بوتين يقر الانسحاب من معاهدة التجارب النووية... ويتوقع تصعيداً غربياً

سجال روسي - أوكراني حول «انسداد أفق الحرب» و«جمود» خطوط التماس

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع القطاع الاقتصادي في الحكومة الأربعاء (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع القطاع الاقتصادي في الحكومة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

بوتين يقر الانسحاب من معاهدة التجارب النووية... ويتوقع تصعيداً غربياً

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع القطاع الاقتصادي في الحكومة الأربعاء (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع القطاع الاقتصادي في الحكومة الأربعاء (أ.ف.ب)

أكملت روسيا، الخميس، إجراءات انسحابها رسمياً من معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. ووقع الرئيس فلاديمير بوتين قانوناً بهذا الشأن، كان قد مر بالمراحل التمهيدية لإقراره عبر المصادقة في مجلس الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ).

وبذلك يبدأ سريان القانون الجديد مباشرة، بعد أن تم نشره على المنصة الإلكترونية الحكومية، الخاصة بنشر المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي تعد روسيا جزءاً منها. ويطلق التطور أيدي روسيا لاستئناف نشاطاتها على صعيد التجارب النووية، بعدما كانت المعاهدة تلزمها في السابق بإطلاع الشركاء الغربيين على وقف التجارب.

وانطلقت موسكو في موقفها من عدم التزام الأطراف الغربية بالمعاهدة، علماً بأن روسيا وقعت عليها في عام 1996، وصادق البرلمان الروسي عليها في 2000. وكان من المفترض أن تصبح الوثيقة الصك القانوني الدولي الرئيسي لوقف جميع أنواع التجارب النووية. ولكن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ أبداً؛ إذ لم تصادق عليها 8 دول من أصل 44 دولة تمتلك أسلحة نووية أو لديها القدرة على صنعها.

وجاء في المذكرة التي وقعها الرئيس الروسي أن القانون المعتمد يهدف إلى استعادة التكافؤ في الالتزامات في مجال الحد من الأسلحة النووية.

وأعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن سحب التصديق على المعاهدة يجعل الوضع متساوياً في مجال التجارب النووية لموسكو وواشنطن، التي لم تصادق قط على هذه الوثيقة.

إلى ذلك، رجح بوتين تصعيداً غربياً على صعيد شن عمليات تخريبية داخل روسيا. وقال خلال اجتماع حكومي، مساء الأربعاء، أن الغرب قد يلجأ مجدداً إلى «عمليات تخريب واستفزاز ضد المنشآت الحيوية والحساسة في روسيا، بعد أن استنفد قدرته على فرض المزيد من العقوبات على روسيا».

وقال بوتين: «من المهم حساب هذه المخاطر بصورة مسبقة والاستجابة لها بشكل استباقي من أجل ضمان التشغيل الواثق والمستقر لمؤسساتنا وشركاتنا وقوى العمل لدينا، وموثوقية علاقاتنا التجارية الخارجية، وطرقنا اللوجيستية».

جندي أوكراني خلال تدريبات قبل الانتشار على خطوط الجبهة الأربعاء (إ.ب.أ)

في غضون ذلك، برز سجال جديد بين روسيا وأوكرانيا حول آفاق ومجريات الحرب المتواصلة منذ نحو 20 شهراً.

ونفت روسيا، الخميس، صحة تصريحات أطلقها قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني الذي قال إن الصراع العسكري «وصل إلى طريق مسدود». ورد بيسكوف بأن «الوضع الميداني لم يصل إلى أي أفق مسدود، وروسيا تواصل بثبات تنفيذ العملية العسكرية الخاصة. ويتعين تحقيق جميع الأهداف التي وُضعت».

وكان زالوجني قد قال لصحيفة «إيكونوميست»، إن «الوضع الحالي على الجبهات غدا مماثلاً للوضع خلال الحرب العالمية الأولى». وأضاف: «وصلنا إلى مستوى يضعنا أمام طريق مسدود»، مضيفاً: «على الأرجح لن يكون هناك اختراق كبير لأي طرف».

وكانت القوات الأوكرانية أطلقت هجوماً مضاداً واسع النطاق في صيف العام الحالي، لكنها حققت مكاسب محدودة على الأرض.

بدورها، أعلنت القوات الروسية أنها نجحت في تحقيق تقدم محدود للغاية على جبهات القتال.

ورأى زالوجني أن مواقع التمركز للطرفين غدت «ثابتة». وقال: «تنتقل الحرب الآن إلى مرحلة جديدة: ما نسميه في الجيش حرب تموضع للقتال الثابت والتحول إلى عمليات استنزاف طويلة الأمد»، محذراً من أن «جبهات القتال قد تصبح قريباً مشابهة لخنادق الحرب العالمية الأولى».

ورأى القائد العسكري الأوكراني أن «قفزة تكنولوجية فقط يمكن أن تخلق مخرجاً من الوضع الراهن»، في إشارة إلى حاجة بلاده الملحة للحصول على طائرات وأنظمة قتالية أخرى. وقال إن الجمود في ساحة المعركة يساعد روسيا فقط على إعادة بناء قوتها العسكرية.

ووضع شرطين آخرين لتعزيز قدرات أوكرانيا والتخلص من حال «الجمود الحالي»؛ أولهما: تعزيز مجال عمل الطائرات المسيرة الأوكرانية المحسنة التي يجب أن تعوض نقص الطائرات المقاتلة حتى حصول أوكرانيا على دفعات منها. والثاني من وجهة نظره أن «مفتاح النجاح في حرب الطائرات المسيرة هو تحسين الحرب الإلكترونية لتعطيل واعتراض الطائرات الروسية»، معترفاً بأن «روسيا متفوقة في هذا الصدد». وأضاف أن أوكرانيا تحتاج إلى معدات حديثة لإزالة الألغام؛ لأن الجيش الروسي أنشأ أحزمة ألغام يصل عمقها إلى 20 كيلومتراً.

