المدوّن المصري شادي عصام... من مجال المبيعات إلى مُصنّع للكرواسون

يستخدم الشوفان وزبدة اللوز... ويحكي عن تجربته في تعلّم المهنة

المدوّن المصري شادي عصام... من مجال المبيعات إلى مُصنّع للكرواسون
TT

المدوّن المصري شادي عصام... من مجال المبيعات إلى مُصنّع للكرواسون

المدوّن المصري شادي عصام... من مجال المبيعات إلى مُصنّع للكرواسون

إذا كان من الصعب أن نتصور باريس من دون الكرواسون كما يقال، فإنه كذلك من الصعب بالنسبة إلى الكثيرين تصور إفطارهم من دون الاستمتاع بدفء الكرواسون الطازج القادم للتوّ من الفرن، وتناوله كوجبة سريعة مع قهوة الصباح.

مكونات وإضافات مفيدة للمخبوز الفرنسي الشهير من إعداد الشيف شادي عصام (الشرق الأوسط)

وحتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمتنعون عن تناوله رغم حبهم الشديد له؛ تخوفاً من دسامته وتأثير الزبدة المفرطة التي تغلّف رقائقه المتداخلة والمرتَّبة بعناية، فإنه يبقى في وجدانهم ممتزجاً بذكريات الطفولة والصبا وصباحات العمل المُفعمة بالحيوية، والممتزجة بأحاسيس أغاني فيروز؛ ولهؤلاء ابتكر بعض الطهاة «الكرواسون الصحي» ليزحف على المخابز والمقاهي الشهيرة حول العالم.

«إذا لم تأكل الكرواسون وهو طازج، وربما مع الحشوة المفضلة لك، ومسحة إضافية من الصوص أو الزبدة الجيدة، فإنك تُفوِّت إحدى المتع الرائعة في الحياة»... هكذا ينصحك شادي عصام، صاحب مشروع ومدونة «Shady Du Croissant».

الشيف شادي عصام خبير المبيعات والتسويق (الشرق الأوسط)

عصام الذي تأثر في طفولته بوالدته حين كان يراقبها تُعدّ المخبوزات، مستمتعاً برائحة زبدة الطهي، يرى أن اللحظة التي تَخرج فيها صينية المعجنات الطازجة هي أحد الأشياء المثيرة القليلة التي يمكن أن تقابلك في يومك.

يستخدم مربى طبيعية من الفواكه الطازجة يصنعها بنفسه مع الكريمة اللباني (الشرق الأوسط)

لكنه لم يختر تعلم الطهي إنما درس بكلية «التجارة وإدارة الأعمال» وعمل لمدة 17 عاماً في مجال المبيعات في أكثر من شركة دولية، إلى أن قرر أن يوظف خبرته في الإدارة والتسويق في «استثمار» المهارات التي تعلمها مبكراً في مشروع غذائي ناجح؛ وهو المخبوزات الصحية، وتطور الأمر إلى التخصص الدقيق -على حد تعبيره- فكان «الكرواسون».

يقدم شادي أنواعاً مختلفة لذلك المخبوز الفرنسي، ومنها كرواسون دقيق الشوفان والحبة الكاملة وبياض البيض وبذور الشيا والكينوا وقشور السليوم وزبدة اللوز وزبدة جوز الهند مع الزبادي اليوناني. كما يقدم كرواسون بشرائح التركي المدخن، والشيدر، مع قطع الليمون المعصفر والخس، أو باللحم البارد وحلقات البصل والصوص والمشروم.

بدقيق الحبة الكاملة ذي الحافة الترابية والطعم الجوزي اللذيذ من الشيف شادي (الشرق الأوسط)

أما الحلو فيقدمه محشواً بقطع الفراولة المفرومة مع صوص الفراولة وعسل النحل الطبيعي، أو الكريمة اللباني مع بلو بيري، وهناك أيضاً مذاق مميز لكرواسون الإسبرسو والكاكاو والعسل والـ«دارك شوكليت».

«لم يكن الأمر سهلا ً على الإطلاق» يقول عصام لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «رغم معرفتي بأصول تحضير المخبوزات فإن صنع الكرواسون الصحي كان أمراً صعباً للغاية، واستغرق الأمر 9 أشهر من العمل، بعدها قررت أن يرى مشروعي النور».

