جنّي «حوجن» يُشبه البشر... وسوبرمان العرب يهوي في «البحر الأحمر»

حكايات الغرابة تُطلق أفلام هذه الدورة

من فيلم ياسر الياسري «حوجن» (مهرجان البحر الأحمر)
من فيلم ياسر الياسري «حوجن» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

جنّي «حوجن» يُشبه البشر... وسوبرمان العرب يهوي في «البحر الأحمر»

من فيلم ياسر الياسري «حوجن» (مهرجان البحر الأحمر)
من فيلم ياسر الياسري «حوجن» (مهرجان البحر الأحمر)

رغم توافر موضوعات عدة يمكن نقلها إلى الشاشة؛ تُلاحَظ، منذ سنوات، نزعة لإنجاز أفلام غرائبية عن الجنّ والأرواح، بما فيها فيلم «حوجن» لياسر الياسري الذي افتتح الدورة الحالية من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في السعودية.

منذ «مهرجان دبي» و«أفلام الخليج»، أُنجزت أفلام خليجية تتناول هذا الجانب، تختلط فيها غالباً القصة بالطبيعة الصحراوية والحضور الإنساني، مقابل الخلفية الفولكلورية، ضمن مزيج مثير للاهتمام على مستويَيْن: الموحى به من قصص خيالية داكنة، وعلى صعيد الظاهرة ككل.

في الوقت عينه، ثمة دلالة إلى أنّ الاهتمام بهذا الجانب يقتنص وجود أفلام أخرى لديها هموم مختلفة، وشؤون يمكن طرحها حول الإنسان الخليجي وتطلّعاته، في عالم يسير أفراده بخطى واثقة نحو الغد.

فيلم افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان شهد حضوراً شعبياً كبيراً فور بدئه، ساد صمت وتوقّف التصفيق، ليؤخَذ الحضور بمتابعة عمل في إطار سينما الغرائبيات. الجديد فيه هو أنه يدور في عالم قريب من الأفلام الفانتازية الكبيرة التي تنهل السينما الأميركية منها كل عام.

رواية «حوجن» تتحول عملاً سينمائياً (الشرق الأوسط)

تقع أحداثه في مدينة جدة، وبطله حوجن (براء العالم)، جنّي يعيش مع والدته الجنّية وجده الجنّي، ولا يختلف مطلقاً عن أي إنسان. حوجن لا يعرف شيئاً عن أبيه، ولن نعرف بدورنا كثيراً عنه. يستخدم المخرج هذا التغييب تفعيلةً إضافيةً للّغز الكبير الذي يحيا في نطاق شخصيته. يتعرّف الشاب إلى الفتاة (نور الخضرا) الجميلة والمثقفة التي تنتمي إلى عائلة تسكن هذا المنزل، فيجد حوجن نفسه في نزاع ضد جنّي يريد الزواج منها. تدور عجلات الفيلم بإيقاع سريع ومحكم في معظم الحالات، لتمهّد لصراع إرادات بين حوجن الذي يُخالف غايات الآخرين من الجنّ في التحكّم بسائر البشر.

لا يستطيع الناقد إلا ملاحظة أنّ الفيلم يتّبع «الترند» الحالي من الأفلام الهوليوودية في هذا المجال. إنه وسواه، مثل القول إننا نستطيع، كسينما عربية، تحقيق ما يقومون به هناك. بالتالي، لا تفلت هذه الأفلام من حقيقة أنها استنساخات تتّبع الموضة.

فيلم الياسري، بصرف النظر عن هذا الجانب، مرموق تنفيذاً وإيقاعاً ولسهولة تواصله مع الجمهور، رغم موضوعات وأحداث تذهب بحكايته في غير اتجاه.

يجسد الممثل السعودي الشاب محسن منصور في «حوجن» شخصية الشاب إياد (مكتبه الإعلامي)

إنسان طائر

عُرض كذلك فيلم المخرج التونسي محمد بن عطية، «وراء الجبل»، وهو أيضاً فانتازيا، لو بحكاية مختلفة. إنه ممثّل السينما التونسية ضمن المسابقة، يدور حول فكرة يمكن الخروج منها بأكثر من بُعد.

«وراء الجبل» ليس عن الجن والإنس، بل عن رجل لا تفهم تماماً ما هو. من البشر، ولكن لديه قدرة على الطيران، ولو أنّ القدرة على الهبوط بسلامة، من دون إصابات، لا تدخل في «البيعة» أو ضمن المهارات.

بعض طيرانه يبدو محاولة انتحار. ليس واضحاً لماذا يداوم على إلقاء نفسه من طبقات عليا، لأنّ الحكاية الفعلية يمكن أن تبدأ بعد ثلث ساعة من الفيلم، عندما يختطف الرجل، واسمه رفيق (ماجد مستورة) ابنه من المدرسة ويتّجه به في سيارته إلى منطقة جبلية بعيدة. يطلب منه البقاء في مكانه ويبتعد عنه صاعداً فوق جبل. يرمي نفسه من قمّته ويسبح في الفضاء بعض الوقت، قبل أن يقرّر الهبوط، فيفقد الوعي، ليعود به وبابنه راعي غنم يكاد لا يصدّق ما شاهده.

