الباشمينا في الهند... كنز تتوارثه الأجيال

قيمته بقيمة الماس... وبعضه دخل المتاحف العالمية

الباشمينا في الهند... كنز تتوارثه الأجيال
TT

الباشمينا في الهند... كنز تتوارثه الأجيال

الباشمينا في الهند... كنز تتوارثه الأجيال

تعيش راهيلا بيغوم هنا برفقة شقيقتيها المراهقتين في واهي غاغريبال، خلف بحيرة دال. وتعد راهيلا واحدة من أبرع العاملين بمجال نسج وشاح الباشمينا بالمنطقة، حيث ارتبط اسمها بهذا الفن على امتداد عقدين حتى الآن. في طفولتها، تعلمت راهيلا نسج الباشمينا على يد والدها، الذي كان يعمل هو الآخر نساجاً وأعطاها أول دروسها في التطريز. وعند زواجها، أهداها والدها عجلة غزل (تعرف باسم «يندر») بمناسبة الزفاف، كي تحملها معها إلى منزل زوجها.

راهيلا بيغوم هي واحدة من أبرع العاملين بمجال نسج وشاح الباشمينا تعلمت على يد والدها ولا تزال تعمل بها حتى بعد زواجها (طارق باشماكار)

وبالفعل استمرت راهيلا في نسج الكشمير لمساعدة زوجها وتوفير مصدر دخل جيد للأسرة.

بوجه عام، يجري نسج وشاح من كشمير الباشمينا بالاعتماد على عمليات وأساليب يعود عمرها إلى قرون، دائماً على يد حرفيّ يطلَق عليه داخل كشمير «ووفر»، بينما يطلق على العملية «وونن». ويمتهن الآلاف من أبناء كشمير هذه الصناعة. وفي الغالب، تضطلع النساء بمهمة الغزل، بينما يتولى الرجال نسج الخيوط الدقيقة وتحويلها إلى أوشحة وشالات ناعمة مزدانة بتطريز.

ويُتعامل مع هذه المنسوجات بتقدير بالغ يضعها في مرتبة الماس، ودخل بعضها متاحف عالمية، مثل متحف الفن الحديث في نيويورك واللوفر بباريس.

يُتعامل مع هذه المنسوجات بتقدير بالغ يضعها في مرتبة الماس كما دخل بعضها متاحف عالمية (باشماكار)

من جهتها، تعد شاكيلا، وهي ربة منزل عادية، عملها في مجال نسج كشمير الباشمينا لدى شركة «باشماكار»، فناً يوفر لها الاستقلال المادي. جدير بالذكر أن «باشماكار» هي واحدة من العلامات التجارية الرائدة في إنتاج الباشمينا في المنطقة ولا تزال صامدة في وقت تواجه فيه الصناعة تهديداً خطيراً من جانب منتجات مقلدة وغير أصلية. وينحدر طارق أحمد دار، مؤسس «باشماكار»، من عائلة توارثت هذه الحرفة أباً عن جد. والده، غلام نابي دار، لا يزال يمتهن الغزل حتى يومنا هذا، إلى جانب الكثير من أبناء عمومته. تلقّى طارق تعليماً أساسياً في النسج وجوانب أخرى من صناعة الباشمينا، وبعد ذلك أسس استوديو خاصاً به، ويعمل اليوم بصورة أساسية على الجوانب المرتبطة بالتصميم.

تحرص «باشماكار» على أن تحمل علامة «جي آي» ليتأكد الزبون من أن القطعة أصلية (باشماكار)

يشرح طارق أن «اسم باشماكار يعني الطهارة. ومن جانبي، أعمل على تسليط الضوء على الحرفيين بوصفهم فنانين في هذه الصناعة». ويتابع: «لكي يتأكد الزبون من أن القطعة أصلية، فإننا نحرص على أن تحمل علامة «جي آي»، التي تحدد الموقع الجغرافي الذي صدرت منه، وتُعرف باسم علامة الفهرس الجغرافي. أنا لا أنظر إلى (باشماكار) بوصفها مجرد مشروع تجاري، وإنما على أنها شغف بداخلي نحو إرساء فن كشميري هندي على الساحة العالمية».

أصبح طارق الآن يتعامل مع الكثير من مصممي الأزياء المعروفين في الهند خصوصاً بعد الإقبال الكبير الذي تشهده العلامة من نجوم «بوليوود» وسياسيين وزبائن مهمين من الخليج العربي، وتحديداً الكويت. يُذكر أن ورشة «باشماكار» في كشمير يعمل بها أكثر من 60 سيدة. وأكد طارق أنه يتعمّد تشغيل النساء الكشميريات لكي يمنحهن الاستقلالية المادية ويُحسّنّ ظروف حياتهن.

يضطلع النساء عادةً بمهمة الغزل والتطريز بينما يتولى الرجال نسج الخيوط الدقيقة وتحويلها إلى أوشحة وشالات (باشماكار)

ما هو الباشمينا؟

يشتهر نسيج الباشمينا الأصلي بالنعومة والدفء، ويأتي هذا النسيج من سلالة من ماعز الكشمير وموطنها الأصلي منطقة تشانغتانغ الجبلية في لداخ، في أقصى شمال الهند. تتسم هذه السلالة من الماعز بأن تربيتها لا تجري إلا على ارتفاع 13000 قدم فوق مستوى سطح البحر، حيث تعد الظروف المناخية في هذه المناطق شديدة القسوة، والشتاء قارساً بشكل خاص. على خلاف الحال مع الصوف، لا يجري تقطيع ألياف الباشمينا، وإنما تنظيفها باستخدام أمشاط خشبية قبل تخزينها على شكل رغيف يشبه خيط الحلوى، ثم غزلها.