ورأى الشيف الشاب ذلك نوعاً من التحدي. «أن تحول واحداً من أكثر المخبوزات احتياجاً للزبد واستخداماً للدقيق الأبيض ذي النسبة العالية من الغلوتين إلى طعام صحي شهي هو شيء ليس من السهل تصوره»، هكذا يقول. مضيفاً: «تحويل وجبة إفطار خفيفة إلى وجبة مشبعة مليئة باللحوم أو الدجاج والأسماك وتلائم كل أوقاتك حتى في الغذاء هو أمر قد يستبعد الكثيرون حدوثه».

كرواسون محشو بالإسبرسو والكاكاو والعسل والدارك شوكليت (الشرق الأوسط)

لكنّ رغبته في تقديم شيء مختلف عن ذلك المنتشر في السوق؛ ليُرضي الكثير من الباحثين عن الطعام الصحي -وهو أحدهم- ساعده على تحقيق حلمه، يقول: «كنت أنزل إلى المتاجر والمخابز، وتفاجئني أنواع مخبوزات مرتفعة السعر، التي يدّعي أصحابها أنها (صحية) ومن «دقيق الحبة الكاملة»، ويشتريها العملاء لمجرد أنها ذات لون داكن، بينما هي مصنوعة من الدقيق الأبيض، ويمكن لخبراء الطهي ببساطة تمييزها، بينما للأسف من الصعب اكتشافها للشخص غير المتخصص».

يستخدم الشيف المصري حشواً من الفواكه الطبيعية (الشرق الأوسط)

ولا يعتمد تصنيع الكرواسون الصحي على المقادير بقدر ما يقوم على إحساس الطاهي، وتعامل أنامله مع العجين وفق شادي، ويتابع: «من الممكن أن تقوم بإحضار دقيق الحبة الكاملة والشوفان والزبدة، وتحاول أن تصنعه، ولكن في النهاية قد تجد بين يديك قطعة كيك أو خبز بدلاً منه».

ويلفت أن الكرواسون كما هو معروف يتكون من عدة طبقات أو «توريقات»؛ ولذلك فإن عجينته ينبغي أن تكون «مطاطية»؛ ولكي يتحقق ذلك يستخدم الخبازون الدقيق الأبيض عالي الغلوتين، وزبدة المارغرين، لأنها «لا تسيح» بسهولة، وبذلك تساعد على أن تعطي «التوريقة» الصحيحة للكرواسون بعد خروجه من الفرن.

Pané المحشو بالمشروم واللحم والبهارات (الشرق الأوسط)

واستكمل: «كما هو معروف إن الدقيق الأبيض غير صحي، والغلوتين يرفع نسبة الإنسولين في الجسم، ومن ثم يؤدي إلى الجوع سريعاً، كما أن المارغرين لها أضرار على القلب والصحة عموماً».

يصنع شيف شادي كرواسون الإسبرسو والكاكاو والعسل بالدارك شوكليت (الشرق الأوسط)

ولذلك كانت المشكلة التي واجهت شادي هي: كيف يمكن الوصول إلى مذاق رائع وشكل صحيح للكرواسون من خلال استخدام دقيق الحبة الكاملة، أو الشوفان المطحون؟ فهما لا يمنحان المقدرة على مط العجينة، يقول: «من هنا لجأتُ إلى البحث عن مكونات أخرى؛ تساعدني على الوصول إلى هذه النتيجة باستخدامهما، مثل استخدام الزبدة البلدي، لكنها كانت (تسيح)؛ إلى أن اكتشفت نجاح استخدام زبدة جوز الهند مع الزبدة الطبيعية أو زبدة اللوز، أي الزبدة المتماسكة الخالية من أي سائل أو حليب، وبنسب معينة دقيقة، وبذلك توصلت إلى هدفي».

وينصح عصام متابعيه دوماً بأن «الكرواسون» هو مجرد نموذج، ولا يشترط أن تتبع نظاماً غذائياً كاملاً، لكن من الممكن أن تتبع نظاماً صحياً قائماً على مكونات غير ضارة، وفي مقدمتها الدقيق الأبيض والدهون المهدرجة.


مقالات ذات صلة

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».