رئيس جمعية علماء بريطانيا لـ «الشرق الأوسط»: لا يحق لطهران الهجوم على السعودية والانغماس في عملية تسييس الحج

رباني: السعودية سخرت جل إمكانياتها لخدمة المسلمين.. ولا تدخر جهدًا في تسهيل أمر حجاج بيت الله الحرام

الشيخ حافظ رباني ({الشرق الاوسط»)
الشيخ حافظ رباني ({الشرق الاوسط»)
TT

رئيس جمعية علماء بريطانيا لـ «الشرق الأوسط»: لا يحق لطهران الهجوم على السعودية والانغماس في عملية تسييس الحج

الشيخ حافظ رباني ({الشرق الاوسط»)
الشيخ حافظ رباني ({الشرق الاوسط»)

قال الشيخ حافظ رباني، رئيس جمعية علماء بريطانيا، إن موسم الحج غالبًا ما يشهد تجاوزات إيرانية عبر حملات ترويج لما يسمونها «الثورة الإيرانية» بين الحجاج ومراسم البراءة من المشركين، فضلا عن محاولات إيرانية دائمة لتحويل مناسبة الحج إلى ساحة سياسية تتحدى فيها خصومها مستغلة بعض حجاجها للصدام مع الحجاج الآخرين وقوات الأمن.
وأضاف رباني الذي أدى الفريضة والعمرة عدة مرات، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «ملف إيران بمواسم الحج يعد بلا مبالغة ملفًا أسود، ولا يحق لطهران الهجوم على السعودية والانغماس في عملية تسييس الحج، خصوصا أن الناس يتذكرون أن إيران هي التي بدأت المظاهرات عام 1986، عندما قامت تجمعات من الحجاج الإيرانيين عصر يوم الجمعة وقبل الحج بيومين بتشكيل مسيرة صاخبة أشاعت الفوضى والاضطراب بين حجاج بيت الله، وأوصدت المسيرة منافذ الطرقات وعرقلت مسالك المرور، وكنت أؤدي الفريضة أيضا في هذا العام والعام الذي يليه كذلك، ومارست قوات الأمن السعودية في ذلك الوقت (ضبط النفس)، ومنعت المواطنين وبقية الحجاج من الاصطدام بالإيرانيين المتظاهرين حرصًا على سلامتهم ودرءًا للشرور، فما كان من الإيرانيين إلا أن هاجموا رجال الأمن بالعصي والمدى والحجارة واعتدوا عليهم، وعندها صدرت الأوامر لسلطات الأمن المختصة بالتصدي للمسيرة فورًا وفضها وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي».
وأوضح رباني أن «الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهذه الفريضة يجب أن تكون خالصة لله تعالى، ولا يجب إقحامها بأمور لا تمت إليها بصلة، ويجب على الحجاج أن يلتزموا بعقيدتهم وأداء نسكهم التي أمرهم بها الله ونبيه صلى الله عليه وسلم». وقال إن الحجاج مطالبون بالابتعاد عن كل ما يعكر صفو موسم الحج، وألا ينساقوا وراء أي أفكار مضللة أو منحرفة تسعى إلى المس بالدين والعقيدة الإسلامية، فالإسلام دين الرحمة والمحبة والمغفرة لا التفرقة أو الإرهاب. وأكد رباني أنه «على الحاج إبلاغ الجهات السعودية ذات العلاقة بأي شيء يراه يمس بأمن وسلامة الحجيج حرصا على سلامته وسلامة الحجاج وأمنهم وراحتهم، وأمنياتي لضيوف الرحمن أن يتمكنوا من أداء مشاعرهم بكل يسر وسهولة، وأتمنى لهم حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا وعودا حميدا إلى وطنهم وديارهم».
