أفاد تقريرٌ لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، يوم الجمعة، بأن استمرار الصراعات وتزايد حدتها يؤديان إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، فيما تتعثر مساعي تخفيف أسعار السلع الغذائية الدولية جراء ضعف العملات في العديد من البلدان منخفضة الدخل.
ويقدّر أن ما مجموعه 46 بلداً حول العالم، بما في ذلك 33 بلداً في أفريقيا، بحاجة إلى مساعدة خارجية فيما يتعلق بالأغذية، وفقاً لأحدث إصدار لتقرير التوقعات بخصوص المحاصيل وحالة الأغذية.
وقالت المنظمة إن التقديرات تشير إلى أن أكثر من نصف سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد منذ عام 2022. وعدّت المنظمة أن تصاعد الصراع هناك سيزيد من الحاجة إلى التدخلات الإنسانية والمساعدات الطارئة، فيما لا تزال كيفية الوصول إلى المناطق المتضررة تشكّل مصدر قلق كبير. وأضافت المنظمة أن التداعيات غير المباشرة للصراع قد تفاقم انعدام الأمن الغذائي في لبنان.
ويلاحظ التقرير أنه في حين يُتوقع للإنتاج العالمي من الحبوب أن ينمو بنسبة 0.9 في المائة في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، فإن النمو سيبلغ نصف هذه النسبة في مجموعة الـ44 من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض.
وتأتي تحذيرات المنظمة الدولية رغم انخفاض مؤشر الأسعار العالمية لـ«الفاو» في أكتوبر (تشرين الأول) إلى أدنى مستوياته في أكثر من عامين، مدفوعاً بتراجع أسعار السكر والحبوب والزيوت النباتية واللحوم.
وقالت المنظمة يوم الجمعة إن مؤشرها، الذي يتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولاً في العالم، بلغ في المتوسط 120.6 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، انخفاضاً من 121.3 في الشهر السابق. وكان مؤشر منتجات الألبان الوحيد الذي سجّل ارتفاعاً.
وعلى أساس سنوي، تراجع المؤشر العام بنسبة 10.9 بالمائة عن قيمته في الشهر الموازي من العام السابق، وكانت قراءة أكتوبر هي الأدنى منذ مارس (آذار) 2021.
وتراجع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب بنسبة 1.0 في المائة عن مستواه المسجّل في الشهر السابق، وتراجعت أسعار الأرزّ 2.0 في المائة بفعل الطلب العالمي السلبي عموماً على الواردات، بينما انخفضت أسعار القمح الدولية 1.9 في المائة بفضل الإمدادات الكبيرة من الولايات المتحدة واشتداد المنافسة بين المصدّرين. وفي المقابل، ارتفعت أسعار الحبوب الخشنة بصورة طفيفة، وفي طليعتها أسعار الذرة نتيجة انحسار الإمدادات في الأرجنتين.
وسجّل مؤشر أسعار الزيوت النباتية انخفاضاً 0.7 في المائة، إذ أدّى انخفاض أسعار زيت النخيل العالمية الناجم عن ارتفاع الإنتاج الموسمي وضعف الطلب العالمي إلى التعويض إلى حد كبير عن ارتفاع أسعار زيت الصويا وزيت دوّار الشمس وزيت بذور اللفت. وقد ارتفعت أسعار زيت الصويا مدعومةً بالطلب القوي من قطاع الديزل الأحيائي.
وتراجع مؤشر أسعار السكر 2.2 في المائة، وإن بقي أعلى بنسبة 46.6 في المائة عن مستواه المسجّل في الشهر نفسه من العام الماضي. وكان التراجع مدفوعاً بشكل أساسي بوتيرة الإنتاج القوية في البرازيل، غير أنّ المخاوف بشأن التوقعات بتقلّص الإمدادات العالمية في السنة المقبلة أدّت إلى كبح انخفاض الأسعار.
وسجّل مؤشر أسعار اللحوم تراجعاً 0.6 في المائة في ظلّ ضعف الطلب على الواردات، لا سيما من شرق آسيا، الأمر الذي أدى إلى هبوط الأسعار الدولية للحم الخنزير، ما عوّض بشكل كبير عن الارتفاع البسيط في أسعار لحوم الدواجن والأبقار والأغنام.
وعلى النقيض من ذلك، ارتفع مؤشر أسعار منتجات الألبان 2.2 في المائة، بعد تراجع دام 9 أشهر. فسجّلت الأسعار العالمية للحليب المجفّف الزيادة الأكبر، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع الطلب على استيراد الإمدادات على المديين القصير والطويل، وبعض المخاوف بشأن تأثير الأحوال الجوية الناجمة عن ظاهرة «النينيو» على إنتاج الحليب.
وفي تقرير منفصل عن العرض والطلب على الحبوب، أبقت «الفاو» على توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمي هذا العام عند مستوى مرتفع غير مسبوق يبلغ 2.819 مليار طن متري، بزيادة 0.9 بالمائة عن العام السابق.
كما عُدّلت بعض الأرقام على مستوى البلدان، لا سيما زيادة إنتاج الحبوب الخشنة في الصين ومعظم غرب أفريقيا، وخفض التوقعات بالنسبة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما رُفع إنتاج القمح المتوقع لكل من العراق والولايات المتحدة، فيما خُفّض للاتحاد الأوروبي وكازاخستان.
ومن المتوقع أن يزداد الإنتاج العالمي من الأرز في الفترة 2023/2024 زيادة طفيفة مقارنة بالفترة السابقة. وتشمل التنقيحات الجديدة رفع مستوى الإنتاج الهندي، الأمر الذي يعوّض بشكل أكثر من كافٍ عن العديد من التنقيحات الأخرى، خصوصاً الخفض الإضافي للإنتاج المتوقع في إندونيسيا.