«صواريخ التاو» الأميركية «العلامة الفارقة» في مواجهة الهجوم الروسي في سوريا

ترجيح استخدام 50 صاروخًا في المعركة لا تنطلق إلا عبر «البصمة»

صاروخ التاو على جبهة مورك بريف حماه أول من أمس (المركز الإعلامي الحر)
صاروخ التاو على جبهة مورك بريف حماه أول من أمس (المركز الإعلامي الحر)
TT

«صواريخ التاو» الأميركية «العلامة الفارقة» في مواجهة الهجوم الروسي في سوريا

صاروخ التاو على جبهة مورك بريف حماه أول من أمس (المركز الإعلامي الحر)
صاروخ التاو على جبهة مورك بريف حماه أول من أمس (المركز الإعلامي الحر)

ما حققه «الجيش الحر» يوم أوّل من أمس في الهجوم البري الأول الذي شنّته قوات النظام السوري إلى جانب الهجوم الجوي الروسي المستمر منذ أكثر من أسبوع، كان لافتا، لا سيما لجهة ما وصفته المعارضة بـ«مجزرة الدبابات» بحيث استطاعت تعطيل وتدمير أكثر من 20 دبابة مستخدمة «صواريخ التاو» الأميركية المضادة للدروع. واعتبر المعارضون أن «التاو» شكّلت «العلامة الفارقة» في معركة حماه من خلال تدمير الكثير من الدبابات الروسية T72 وT55 بالإضافة إلى عربات الـBMP.. وكانت المعارضة، وتحديدا «حركة حزم»، قد حصلت على صواريخ «التاو» قبل أكثر من عام في مقابل صواريخ «كونكرس» الروسية و«السهم الأحمر» الصينية التي يمتلكها النظام.
واستطاعت «التاو» التي تعتبر إحدى أهم الأسلحة النوعية بيد المعارضة أن تحدّ بشكل كبير من هجوم حماه البري، وفق ما أكّد مصدر في المعارضة، مرجحا استخدام نحو 50 صاروخا في المعركة. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنّ القوات النظامية «أطلقت نحو 300 صاروخ كتمهيد ناري عدا عن الغارات الجوية الروسية التي كانت تحاول إحراق المدن أمام تقدم جيش النظام». وأشار المصدر إلى أنّ «صواريخ التاو تبقى الأهم لدى فصائل المعارضة في المعارك التي تواجهها على أكثر من محور، في ظل عدم إمكانية حصولها على السلاح الجوي ومضاد الطائرات، لأسباب عدّة أهمها، زحمة الطيران التي تشهدها سماء سوريا في الفترة الأخيرة»، لافتا إلى أنّ «فصائل المعارضة كانت قد استولت على أنواع عدّة من الأسلحة من مراكز النظام».
وفي شهر مايو (أيار) العام الماضي، حصلت المعارضة على صواريخ «التاو» الأميركية، مقابل تعهدها بإعادة غلاف كل صاروخ يُطلق، وعدم بيعها، وحمايتها من السرقة ومن وصولها إلى أيدي متشددين. وأشارت المعلومات حينها إلى أنّ شحنة الصواريخ التي يبلغ عمرها نحو عشرين عامًا، لا تستخدم إلا عبر البصمة، لمنع استخدامها في حال وقوعها في الأيدي الخطأ.
وقبل ذلك، كانت صواريخ «تاو» قد استخدمت في مناطق إدلب وحلب واللاذقية شمال سوريا، ومن المعروف أن نسبة تحقيق هدفها تصل إلى 99 في المائة، ويتراوح مداها ما بين 500 متر إلى 4000 متر.
ويمكن إطلاق صاروخ «تاو» من منصات تركب على المركبات أو إطلاقها من المروحيات. وتعتمد هذه الصواريخ على نظام توجيه وفق خط النظر شبه أوتوماتيكي يتطلب من مستخدم السلاح أن يبقي بصره مركزًا على الهدف حتى يصيبه الصاروخ.
وإضافة إلى «التاو» هناك سلاح آخر له حضوره البارز في معارك حماه أيضًا وفق مواقع المعارضة، وهو صاروخ «فاغوت» الروسي المضاد للدروع، واستطاع كل من «تجمع العزة» و«الفرقة الوسطى»، تدمير عدد من الآليات، بحسب تسجيلات مصورة تناقلتها مواقع معارضة.
وأنتج الاتحاد السوفياتي صاروخ فاغوت عام 1971. أي بعد عام على إنتاج «صواريخ تاو» من قبل الولايات المتحدة، لكن خبراء عسكريين يقولون: إن «تاو» ذو تأثير أكبر بين الأسلحة المشابهة، التي تدخل ضمن قائمة الصواريخ الموجهة المضادة للدروع.
وتحصل فصائل «الجيش الحر» على كمية كبيرة من الأسلحة عبر الدعم العسكري الذي تتلقاه من بعض الدول أو باغتنامها خلال المعارك مع قوات النظام، مع العلم أن الفصائل المعارضة تعتمد على قدراتها الذاتية في إنتاج بعض الأسلحة، كتصنيع قذائف الهاون بعيارين متفاوتين، والمواد المتفجرة من المواد الكيميائية لاستخدامها في العبوات الناسفة وعمليات التفخيخ، إضافة إلى تطوير الصواريخ المحلية الصنع، بما يمنحها قدرة على الوصول إلى مناطق أبعد جغرافيّا، لكن اقتصرت هذه الصناعة على حشوات الصواريخ وهيكلها المعدني، من غير أن تصل إلى صناعة الرأس المتفجر نفسه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.