القوات الروسية تتقدم نحو بلدة أفدييفكا في شرق أوكرانيا من جميع الجهات

برلين: استمرار المساعدات لأوكرانيا ذو أهمية «وجودية» لأوروبا

أعضاء من وحدة «أوميغا» الخاصة في الحرس الوطني الأوكراني يطلقون قذيفة «هاون» باتجاه القوات الروسية في بلدة أفدييفكا (رويترز)
أعضاء من وحدة «أوميغا» الخاصة في الحرس الوطني الأوكراني يطلقون قذيفة «هاون» باتجاه القوات الروسية في بلدة أفدييفكا (رويترز)
TT

القوات الروسية تتقدم نحو بلدة أفدييفكا في شرق أوكرانيا من جميع الجهات

أعضاء من وحدة «أوميغا» الخاصة في الحرس الوطني الأوكراني يطلقون قذيفة «هاون» باتجاه القوات الروسية في بلدة أفدييفكا (رويترز)
أعضاء من وحدة «أوميغا» الخاصة في الحرس الوطني الأوكراني يطلقون قذيفة «هاون» باتجاه القوات الروسية في بلدة أفدييفكا (رويترز)

تشن القوات الروسية هجمات برية وجوية على أفدييفكا منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) بوصفها نقطة محورية في تقدمها البطيء عبر منطقة دونباس بشرق أوكرانيا في الحرب المستمرة منذ 21 شهراً، إذ كثفت القوات الروسية حملتها للسيطرة على البلدة الواقعة في الشرق من خلال محاولة التقدم صوبها من جميع الجهات بعد قتال على مدى أسابيع.

أحد السكان المحليين يسير بجوار المباني السكنية التي تضررت بشدة من الضربات العسكرية الروسية في بلدة أفدييفكا بمنطقة دونيتسك (رويترز)

وقد شنت أوكرانيا هجوماً مضاداً في يونيو (حزيران) لكنها حققت مكاسب هامشية فقط في كل من الشرق والجنوب. واعترف الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالتقدم البطيء، لكنه نفى أي إشارة إلى أن الحرب وصلت إلى «طريق مسدود».

بينما رأى المستشار الألماني أولاف شولتز، الثلاثاء، أن استمرار المساعدات لأوكرانيا ذو أهمية «وجودية» بالنسبة لأوروبا. وفي هذا السياق بدأ وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، الثلاثاء، اجتماعات على مدى يومين لمناقشة قضايا أمنية أوروبية مختلفة، بما في ذلك الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وتصاعد التوترات بين صربيا وكوسوفو.

الرئيس الأوكراني (إ.ب.أ)

وقال شولتز في كلمة أمام النواب الألمان في برلين إن لهذا الدعم «أهمية وجودية (...) بالنسبة لأوكرانيا بالطبع، لكن أيضاً بالنسبة لنا في أوروبا». وتُعدّ ألمانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، من أكبر مزوّدي أوكرانيا بالمساعدات لا سيّما الأسلحة. وأضاف شولتز: «من الواضح أنه يجب ألّا نخفف دعمنا لأوكرانيا (...) ولحلّ أزمة الطاقة» التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، بينما تزداد أسئلة الرأي العام مع تفاقم النزاع في أوكرانيا.

ومن المقرر أن ينضم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الأربعاء، إلى نظرائه في «الناتو»، حيث من المتوقع أن يجري التأكيد على الدعم المستمر لبلاده التي مزقتها الحرب.

القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني يتحدث مع وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف خلال حفل الاحتفال بيوم استقلال أوكرانيا في 24 أغسطس 2023 (رويترز)

وجاء التقدم الأخير الذي أعلن عنه رئيس الإدارة العسكرية في بلدة أفدييفكا الأوكرانية فيتالي باراباش في أعقاب تقارير الأسبوع الماضي أفادت بأن القوات الأوكرانية حققت بعض النجاح في وقف التقدم الروسي وصده. وقال باراباش لقناة «إسبرسو» التلفزيونية، كما نقلت عنه «رويترز»: «أصبحت الأمور في قطاع أفدييفكا أكثر صعوبة؛ حيث تزداد كثافة الاشتباكات منذ فترة». وأضاف: «لقد فتح الروس قطاعين آخرين بدأوا من خلالهما في تحقيق نتائج، في اتجاه دونيتسك... وفي ما يسمى المنطقة الصناعية. ويحاول العدو اقتحام المدينة من جميع الاتجاهات».

