وذلك بعد قرابة شهرين من بدء الحرب.

ومنذ استئناف القتال في 1 ديسمبر (كانون الأول) بعد هدنة استمرت سبعة أيام، يقصف الجيش الإسرائيلي جنوب القطاع، ما تسبب في سقوط الكثير من القتلى والجرحى في هذه المنطقة التي لجأ إليها مئات الآلاف من المدنيين منذ بداية الحرب حيث يعيشون في ملاجئ موقتة.

وهم الآن محاصرون في محيط يتقلص يوما بعد يوم قرب الحدود المغلقة مع مصر، وليس لديهم مكان يذهبون إليه.

ويشتدّ القصف والقتال في شمال قطاع غزة أيضاً حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «سيطر على مواقع مهمة» لحركة «حماس».ونفذ الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر حالياً على مناطق عدّة في شمال قطاع غزة، عمليات «في منطقة جباليا»، وهي أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في القطاع ومحاصر حالياً.وبحسب شهود، استهدفت عشرات الضربات أحياء عدّة في مدينة غزة، ما أجبر آلاف المدنيين على الفرار.

في المقابل، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري في حركة «حماس» من حساب رسمي على تلغرام «قصف بئر السبع المحتلة برشقة صاروخية رداً على المجازر بحق المدنيين».

 



 

وقال شهود لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن القوات الإسرائيلية نفّذت ليل الاثنين الثلاثاء قصفا جويا ومدفعيا قرب خان يونس وعلى رفح المجاورة في الطرف الجنوبي من القطاع وكذلك على دير البلح إلى الشمال.

وأعلن المكتب الإعلامي لحركة «حماس» أن القصف الليلي خلّف عشرات القتلى في قطاع غزة. وأدى القصف إلى مقتل 24 شخصاً في مدرسة تؤوي نازحين في خان يونس، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».

وأكد الجيش الإسرائيلي بعد ظهر الثلاثاء أنه يخوض اشتباكات في «قلب منطقة خان يونس» وذلك بعد إعلانه توسيع عملياته البرية إثر فشل مفاوضات تمديد الهدنة التي استمرت لسبعة أيام.

وأوضح المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني الاثنين أن القصف الإسرائيلي أتى بعد «أمر إخلاء جديد من خان يونس إلى رفح ما أثار الذعر والخوف والقلق».

وأضاف : «60 ألف شخص إضافي على الأقل أُجبروا على الانتقال إلى ملاجئ مكتظة تابعة للأونروا، وقد نزح كثر بينهم مرات عدة» منذ بداية الحرب.

وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء إنه «من المستحيل» إنشاء ما تسمى بمناطق آمنة يفر إليها المدنيون داخل قطاع غزة وسط حملة القصف الإسرائيلية.

وقال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر لصحافيين في جنيف عبر رابط فيديو من القاهرة: «لا يمكن أن تكون هذه المناطق آمنة ولا إنسانية عندما تعلن من جانب واحد».

 

 

وتحدثت وكالة «وفا» الفلسطينية في وقت مبكر من صباح الثلاثاء عن سقوط «عدة» قتلى في قصف على مدينة غزة.

في المقابل، أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري في حركة «حماس» من حساب رسمي على «تلغرام»: «قصف بئر السبع المحتلة برشقة صاروخية ردا على المجازر بحق المدنيين».

وأعربت منظمات دولية عن قلقها من الأخطار التي يواجهها المدنيون في غزة حيث «توقفت خدمة الاتصال الهاتف والإنترنت» بسبب تعرض المسارات الرئيسية والتي تم إعادة وصلها سابقا للفصل مرة أخرى من الجانب الإسرائيلي»، وفقا لشركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل).

وقالت منسّقة الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز إنّ «سيناريو أكثر رعبا يوشِك أن تتكشّف فصوله، وهو سيناريو قد لا تملك العمليات الإنسانية القدرة على الاستجابة له».

وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش التي وصلت الاثنين إلى غزة إن معاناة السكان في القطاع الفلسطيني المحاصر «لا تطاق».

 

وأكدت عبر منصة «إكس»، أن «الأشياء التي رأيتها هناك تفوق أيّ شيء يمكن لأيّ شخص أن يكون في وضع يمكّنه من وصفه. أكثر ما صدمني هو الأطفال الذين أصيبوا بجروح فظيعة، وفي الوقت نفسه فقدوا والديهم من دون أن يعتني بهم أحد».

