الملك محمد السادس يدعو إلى تفعيل مشروع الأكاديمية الإسلامية للبيئة والتنمية المستدامة

العاهل المغربي: على الدول الإسلامية دعم المفاوضات الرامية لإقرار نظام دولي جديد للمناخ

الأميرة للا حسناء تتسلم الدرع الذهبية للمؤتمر الإسلامي السادس للبيئة من الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة «إيسيسكو» (تصوير: مصطفى حبيس)
الأميرة للا حسناء تتسلم الدرع الذهبية للمؤتمر الإسلامي السادس للبيئة من الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة «إيسيسكو» (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

الملك محمد السادس يدعو إلى تفعيل مشروع الأكاديمية الإسلامية للبيئة والتنمية المستدامة

الأميرة للا حسناء تتسلم الدرع الذهبية للمؤتمر الإسلامي السادس للبيئة من الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة «إيسيسكو» (تصوير: مصطفى حبيس)
الأميرة للا حسناء تتسلم الدرع الذهبية للمؤتمر الإسلامي السادس للبيئة من الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام لمنظمة «إيسيسكو» (تصوير: مصطفى حبيس)

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى تعميق النقاش وتكثيف الجهود لوضع خريطة طريق لتفعيل مشروع إنشاء الأكاديمية الإسلامية للبيئة والتنمية المستدامة، والمضي قدمًا في تحقيق أهدافه النبيلة.
وقال الملك محمد السادس في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الإسلامي السادس للبيئة، الذي انطلقت أعماله أمس بالرباط، برئاسة شقيقته الأميرة للا حسناء، رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، والتي تلتها وزيرة البيئة حكيمة الحيطي، إنه إدراكًا لأهمية هذه الأكاديمية بالنسبة للعالم الإسلامي، فقد تم وضع تصور جديد لما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسة، لتصبح قادرة على مواكبة جهود دول العالم الإسلامي، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف ملك المغرب، أن الدول الإسلامية «مطالبة اليوم بالانخراط في العمل من أجل تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، من خلال اتخاذ كل ما يلزم من تدابير لتحقيق الأهداف التي جاءت بها هذه الخطة الأممية»، مؤكدًا أن العالم الإسلامي اليوم له من المقومات ما يكفي للانخراط في هذا الورش الكبير، لكن «تبقى الدول الإسلامية اليوم في مفترق الطرق، لأن هناك تحديات تنموية وأمنية، وتطلعات شعبية ملحة إلى المزيد من الحقوق والحريات، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية».
وأشارت رسالة العاهل المغربي إلى أن تغير المناخ يعتبر كذلك من الإشكاليات الكبرى التي تعرفها البشرية اليوم، لما أصبح يشكله من خطر حقيقي ليس فقط على البيئة، وإنما أيضًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل وعلى الأمن والاستقرار في العالم. ومن هذا المنطلق، قال الملك محمد السادس إنه يتعين على الدول الإسلامية، التي تعاني كباقي الدول من الآثار السلبية للاحترار المناخي على اقتصاداتها، دعم المسلسل التفاوضي متعدد الأطراف، الرامي إلى إقرار نظام دولي جديد للمناخ، يعتمد أساسًا على مبادئ اتفاقية الإطار للأمم المتحدة، بشأن التغير المناخي.
في سياق ذلك، قال العاهل المغربي، إن التزام المغرب في مجال محاربة التغيرات المناخية، يتجسد في التطور المتواصل للنظام المؤسساتي والتشريعي والمالي المغربي، حيث كرس دستور المملكة لسنة 2011 الحق في بيئة سليمة، وضرورة إحقاق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على جودة الحياة والبيئة، التي تشكل مكونًا أساسيًا للثروة المادية واللامادية لكل بلد.
وذكرت الرسالة الملكية السامية أنه تم أيضًا إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، بناء على مقتضيات القانون الإطار سالف الذكر، الذي أعطاها قوة قانونية، حيث ستمكن هذه الاستراتيجية من تحديد إطار توجيهي شامل ومنسجم لدمج الاستراتيجيات ومخططات العمل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بهدف الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، القادر على خلق الثروات وفرص جديدة للشغل.
وبشأن مسلسل المفاوضات الحالية لإعداد هذا الاتفاق، ووفاء بالتزاماتها الدولية في مجال الحفاظ على البيئة، ذكرت الرسالة الملكية، أن المملكة المغربية «قامت كأول بلد عربي، ومن الأوائل على الصعيد العالمي، بإعداد مساهماتها المرتقبة والمحددة وطنيا لخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة، وتحديد حاجاتها للتأقلم مع الآثار السلبية للتغير المناخي».
من جانبه، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني أن المنظمة مؤهلة للاضطلاع بدور أساسي في تعزيز التعاون الإقليمي في مجال التنمية المستدامة. واعتبر أن المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء البيئة يشكل فرصة لرفع التحديات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بما فيها النمو الاقتصادي والحد من الفقر وتدهور البيئة.
بدوره، قال عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن المؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة أصبح أداة فعالة لتعزيز الحضور الإسلامي في المحافل الدولية المعنية بقضايا البيئة والتغيرات المناخية، مضيفًا أن مشاركة العالم الإسلامي في مؤتمر قمة ريو 20 التي عقدت سنة 2012، كانت مبنية على خطة علمية منهجية متكاملة مندمجة المجالات متمثلة في وثيقة الإعلان الإسلامي حول التنمية المستدامة.
وأكد التويجري خلال هذا المؤتمر المنظم تحت رعاية الملك محمد السادس تحت شعار «التغيرات المناخية: تحديات المستقبل من أجل تنمية مستدامة»، أن مشاركة «الإيسيسكو» في مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ، الذي سيعقد في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل في باريس، ستكون إضافة متميزة ذات بعد حضاري لجهود المجتمع الدولي في إنضاج المشروعات العلمية المخصصة لمعالجة التغيرات المناخية، والمتمثلة في وثيقة الإعلان الإسلامي حول حماية البيئة والتنمية المستدامة.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني من نوعه الذي يعقد بالمغرب، أهدى المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة في السعودية الدرع الذهبية للمؤتمر الإسلامي لوزراء البيئة للأميرة للا حسناء، تقديرًا للمبادرات الرائدة التي تقوم بها من أجل حماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة داخل المغرب وخارجه، واعترافًا بالمنجزات المتميزة التي حققتها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة تحت رئاستها.
وسينكب المشاركون في المؤتمر على مدى يومين، على مناقشة عدة تقارير ومشاريع من ضمنها على الخصوص مشروع وثيقة بشأن حوكمة البيئة من أجل استدامة بيئية في العالم الإسلامي، ومشروعي الصيغتين المحينتين من استراتيجية التدبير المتكامل للموارد المائية في العالم الإسلامي، والإطار العام لبرنامج العمل الإسلامي بشأن التنمية المستدامة، ومشروع الإعلان الإسلامي بشأن حماية البيئة والتنمية المستدامة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.