اشتهر نسيج الباشمينا الأصلي بالنعومة والدفء... ويأتي هذا النسيج من سلالة من ماعز الكشمير وموطنها الأصلي منطقة تشانغتانغ الجبلية (باشماكار)

ظلت هذه العملية جزءاً من ثقافة المنطقة لعدة قرون. في القرنين السادس عشر والسابع عشر، سلب قلوب المغول. وفي وقت لاحق، انتشر الاهتمام به على نطاق أوسع. ويقال إن نابليون بونابرت أهدى زوجته جوزفين شالاً من هذا النسيج في عام 1804 انبهرت به الإمبراطورة لدرجة أنها أنفقت نحو 20000 قطعة ذهبية لشراء شالات كل عام، وصلت في الأخير إلى 400 شال. ونظراً لكون فرنسا مركزاً ثقافياً عالمياً في ذلك الوقت، أصبح الشال الكشميري جزءاً من هدية العريس لعروسه.

سرعان ما انتقل هذا الاهتمام من فرنسا إلى إنجلترا. ويقال إنه بعد توقيع مهراجا دوغرا آنذاك، غلاب سينغ، على معاهدة أمريتسار مع التاج البريطاني، طُلب منه تسليم 3 شالات باشمينا و12 من ماعز الباشميان (6 ذكور و6 إناث) كهدية سنوية للتاج البريطاني.

حاول الإنجليز الذين أطلقوا على الشال الكشميري اسم «الكشمير»، بكل طريقة ممكنة، تقليد صناعته من دون جدوى. في المقابل تمكنوا من إنتاج نسخة غير أصلية أصبحت تُعرف باسم «بيزلي شول»، وجرى إنتاجها آلياً بكميات كبيرة في أسكوتلندا.

عملية صنع خيوط الباشمينا

تقوم عملية صنع وشاح أو شال الباشمينا على جمع شعر الماعز الناعم، وتمشيط الألياف يدوياً للحفاظ على جودتها الرائعة. بعد ذلك، يجري غزل هذه الألياف الدقيقة باستخدام مغزل، ثم يجري نسجها يدوياً على نول. وبعد ذلك تُصبغ بعناية ثم تُطرَز وتُغسل في نهر جيلم.

قد يستغرق صُنع شال واحد على اليد نحو 3 أشهر وهو ما يبرر سعره (باشماكار)

عادةً تقوم بعملية الغزل نساء محليات من منازلهن، تكون لهن مهارة عالية كون الألياف الخام شديدة الحساسية. لتقويتها وإضافة لمعان طبيعي ونعومة عليها توضع في وعاء مملوء بالأرز المسحوق وتترك لمدة يومين أو ثلاثة أيام. وتسمى هذه العملية باللصق. بعدها يجري تمشيط الألياف مرة أخرى للتخلص من جزيئات الأرز وتحضيرها لعملية الغزل.

من ناحيتها، تتولى شاميما تدوير خيوط الكشمير على عجلة خشبية دوارة تسمى محلياً «يندر». تبدو العملية برمّتها ساحرة وهي تمسك خصلات الكشمير بين إبهامها الخفيف والسبابة والإصبع الأوسط من يدها اليسرى، وفي الوقت نفسه، تقوم يدها اليمنى بتدوير العجلة في انسجام تام مع حركات اليد اليسرى (لأعلى ولأسفل). وتعلمت شاميما هذه المهارة من والدتها.

في هذا الصدد، أوضحت شاميما: «يستغرق الأمر قرابة ثلاثة أسابيع لتسليم 110 غرامات من خيوط الكشمير جرى نسجها على عجلة تقليدية في أثناء العمل لـ7 ساعات يومياً».

بين الأصلي والمُقلّد

في التسعينات، عانى العاملون في نسج شالات الباشمينا والحرفيون في كشمير من ضربة مزدوجة؛ الأولى صعود جماعات مسلحة، والأخرى دخول الماكينات إلى هذه الصناعة، ليُروِّج التجار شالات مصنوعة آلياً في وقت وجيز جداً على أنها مصنوعة يدوياً واستغرقت أشهراً. قليل من الناس يعرف أن خيوط الكشمير حساسة ولا يمكنها تحمل قوة الآلة. لتجاوز هذا العائق يعمل التجار على خلط الكشمير الخالص بصوف الأغنام أو النايلون أو خيوط الحرير، وهو ما هدد هذه الصناعة وحياة الحرفيين.

وسعياً من جانبها للحفاظ على هذا الفن التراثي من الانقراض، أقرّت حكومة الهند (تحت مظلة منظمة التجارة العالمية) علامة الجودة للباشمينا الأصلي، وتسمى علامة الفهرس الجغرافي، وتوجد على أوشحة أو الشالات الأصلية. ويوجد حالياً مختبر في سرينغار معنيّ بوضع علامة «جي آي»، أو الفهرس الجغرافي، على منسوجات كشمير لداخ الأصلية.

في هذا الصدد يقول مشتاق أحمد: «يسعدني أنه في اجتماع مجموعة العشرين الذي انعقد في وقت قريب في سريناغار، أبدى الكثير من الأجانب إعجابهم بجودة شالات الباشمينا. لقد أنقذت علامة (جي آي) هذا الفن بحق من الانقراض، وأنقذت المشترين كذلك من السقوط في فخ المنتجات الزائفة».

ويعد مشتاق أحمد وزوجته غولشانا، وكلاهما في الستينات، من أقدم النساجين اليدويين، إلى جانب اضطلاعهما بتدريب جيل من الشباب في هذه الصناعة. ويقضي كل منهما من 5 إلى 6 ساعات يومياً في العمل على نولهما الخشبي. وبينما يتولى الزوجان نسج الأوشحة، يتولى بناتهما وحفيداتهما تطريزها.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.