وأضاف أن «حكومة خادم الحرمين الشريفين ظلت تبذل كل الجهود المكثفة لاستضافة حجاج بيت الله الحرام وتقديم أفضل الخدمات التي تمكنهم من أداء شعائرهم باطمئنان». وأفاد بأن «ضيوف الرحمن يلقون اهتماما كبيرا من قبل الجهات المعنية بخدمات تفوق الخيال، وآمل أن تتواصل هذه الخدمات حتى يتمكن جميع الحجاج من أداء فريضة الحج بسهولة ويسر ومن ثم يعودوا إلى بلدانهم فرحين بحجهم».
وأكد أن السعودية دأبت منذ قيامها على تسخير جل إمكانياتها لخدمة المسلمين في شتى بقاع الأرض، وهي لا تدخر جهدا في تيسير وتسهيل أمر حجاج بيت الله الحرام. وقال إن «ما أنجزته حكومة خادم الحرمين الشريفين من مشاريع ضخمة في مواقع المشاعر المقدسة يعد محل فخر واعتزاز لجميع المسلمين، وإنه في كل موسم من مواسم الحج تسير الخدمات المقدمة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجاج ليس من حسن إلى أحسن فحسب في جميع القطاعات بل أفضل وأفضل. وفي كل موسم حج تبذل الحكومة السعودية جهودا ملحوظة خلال العام لتذليل كل الصعاب وتجنب السلبيات الماضية إن وجدت، لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بكل يسر وراحة».
وبالنسبة لمشروع توسعة الحرمين الشريفين وشق العديد من الطرقات الحديثة والأنفاق من الأعمال الضخمة التي أسهمت بفاعلية في نفرة الحجيج وتيسير كل مشاعرهم، قال رباني: «لقد رأيت بنفسي التطور والارتقاء والتحسن في خدمات ضيوف الرحمن والمشاعر المقدسة عدة مرات بدءا من عام 1980 ميلاديا إلى يومنا هذا». وشدد الشيخ رباني على أنه «يتوجب على كل بلد أن يقدم التوعية والإرشاد لحجاجه بضرورة إخلاص النية في الحج والالتزام بتعاليم ديننا الحنيف وعقيدتنا السمحة بعيدا عن الغلو والتطرف الذي نهى عنه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة». وتمنى أن يوفق الله حكومة خادم الحرمين الشريفين ويشد من أزرها لتواصل مسيرة الخير والعطاء لما فيه خير ورفعة الإسلام والمسلمين.
من جهته، قال الشيخ الدكتور محمد الشرقاوي، رئيس الكلية الأزهرية في شرق لندن، العائد من الحج أول من أمس، إن حادث التدافع الذي أدى إلى وفاة أكثر من 700 حاج حدث بعد أدائه مع ابنه الحاج أحمد رمية العقبة بساعتين. وقال إن السعودية مشهود لها بحسن التنظيم في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، مؤكدا على أن «قدرات السعودية في تنظيم الشعيرة وتميزها في استضافة الحجاج، لا يدركهما إلا من رآهما رأي العين أمامه على أرض الواقع في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة». وقال إن هذا العام تميز بالحضور والوجود الأمني في كل مكان من القوات السعودية المسؤولة عن تسيير وتسهيل أداء الشعيرة.
وطالب د.الشرقاوي بضرورة وضع دورات تدريبية للحجاج في الدول الإسلامية قبل القدوم إلى المشاعر المقدسة، والربط بين حضور الدورات والحصول على تأشيرة دخول للسعودية من أجل أداء الركن الخامس. وقال إن الدورات التدريبية يجب أن تشمل سلوكيات وأخلاق الحج وكيفية التعامل مع الآخر.
وأضاف أن الدورات التدريبية يجب أن تكون عن تأدية مناسك الحج على الوجه الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لينال الحاج بذلك محبة الله ومغفرته، مستشهدا بقوله تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ».