الراعي (سامر بشارات) يكتفي بالإدراك بأنّ رفيق ليس من البشر العاديين، ولا يمكن له أن يكون كذلك. التعافي من السقوط يأخذ وقتاً، ثم ها هو في سيارته مرة ثانية، وبجانبه ابنه والراعي في المقعد الخلفي. تنطلق السيارة في دروب وعرة، قبل أن تتوقف لنفاد الوقود منها في مكان مقفر. يرتجل الثلاثة باحثين عن مأوى، ولا يجدون في تلك المنطقة المعزولة سوى منزل تعيش فيه عائلة من الزوجين وأولادهما.

ما يحدث داخل البيت ينقل الفيلم إلى حالة تشويقية بين غزاة ومدافعين. الفريق الأول يسيطر على الثاني، ثم يتولّى أصحاب البيت الزمام. يأخذ رفيق ابنه ويحلّق به. يكاد الولد الصغير يقع (كما كادت مارغوت كيدر أن تُفلت من بين يدي سوبرمان عندما حلّق كريستوفر ريف بها في «سوبرمان»، 1978). لكن الأب التقطه قبل فوات الأوان.

ثمة ثغر لم يتمكن السيناريو من سدّها، وتركها المخرج ظاهرة على الشاشة. كان يمكن التعمّق في الحالة، عوض تقديمها من دون فهم لأسبابها. لماذا يستطيع رفيق الطيران، ولماذا لا يمكن له أن يحط على الأرض سالماً. لا يتطلّب الجواب بحثاً طويلاً في الفيلم، بل مجرّد مشهد إيضاح.

إلى ذلك، ما يودّ الفيلم قوله في النهاية ليس واضحاً. كان من المهم أن نعرف لماذا ترك الراعي غنمه وانضم إلى رفيق. بعض المسائل يمكن العبور فوقها إذا ما كانت المبرّرات موجودة. في هذه الحالة، كان الأقرب هو تصوير الراعي متبرّماً من عمله أو وجد نفسه في معيّة رجل يستطيع الاحتماء به. في جميع الحالات، عبارة واحدة كافية لتضع هذا الأمر في نصاب صحيح.

النواحي التقنية لا بأس بها، وليست ثمة حاجة لاستهلاك كثير من المؤثرات. ما نراه منها على الشاشة كافٍ.

جون كينامن في «ليلة صامتة» (مهرجان البحر الأحمر)

صمت طويل

في قسم «روائع عالمية»، عُرض فيلم جون وو الجديد «ليلة صامتة»، الذي باشرت صالات السينما عرضه عالمياً. هو خيال جانح، لكن على صعيد مختلف، لا يدخل متاهات الأرواح ولا يرتفع عن الأرض، بل فقط عن الواقع. برايان (جويل كينامن) يخسر زوجته التي تتركه من دون وداع (ما يجعل السبب مبهماً)، ثم يخسر ابنه الصغير مقتولاً. هل سيترك الجريمة تمرّ بلا عقاب؟ بالطبع لا.

في مطلع الفيلم، سيارتان يُطلق مَن فيهما الرصاص على ركاب السيارة الأخرى. يمطّ جون وو المشهد مخترقاً، بعد دقائق من الفيلم، المنطق. فالمسافة بين السيارتين اللتين تمضيان جنباً إلى جنب، لا تعدو نصف متر، ومع ذلك لا يبدو أنّ الرصاص يصيب أحداً. هذا يعود إلى رغبة المخرج في تطويل المعركة تمهيداً لأن يقضي ابن بطله الذي كان يلعب في الزقاق، فيشهد تبادل إطلاق النار.

وإذ تأتي المطاردة في البداية، يمضي «ليلة صامتة» كاشفاً عن قصة انتقام لا تختلف، كتابةً أو حبكةً، عن حكايات انتقام عدة. الاختلاف المحدود هو أنها تجنح في ضروب الخيال، وفق ما يرى المخرج ضرورة. هذا يلبّي رغبة جمهور واسع، لكنه لا يمنح إضافة جديدة للحكايات السابقة.

ثمة بضعة أفلام حملت العنوان عينه، لكنها انتمت إلى الرعب. هنا المسألة معقّدة أكثر. كبير الأشرار (هارولد توريس) يُصيب برايان برصاصة في عنقه ستمنعه من الحديث. هذا ليس شيئاً فادحاً بالنسبة إلى المشاهدين، إذ لا يمكن لهذه الشخصية المكرّرة أن تقول شيئاً لم تقله الشخصيات الشبيهة السابقة.

أفعال برايان، في كل الأحوال، هي ما يودّ الفيلم الدفع باتجاهه. الآن (بعدما خرج من العلاج)، زاد شعوره بالانتقام حدةً، وسيطلقه المخرج وراء المجرمين بكل ما أوتيت السينما الحديثة من ابتكارات في هذا النحو. يستخدم جون وو سكوتَ بطله تفعيلةً إضافيةً ناجحةً ومختلفةً. لذلك؛ بينما القصة تستخدم الحكاية البدهية المعروفة، يجد الفيلم اختلافه في صمت بطله عن الكلام.


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».