المعارضة السورية ترفض أي دور مستقبلي للأسد رغم تحول مواقف الغرب

الفصائل المقاتلة تصرّ على استكمال معاركها حتى إسقاط النظام

المعارضة السورية ترفض أي دور مستقبلي للأسد رغم تحول مواقف الغرب
TT

المعارضة السورية ترفض أي دور مستقبلي للأسد رغم تحول مواقف الغرب

المعارضة السورية ترفض أي دور مستقبلي للأسد رغم تحول مواقف الغرب

تصر قوى المعارضة السورية السياسية والعسكرية على رفض أي دور محتمل للرئيس السوري بشار الأسد في تسوية النزاع المستمر في البلاد منذ عام 2011، رغم التحول الذي طرأ على المواقف الغربية تجاه دمشق. ولم يعد مطلب رحيل الأسد والذي تمسكت به عواصم عدة داعمة للمعارضة سابقًا، يشكل شرطًا مسبقًا لأي مفاوضات حول مستقبل سوريا، بعد أن باتت فكرة ضرورة بقاء الأسد في السلطة للتصدي للتنظيمات الجهادية أكثر تداولاً في الأسابيع الأخيرة على وقع التعزيزات العسكرية الروسية إلى دمشق.
لكن قياديين في الفصائل المسلحة والائتلاف السوري المعارض يعتبرون أن بقاء الأسد في الحكم لا يزال من المحظورات. ويقول المتحدث باسم حركة (أحرار الشام الإسلامية) أحمد قرة علي لوكالة الصحافة الفرنسية «بقاء الأسد واستمرار نظامه بمثابة إفشال لأي عملية سياسية». ويضيف: «يدل ذلك أيضًا على الاستهتار بتضحيات الشعب السوري والأهم من ذلك الاستهتار بإرادة الشعب السوري». ويقول الناشط إبراهيم الإدلبي الذي شارك في أولى التحركات الاحتجاجية التي اندلعت ضد نظام الأسد في منتصف مارس (آذار) 2011 «لن نرضى كسوريين ببقاء الأسد في الفترة الانتقالية»، مضيفا: «لا يمكن اعتبار قاتل إرهابي حاميًا وصمام أمان».
وتتمسك المعارضة السورية والفصائل المقاتلة بمطلب رحيل الأسد عن السلطة منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضده، وبمقررات مؤتمر جنيف - 1 الذي عقد عام 2012 ونص أبرز بنوده على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة. ويعني هذا البند وفق المعارضة والقوى الدولية الداعمة لها أنه لا دور محتملاً للأسد في المرحلة الانتقالية، لكن المواقف الدولية الصادرة في الأسابيع الأخيرة بدت أكثر مرونة تجاه مشاركة الأسد في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في سوريا.
ويثير توسع نفوذ تنظيم داعش، على الرغم من الضربات الجوية التي يشنها الائتلاف الدولي ضده، بالإضافة إلى أزمة الهجرة الحادة باتجاه أوروبا، مخاوف المجتمع الدولي.
ويبدو أن الكثير من دول الغرب تنظر إلى الأسد اليوم بوصفه «أهون الشرين» مقارنة مع تنظيم داعش الذي يرتكب جرائم مروعة على غرار قطع الرؤوس والاغتصاب وتدمير الآثار. في المقابل، تعتبر قوى المعارضة أن عدد القتلى السوريين جراء قصف قوات النظام يفوق بكثير عدد قتلى تنظيم داعش. وترى أن استراتيجية النظام لطالما قامت على اعتبار الأسد البديل الوحيد عن المتطرفين.
ويقول مأمون أبو عمر، الناشط ومدير وكالة «شهبا» المحلية في حلب: «لقد كبر تنظيم داعش في سوريا بمباركة من الأسد وتوسع على حساب الثورة والفصائل لا على حساب النظام».
وشكلت التحولات في المواقف بشأن موقع الأسد في المرحلة الانتقالية، لا سيما تلك الصادرة عن الدول الداعمة للمعارضة، مفاجأة للكثير من أعضاء الائتلاف السوري المعارض الذين ينتقدون تردد حلفائهم وانقسامهم.
ويقول القيادي في الائتلاف السوري المعارض سمير نشار لوكالة الصحافة الفرنسية: «ما يدعو للدهشة هو أن إيران وروسيا تقدمان للنظام ومن دون توقف، كل أشكال الدعم سياسيًا وعسكريًا، بينما دخلت مجموعة أصدقاء الشعب السوري في تنافس وصراع على الملف السوري وقوى المعارضة والفصائل». ويضيف: «سبب ذلك إرباكًا وعجزًا عن إظهار موقف مشترك من قضايا حساسة». ميدانيًا، تصر الفصائل المقاتلة على استكمال معاركها حتى إسقاط النظام الذي ترى أنه لا يمكن أن يكون حليفًا في الحرب ضد تنظيم داعش. ويقول المتحدث باسم الجبهة الجنوبية الرائد عصام الريس: «ليس أمامنا إلا أن نعد لعمل عسكري أكبر ونضع مزيدًا من الضغط لإظهار ضعف الأسد وحلفائه»، متسائلاً: «هل يمكن الاعتماد على نظام عاجز عن السيطرة على معابره الحدودية؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.