استمرار الاقتحامات.. ووزير إسرائيلي يطالب بمنع أعضاء الكنيست العرب من دخول الأقصى

النائب طلب أبو عرار لـ«الشرق الأوسط»: ليعد آرئيل وأمثاله من حيث أتوا.. فهم الغرباء

«مرابطات» في القدس يرفعن يافطات ويهتفن بشعارات تندد باعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود على الأقصى (أ.ف.ب)
«مرابطات» في القدس يرفعن يافطات ويهتفن بشعارات تندد باعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود على الأقصى (أ.ف.ب)
TT

استمرار الاقتحامات.. ووزير إسرائيلي يطالب بمنع أعضاء الكنيست العرب من دخول الأقصى

«مرابطات» في القدس يرفعن يافطات ويهتفن بشعارات تندد باعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود على الأقصى (أ.ف.ب)
«مرابطات» في القدس يرفعن يافطات ويهتفن بشعارات تندد باعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود على الأقصى (أ.ف.ب)

شهدت باحات المسجد الأقصى أمس أيضا توترا شديدا، في أعقاب إصرار الشرطة الإسرائيلية على إدخال عشرات المستوطنين. وقد اصطدموا هذه المرة مع عدد من النواب العرب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الذين تصدوا للمستوطنين وحماتهم من ضباط وأفراد الشرطة. فتوجه وزير الزراعة، أوري آرئيل، المستوطن المعروف باقتحاماته للأقصى، والنائب ووزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، بمطلب إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأن يمنع النواب العرب من دخول الأقصى.
وقد رد النائب طلب أبو عرار، وهو من القائمة المشتركة، وكان قد تصدى للمستوطنين أمس مع زميله النائب جمال زحالقة، وقال إنه «لا ينقصنا سوى أن يقرروا لنا الدخول أو عدم الدخول إلى الأقصى». وأضاف، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «ليبرمان قدم من أوكرانيا، وأوري آرئيل لا أدري من أين قدم. فليعد كلاهما من حيث وصل. وأما الأقصى والقدس فهما لنا. ويجب أن يكون واضحا أنهما هما الغريبان في هذا الوطن». واعتبر أبو عرار هذه الدعوة خطيرة ومرفوضة، ولم يستبعد أن ينجرف وراءها نتنياهو.
وقد ساد الهدوء الحذر ساحات المسجد الأقصى، صباح أمس، بعد اعتداءات احتلالية وغليان داخل أسواره وفي محيطه.
وذكر مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني أن العشرات من المستوطنين اقتحموا، صباحا، ساحات المسجد الأقصى من باب المغاربة، تحت حراسة مشددة، بينما فرضت قوات الاحتلال تشديدات وحصارا على بوابات المسجد، وحددت أعمار الرجال المسموح لهم بدخول المسجد بما فوق الخمسين عاما، واحتجزت هويات النساء على البوابات، ومنعت العشرات من النساء من الدخول، ممن سجلت أسماؤهن في القائمة الذهبية، وأغلقت جميع بوابات الأقصى ما عدا ثلاث بوابات هي السلسلة والناظر وحطة.
واستنكر الشيخ الكسواني اقتحام المستوطنين لساحات المسجد الأقصى وحصاره وتحديد أعمار الرجال المتوافدين إليه، ولفت إلى قيام العشرات من موظفي الأوقاف، صباح أمس، بتنظيف آثار التدمير الذي خلفته قوات الاحتلال داخل المسجد القبلي، من زجاج محطم وأخشاب، وتنظيف السجاد من الحروق ومخلفاتها، ورائحة الغاز المسيل للدموع.
أما على صعيد الأبواب المفتوحة، فقد شهد مدخل باب السلسلة توترا شديدا، تزامن مع اقتحام عشرات المستوطنين للمسجد، واستفزاز المستوطنين للمصلين الممنوعين من دخول الأقصى، لدى خروجهم من ساحة حائط البراق. فيما أصر الممنوعون على الوجود عند باب السلسلة، على الرغم من ملاحقتهم من قوات الاحتلال مرات عدة ودفعهم، ومنعهم من البقاء في المكان.
وأجبرت قوات الاحتلال الموجودين عند باب السلسلة على الذهاب إلى شارع الواد ثم باب القطانين، واعتقلت المقدسية عايدة صيداوي، فيما قام أحد المستوطنين برش غاز الفلفل نحو شاب مقدسي خلال مروره بالمكان، مما أدى لفقدانه الوعي ونقله إلى إحدى العيادات القريبة لتلقي العلاج.
ورفع المشاركون شعارات نصرة للمسجد الأقصى، ورددوا الهتافات والتكبيرات.