 

فوضى في مستشفى ناصر

صباح الثلاثاء تكرّرت مشاهد الفوضى في مستشفى ناصر في خان يونس، وهو الأكبر في جنوب قطاع غزة، بعد عمليات القصف الليلة.

وقال الكثير من الأشخاص إنهم فقدوا أحباء لهم في قصف جوي أصاب مدرسة كانت تؤوي لاجئين.

ومن بين هؤلاء محمد سلول الذي فقد شقيقته. وقال: «كانت جثتها في ملعب المدرسة. كان علينا أن نحملها بأنفسنا. رأينا أشلاء بشرية في المدرسة، رغم أن القصف لم يكن يستهدف تلك المدرسة مباشرة بل المنطقة المحيطة بها».

 

 

 

وبحسب «الأونروا»، يؤوي هذا المستشفى المكتظ بالجرحى والذي يفتقر إلى الطواقم الطبية والإمدادات، أكثر من ألف مريض بالإضافة إلى 17 ألف نازح.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» الاثنين ارتفاع حصيلة القتلى إلى 15899 قتيلا، 70 في المائة منهم نساء وأطفال ومراهقون، جراء القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر.

ومساء الاثنين، أعلن مسؤولون عسكريون إسرائيليون أنّه مقابل كلّ مدنيين قُتلا في الهجوم على «حماس» في قطاع غزة قُتل مقاتل من الحركة الفلسطينية.

وخلال دردشة مع صحافيين، قال أحد هؤلاء المسؤولين الذين طلبوا عدم كشف أسمائهم: «لست أقول إنه أمر جيد أن تكون النسبة اثنين لواحد»، عازيا السبب إلى استخدام «حماس» المدنيّين الفلسطينيين «دروعا بشرية».

وأدى هجوم «حماس» إلى مقتل 1200 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون قضوا بغالبيتهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح الثلاثاء مقتل ثلاثة جنود في اليوم السابق في قطاع غزة، ما يرفع حصيلة القتلى الجنود إلى 78 منذ بدء العملية البرية.

من جهتها، كتبت لجنة حماية الصحافيين على منصة «إكس» إنها وثقت حتى 4 ديسمبر مقتل 63 صحافيا وعاملا في مجال الإعلام، هم 56 فلسطينيا و4 إسرائيليين و3 لبنانيين، بالإضافة إلى إصابة 11 صحافيا وفقدان 3 صحافيين وتوقيف 19 صحافيا.

 

 

وبحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال 137 رهينة محتجزين في قطاع غزة بعد إطلاق سراح 105 رهائن، بينهم ثمانون أطلق سراحهم لقاء الإفراج عن 240 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية خلال الهدنة.

من جهته، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الثلاثاء أن الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» تمثل «جريمة نكراء... من العار» أن تستمر بعد نحو شهرين من اندلاعها، وذلك لدى افتتاحه اجتماعا لمجلس التعاون الخليجي في الدوحة.

 

 

 

 

 

 

 

وباتت الحاجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مطبق، حيث نزح وفق الأمم المتحدة 1,8 مليون شخص بسبب الحرب، من أصل سكان القطاع البالغ 2,4 مليون نسمة.

وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أحمد المنظري من مصر: «شهدنا ما حصل في شمال غزة. هذا الأمر لا يمكن أن يشكّل نموذجا للجنوب».

وطلب الجيش الإسرائيلي من المنظمات الإنسانية الدولية «دعمها للمساعدة في المنشآت في منطقة المواصي»، وهي منطقة ساحلية في جنوب قطاع غزة بين خان يونس ورفح تطلب إسرائيل من المدنيين الذهاب إليها.

وتمتد الأعمال القتالية إلى الضفة الغربية المحتلة والحدود الإسرائيلية اللبنانية ومواقع مختلفة في الشرق الأوسط حيث تستهدف القوات الأميركية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة الثلاثاء «استشهاد الشاب محمد يوسف حسن مناصرة (25 عاماً) في قلنديا و4 إصابات في مخيم الدهيشة ببيت لحم برصاص الاحتلال، إحداها حرجة للغاية».

