عميد مسجد باريس الكبير: هناك تزايد ملحوظ للاعتداءات ضد مسلمي فرنسا

عميد مسجد باريس (يسار) مع وزير الشؤون الدينية الجزائري في 17 نوفمبر 2023 (مسجد باريس)
عميد مسجد باريس (يسار) مع وزير الشؤون الدينية الجزائري في 17 نوفمبر 2023 (مسجد باريس)
TT

عميد مسجد باريس الكبير: هناك تزايد ملحوظ للاعتداءات ضد مسلمي فرنسا

عميد مسجد باريس (يسار) مع وزير الشؤون الدينية الجزائري في 17 نوفمبر 2023 (مسجد باريس)
عميد مسجد باريس (يسار) مع وزير الشؤون الدينية الجزائري في 17 نوفمبر 2023 (مسجد باريس)

قال عميد «مسجد باريس الكبير»، شمس الدين حفيز، إن الحكومة الجزائرية «أشادت بخطاب أئمتنا وبالخطاب الذي يبثه المسجد»، في الظروف الحالية التي يواجهها مسلمو فرنسا، والتي تتسم بتنامي خطاب العنصرية والكراهية ضدهم، وتعرض دور عبادة في مناطق بالبلاد للاعتداءات.

وأكد حفيز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن الصرح الديني، الذي تموله الجزائر، «معروف بمواقفه، لا سيما في مثل هذه الظروف التي يعيشها عالمنا اليوم، سواء على المستوى السياسي أو الديني؛ فقد وجّهنا أئمتنا بتخصيص خطب جمعة تندد بما يحدث. وهنا يمكنني القول بكل فخر، إن الخطاب الذي يقدمه مسجد باريس الكبير على المستوى الديني يعد نموذجاً، ومثالاً حياً للخطاب المتوازن»، وكان يشير ضمناً إلى جرائم وقتل واعتداءات وقعت بفرنسا في المدة الأخيرة، نسبها الإعلام المحلي لمهاجرين مغاربيين.

عميد مسجد باريس شمس الدين حفيز (مسجد باريس)

ولفت حفيز إلى زيارة قادت وزير الشؤون الدينية الجزائري، يوسف بلمهدي، إلى المسجد في الأسبوع الأخير من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مبرزاً أنها تزامنت مع خطاب صادر عن المسجد «في إطار معالجة الأحداث الجارية». وقال إن بلمهدي «أشاد بأئمتنا، وذات الأصداء تصل إلينا من جهات متعددة خارج المسجد؛ إذ يوصف الخطاب الديني عندنا بالمعتدل المتوازن، والجامع الموحد للصف، وفي الوقت ذاته هو خطاب قوي له دلالات ورسائل مباشرة».

وزير الشؤون الدينية الجزائري وعميد مسجد باريس مع أئمة ومرشدات دينيات جزائريين بباريس (وزارة الشؤون الدينية)

وبخصوص تهمة «الإرهاب» التي تلاحق المسلمين في فرنسا، وكون الإعلام واليمين المتطرف يضعهم دوماً في موضع «إثبات براءتهم من العنف»، قال حفيز: «قد يكون ذلك حقيقياً، لكن بشكل نسبي، فأنا دائماً أرفض التعميم والتسوية بين جميع أطراف الطبقة السياسية، أو جمع كل الإعلاميين في سلة واحدة. والمتابع للشأن السياسي في فرنسا يدرك أن أصوات الحق والدفاع عن المبادئ العامة والقيم الإنسانية موجودة، وقد تابعنا في لقاءات عديدة تحت قبة البرلمان، أو مجلس الشيوخ، أصواتاً تعلو بمناهضة خطابات الكراهية والعنف والتحريض، وتدعو إلى المساواة بين الجميع، لكن الواقع السياسي العالمي، وواقع الجماعات التي تتحدث باسم المسلمين، رافعة شعارات إسلامية، محاولة استغلال الدين لمآرب سياسية خالصة... أساءت كثيراً للمسلمين ووضعتهم في خانة الاتهام المباشر. ناهيك بأعمال العنف والإرهاب والخطابات المتطرفة، التي تأتينا من جماعات، أو أفراد، يشكلون حالة شاذة في المشهد الإسلامي، لكنْ لهم وجود وصوت مع الأسف».

وأكد في هذا السياق أن القائمين على مسجد باريس «يعملون على توحيد الصف وجمع الكلمة لمجابهة أولئك المتطرفين، وإيجاد أرضية مشتركة بين من يمثلون المسلمين في أوروبا وفرنسا، وقد تجلى ذلك في الجمعية التأسيسية للمجلس التنسيقي (آمال) لتحالف المساجد والهيئات والشخصيات الإسلامية في أوروبا. وهدفنا من هذا التحالف يستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة، ومتغيراتها الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي يعيش المسلمون فيها تحديات كبرى، وهو ما يظهر في المشهد العام، ويجب تجاوزه بمسؤولية كبيرة وتنسيق محكم».

