في تجربة رائدة أجراها علماء في الصين، وُلد أول قرد ذي تركيبة وراثية فريدة من نوعها، بأطراف أصابع صفراء متوهجة وعيون خضراء، مما يمهد الطريق للتطورات المحتملة في البحوث الطبية والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. والقرود الخيميرية هي حيوانات تحتوي على مجموعات من الخلايا من كائنين أو أكثر بأنواع مختلفة من الحمض النووي. وقد جمع هذا القرد الوليد بين الخلايا الجذعية من قرد «Cynomolgus» مع جنين من نفس النوع. وبينما عاش القرد لمدة عشرة أيام فقط، فإن التجربة تحمل وعداً كبيراً في مجالات مختلفة.
مخلوق ذو مظهر غريب
تمثل هذه الدراسة المفصلة في المجلة العلمية «Cell» أول ولادة حية في العالم لقرد خيميري تم إنشاؤه باستخدام الخلايا الجذعية. ومن الجدير بالذكر أن القرد الناتج أظهر قدراً كبيراً من الخيميرية؛ إذ نشأت نسبة كبيرة من خلاياه من الخلايا الجذعية المستخدمة في التجربة. ويعد الباحثون أن أحد التطبيقات المحتملة لهذا البحث هو نمذجة الأمراض التنكسية العصبية. وتشير المساهمة الكبيرة للخلايا الجذعية في دماغ القرد إلى أن هذا النهج يمكن أن يكون ذا قيمة لدراسة مثل هذه الأمراض، مما يوفر الأمل للتقدم الطبي في هذا المجال. علاوة على ذلك، يتصور العلماء إمكانية تربية الحيوانات من الأنواع المهددة بالانقراض من خلال تحقيق هذا النوع من الخيميرية.
First live birth of a #chimeric monkey using embryonic stem cell lines.Read more in @CellCellPress:https://t.co/hsV1juXWlo.#ChineseAcademyofSciences Qiang Sun, Zhen Liu, Miguel A. Esteban pic.twitter.com/QyZ1MMYzja
— Cell Press (@CellPressNews) November 9, 2023
تفاصيل الدراسة
تضمنت الدراسة التي أجريت في الصين دمج الخلايا الجذعية من بيضتين مخصبتين متميزتين وراثياً من نفس نوع القرد لإنشاء قرد «المكاك» طويل الذيل (Macaca fasccularis). تم خلط الخلايا من أجنة عمرها سبعة أيام مع تلك الموجودة في أجنة عمرها خمسة أيام قبل زرعها في إناث قرود «المكاك». وفي حين أن المحاولات السابقة كانت لها مساهمات أقل من الخلايا المانحة، فقد حقق هذا البحث مساهمة أعلى بكثير، مما أدى إلى حصول قرد على خلايا مانحة في 26 نوعاً مختلفاً من الأنسجة؛ أي بمتوسط 67 في المائة.
ومن بين القرود الستة، وُلد قرد «خيميري» صغير حياً، وتمكن من البقاء على قيد الحياة لمدة 10 أيام. ومن الجدير بالذكر أن أعلى مساهمة لوحظت في أنسجة المخ، مما يجعلها وسيلة واعدة لنمذجة الأمراض العصبية.
تجارب سابقة ناجحة
في حين تم إجراء الأبحاث الخيميرية على الفئران لعقود من الزمن، فإن القرود تقدم تشابهاً بيولوجياً أقرب إلى البشر، مما يجعلها أكثر ملاءمة لنمذجة الأمراض البشرية والعمليات البيولوجية بدقة.
يعالج هذا التقدم القيود المرتبطة بأبحاث الفئران؛ إذ تختلف وظائف أعضاء الفئران بشكل كبير عن تلك الخاصة بالبشر. لقد كانت الآثار الأخلاقية للأبحاث الخيميرية، وخاصة التي تشمل البشر والحيوانات، موضوعاً للنقاش. ومع ذلك، يرى المؤيدون أن فوائد النمذجة الدقيقة للأمراض والتطورات المحتملة في البحوث الطبية تجعل هذه الجهود جديرة بالاهتمام.
ليس القرد الأول
وكان باحثون صينيون قد نجحوا في استنساخ اثنين من قردة «المكاك» في بداية عام 2018. وصرح العلماء بأن عملية الاستنساخ تلك تمت عن طريق زرع حمض نووي في خلية بعد تعديل جيناتها الوراثية كي لا تتسبب بوقف نمو الجنين. وقال العلماء حينها إن الجينات الوراثية لجميع القردة متشابهة، الأمر الذي سيكون مفيداً في الأبحاث المتعلقة بالأمراض البشرية، إلا أن منتقدي هذه الخطوة يرون أن هذا الأمر يثير مخاوف أخلاقية؛ إذ يجعل العالم أقرب من استنساخ البشر.
النعجة «دوللي» رائدة الطريق
استُنسخت النعجة «دوللي» منذ أكثر من 20 عاماً في معهد روزلين في مدينة أدنبره الأسكوتلندية، التي كانت المرة الأولى في التاريخ التي ينجح فيها العلماء في استنساخ حيوان من الثدييات.
وعلى الرغم من النتائج الواعدة، لا تزال هناك تحديات أمام تحسين صحة القرود الخيميرية وطول عمرها. ولا تزال الآثار الأخلاقية لمثل هذا البحث أيضاً موضوعاً للنقاش. ومع ذلك، تمثل هذه الدراسة تقدماً كبيراً في مجال الأبحاث الخيميرية، مع آثار محتملة على الأبحاث الطبية، والحفاظ على الأنواع، وفهم تمايز الخلايا الجذعية في الرئيسيات.