جندي أوكراني على دبابة «تي - 72» بالقرب من خطوط القتال مع روسيا (رويترز)

ويقول مسؤولون إنه لم يبق أي مبنى لم يلحق به الضرر بعد معارك على مدى أشهر في المدينة التي تشتهر بوجود مصنع ضخم لفحم الكوك. ولم يبق سوى أقل من 1500 شخص من سكان المدينة الذين كان يبلغ عددهم 32 ألفاً قبل الحرب. وتركز معظم القتال على المنطقة الصناعية ومصنع فحم الكوك. ويقول محللون عسكريون أوكرانيون وغربيون إن روسيا تكبدت خسائر فادحة، على الرغم من أن معركة مدينة أفدييفكا نادراً ما يرد ذكرها في المراسلات العسكرية الروسية الرسمية.

جنود أوكرانيون قرب باخموت في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)

وتحدث مدونون عسكريون روس أيضاً عن تحقيق أوكرانيا مكاسب بالقرب من أفدييفكا الأسبوع الماضي. وذكرت تقارير روسية، الاثنين، أن القوات الروسية سيطرت على المنطقة الصناعية، وحاولت اقتحام مصنع فحم الكوك، لكن من الصعب التحقق من التقارير الميدانية بشكل مستقل بخصوص ادعاءات أي من الجانبين.

وتمكن الانفصاليون الذين تمولهم روسيا، واستولوا على مساحات كبيرة من شرق أوكرانيا، من السيطرة على أفدييفكا فترة وجيزة في 2014، وبنوا تحصينات في وقت لاحق حول المدينة، التي يُنظر إليها على أنها بوابة تؤدي إلى وسط منطقة دونيتسك التي تسيطر عليها روسيا، وقد تصدت للهجمات منذ أن بدأت موسكو غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.

جنود أوكرانيون يمرون بجوار حافلة تحترق بعد أن ضربتها طائرة روسية من دون طيار قرب باخموت في منطقة دونيتسك (أ.ب)

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني أولكسندر شتوبون لموقع «ليجا دوت نت» الإخباري إن الطقس الشتوي والرياح القوية يؤثران على استخدام كلا الجانبين للطائرات المسيرة. وأضاف أن القوات الروسية تكبدت خسائر فادحة بالقرب من أفدييفكا ومارينكا القريبة، وهي مدينة أخرى تعرضت لدمار كبير مع تنافس الجانبين على السيطرة عليها منذ أشهر. وتابع: «جنودنا المدافعون متماسكون. نحن نقاتل وسنواصل القتال رغم الطقس السيئ».

وقال أمين حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لوسائل الإعلام إنه من المتوقع أن يناقش الوزراء أيضاً على مدار يومين «تحركات روسيا المزعزعة للاستقرار» خارج أوكرانيا.

رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوف (رويترز)

ويشمل ذلك مزاعم هلسنكي بأن موسكو سمحت مؤخراً لعشرات المهاجرين غير الشرعيين من الشرق الأوسط وأفريقيا بالسفر عبر روسيا إلى فنلندا. كما ستتناول الاجتماعات التوترات المتصاعدة بين صربيا وكوسوفو، بالإضافة إلى نشر «الناتو» قوات إضافية خلال الأشهر الأخيرة لتعزيز قوة حفظ السلام التابعة له في كوسوفو بعد هجوم عنيف على شرطة كوسوفو.

وقال ستولتنبرغ، الاثنين، إن «الحلف سيقوم بكل ما هو ضروري للحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة، وإنه أمر مهم بالنسبة للحلف. لدينا تاريخ هناك، ولدينا وجود هناك».

ومن جانب آخر، قال رئيس الشيشان رمضان قديروف إن 3 آلاف آخرين من المقاتلين مستعدون للذهاب للقتال في أوكرانيا ضمن وحدات جديدة تابعة لوزارة الدفاع الروسية وقوات الحرس الوطني الروسي. وبالنسبة لقديروف، الذي كثيراً ما يصف نفسه بأنه «جندي مشاة» لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان في بعض الأحيان من أشد منتقدي أداء روسيا في الصراع، فإن الحرب في أوكرانيا تشكل حصناً ضد العدوان الغربي.

