استنساخ أول قرد «خيميري» عبر مجموعتين من الحمض النووي

عينان خضراوان وأطراف أصابع صفراء مشعة!

القرد المستنسخ يتميز بعينين خضراوين وأطراف أصابع صفراء اللون (مجلة «Cell» العلمية)
القرد المستنسخ يتميز بعينين خضراوين وأطراف أصابع صفراء اللون (مجلة «Cell» العلمية)
TT

استنساخ أول قرد «خيميري» عبر مجموعتين من الحمض النووي

القرد المستنسخ يتميز بعينين خضراوين وأطراف أصابع صفراء اللون (مجلة «Cell» العلمية)
القرد المستنسخ يتميز بعينين خضراوين وأطراف أصابع صفراء اللون (مجلة «Cell» العلمية)

في تجربة رائدة أجراها علماء في الصين، وُلد أول قرد ذي تركيبة وراثية فريدة من نوعها، بأطراف أصابع صفراء متوهجة وعيون خضراء، مما يمهد الطريق للتطورات المحتملة في البحوث الطبية والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. والقرود الخيميرية هي حيوانات تحتوي على مجموعات من الخلايا من كائنين أو أكثر بأنواع مختلفة من الحمض النووي. وقد جمع هذا القرد الوليد بين الخلايا الجذعية من قرد «Cynomolgus» مع جنين من نفس النوع. وبينما عاش القرد لمدة عشرة أيام فقط، فإن التجربة تحمل وعداً كبيراً في مجالات مختلفة.

إنه أول حيوان رئيسي على الإطلاق يتم إنشاؤه باستخدام خلايا من جنينين من النوع نفسه (مجلة «Cell» العلمية)

مخلوق ذو مظهر غريب

تمثل هذه الدراسة المفصلة في المجلة العلمية «Cell» أول ولادة حية في العالم لقرد خيميري تم إنشاؤه باستخدام الخلايا الجذعية. ومن الجدير بالذكر أن القرد الناتج أظهر قدراً كبيراً من الخيميرية؛ إذ نشأت نسبة كبيرة من خلاياه من الخلايا الجذعية المستخدمة في التجربة. ويعد الباحثون أن أحد التطبيقات المحتملة لهذا البحث هو نمذجة الأمراض التنكسية العصبية. وتشير المساهمة الكبيرة للخلايا الجذعية في دماغ القرد إلى أن هذا النهج يمكن أن يكون ذا قيمة لدراسة مثل هذه الأمراض، مما يوفر الأمل للتقدم الطبي في هذا المجال. علاوة على ذلك، يتصور العلماء إمكانية تربية الحيوانات من الأنواع المهددة بالانقراض من خلال تحقيق هذا النوع من الخيميرية.

تفاصيل الدراسة

تضمنت الدراسة التي أجريت في الصين دمج الخلايا الجذعية من بيضتين مخصبتين متميزتين وراثياً من نفس نوع القرد لإنشاء قرد «المكاك» طويل الذيل (Macaca fasccularis). تم خلط الخلايا من أجنة عمرها سبعة أيام مع تلك الموجودة في أجنة عمرها خمسة أيام قبل زرعها في إناث قرود «المكاك». وفي حين أن المحاولات السابقة كانت لها مساهمات أقل من الخلايا المانحة، فقد حقق هذا البحث مساهمة أعلى بكثير، مما أدى إلى حصول قرد على خلايا مانحة في 26 نوعاً مختلفاً من الأنسجة؛ أي بمتوسط 67 في المائة.

ومن بين القرود الستة، وُلد قرد «خيميري» صغير حياً، وتمكن من البقاء على قيد الحياة لمدة 10 أيام. ومن الجدير بالذكر أن أعلى مساهمة لوحظت في أنسجة المخ، مما يجعلها وسيلة واعدة لنمذجة الأمراض العصبية.

