إبراهيم عبد المجيد.. يتذكر رحلته مع الكتابة وطقوسها المحببة إليه

صاحب «لا أحد ينام في الإسكندرية» و«بيت الياسمين»

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد
TT

إبراهيم عبد المجيد.. يتذكر رحلته مع الكتابة وطقوسها المحببة إليه

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

يتذكر الكاتب الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد رحلته مع الكتابة، ويقول: عندما كنت صغيرًا، كانت قدرتي الشرائية محدودة، فكنت ألجأ لمكتبة المدرسة والمكتبات العامة ثم مكتبة الجامعة. أذكر عم سيد. كان بائع صحف في منطقة محطة الرمل بالإسكندرية، وكنت أستعير منه الكتب وأقرأها، في مقابل مادي بسيط يقل كثيرًا عن ثمن الشراء. كانت هناك كتب زهيدة الثمن مثل سلسلة اقرأ التي كانت تباع بقرش واحد، وكانت هناك كتب غالية الثمن، مثل أعمال دستويفسكي التي كانت تباع بـ75 قرشًا وهو مبلغ كبير آنذاك.
وبعد أن تخرجت في الجامعة، بدأت في تكوين مكتبتي التي بلغت في بعض الأوقات نحو 6 آلاف كتاب، ثم بدأت في توزيع الكتب على أصدقائي ومعارفي، قبل أن أغادر الإسكندرية للقاهرة، فقد قرأتها، وعلى الآخرين أن يستفيدوا منها.
بعد أن استقررت في القاهرة، كان سور الأزبكية (أشهر أسواق بيع الكتب القديمة والمستعملة بالقاهرة) أحد المصادر الهامة للشراء، واشتريت الكثير منه، لكن المشكلة كانت في تلك الفترة أنني كنت أعزب، وكثير التنقل، فضاعت منى الكثير من الكتب.
أصبحت الآن أحتفظ بعدد قليل من أمهات الكتب، أو الكتب الموقعة بإهداءات، أما أغلب الكتب التي أشتريها أو يتم إهداؤها لي من دور النشر، فأتبرع بها لبعض المدارس أو لأعمال الخير.
وعن الكتب التي تركت صدى في ذاكرته وحزن على فقدها، يقول: هناك كتاب اسمه «الحب في الغرب» لكاتب فرنسي اسمه «دينيه دي رجموه»، استعرض فيه أشهر قصص الحب في الغرب، وكتاب آخر للشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف اسمه «داغستان بلدي» ويتناول فيه بأسلوب شيق سيرته وتجربته ووصفه لبلده، وكتاب ثالث هو مذكرات «لويس مانويل» المخرج الإسباني السيريالي.
وعن الكتب التي يعود إلى قراءتها من وقت لآخر، يقول: في مقدمتها أعمال دستويفسكي، وأحب أن أقلب صفحاتها في الشتاء مستعيدًا زمن قراءتي الأول لها، وكتاب «الفصول والغايات» لأبي العلاء المعري، وهو من الكتب الصعبة، لكنني أستمتع بالموسيقى في عباراته، ولا أقرأ الهوامش التي تشرحه. أيضًا رواية «صحراء التتار» لدينو بوتراتزي، وهى رواية غيرت في روحي وذاكرتي الروائية الكثير، هي رواية انتظار ما لا يجيء.
وحول ما إذا كان ثمة طقوس أو عادات خاصة يحرص عليها في لحظة الكتابة، يقول: أكتب من الثانية عشرة مساء حتى الخامسة صباحًا، على ضوء أبيض، ومؤشر الراديو على البرنامج الموسيقي لا يتغير منذ 30 عامًا، وأحيانًا أستمع لإذاعة الأغاني، فأكتب على صوت أم كلثوم أو محمد عبد الوهاب، ولا أكتب إلا في غرفة مكتبي وحولي الكتب. أكتب بقلم فلوماستر، في دفتر من القطع الكبير، مسطر، أكتب في الصفحة اليسرى، وأصحح في الصفحة اليمنى. بعد أن انتهى من الكتابة، أعيد كتابتها في دفتر جديد، وأحيانا أعيد كتابة الرواية أربع أو ست مرات، حسب بناء الرواية.