وكان قتل خمسة فلسطينيين برصاص إسرائيلي خلال عمليات عسكرية للجيش في مناطق متفرقة في الضفة الغربية المحتلة الاثنين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وفجر الثلاثاء، نُشر جنود في منطقة جنين، المعقل المحلي للفصائل الفلسطينية.

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

مصر تتطلع إلى دعم أممي لـ«الخطة العربية» حول إعمار غزة

شؤون إقليمية محادثات عبد العاطي والدردري في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تتطلع إلى دعم أممي لـ«الخطة العربية» حول إعمار غزة

تتطلع مصر إلى دعم أممي لـ«الخطة العربية» حول إعمار غزة. وأكدت «العمل خلال الفترة المقبلة على حشد الدعم الدولي اللازم لتنفيذ (خطة الإعمار)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أوروبا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ف.ب)

بريطانيا: على إسرائيل إنهاء منع وصول المساعدات والكهرباء لغزة

كشف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، اليوم السبت، أنه بحث مع وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الوضع «المروع» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل والمباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ب) play-circle

9 قتلى بينهم صحافيان بقصف إسرائيلي على بيت لاهيا

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن تسعة فلسطينيين على الأقل قتلوا، بينهم صحافيان محليان، وأصيب آخرون، اليوم السبت، في غارة جوية إسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يمين) مع عبد الله الدردري مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية على «فيسبوك»)

مباحثات أممية - مصرية حول الخطة العربية لإعادة إعمار غزة

آمال مصرية لدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للخطة العربية لإعادة إعمار غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل والمباني المدمرة في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

غزة: بلدية رفح توقف تزويد الآبار بالوقود... وتحذر من كارثة وشيكة

أعلنت بلدية رفح بجنوب قطاع غزة اليوم (السبت) توقفها قسرياً عن تزويد جميع آبار المياه بالمدينة بالوقود جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل باحتفاظها بالنقاط الخمس لن تستدرج لبنان لمفاوضات سياسية

جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
TT
20

إسرائيل باحتفاظها بالنقاط الخمس لن تستدرج لبنان لمفاوضات سياسية

جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)
جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

إصرار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على الاحتفاظ بالمواقع التي تحتلها إلى أمد غير محدود يُشكل إحراجاً لواشنطن التي تُبدي تفهُّماً للموقف اللبناني بالضغط عليها لإلزامها بالانسحاب منها، وألا تكتفي لدى مراجعتها بضرورة ترجمة تعهدها بخطوات ملموسة، بإبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأنها ما زالت تسعى لإخلائها، خصوصاً أنهم يتخوفون -كما قال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»- من إقدام تل أبيب على ربطها بالنقاط الحدودية المتداخلة بين البلدين وعددها 13 نقطة، وبتثبيت الحدود الدولية طبقاً لما نصَّت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة بينهما عام 1949 لاستدراج لبنان للدخول في مفاوضات سياسية تؤدي إلى تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، وهذا ما ترفضه حكومة الرئيس نواف سلام، وهي تتناغم في رفضها مع الموقف المبدئي لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون.

وسأل المصدر الوزاري، ما الجدوى من عملية الربط التي تتحصن خلفها تل أبيب؟ وأين تقف هيئة المراقبة الدولية المكلفة بمراقبة تثبيت وقف النار؟ وماذا ستقول نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي كانت قد اقترحت تشكيل 3 مجموعات دبلوماسية تولي اهتماماً بإطلاق الأسرى لدى إسرائيل، وإلزامها بالانسحاب من المواقع الخمسة، في حين تواصل توغلها في أطراف البلدات الحدودية الجنوبية.

ولفت إلى أن تل أبيب بربط انسحابها من هذه النقاط بإيجاد حل لتلك المتداخلة الواقعة على طول الخط الأزرق الذي يتحفظ عليه لبنان، تستدرج لبنان للدخول في مفاوضات سياسية مباشرة. وقال إن مجرد إدراجها في سلة واحدة يعني أنها ليست في وارد التسليم بوقف نهائي للنار؛ تمهيداً لتطبيق القرار «1701».

