إيران تحول بَوادي ريف دير الزور الشرقي إلى منطقة عسكرية مغلقة

استقدام عشرات المقاتلين العراقيين لنقلهم إلى الجبهة الجنوبية

ميليشيات تابعة لإيران بريف الرقة (أرشيفية: المرصد السوري)
ميليشيات تابعة لإيران بريف الرقة (أرشيفية: المرصد السوري)
TT

إيران تحول بَوادي ريف دير الزور الشرقي إلى منطقة عسكرية مغلقة

ميليشيات تابعة لإيران بريف الرقة (أرشيفية: المرصد السوري)
ميليشيات تابعة لإيران بريف الرقة (أرشيفية: المرصد السوري)

واصلت الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني، في محافظة دير الزور، تضييقها على الأهالي، ومنعهم من الوصول إلى الأراضي الزراعية التي اعتادوا زراعتها بالقمح البعلي، وذلك في الوقت الذي تقوم فيها باستقدام عشرات المقاتلين من ميليشيا «الحشـد الشعبي» العراقي من معبري البوكمال والسكك، تمهيداً لنقلهم إلى الجبهة الجنوبية، وسط حالة من التأهب، تحسباً لاحتمالات توسع ساحة الحرب مع إسرائيل.

وقالت مصادر محلية إن ميليشيا إيرانية في الميادين والعشارة منعت المزارعين من الوصول إلى بوادٍ في ريف دير الزور الشرقي، خلال الأيام الماضية. وأفادت شبكة «عين الفرات» المحلية بأن المنع تم بذريعة اعتبار تلك المناطق عسكرية ويحظر على المدنيين الوصول إليها، وذلك بينما سمح لعدد محدود من عناصر الميليشيات بزراعة مساحات صغيرة من الأراضي بشرط تقاسم عائدات زراعتها مع الميليشيات.

وجرت العادة في تلك المناطق أن يقوم المزارعون بزراعة القمح البعلي في مساحات واسعة في بوادي مقل البيضة وعويبة وخضرمي وغيرها.

و منذ عام 2017 تعزز وجود الميليشيات المسلحة التي تتبع الحرس الثوري الإيراني في دير الزور ليبلغ عددها نحو 22 ميليشيا، 9 منها ميليشيات محلية، و13 من جنسيات غير سورية. وحسب تقرير لموقع «نهر ميديا» المحلي قام الحرس الثوري الإيراني بإنشاء «الميليشيات الصغيرة والمتوسطة، بتنوع مهامهما واختصاصها، ووحدة آيديولوجيتها».

و استخدمت إيران هذه الميليشيات لتعزيز وجودها في المناطق المحاذية للحدود مع العراق في محافظة دير الزور، وفرض سيطرتها على مساحات شاسعة من الضفة الجنوبية لدير الزور مع القوات الحكومية السورية وعلى نحو أقل القوات الروسية.

ومع ارتفاع حدة التوتر في المنطقة منذ بدء الحرب في غزة والتوجس من توسع رقعة الصراع، أعادت إيران نشر ميليشياتها في المناطق الحدودية وصولاً إلى الجبهة الجنوبية المتاخمة لإسرائيل، كما بدأت بحظر وصول المدنيين إلى المناطق التي توجد فيها الميليشيات التابعة لها، في سعي لضبط الجبهات أمنياً وفق ما قالته مصادر محلية.

تقارير إعلامية محلية قالت إنه سبق للميليشيات الإيرانية أن منعت صيادي الطيور الحرة من التوجه لمنطقة البادية، وبررت بأن البادية منطقة عسكرية مغلقة، يحظر على المدنيين الوصول إليها، في حين سمحت لعدد من عناصرها المحليين بالتوجه لمنطقة البادية. وقالت شبكة «عين الفرات» في تقرير سابق إن الميليشيات الإيرانية تتعمد بين الفينة والأخرى، التضييق على المدنيين وفرض إتاوات مالية بحقهم، بهدف دفعهم لبيع ممتلكاتهم والهجرة خارج البلاد، وفقاً للتقارير ذاتها.

كما حرمت الميليشيات الإيرانية رعاة الأغنام والمزارعين من التوجه إليها، بذريعة أنها باتت منطقة عسكرية مغلقة، في حين سمحت الميليشيات الإيرانية ذاتها لعناصرها المحليين بالتوجه إلى البادية واصطياد الطيور، نظراً لارتفاع سعرها.



حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
TT

حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)

احتشد مئات الآلاف من السوريين في ساحتي الأمويين والحجاز وسط العاصمة السورية دمشق، الجمعة، إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية، وقبل سقوط نظام بشار الأسد، وسط دعوات أهلية ومن جهات حقوقية بمساعدة الأهالي في كشف مصير ذويهم.

كما خرج الآلاف في أغلب المدن والمحافظات السورية للمناسبة نفسها، حيث شكَّل الشباب الشريحة الكبرى بين الحشود.