يعد الباحثون أن أحد التطبيقات المحتملة لهذا البحث هو نمذجة الأمراض التنكسية العصبية (مجلة «Cell» العلمية)

تجارب سابقة ناجحة

في حين تم إجراء الأبحاث الخيميرية على الفئران لعقود من الزمن، فإن القرود تقدم تشابهاً بيولوجياً أقرب إلى البشر، مما يجعلها أكثر ملاءمة لنمذجة الأمراض البشرية والعمليات البيولوجية بدقة.

يعالج هذا التقدم القيود المرتبطة بأبحاث الفئران؛ إذ تختلف وظائف أعضاء الفئران بشكل كبير عن تلك الخاصة بالبشر. لقد كانت الآثار الأخلاقية للأبحاث الخيميرية، وخاصة التي تشمل البشر والحيوانات، موضوعاً للنقاش. ومع ذلك، يرى المؤيدون أن فوائد النمذجة الدقيقة للأمراض والتطورات المحتملة في البحوث الطبية تجعل هذه الجهود جديرة بالاهتمام.

القرد الصغير وُلد بنسبة عالية من الخلايا المانحة بمتوسط 67% عبر 26 نوعاً مختلفاً من الأنسجة (مجلة «Cell» العلمية)

ليس القرد الأول

وكان باحثون صينيون قد نجحوا في استنساخ اثنين من قردة «المكاك» في بداية عام 2018. وصرح العلماء بأن عملية الاستنساخ تلك تمت عن طريق زرع حمض نووي في خلية بعد تعديل جيناتها الوراثية كي لا تتسبب بوقف نمو الجنين. وقال العلماء حينها إن الجينات الوراثية لجميع القردة متشابهة، الأمر الذي سيكون مفيداً في الأبحاث المتعلقة بالأمراض البشرية، إلا أن منتقدي هذه الخطوة يرون أن هذا الأمر يثير مخاوف أخلاقية؛ إذ يجعل العالم أقرب من استنساخ البشر.

النعجة «دوللي» كانت أول حيوان من الثدييات مستنسخ في التاريخ (شاترستوك)

النعجة «دوللي» رائدة الطريق

استُنسخت النعجة «دوللي» منذ أكثر من 20 عاماً في معهد روزلين في مدينة أدنبره الأسكوتلندية، التي كانت المرة الأولى في التاريخ التي ينجح فيها العلماء في استنساخ حيوان من الثدييات.

وعلى الرغم من النتائج الواعدة، لا تزال هناك تحديات أمام تحسين صحة القرود الخيميرية وطول عمرها. ولا تزال الآثار الأخلاقية لمثل هذا البحث أيضاً موضوعاً للنقاش. ومع ذلك، تمثل هذه الدراسة تقدماً كبيراً في مجال الأبحاث الخيميرية، مع آثار محتملة على الأبحاث الطبية، والحفاظ على الأنواع، وفهم تمايز الخلايا الجذعية في الرئيسيات.


مقالات ذات صلة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

علوم مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

قبل 50 عاماً ظهرت توقعات الحرب النووية والطفرة السكانية التي ستتجاوز قدرة الكوكب على إطعام سكانه.

«الشرق الأوسط»
علوم جدل علمي حول عدد القارات

جدل علمي حول عدد القارات

تقسيم القارات إلى «ثقافي» أكثر منه «علمياً»

يوميات الشرق آفاق العلم شاسعة (رويترز)

أحفورة عمرها 237 مليون عام تُضيء على صعود الديناصورات

يعتقد علماء أنّ حفرية من أقدم الحفريات على الإطلاق ربما تساعد في تفسير ظهور الديناصورات. فماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تضارب الآراء في «الفيدرالي» بشأن وتيرة خفض الفائدة

لم يكن هناك إجماع كامل في «الاحتياطي الفيدرالي» عندما صوت الأسبوع الماضي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث اعترض صانع سياسة واحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

تمكن باحثون في جامعة كلية لندن (UCL) من تحقيق اختراق علمي جديد قد يُحدِث تحولاً كبيراً في علاج الأشخاص الذين يعانون فقدان حاسة اللمس، مثل مرضى متلازمة النفق…

«الشرق الأوسط» (لندن)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».