جنود أوكرانيون خلال تدريبات قبل الانتشار على خطوط الجبهة الأربعاء (إ.ب.أ)

في سياق متصل، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية عن مصدر بارز في وزارة الدفاع، أن الوزير سيرغي شويغو وجه القادة العسكريين خلال اجتماع نحو «إيلاء تطوير الخبرات في استخدام الطائرات والزوارق المسيرة اهتماماً خاصاً». وقال المصدر إن شويغو حدد لقادة المناطق العسكرية وأجهزة الإدارة العسكرية «عدداً من المهام» على هذا الصعيد.

وأضاف أن الوزير شويغو لفت الانتباه إلى أنه من الضروري ليس فقط إعداد الخبراء، بل تنسيق تعليمهم مع مصممي الأسلحة والمعدات العسكرية بشكل مباشر.

وذكر المصدر أن شويغو خلال زيارته الأخيرة لأحد مراكز القيادة لمجموعة قوات «الشرق» الروسية في الخطوط الأمامية، تفقد وحدات المسيرات واطلع على سير تنفيذ التوجيهات بشأن تشكيلها وتزويدها بالطائرات المسيرة الهجومية والاستطلاعية.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

لم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن تضطلع بلاده بدور عقب وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا الجنرال الروسي إيغور كيريلوف يتحدّث في مؤتمر صحافي 28 فبراير 2023 (أ.ب)

روسيا تشيع جثمان الجنرال كيريلوف في جنازة عسكرية

شيعت روسيا جثمان الجنرال الروسي إيغور كيريلوف الذي اغتالته أوكرانيا في جنازة عسكرية تزامناً مع شنها هجوماً انتقامياً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

لماذا ينسحب الجيش الأوكراني من مناطق في الشرق؟

كشف الجيش الأوكراني، اليوم (الجمعة)، إن قواته انسحبت من المنطقة المحيطة بقريتي أوسبينيفكا وترودوف في منطقة دونيتسك شرق البلاد لتجنب محاصرتها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجال الإنقاذ وعناصر الشرطة يعملون في موقع الهجوم الصاروخي الروسي بكييف (إ.ب.أ)

قتيل وإصابات في ضربات صاروخية روسية على كييف (صور)

أطلقت روسيا صواريخ باليستية على كييف صباح اليوم (الجمعة)، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة وتضرر أنظمة التدفئة في مئات المباني.

«الشرق الأوسط» (كييف)

شولتس يزور موقع هجوم ماغدبورغ ويؤكد: «سنرد بكل قوة القانون»

المستشار الألماني أولاف شولتس في موقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في موقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (د.ب.أ)
TT

شولتس يزور موقع هجوم ماغدبورغ ويؤكد: «سنرد بكل قوة القانون»

المستشار الألماني أولاف شولتس في موقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في موقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (د.ب.أ)

أدان المستشار الألماني أولاف شولتس الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ، واصفا الحادث بأنه «كارثة رهيبة»، و«جريمة مروعة ووحشية».

وأعرب شولتس عن قلقه بشأن حوالى 40 شخصا أُصيبوا بجروح خطيرة جراء عملية الدهس. وأضاف خلال زيارته لموقع الهجوم اليوم (السبت): «لن نستسلم لأولئك الذين يريدون نشر الكراهية».

المستشار الألماني أولاف شولتس يتحدث لوسائل الإعلام خلال زيارته لموقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (رويترز)

وقال شولتس: «يا له من عمل فظيع أن يصاب ويقتل هذا العدد الكبير من الناس هناك بهذه الوحشية... أصيب ما يقرب من 40 شخصا بجروح خطيرة لدرجة أننا يجب أن نشعر بالقلق الشديد عليهم».

ودعا المستشار الأمة إلى التكاتف ضد الكراهية، وقال شولتس: «سنرد بكل قوة القانون»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

ومن جهته، أعلن رئيس وزراء ولاية ساكسونيا-أنهالت الألمانية راينر هاسيلوف السبت أن حصيلة الهجوم ارتفعت إلى خمسة قتلى وأكثر من 200 جريح.

وأمرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بتنكيس الأعلام في أعلى مباني السلطات الاتحادية بأنحاء البلاد حدادا على أرواح الضحايا.

وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية أنّ سائق السيارة التي دهست حشدا من الناس في السوق هو طبيب سعودي «معاد للإسلام». وخلال مرافقتها المستشار أولاف شولتس لتفقّد موقع الكارثة سأل صحافيون الوزيرة عن دوافع المهاجم الذي أوقفته الشرطة إثر الهجوم، فأجابت بأنّ «الأمر الوحيد» الذي يمكنها تأكيده حاليا «هو أنّه معاد للإسلام»، وذلك استنادا إلى المواقف التي عبّر عنها.

المستشار الألماني أولاف شولتس يتحدث لوسائل الإعلام خلال زيارته لموقع الهجوم الذي وقع في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ (أ.ب)

وصدمت سيارة جمعا من الأشخاص في سوق عيد الميلاد في عاصمة ولاية ساكسونيا-أنهالت مساء أمس. وألقت الشرطة أمس على المشتبه به، وهو طبيب مقيم في مدينة بيرنبورغ، وعمره 50 عاما، وهو يعيش في ألمانيا منذ عام 2006، ويصف نفسه بأنه مسلم سابق.