ووصل مئات الآلاف إلى ساحة الأمويين للمشاركة في الجمعة الثالثة، حيث تعالت أصوات الهتافات والصيحات تعيد رمزية المظاهرات الحاشدة التي كانت تخرج في كل يوم جمعة في كثير من المدن السورية، بعد انطلاق شرارة الاحتجاجات المناهضة للنظام في ربيع 2011.

وفي ساحة الحجاز وسط مدينة دمشق، تَجَمَّعَ مئات الناشطين والفنانين السوريين إلى جانب عائلات المعتقلين والمغيَّبين قسراً، للمطالبة بكشف مصير أَحِبَّتِهم، حيث رفع المشاركون صوراً وشعارات تطالب بمعرفة مصيرهم، وحماية المقابر الجماعية والأدلة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وطالبوا بإنزال أشد العقوبات لمحاسبة المسؤولين.

وقال وائل خبيباتي، وهو ناشط تَعَرَّضَ لكثير من الملاحقات الأمنية إبان حكم النظام السابق، إن المحتشدين بدأوا الزحف نحو ساحة الأمويين منذ ظهر يوم الجمعة، معبراً عن مشاعره المختلطة «بالفرحة لسقوط بشار الأسد، لكنها منقوصة بسبب غياب الضحايا والمختفين، لأننا لا نعرف مصيرهم، ولا أي شيء يثبت بقاءهم على قيد الحياة».

وقالت الشابة داليا سعدي، التي رسمت على وجهها أعلام سوريا الجديدة، إن هذا النصر والفرحة بالنسبة لها ولجميع السوريين: «بمثابة روزنامة جديدة، فمن ساعة التحرير 8 ديسمبر (كانون الأول) أصبح عندنا تاريخ استقلال جديد، فهذا الإنجاز مطلوب من كل سوري حر التمسك به، والحفاظ عليه، وتحقيق تطلعات الشعب».

وتقف لمياء مصطفى، زوجة المناضل السوري علي مصطفى أبو صامد، وبناتها الثلاث أمام محطة الحجاز، وهي لا تعرف أي شيء عن مصير زوجها المفقود منذ 11 عاماً، بعد أن أخذه مسلحون بالقوة من شقتهم في يوليو (تموز) 2013 بدمشق، حيث شارك أبو صامد بحسب زوجته في تجمعات مناهضة لنظام الحكم السابق، وهي على ثقة بأنه اعتُقل لدى أجهزة المخابرات السورية بسبب نشاطه السياسي المعارض.

أهالي المفقودين يرفعون صور ذويهم مطالبين بمعرفة مصيرهم (الشرق الأوسط)

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تمتلك أي خيار سوى الوقوف في هذه الساحات مطالِبةً بمعرفة مصير المفقودين والمغيَّبين: «نعم أتحدث إليه، وأفتح حوارات ونقاشات حتى أُقْنِع نفسي (إنه عايش) وموجود في مكان ما، لأنه تصعب مشاركة أوجاعك وأحزانك مع الآخرين»، منوهة بأنها متمسكة بالأمل: «لن أتنازل عن معرفة الحقيقة، وقتها فقط آخذ مساحتي للحزن وقبول الواقع».

وحاولت الزوجة وبناتها على مدار سنوات إجراء اتصالات، وطرقن كل الأبواب، لكن دون نتيجة.

وتابعت حديثها لـ«الشرق الأوسط» بنبرة حزينة: «السنوات الماضية وحتى تاريخ اليوم كانت قاسية جداً علينا، فمنذ سقوط النظام لم أعرف طعم النوم، أنتظر أي جواب أو دليل أو شاهد عن زوجي، فروحه تطوف حولنا».

وبحسب منظمات غير حكومية دولية وسورية، فإن هناك نحو 100 ألف شخص فُقدوا منذ بداية الانتفاضة الشعبية في 2011، جراء القمع وزجِّهم في المعتقلات، فضلاً عن حالات الخطف من قبل ميليشيات حاربت مع النظام السابق.

وقالت حسيبة عبد الرحمن، إحدى المشاركات في وقفة الحجاز: «نطالب بمعرفة مصير من اعتُقل، ولم نعرف أي شيء عنه، لا جثة ولا شهادة وفاة، ولا أي وثيقة تثبت وفاته، وهذه الوقفة رسالة لكل نظام سيحكم البلد أن قضية المغيَّبين مصيرية». وشددت على أن هذه القضية بالنسبة لها ولكثير من السوريين تعد مركزية. واختتمت حديثها بالقول: «الآلاف من السوريين فُقِدوا بهذه الطريقة، ومن حقنا دفنهم بشكل لائق، ووقفتنا هنا لنرفع أصواتنا بأن هؤلاء يستحقون كل شيء، ولهم علينا التضامن، وننتظر ظهور الحقيقة».