رئيس الشيشان رمضان قديروف خلال اجتماع سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

وقال قديروف، الاثنين، عبر «تلغرام»: «(المقاتلون) لديهم أفضل المعدات والأسلحة الحديثة... وبالإضافة إلى ذلك، يتمتعون بقدرات قتالية عالية، ولديهم حماس كبير لتحقيق نتائج». وأعلن قديروف في مايو (أيار) أن الشيشان، وهي جمهورية تابعة لروسيا الاتحادية، أرسلت أكثر من 26 ألف مقاتل إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، بينهم 12 ألف متطوع، وأن 7 آلاف منهم في ذلك الوقت كانوا منخرطين فعلياً في القتال.

ولا يتسنى التحقق بشكل مستقل مما يقوله قديروف، وتتباين تقديرات عدد المقاتلين الشيشان في أوكرانيا. كما أن هناك تشكيلات مسلحة شيشانية عدة تقاتل إلى جانب أوكرانيا في الحرب التي بدأت بغزو روسي شامل للبلاد قبل 21 شهراً.

وفي وقت سابق من الشهر، قال قديروف إن مجموعة كبيرة من مرتزقة مجموعة «فاغنر» الروسية السابقين بدأوا أيضاً تلقي تدريبات مع قوات خاصة من الشيشان.

ولعبت «فاغنر» دوراً بارزاً في بعض من أعنف المعارك في أوكرانيا قبل أن تدخل في حالة من الفوضى بعد تمرد قصير ضد المؤسسة الدفاعية الروسية.


مقالات ذات صلة

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا دبابة روسية مُدمَّرة على جانب طريق بمنطقة كورسك (أ.ب)

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

تشير تعيينات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، التي لم تؤكد كلها بعدُ، إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا قد لا يكون بهذه السوداوية المتوقعة.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا يفرض القانون على الأفراد الذين يشاركون في الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء غرامة قدرها 4250 دولاراً (إ.ب.أ)

النواب الروس أقرّوا قانوناً يحظر الترويج لحياة من دون أبناء

أقرّ النواب الروس اليوم (الثلاثاء) قانوناً يحظر الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء، على خلفية الأزمة الديموغرافية في روسيا التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد خط أنابيب غاز في محطة استيراد الغاز الجديدة النرويجية (رويترز)

الحكومة النرويجية للاستحواذ على شبكة تصدير الغاز مقابل 1.6 مليار دولار

قالت وزارة الطاقة النرويجية إن النرويج توصلت إلى اتفاق مع 7 مُلّاك من القطاع الخاص لاستحواذ الحكومة على جزء كبير من شبكة خطوط أنابيب الغاز الواسعة بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
TT

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية، حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أكد متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم الثلاثاء.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمثل الهجوم الروسي في منطقة زابوريجيا الجنوبية تحديا للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة بالفعل على الجبهة الشرقية، ولا يزال منخرطا في عملية هجومية في منطقة كورسك الروسية، على الحدود الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف فولوشين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الروس يستعدون منذ فترة، منذ عدة أسابيع، لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات، لا سيما باتجاه زابوريجيا».

وأوضح أن الجيش الروسي يعزز قواته، خاصة في مناطق فريميفكا وغوليابول وروبوتيني.

وأضاف: «كل يوم يقوم باستطلاع جوي وفني هناك، ويتزود بالذخيرة. منذ عدة أسابيع، يستعد العدو لاستخدام المدرعات».

وامتنع فولوشين عن تحديد عدد الجنود الروس المحتشدين في هذا القطاع من الجبهة، لكنه أشار إلى أن مجموعات صغيرة تشن بالفعل هجمات كل يوم.

وأكد أن القوات الأوكرانية عززت خطوط دفاعها وهي مستعدة لصد هجوم واسع النطاق.

في الصيف الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما واسع النطاق لاستعادة منطقتي زابوريجيا وخيرسون في جنوب البلاد، لكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن موسكو حشدت 50 ألف جندي، بينهم كوريون شماليون، في محاولة لدحر القوات الأوكرانية التي تسيطر منذ نحو ثلاثة أشهر على جزء من منطقة كورسك الحدودية الروسية.