ستارمر يطلق حسابه على تيك توك رغم حظر التطبيق على الأجهزة الحكومية

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)
TT

ستارمر يطلق حسابه على تيك توك رغم حظر التطبيق على الأجهزة الحكومية

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب)

أطلق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاثنين حسابه على تيك توك رغم حظر التطبيق على الأجهزة الحكومية، في محاولة للتواصل مع الناخبين الأصغر سنا.

وقال ناطق باسم مكتبه إن «إجراءات أمنية مشددة» فُعِّلت لحساب رئيس الوزراء على التطبيق. وقال ستارمر في أول مقطع فيديو ينشره على تيك توك ظهر فيه مع زوجته يضيئان شجرة الميلاد في داونينغ ستريت «تيك توك، تابعوني».

ونشر ستارمر فيديو آخر يظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يعانقه خارج مقر إقامته، قبل أن ينضما إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لإجراء محادثات بشأن مقترحات لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وفي مارس (آذار) 2023، حظرت لندن استخدام تيك توك على الأجهزة الحكومية بسبب مخاوف تتعلق بأمن البيانات مرتبطة بالشركة الصينية الأم لتطبيق مشاركة الفيديو الشهير «بايت دانس». وقبل هذا الحظر، أطلق حساب رسمي لرئاسة الوزراء البريطانية باسم «10 داونينغ ستريت» في مايو (أيار) 2022 عندما كان بوريس جونسون رئيسا للوزراء، لكنه توقف عن نشر مقاطع الفيديو بعد ثلاثة أشهر.

وأوضح الناطق باسم ستارمر أن «القيود المفروضة على استخدام التطبيق على معظم الأجهزة الحكومية ما زالت سارية ولا توجد تغييرات في سياستنا الأمنية في ما يخص بتيك توك». وينظر إلى هذه الخطوة على أنها أحدث محاولة من جانب ستارمر للتواصل بشكل مباشر مع الناخبين، فيما يعاني وحكومته انخفاضا متواصلا في الشعبية.


الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
TT

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)
زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)

أبدى حلفاء أوكرانيا الأوروبيون دعمهم للرئيس فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إذ عبروا عن شكوك بشأن أجزاء من مقترح أميركي لإنهاء الحرب مع روسيا.

التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس زيلينسكي لنحو ساعتين تقريباً، بعد أن اتهمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه لم يطلع على مقترحه الأخير لإنهاء النزاع مع روسيا والذي لم تُكشف تفاصيله بعد.

وفي مستهل الاجتماع عبر ميرتس عن «شكوكه» تجاه «بعض التفاصيل التي نراها في الوثائق الواردة من الولايات المتحدة»، من دون أن يحدد ما هي الوثائق التي يشير إليها.

واتخذ ماكرون على ما يبدو الموقف نفسه، إذ قال إن «المسألة الرئيسية» تكمن في «تقريب مواقفنا المشتركة، بين الأوروبيين والأوكرانيين، والولايات المتحدة».

وأضاف نظيره الأوكراني: «هناك أمور معينة لا يمكننا إدارتها من دون الأميركيين، وبعض الأمور لا يمكننا إدارتها من دون أوروبا، ولهذا السبب يتعين علينا اتخاذ قرارات مهمة». وبعد لندن، ينتقل زيلينسكي إلى بروكسل حيث يلتقي مسؤولين في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

قبل الاجتماع صرح كير ستارمر الإثنين لقناة «آي تي في نيوز»: «لن أمارس ضغطاً على الرئيس» زيلينسكي، مضيفاً أن «الأهم هو التوصل إلى وقف الأعمال العسكرية، آمل أن يحصل ذلك، وأن يتم في شكل عادل ومستدام، وهذا ما سنركز عليه بعد ظهر اليوم».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل 10 داوننغ ستريت (أ.ف.ب)

مسألة الأراضي

قبل محادثات لندن أفاد مسؤول أوكراني رفيع المستوى «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّ مسألة الأراضي لا تزال «الأكثر تعقيداً»، إذ تطالب موسكو بانسحاب القوات الأوكرانية من بعض المناطق التي ما زالت تسيطر عليها.

وتريد روسيا التي تسيطر على الجزء الأكبر من دونباس، السيطرة على كامل هذه المنطقة، وهو مطلب رفضته كييف مراراً.

كان من المفترض أن تتم أيضا في لندن مناقشة مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتمويل أوكرانيا. وصرح مسؤول بريطاني الاثنين بأنه «يأمل في تحقيق تقدم قريباً» في هذا الشأن، إذ تأمل دول الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق خلال القمة الأوروبية القادمة يومي 18 و19 ديسمبر (كانون الأول).

ترمب يشعر بخيبة أمل

في الوقت نفسه، يُتوقَّع أن تزور وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر واشنطن للقاء نظيرها ماركو روبيو، في إطار جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا التي اندلعت إثر الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022.

وأعلن زيلينسكي السبت أنه أجرى مكالمة هاتفية «جوهرية وبناءة» مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ومفاوضيه الذين أجروا محادثات في فلوريدا من الخميس إلى السبت.

ومنذ طرح الخطة الأميركية التي اعتبرت مراعية لروسيا قبل ثلاثة أسابيع، تسعى القوى الأوروبية المتحالفة مع كييف إلى إيصال صوتها.

وعقب اجتماع عُقد في جنيف نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي الموفدين الأميركيين ويتكوف وكوشنر.