وحول القيمة التي تمثلها الكتابة لديه، يقول: الكتابة بالنسبة لي موضوع قدري، ليس هناك من يقرر أن يصبح كاتبًا، ولا أحد يقرر أن يصنع كاتبًا، لكن الظروف أحيانًا تضعك في شكل معين لتكتشف أنك تحب أن تقرأ أو تكتب. داخل كل إنسان، هناك جينات وعناصر من كل المواهب، مشروع عالم، أديب، ضابط، مجرم، موسيقار.. إلخ. لكن الظروف قد تفتح المجال لموهبة بعينها، وفى ظرف زماني ومكاني معين، تظهر موهبة ما وتخمد بقية المواهب الأخرى. بالنسبة لي ظروفي كانت جيدة ومناسبة لمشروع أديب على المستوى العام والخاص؛ ففي أوائل الخمسينات من القرن الماضي، حينما كنت في المدرسة الابتدائية وهى بالمناسبة مدرسة حكومية، حيث كانت المدارس الخاصة هي مدارس الجاليات الأجنبية، كانت هناك جماعة للشعر، جماعة للموسيقى، جماعة للخطابة، جماعة للجوالة، وغيرها من الأنشطة. وقد ساهمت هذه الجماعات في صقل موهبتي ومواهب الكثيرين غيري.
من هنا، أستطيع أن أقول إن المدرسة والسينما وحكايات الغرباء هم ثالوث الإغواء في مسيرتي الأدبية: أدين بالفضل لمدرس اللغة العربية حينما كنا في الصف الرابع الابتدائي، وأتذكر اسمه جيدًا، هو الأستاذ حسَّان، هذا الأستاذ المحترم، كان يدخل الفصل، ومعه جريدة الأهرام، أو الأخبار، ويقرأ لنا المقالات، ويعرفنا بكُتَّابها، فهذا مقال لمصطفى أمين، وهذا لطه حسين، رغم أن أعمارنا لم تتجاوز العاشرة، الأمر الذي شجعنا على شراء الجرائد، وكان ثمن الجريدة نصف قرش، فكنت أشتري يومًا بمصروفي اليومي، ويومًا آخر أشترى (سندوتش) أو حلويات.
المدرسة أيضًا أتاحت لي قراءة الكتب، فقد كانت هناك حصتان أسبوعيًا مدتهما ساعتان، يختار فيها كل تلميذ كتابًا يقرأه؛ في الساعة الأولى تتم القراءة الحرة، وفى الساعة الثانية يحكي كل تلميذ للآخرين ما استوعبه، ويعلق المدرس على ما قرأه التلاميذ، ومن هنا جاء الحكي، لقد أحببت القصص التاريخية لمحمد فريد أبو حديد، وقصص الأطفال لكامل كيلاني. الحكي له مصدر آخر مهم، تأثرت به جدًا، فأنا من حي شعبي بمدينة الإسكندرية، اسمه حي كرموز، وهو حي به الكثير من الغرباء، وهؤلاء لديهم الكثير من الحكايات التي لا تنتهي. هناك مجلس الرجال، وأيضًا مجلس الأمهات، الجميع يحكون الحكايات الغريبة.
يتابع صاحب «لا أحد ينام في الإسكندرية» رحلته مع الكتابة، قائلاً: أتاحت المدرسة لي الولوج إلى عالم جديد هو عالم السينما مرتين كل شهر. كانت المدرسة تنظم رحلة يوم الجمعة لسينما من سينمات الدرجة الثانية، اشتراكها كان 3 قروش، وهو اشتراك زهيد الثمن بالنسبة لمعظم الأسر، وكان الاشتراك يشمل الانتقالات ووجبة وتذكرة السينما التي يبلغ ثمنها أصلاً 10 قروش، فهي رحلة مدعومة من المدرسة. السينما تعني الخيال، وحين كبرت قليلاً، كنت بعد أن أشاهد الفيلم، أبحث عن الرواية التي تناولها، مثل رواية «الإخوة كرامازوف» أو «الإلياذة» أو «الأوديسة». لذلك لو لم أكن كاتبًا، لكنت مؤرخًا سينمائيًا، ولا أبالغ إن قلت إنني في تلك الفترة كنت تقريبًا شبه مقيم في السينما، فكنت بعد المدرسة أذهب بصفة شبه يومية لحفلة الساعة الثالثة. كنت أدخل في تحد مع الزملاء على من يذكر اسم مائة فيلم، وبالفعل كنت أنجح في ذلك.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.