وعند باب حطة، تعرض العشرات من المصلين للتوقيف والتحقق من هوياتهم، وقامت قوات الاحتلال بإرجاع النساء الممنوعات من الدخول، كما أوقفت شابين من الداخل الفلسطيني ومنعتهما من الوجود عند باب حطة، قبل أن تقتادهما خارج باب الأسباط.
واقتحم ساحات المسجد الأقصى أمس 141 مستوطنا تحت حماية مكثفة من قوات الاحتلال، تزامنا مع دعوات يهودية لاقتحامه وتدنيسه طيلة الأسبوع الحالي الذي يصادف عيد العرش اليهودي.
واعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية، أمس، سبعة مقدسيين من البلدة القديمة وجبل المكبر، وفقا لوكالة «معا» الفلسطينية، التي نقلت عن أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين، قوله «إن قوات الاحتلال اعتقلت أربعة مقدسيين من البلدة القديمة، وهم محمد وشقيقه عبادة نجيب، ورامي الفاخوري، وليث نجيب». وأضافت أن «قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة مقدسيين من قرية جبل المكبر وهم عبد محمد عويسات، ومحمد عطا عويسات، وخالد عليان عويسات». ونقلت الوكالة عن عائلة عويسات قولها «إن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على الشبان أثناء اعتقالهم، وعلى أفراد عائلاتهم».
ويخشى الفلسطينيون محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ حرب 1967 والذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول المسجد الأقصى في أي وقت. والحرم القدسي الشريف، الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين. وبدأ اليهود مساء الأحد الاحتفال بعيد المظلات (سوكوت) الذي يستمر سبعة أيام، ويعد من العطلات التي تدفع عددا أكبر من اليهود إلى التوجه للحرم القدسي.
ويستغل يهود متطرفون سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول السياح الأجانب لزيارة الأقصى عبر باب المغاربة، الذي تسيطر عليه، للدخول إلى باحة الأقصى لممارسة شعائر دينية والإعلان عن أنهم «ينوون بناء الهيكل» على أنقاض المسجد.
وتعترف إسرائيل، التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا تمسكه بالحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى مع التشديد على عدم منع زيارات اليهود للموقع.
من جهة أخرى، توجه وفد من مؤسسات حقوقية فلسطينية أخيرا إلى جنيف، لتقديم شكوى في مجلس حقوق الإنسان، ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المحتلين. وبادرت للزيارة مؤسسة «قدسنا» لحقوق الإنسان، ومركز «ميزان» لحقوق الإنسان، وشارك فيها رئيس المؤسسة المحامي عمر خمايسي، ومديرها المحامي محمد صبحي جبارين، والمحامي الدكتور ضرغام سيف من المؤسسة ذاتها.
خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان للدول الأعضاء، ألقى المحامي ضرغام سيف - مختص بالقانون الدولي وحقوق الإنسان - كلمة الوفد، وبين فيها ممارسات الاحتلال بحق المقدسيين، وانتهاكه لحقوقهم الأساسية، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة الكريمة، وقال «إن إسرائيل تعمل منذ احتلال القدس على تهويدها عن طريق إقامة عشرات المستوطنات والأحياء اليهودية على الأراضي الفلسطينية هناك، وبالتالي التضييق والتهجير القسري لسكانها، مما يؤدي إلى تغيير ديموغرافي مبرمج يضمن فرض أغلبية يهودية ساحقة إلى جانب أقلية فلسطينية مضطهدة ومستضعفة».
وعلى صعيد ممارسات الاحتلال بحق المسجد الأقصى، قال سيف إن إسرائيل تسعى إلى فرض سيادتها الفعلية على المسجد الأقصى وذلك من خلال محاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني بقوة السلاح. وأشار إلى أن السماح لليهود والمستوطنين ومسؤولين في الحكومة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى تحت حماية أمنية وعسكرية مكثفة، بذريعة جولات سياحية أو دينية، هو مسّ صارخ «بالوضع القائم» وبحق المسلمين في المسجد الأقصى، موضحا أن إسرائيل تمادت في المساس بحقوق المصلين وذلك من خلال استهدافهم والاعتداء عليهم جسديا، واعتقالهم وإبعادهم عن مسجدهم، مستغلة بذلك قوانين الطوارئ المجحفة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».