وتحدث الكرملين عن بعض التقدم، رغم أنّ «الكثير من العمل» لا يزال مطلوباً.

ورداً على سؤال خلال احتفال أقيم في واشنطن مساء الأحد، انتقد ترمب الذي يبعث بإشارات مُتضاربة إلى زيلينسكي، نظيره الأوكراني لعدم «اطلاعه» على خطته.

وقال ترمب: «تحدثت مع الرئيس بوتين ومع القادة الأوكرانيين... بمن فيهم زيلينسكي... ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد».

وأضاف الملياردير الجمهوري الذي يتقرّب من موسكو منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل نحو عام: «إنّ ذلك يُناسب روسيا، أعتقد أن روسيا تُفضّل أن تأخذ البلد بأكمله»، لكنني «لست متأكداً من أنّ ذلك يُناسب زيلينسكي».

ميدانياً في أوكرانيا، أصيب تسعة أشخاص في ضربات نُسبت إلى روسيا ليل الأحد الاثنين؛ سبعة في منطقة سومي (شمال شرق) واثنان في تشيرنيهيف (شمال).


«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)

أعلن مصدر رئاسي فرنسي رفيع المستوى أن اجتماع قادة «الترويكا الأوروبية» (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في لندن، بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والاجتماع اللاحق بين القادة الثلاثة والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «غرضهما الأساسي، في المرحلة الراهنة، التوافق حول موقف أوروبي ــ أوكراني بحيث يشكل أساساً صلباً يمكن على أساسه التفاوض مع الأميركيين». ولبناء هذا الموقف، يحتاج الأوروبيون الذين استُبعدوا من المفاوضات الأخيرة بخصوص الحرب في أوكرانيا «أن يكونوا على دراية بدقائق مكونات التفاوض من أجل بلورة موقف يتمسك بالأساسيات، وأولها حق الأوكرانيين في اختيار مصيرهم، وتحديد معايير اتفاق سلام ممكن مع روسيا».

وبينما ترى «الترويكا الأوروبية» أن خيارات الإدارة الأميركية تميل بوضوح إلى جانب موسكو، فإن الأوروبيين عازمون على استخدام «كافة الأدوات المتاحة لهم من الدعم المالي والدعم العسكري من خلال (تحالف الراغبين)، المفترض به أن يصب في خدمة الهدف نفسه؛ أي تمكين أوكرانيا من استعادة حقوقها وتحديد مستقبلها، والدخول في مفاوضات مع روسيا من موقع قوة بحيث تتمكن من حماية مصالحها».

وترى باريس أن الطريق الأسلم للمفاوضات هو «أن يسمع الأميركيون من الطرف الأوكراني ما هو ممكن بالنسبة إليهم، وما هو غير الممكن. ومتى تبيّن لهم ذلك، فإن الأساس بعده أن يعمل الأميركيون على انتزاع التزامات من الجانب الروسي بحيث يصبح التفاوض ممكناً، ما سيسمح بإرساء وقفٍ لإطلاق النار والسعي إلى اتفاق يتحلى بالمصداقية». ولا يتوقف الدور الأوروبي كما تنظر إليه باريس عند هذا الحد. ففرنسا ترى أن العملية «ما زالت في بدايتها». وما تعنيه بذلك أن العمل التمهيدي والرغبة الأميركية في فرض حل على كييف ما زالا مبكرين، ومن واجب الأوروبيين الذين يوفرون لأوكرانيا مروحة واسعة من الدعم متعدد الأشكال «التأكد من أن مصالح أوكرانيا ومصالح أوروبا مجتمعَة - وهما متلازمتان - تؤخذ فعلاً في الاعتبار في إطار المفاوضات بين الطرفين الأميركي والروسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستقبِلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مدخل «10 داوننغ ستريت» الاثنين (أ.ف.ب)

