الصين: قطاع الخدمات يتجاوز الصناعة ليصبح الأكبر مع تباطؤ النمو

وسط تحولات يعيشها ثاني أكبر اقتصاد في العالم

الصين: قطاع الخدمات يتجاوز الصناعة ليصبح الأكبر مع تباطؤ النمو
TT

الصين: قطاع الخدمات يتجاوز الصناعة ليصبح الأكبر مع تباطؤ النمو

الصين: قطاع الخدمات يتجاوز الصناعة ليصبح الأكبر مع تباطؤ النمو

يبدو أن الأيام التي كانت تعتمد فيها الصين على الصناعات التصديرية ومشاريع البنية التحتية كقاطرات للنمو الاقتصادي في البلاد ولت.
لقد أصبح قطاع الخدمات في الصين الآن أكبر من قطاعها الصناعي، كما تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي، مما أحدث تحولات جذرية في الطلب الحالي والآجل على الطاقة في ظل عوامل تنموية وسياسية معقدة.
وبينما بلغت نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالصين خلال الربع الثاني من هذا العام 7 في المائة، لم يتجاوز نمو الطلب على الطاقة في نفس الفترة 1.6 في المائة فقط. وينمو استهلاك النفط بواقع نصف المعدل الذي كان عليه قبل سنوات قليلة مضت، كما تراجع استهلاك الفحم في الشهور الأربعة الأولى من 2015 بمعدل سنوي بلغ 8 في المائة. وبحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» توحي تلك الأرقام في الظاهر بأن تباطؤ الاقتصاد الصيني أكثر حدة مما تكشف عنه الإحصائيات الرسمية للناتج المحلي الإجمالي. لكن زو شيزو، مدير ورئيس وحدة «شينا إنرجي» في شركة «آي إتش إس إنرجي»، يقول إن الحقيقة ليست بهذه البساطة.
وقال السيد زو «إذا أمعنت النظر، يمكنك أن ترى نمطًا». ويضيف أن «هيكل الناتج المحلي الإجمالي مختلف تمامًا عن هيكل الطلب على الطاقة. إن هذه الأرقام ترسم صورة واضحة جدًا لتباطؤ استهلاك الطاقة في قطاع الصناعات الثقيلة».
ولأن الصناعات الثقيلة تسهم بنسبة كبيرة في استهلاك الطاقة، يصبح لأي تغيرات صغيرة في الاستهلاك تأثير كبير على البيانات الإجمالية. ويسهم التصنيع الثقيل بـ17 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، بينما يمثل 41 في المائة من الطلب على الطاقة.
وأظهرت بيانات الربع الثاني من هذا العام تراجعًا سنويًا بلغ 0.9 في المائة في استهلاك قطاع الصناعات الثقيلة للطاقة، مقابل نمو الاستهلاك في قطاع الصناعات الخفيفة والقطاع التجاري بواقع 2.4 في المائة و8.7 في المائة على التوالي.
ويقول إدوارد سي تشو، وهو زميل كبير في برنامج الطاقة والأمن القومي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن «مرت الصين بفترة استثنائية من النمو المرتفع في الطاقة، مدفوعة باستثمارات في الصناعات الثقيلة والبنية التحتية كثيفة الاستهلاك للطاقة.. وكان ذلك محتمًا له أن يتباطأ».
ويقول تشو إن الطلب الصيني على الطاقة ضخّم ومدد الدورات العالمية. وخلال الفترة التي شهدت ارتفاعًا في أسعار النفط، نمت الواردات الصينية بمعدل عال، وسجلت صعودًا بلغ مليون برميل يوميًا في 2010، نتيجة للإجراءات التحفيزية الحكومية التي جاءت ردًا على الأزمة المالية الأخيرة.
