> تعيش الأرجنتين، بعد حسم خافيير ميلي نتيجة الانتخابات لمصلحته حالة من الترقب الشديد لما سيقدم عليه الرئيس الجديد من خطوات كان وعد بها في برنامجه الانتخابي.
من أبرز هذه الخطوات المثيرة للجدل اعتماد التعامل الرسمي بالدولار الأميركي كعملة رسمية فعلية، وإلغاء المصرف المركزي وعدد من وزارات الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، وتسهيل اقتناء الأسلحة الفردية، وإبطال مفاعيل القوانين التي تمنع القوات المسلحة من تولي مهام أمنية داخل الحدود الوطنية.
ولكن، رغم القلق الشديد الذي تثيره هذه الخطوات في الأوساط الاقتصادية والمالية، وما يمكن أن ينجم عنها من اضطرابات شعبية وعمالية، لا سيما بعد إعلان ميلي «أن كل يمكن وضعه بيد القطاع الخاص سيذهب إلى القطاع الخاص»، سجّلت أسعار أسهم الشركات الأرجنتينية الكبرى ارتفاعات ملحوظة تجاوزت 30 في المائة. وجاء هذا خصوصاً، بعد كشف الرئيس المنتخب عن تكليفه وزير الاقتصاد الجديد خصخصة عدد من الشركات العامة، في مقدمها طليعتها شركة النفط «YPF» التي تملك الدولة حصة الأسد فيها.
مقابل ذلك، ما يزيد من تعقيدات المرحلة المقبلة أن ميلي الذي فاز بفارق كبير على منافسه وزير الاقتصاد الحالي سيرجيو ماسّا تجاوز ثلاثة ملايين صوت، إلا أن الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ ما زالت بيد الحركة البيرونية. وهي القوة السياسية التي كان قد صبّ عليها معظم اتهاماته خلال الحملة الانتخابية وحمّلها المسؤولية الأساسية عن تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتفشّي الفساد، وتوعّد بملاحقة قياداتها أمام القضاء.
وبالتالي، سيجد ميلي نفسه مضطراً إلى التفاوض مع الكتل البرلمانية الأخرى عند الإقدام على تنفيذ كل خطوة من برنامجه الانتخابي، أو أن يختار اللجوء إلى الحكم بالمراسيم الاشتراعية التي يتيحها النظام الرئاسي في الأرجنتين. وما يُذكر، أن الأوساط العمالية كانت قد حذّرت من أنها لن تقبل بإلغاء الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل الصحة والتعليم؛ ما استدعى ردّاً من الرئيس الجديد بأنه جاهز لمواجهة المحاولات منعه من تحقيق برنامجه عن طريق العنف.
أيضاً، ما يزيد من منسوب القلق الذي بدأ يتنامى بعد نشوة الانتصار أن الرئيس الجديد ما زال لغزاً مجهولاً بالنسبة لمواطنيه، بمن فيهم أولئك الذين صوّتوا له يوم الأحد الماضي. وبالأخص، أن هؤلاء إنما صوّتوا له ليس إعجاباً به، بل مدفوعين بنقمة عارمة تتراكم منذ سنوات ضد الطبقة السياسية التي تعاقبت على الحكم وتسببت بتدمير الاقتصاد الوطني وانهيار العملة، بل ودفعت 19 في المائة من مواطني عملاق زراعي وغذائي، مثل الأرجنتين، إلى العيش يومياً على المعونات الغذائية.