لا يفصل الأوروبيون بين أمنهم الخاص وأمن أوكرانيا المستقبلي. ويريد الأوروبيون، وفق المصدر الرئاسي الفرنسي، أن تتوافر لديهم «رؤية مستقبلية» بخصوص أمن القارة الأوروبية. وما يجعل الأمور أكثر إلحاحاً هو تفاقم مخاوفهم من مضمون الوثيقة الاستراتيجية الأمنية الأميركية التي تهاجم أوروبا، ولا تحمل التزاماً أميركياً بأمنها. ولا يعرف الأوروبيون حقيقة مدى التزام واشنطن بما صرح به وزير الخارجية ماركو روبيو بشأن استعداد الإدارة الأميركية لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، والتي تشكل حجر الأساس لقبولها السير باتفاق مع روسيا. وكشف المصدر الفرنسي أن روبيو تحدث بالإيجاب بمناسبة مشاركته للمرة الأولى في اجتماع «تحالف الراغبين» بداية الأسبوع الماضي بدعوة من الرئيس الفرنسي. ووفق المصدر الرئاسي، فإن روبيو أفاد بأن الولايات المتحدة ستبدأ في التخطيط مع «تحالف الراغبين»، وبالتالي ستنخرط في عمل مشترك لـ«وضع تعريف للضمانات الأمنية».

وتعد مسألة الضمانات (وهي الغرض الأساسي من إنشاء «تحالف الراغبين») حيوية بالنسبة لكييف التي ترى فيها «بوليصة تأمين» وظيفتها منع أي اعتداءات روسية مستقبلية عليها. وحتى اليوم، ورغم الإصرار الأوكراني - الأوروبي، لم تكشف الإدارة الأميركية بشكل واضح عما تستطيع توفيره من ضمانات، علماً أن الدول المستعدة لتوفير عناصر عسكرية لـ«قوة الطمأنة» الأوروبية المفترض أن تنتشر خلف خطوط وقف إطلاق النار بعد توقفه، تربط مشاركتها بتوافر الضمانات الأميركية.

وعصراً، قال قصر الإليزيه إن اجتماع «الترويكا» مع الرئيس زيلينسكي «أتاح مواصلة العمل المشترك بشأن الخطة الأميركية بهدف استكمالها بالمساهمات الأوروبية، وبالتنسيق الوثيق مع أوكرانيا»، مضيفاً أن «مستشاري الأمن القومي للأطراف الأربعة يواصلون استكمال العمل» تمهيداً للقاءات لاحقة مع نظرائهم الأميركيين لغرض «تعزيز التقارب» بين الجانبين. كذلك يتم العمل على الضمانات الأمنية لأوكرانيا وإعادة إعمارها. وبعد لندن، يتوجّه زيلينسكي إلى بروكسل للقاء أمين عام الحلف الأطلسي مارك روتيه، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)

وكان زيلينسكي قد أشار إلى أن المفاوضين الذين يناقشون مبادرة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة ما زالوا منقسمين بشأن مسألة الأراضي.

وأوضح زيلينسكي، في مقابلة هاتفية مع وكالة «بلومبرغ»، أن بعض عناصر الخطة الأميركية يتطلب مزيداً من النقاش حول عدد من «القضايا الحساسة»، بما في ذلك الضمانات الأمنية للبلاد التي أنهكتها الحرب، والسيطرة على شرق البلاد. وأضاف: «هناك رؤى مختلفة للولايات المتحدة، وروسيا، وأوكرانيا، ولا توجد وجهة نظر موحدة بشأن دونباس»، مشيراً إلى أن كييف تضغط من أجل اتفاق منفصل يتعلق بالضمانات الأمنية من الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

الأصول الروسية

وفي سياق آخر، عبّر المصدر الرئاسي عن «ثقته» بقدرة الاتحاد الأوروبي على التوصل إلى تفاهم بالنسبة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» البلجيكية، والتي يريد الأوروبيون توظيفها لدعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً. وبحسب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فإن الاتحاد يرغب في الحصول على تسعين مليار يورو من الأصول تقدم في إطار قروض لكييف للعامين 2026 و2027 لدعم مجهودها العسكري وماليتها. ويُنتظر أن تُبت هذه المسألة في اجتماع القادة الأوروبيين يومَي 18 و19 من الشهر الحالي. لكن الجانب الروسي هدد بتدابير عقابية في حال الاستيلاء على جانب من هذه الأصول الموضوعة في مؤسسات مالية أوروبية وأميركية، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 210 مليارات يورو. وسبق للاتحاد الأوروبي أن بدأ باستخدام فوائد هذه الأصول لدعم كييف. لكن مع توقف المساعدات الأميركية، لا يجد الأوروبيون بديلاً عن خيار اللجوء إلى الأصول الروسية للاستجابة لحاجات أوكرانيا المقدرة بـ135 مليار يورو للعامين القادمين.