وأضاف: «والآن بعدما انخفضت أسعار النفط بأكثر من النصف، وتراجعت أسعار الفحم والغاز عالميًا، يبدو أن طلب الصين على الطاقة ونمو وارداتها يتباطأ بمعدل أقل من الأرقام الرسمية لنمو الناتج المحلي الإجمالي».
لقد مر الاقتصاد الصيني برحلة وعرة هذا العام، بالمقارنة بمعظم فترات السنوات الخمس والعشرين الماضية. ومن شأن ذلك أن يضع الاقتصاد في صدارة الأولويات على المدى القصير.
ويقول تاو وانغ، الباحث المقيم في برنامج الطاقة والمناخ بمركز كارنيغي - تسينغوا للسياسة العالمية في بكين، إن «آفاق الاقتصاد ستكون أقوى العوامل التي تشكل خطة الطاقة في الصين، لا سيما الخطة الخمسية المقبلة بين عامي 2016 و2020». يذكر أن العمل جار على استكمال الخطة التي من المتوقع تبنيها في مارس (آذار) 2016.
ويثير تراجع أسعار النفط مسائل أخرى. على سبيل المثال، تشكل آلية التسعير في شركات النفط الكبرى المملوكة للدولة سؤالاً صعبًا الآن، لكنه ليس بالصعوبة التي يكون عليها في بلد مثل روسيا، حيث تمثل إيرادات النفط أهمية حيوية للحكومة هناك. كما يتم طرح سؤال صعب آخر حول حجم الجهود التي تبذلها بكين لإنشاء احتياطيات استراتيجية وتجارية. ويقول تشو، في هذا الصدد، إنه «يبدو أن الصين تستغل تراجع الأسعار لإنشاء مخزونات نفطية استراتيجية، إلا أنه لا توجد بيانات كثيرة متاحة حول ذلك.. ويمثل توفر البيانات ودقتها وشفافيتها في الصين أمرًا مثيرًا للتحدي في العموم، بما في ذلك للسلطات نفسها».
وفيما يتعلق بالاستراتيجية النفطية والغازية لبكين في المدى القصير والمتوسط، يضيف تشو قائلا: «هناك ارتباك سياسي عام في هذه المرحلة، رغم أنه من المستبعد أن تتغير الأهداف طويلة الأجل المتمثلة في تنويع مصادر الطاقة ومساراتها».
وفي ظل أن المشاريع الكبرى لمد خطوط الأنابيب، التي تنفذها الصين بالتعاون مع روسيا وبلدان أخرى، دخلت بالفعل حيز التشغيل أو في طريقها إلى ذلك، بدأ أمن الطاقة، الذي كان في الماضي همًا أساسيا للصين، يتراجع أمام مشاكل أخرى أكثر إلحاحًا.
وقال وانغ «على المدى القصير، ستضاءل المخاوف بشأن تأمين إمدادات النفط والغاز». ويضيف أن اقتصاديات الصفقات والاستثمارات الحالية وسبل إصلاح قطاع النفط والغاز في البلاد في ضوء انخفاض أسعارهما - وأرباحهما - تتصدر المشهد في الوقت الحالي.
ونظرًا لقاعدة الاستهلاك الضخمة في الصين، تظل أحجام الطلب على النفط كبيرة. وتتوقع «آي إتش إس» أن تستمر الصين في لعب دور بارز في النمو العالمي لاستهلاك النفط، حيث ستسهم بما يتراوح بين 30 إلى 40 في المائة من النمو الجديد في الطلب على النفط حتى عام 2020.
وسجل العام الماضي نقطة تحول في استهلاك الفحم في المنطقة الساحلية بالصين، التي شهدت المرحلة الأولى من التنمية الاقتصادية المكثفة في أواخر سبعينات القرن الماضي. وقال زو من «آي إتش إس» إن استهلاك الفحم في منطقة الساحل بلغ ذروته في عام 2014، مع ارتفاع الاستهلاك في مناطق وسط وغرب البلاد.