وزير الشؤون الدينية الجزائري مع أئمة جزائريين تابعين لمسجد باريس (وزارة الشؤون الدينية)

وحول اتهام الحكومة الفرنسية بـ«التقاعس عن حماية المسلمين»، بعكس باقي الجاليات الدينية، خاصة اليهود، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة ومخلفاته على مسلمي فرنسا، قال حفيز: «أعتقد أن السلطات الفرنسية أبدت في مناسبات عدة قلقها تجاه العنف المتصاعد، لا سيما خلال الاحتجاجات والوقفات التضامنية، وقد صرح الرئيس إيمانويل ماكرون بأنه يرفض إقصاء أي مواطن فرنسي، أياً كان دينه وعرقه، وأكد ذلك وزير الداخلية جيرالد دارمانان في خطاباته الرسمية، وخلال لقاءاتنا به. ونحن على يقين أن الطبقة السياسية الفرنسية بها عقلاء، يزنون الأمور بمعيار العقل والحكمة، ولا يرضون أبداً التفرقة بين الفرنسيين؛ لأن ذلك يدخل المجتمع في متاهات لا نهاية لها، وبالتالي نحن على تواصل دائم مع الفاعلين في الشأن السياسي، وهم يقدرون مواقف مسجد باريس الكبير، الداعية للتهدئة ولمّ الشمل، وبالمقابل رفض أي سلوك عدائي أو خطاب عنصري ضد المسلمين، كما نرفض أن يساء لغير المسلمين، وندعو للتعايش معهم؛ لأن هذا أساس ديننا الحنيف».

عميد مسجد باريس ووزير الشؤون الدينية الجزائري في اجتماع مع أئمة جزائريين (المسجد)

وكان «مسجد باريس الكبير»، قد عبر في أحدث بياناته عن قلق بالغ من انتشار متزايد لخطاب وتصرفات العنصرية والكراهية ضد المسلمين. وبسؤاله حول ما إذا كان لذلك علاقة بجرائم إسرائيل في غزة، أم لأحداث متفرقة وقعت أخيراً بفرنسا، كان آخرها مقتل شاب يدعى توما في مقاطعة دروم (جنوب شرقي فرنسا)، قال عميد المسجد إن الأحداث الجارية «لها علاقة بتزايد خطابات العنف والكراهية والسلوكيات المعادية للمسلمين، لذلك أنتهز الفرصة للتذكير بأنني راسلت روك أوليفيي ماستر، رئيس سلطة ضبط الإعلام السمعي البصري والرقمي (أركوم)، عبرت فيها عن قلقنا من الخطاب المناهض للمسلمين في وسائل الإعلام الفرنسية، الذي قد يؤدي بالنهاية إلى انعكاسات سلبية وخطيرة لهذا الخطاب على مسلمي فرنسا. وقد تابعنا بدقة مدى تزايد الاعتداءات على المسلمين منذ بداية الأحداث. كما أنه من الجانب الآخر، لا بد أن نشير إلى تزايد أحداث العنف اللفظي والجسدي المعادي للسامية أيضاً».


مقالات ذات صلة

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

شمال افريقيا الوزير السابق بلقاسم ساحلي يعلن رفع طعون في قرار رفض ترشحه للرئاسة (إعلام الحملة)

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

رفض وزير جزائري سابق المسوّغات التي قدمتها «سلطة الانتخابات» لتفسير رفض ترشحه لاستحقاق الرئاسة، فيما أعلن مرشحان تم قبول ملفهما عزمهما خوض الحملة الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا 
عبد المجيد تبون أبرز المرشحين للفوز في الانتخابات الرئاسية (الرئاسة)

تبون ومرشحان آخران لخوض سباق الرئاسة في الجزائر

أُعلن في الجزائر أمس (الخميس) أن سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، سيقتصر على الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا قرار اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء قد يعيد التوتر مجدداً للعلاقات الفرنسية - الجزائرية (أ.ف.ب)

الجزائر «تستنكر بشدة» اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء

الجزائر «تستنكر بشدة» اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء وتقول إنه نتيجة «حسابات سياسية مشبوهة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون أبرز المرشحين للفوز بولاية ثانية (الرئاسة)

غربلة ملفات المرشحين لـ«رئاسة» الجزائر تبقي على 3

سيقتصر السباق في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر المقبل، على ثلاثة مترشحين، بحسب ما أعلنت عنه هيئة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أعوان الدفاع المدني أثناء إطفاء حريق ببجاية الثلاثاء (الدفاع المدني)

الجزائر تتأهّب لمواجهة حرائق الصيف

أثار اندلاع حريق كبير، الثلاثاء، في غابة بولاية بجاية، الواقعة شرق الجزائر، مخاوف سكان المنطقة من احتمال تكرار كارثة حقيقية عاشوها عام 2021.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، السبت، تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين في عملية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) «الإرهابي» في ريف ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر يرلي قايا في بيان أن «الإرهابيين الأربعة شاركوا في 9 عمليات إرهابية» استشهد فيها 6 حراس أمن و5 مواطنين مدنيين، وأصيب 6 حراس أمن، و11 مواطناً مدنياً بجروح، حسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وتستخدم تركيا كلمة تحييد للإشارة إلى المسلحين، الذين يتم قتلهم أو أسرهم أو إصابتهم من جانب القوات التركية.

ويشن الجيش التركي أيضاً عمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق ضد حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه». ووفقاً لبيانات تركية، فقد تسبب «بي كيه كيه» في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان: «بموجب حقنا في الدفاع عن النفس (...)، تم تنفيذ عمليات جوية ضد أهداف إرهابية في شمال العراق في مناطق كارا وقنديل وأسوس». وأوضح الجيش التركي، الذي ينفذ غارات في المنطقة بانتظام، أنه ضرب 25 هدفاً، «من بينها كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات ومنشآت» لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حرب عصابات ضد السلطات التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية».

ووصف مصدر أمني في شمال العراق هذه الضربات بأنها «مكثفة». ووفق كمران عثمان، عضو منظمة فرق صناع السلام المجتمعية ومقرها في كردستان العراق، فقد استمرت الغارات نحو 45 دقيقة، ولم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين، حسب المصدر الذي تحدث عن أضرار في الأراضي الزراعية.