وأكد المصدر أن مجرد إصرار تل أبيب على الربط بين النقاط التي ما زالت تحتلها وتوفير الحلول للنقاط المتداخلة وتثبيت الحدود الدولية، يُشكل أيضاً إحراجاً لهيئة المراقبة الدولية. وقال إن احتفاظها بها يمنع وحدات الجيش اللبناني من استكمال انتشارها حتى الحدود الدولية بمؤازرة القوات الدولية المؤقتة «يونيفيل». ورأى أن لبنان باقٍ على تعهده ببسط سيادته الكاملة على كل أراضيه بقواته الذاتية، التزاماً منه بما نص عليه اتفاق الطائف في هذا الخصوص، وتسهيلاً لتطبيق القرار «1701». وقال إن الحكومة لن تتزحزح قيد أنملة عن تعهدها بحصر السلاح بيد الشرعية، وهذا ما نص عليه البيان الوزاري، وأكده الرئيس عون في خطاب القسم.

وحمَّل المصدر نفسه تل أبيب مسؤولية عدم تقديمها التسهيلات للشروع بتطبيق القرار «1701» بمؤازرة «يونيفيل»، وسأل ما إذا كانت تربط جنوب لبنان بجنوب سوريا، في ضوء توغلها في عدد من المدن السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري الجديد، وصولاً لدفع بيروت ودمشق للتفاوض معها للتوقيع على اتفاقية للسلام، ترجمة مع الدعوة التي أطلقها في هذا الخصوص المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف؟

وكشف عن أن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء سجلت تدخّل رئيسي الجمهورية والحكومة لضبط إيقاع الوزراء، وعدم الإقحام في سجال افتتحه وزير الصناعة جو عيسى الخوري المحسوب على حزب «القوات اللبنانية»، بدعوته لعقد جلسة للمجلس الأعلى للدفاع تُخصص لنزع سلاح «حزب الله»، ضمن جدول زمني مدته 6 أشهر، وأيده وزير العدل عادل نصار المحسوب على حزب «الكتائب».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الوزيرين الشيعيين المحسوبين على «حزب الله» لم يتدخلا للرد عليهما، خصوصاً أن اقتراحهما جاء من خارج جدول أعمال الجلسة، وصرح بأن تدخّل عون وسلام جاء في الوقت المناسب، وأكدا أنه لا خلاف على حصرية السلاح بيد الدولة، وجددا التزامهما بما نص عليه البيان الوزاري تطبيقاً للطائف والقرار «1701».

ومع أن الخوري أرفق دعوته هذه بالأسباب الموجبة التي أملت عليه هذا الطلب من مجلس الوزراء، وأبرزها أن بقاء السلاح بيد «حزب الله» لا يشجع عودة الاستثمارات للبنان واستعادته لعافيته الاقتصادية والمالية، فإنه أخطأ، وفق المصدر، في طرحه بالشكل، باعتماده لغة يغلب عليها التحدي والمزايدة على الآخرين، وكأنهم ليسوا مع حصرية السلاح بيد الدولة، الذي هو موضع إجماع لا عودة عنه، كما أخطأ في التوقيت الذي جاء متزامناً مع استمرار إسرائيل، ليس باحتفاظها بالمواقع التي تحتلها، وإنما بمواصلة خروقها على نحو واسع بشن غارات جوية، ليست محصورة بالجنوب، وإنما تتعداه لتطول الحدود اللبنانية - السورية، بذريعة تدميرها، كما تقول، لما تبقَّى من سلاح لـ«حزب الله» في مخازنه تحت الأرض، ومن ثم فإنه لا مصلحة في حرق المراحل قبل أوانها، وأن يُترك للحكومة مجتمعةً معالجة سلاح الحزب بهدوء وبالظرف المناسب، تأكيداً لقرارها باحتكار الدولة للسلاح، وهي تعمل على زيادة عدد الجيش بموافقتها على تطويع مائة ضابط من رتبائه، وفتح الباب أمام تطويع 4500 جندي لصالح المؤسسة العسكرية على 3 دفعات، وهذا ما فتح الباب أمام الخوري ونصار للمطالبة بوضع جدول زمني لسحب سلاح الحزب.

لذلك فإن التطويع يُعزز انتشار الجيش في الجنوب، الذي قوبل باستعداد وزير المال ياسين جابر لتأمين التكلفة المالية المطلوبة، لأن الأولوية تبقى للحفاظ على الاستقرار وحماية السلم الأهلي، لأن من دونهما لا يمكن إنعاش الوضع الاقتصادي وإخراجه من غرفة العناية الفائقة التي لا يزال يقبع فيها، وتشجيع الاستثمارات في لبنان الذي يراهن على استعادته ثقة المجتمعين العربي والدولي.