وقال: «لقد بلغ الساحل الذروة لعدة أسباب، من بينها تباطؤ النمو وأيضًا الضغوط البيئية، التي كان من الصعب معها نشر محطات كهرباء تعمل بالفحم ومراجل صناعية جديدة». وأضاف أن استهلاك الفحم سيواصل، رغم ذلك، النمو ليبلغ أوجه عام 2020.
ويجري الآن إنشاء محطات جديدة في الداخل، لنقل الكهرباء إلى الساحل وخدمة احتياجات النمو للسكان المحليين أيضًا.
وبحسب تقرير «نيويورك تايمز» فإن الأيام التي كانت تعتمد فيها الصين على الفحم لإنتاج 75 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء أوشكت على الانتهاء لسببين. الأول هو تحول اعتماد الاقتصاد على الصناعة، والتي تسهم حاليًا بـ80 في المائة من استهلاك الصين من الفحم. أما السبب الثاني فهو سياسي بحت، حيث اتفقت الصين والولايات المتحدة الأميركية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة، مع تعهد الصين بأن تحقق ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.
لقد ضخت الصين خلال السنوات الثلاثة الماضية استثمارات كبيرة وأولت اهتمامًا واسعًا بمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر. وتعد الصين أكبر مستثمر في هذه المصادر، إلا أنها شأنها شأن البلدان الأخرى، تكافح من أجل التعامل مع تحديات كثيرة من قبيل تمكين الشبكة الكهربائية من استيعاب التقطع في طاقة الرياح والشمس.
وقال السيد وانغ «قطاع الطاقة المتجددة ينمو بسرعة في الصين، رغم تباطؤ الاقتصاد.. الحكومة مصممة على جعله قطاعًا استراتيجيًا من أجل المستقبل، وسوف تزداد أهمية الدور الذي سيلعبه في نظام الطاقة الصيني خلال العقد المقبل».
لقد نالت الصين الاستحسان والثناء على الجهود التي تبذلها لدفع تقنيات الطاقة المتجددة قدمًا، لكنها تظل محدودة في ضوء الآثار الفورية على البيئة. وتسهم المصادر المتجددة بأقل من 1 في المائة من خليط الطاقة الحالي في الصين.
ويقول ريتشارد بروبيكر، مؤسس شركة الاستشارات «كوليكتيف ريسبونسبيلتي» ومقرها شنغهاي، إن تقليص الطلب عبر تحسين كفاءة استخدام الطاقة بالمباني في المدن الصينية، التي سيزداد عدد سكانها بواقع 300 مليون نسمة خلال العقد المقبل، لا بد أن يكون أحد الركائز التنموية.
ويضيف بروبيكر أن «المدن تحتاج بالفعل إلى البدء في تنفيذ برامج لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، سواء كان ذلك من خلال الستائر الزجاجية أو نظم التكييف أو العزل أو وسائل أخرى.. هذه الاستثمارات يكاد يكون من المستحيل جمعها من خلال الاعتماد على المطورين أو المستثمرين وحدهم، لأن الدافع للاستثمار في هذه التقنيات يناسب المستثمرين المهتمين بالمكاسب قصيرة الأجل فقط».
وبخلاف الاستثمارات الكثيفة في مصادر الطاقة المتجددة، يحقق ضخ الأموال في تحسين كفاءة المباني عوائد أكبر، حسبما يؤكد بروبيكر.
ويعلق قائلا: «قلص حملها بواقع 40 في المائة، وستكون قد حققت إنجازًا في مجال تحسين استدامة الطاقة يفوق أي استثمارات في الطاقة الشمسية.. وساعتها يتم ضخ الاستثمارات في الطاقة المتجددة لتنظيف الإمدادات الباقية».



تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
TT

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)

محا مؤشر «نيكي» الياباني خسائره ليغلق مرتفعاً قليلاً يوم الأربعاء، مع عودة المستثمرين إلى شراء الأسهم الرخيصة، في حين أثر تقرير التضخم الرئيس في الولايات المتحدة على المعنويات؛ إذ من المرجح أن يؤثر في مسار أسعار الفائدة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنسبة 0.01 في المائة، ليصل إلى 39372.23 نقطة، بعد أن هبط بنسبة 0.65 في المائة في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.29 إلى 2749.31 نقطة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محلل السوق في مختبر «توكاي طوكيو» للاستخبارات، شوتارو ياسودا: «لم تكن هناك إشارات كبيرة تحرّك السوق اليوم، لكن المستثمرين عادوا لشراء الأسهم عندما انخفضت إلى مستويات معقولة». وأضاف: «لكن المكاسب كانت محدودة بسبب الحذر المرتبط بنتيجة تقرير أسعار المستهلك في الولايات المتحدة».

وقد افتتحت الأسهم اليابانية منخفضة، متأثرة بتراجع مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة يوم الثلاثاء، قبل صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي واحدة من آخر التقارير الرئيسة قبل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المقرر يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول).

كما ينتظر المستثمرون قرار «بنك اليابان» بشأن السياسة النقدية، والمقرر صدوره في التاسع عشر من ديسمبر. وأشار محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداد البنك لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب إذا أصبح أكثر اقتناعاً بأن التضخم سيظل عند مستوى 2 في المائة، مدعوماً بالاستهلاك القوي ونمو الأجور. وحقّق سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، ارتفاعاً بنسبة 0.37 في المائة؛ ليصبح أكبر داعم لمؤشر «نيكي».

في المقابل، هبطت أسهم الشركات الكبرى في قطاع الرقائق؛ حيث خسرت شركتا «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون» بنسبة 0.51 في المائة و0.49 في المائة على التوالي. وتعرّض سهم شركة «ديسكو»، مورد أجهزة تصنيع الرقائق، لهبوط حاد بنسبة 3.65 في المائة؛ ليصبح أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية على مؤشر «نيكي».

في المقابل، قفز سهم شركة «كاواساكي» للصناعات الثقيلة بنسبة 10.28 في المائة، ليصبح أكبر رابح بالنسبة المئوية على المؤشر، في حين ارتفع سهم شركة «آي إتش آي» بنسبة 6.25 في المائة. وسجل سهم شركة «توب كون» ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 23 في المائة، ليصل إلى الحد الأقصى اليومي، بعد إعلان الشركة أنها تدرس التحول إلى القطاع الخاص بين تدابير أخرى لرفع قيمتها، في أعقاب تقارير تفيد بأن شركات الاستثمار الخاص تقدمت بعروض لشراء الشركة.

وفي سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات يوم الأربعاء، متتبعاً نظيراتها من سندات الخزانة الأميركية. وقد ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.065 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنوات الخمس بمقدار 0.5 نقطة أساس أيضاً، ليصل إلى 0.73 في المائة.

وفي الوقت نفسه، يستعد المستثمرون للتحول السلس للعقود الآجلة من تلك المستحقة في ديسمبر إلى تلك المستحقة في مارس (آذار)، التي ترتبط بسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات رقم «366» التي كان «بنك اليابان» يمتلكها بكثافة.

وقال كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي تراست» لإدارة الأصول، كاتسوتوشي إينادومي: «يشير التحول السلس للعقود الآجلة إلى إزالة المخاوف بشأن نقص السندات اللازمة لتسوية العقود».

وقد تجاوز حجم التداول وعدد الاهتمامات المفتوحة لعقود مارس تلك الخاصة بعقود ديسمبر قبل تاريخ التجديد الرسمي المقرر يوم الجمعة. وكانت الأسواق قلقة بشأن النقص المحتمل في السندات اللازمة لتسوية العقود الآجلة المقبلة.

ويحتاج المستثمرون إلى سندات الحكومة اليابانية رقم «366» لإغلاق العقود الآجلة المستحقة في مارس. ولكن هذه السندات كانت مملوكة بنسبة تزيد على 90 في المائة من قبل «بنك اليابان» نتيجة لشرائه العدواني للسندات، في إطار دفاعه عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. وقد انخفضت ملكية «بنك اليابان» للسندات إلى 89 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن سمح البنك المركزي للاعبين في السوق بالاحتفاظ بنحو 200 مليار ين (1.32 مليار دولار) من السندات التي أقرضها لهم من خلال مرفق إقراض الأوراق المالية.

كما باعت وزارة المالية 350 مليار ين من سندات رقم «366» في مزادات تعزيز السيولة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. وأشار الاستراتيجيون إلى أن السوق أمّنت ما يقرب من تريليون ين من السندات اللازمة لتسوية عقود مارس نتيجة لهذه العمليات.