شاشة الناقد: Durso Uzala****

« درسو أوزالا»‪أليتيير 41 ‬
« درسو أوزالا»‪أليتيير 41 ‬
TT

شاشة الناقد: Durso Uzala****

« درسو أوزالا»‪أليتيير 41 ‬
« درسو أوزالا»‪أليتيير 41 ‬

مرّت 25 سنة على وفاة المخرج الياباني أكيرا كوراساوا عن 88 سنة. خلال سنواته حقق 26 فيلماً معظمها من أهم ما أنتجته السينما اليابانية.

Durso Uzala****

تحفة صغيرة لمخرج كبير | اليابان/ الاتحاد السوفييتي | 1975

في 22 ديسمبر (كانون الأول) 1971، حاول أكيرا كوروساوا الانتحار بقطع شرايين يده بعدما بات يعاني من البطالة، كانت مشاريعه الأخيرة قبل ذلك التاريخ قد فشلت وخسر مطلق الحرية على فيلم «دودسكا دن»، واضطر إلى تحقيق فيلم تلفزيوني على عكس رغبته، ومن ثَمّ وجد نفسه بلا تمويل لأيّ من مشاريعه، بعد محاولته أنقذه روس الاتحاد السوفياتي (حينها) من محنته وموّلوا له هذا الفيلم الذي عُرض لاحقاً في مهرجان «كان».

درسو أوزالا (ماكسيم منزوكي) رجل عجوز وقصير القامة ينتمي إلى مواطني شرق سيبيريا. بعد أن فقد عائلته بسبب وباء الجدري، عاش في غابات سيبيريا وبات يعرف طرقها ويتعايش مع طبيعتها كما لا يوازيه أحد. تبعث الحكومة الروسية بخبير مسح الأراضي أرسينوف (يورلي سولمِن) إلى المنطقة ويتذكر صديقه درسو فيلتقي به. في البداية، يسخر أرسينوف وفريقه من درسو وآرائه في الطبيعة، لكنه سريعاً ما يدرك أن هذا العجوز يدرك ما لا يُدرّس في المدينة من معلومات وحقائق حول كل شيء في الطبيعة، فتتغير نظرته إليه، خصوصاً بعد أن ينقذ درسو حياته عندما تهب عاصفة ثلجية فيبادرا للاحتماء بخيمة من الأعشاب شيّداها، بإشراف درسو، قبيل بلوغ العاصفة ذروتها. يصر أرسينوف على نقل درسو إلى المدينة للعناية به، حيث سيحل ضيفاً في منزله، لكنه يدرك بعد حين أنه أخطأ حيال رجل لا يمكن أن يعيش بعيداً عن بيئته. وحين يعود درسو إلى الغابة يكتشف أنه بدأ يفقد بصره، بعدما تصدّى لنمر وأطلق عليه النار وجرحه مما جعل النمر أكثر خطورة وتوحشاً.

هذا فيلم شعري وإنساني وحزين عن حياة رجل من الطبيعة مثله مثل شجرة أو طير أو مثل ماء النهر. رجل حكيم يعرف أكثر مما يعرف أبناء المدن عن الحياة ويقدر حياة كل شيء من حوله، عادَّاً نفسه امتداداً له. كذلك الفيلم هو الوحيد لكوروساوا غير الناطق باليابانية.

* متوفر على أسطوانات.

‪ Yujimbo‬***

ساموراي بلا عمل ومدينة بلا أمان | اليابان | 1961

هناك نظرة خاطئة انتشرت بعد سنوات قليلة من إنتاج «يوجيمبو»، مفادها أن كوروساوا عمد إلى فيلم وسترن ياباني. القصّة قد تقع في أي مكان آخر غير اليابان. هذا صحيح، كان معجباً بالثقافة الغربية، وهذا صحيح أيضاً، لكن الفيلم بحد ذاته ياباني حتى النخاع.

ما تسبب في انتشار هذا المفهوم هو أن المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني حقّق القصّة الواردة نفسها إلى فيلم وسترن سباغيتي تحت عنوان «قبضة من المال» (Fistful of Dollars) وهو فعل ذلك سنة 1964 من دون ترخيص أو شراء حقوق (لاحقاً ما توصّل إلى تسوية القضية مادياً). بذلك الاقتباس أخذ البعض يتحدث عن أن «يوجيمبو» نفسه يحمل روح الوسترن والبعض لقّب الفيلم بذلك فعلاً.

(يوجيمبو (يانوس فيلمز

لكن «يوجيمبو» فيلم ياباني مائة في المائة ليس كقصّة فقط، بل كذلك روحاً وتاريخاً وثقافة. يدور حول «رونين» (لقب مُنح في القرن التاسع عشر حيث تدور الأحداث، إلى الساموراي العاطل عن العمل أو بلا سيد) يصل إلى بلدة صغيرة تتنازع السيطرة عليها عصابتان، واحدة تتاجر بالرقيق والأخرى بالكحول ويقودها متزعم لديه محاربون أشدّاء. يدرك الساموراي سانجورو (توجير مفيوني) فيسعى ليكون محارباً أجيراً لمن يدفع أكثر. في البداية يذهب إلى إحدى العصابتين فيقتل ثلاثة من أفرادها ليبرهن صلاحيّته، ومن ثَمّ يسترق السمع لزوجة رئيس تلك العصابة، وهي تقترح على زوجها الاستعانة به إلى أن يتم القضاء على العصابة المناوئة «بعد ذلك تقتله». هنا ينقلب سانجورو ليعمل لصالح العصابة الأخرى، هذا قبل أن يقرر التوقف عن الانتقال من واحدة لأخرى.

أحد الأمور المهمّة في هذا الفيلم هو إدراك سانجورو بأنه قد يخسر النزال، فأحد رجال العصابة مسلح بمسدس عوضاً عن السيف، ولن يستطيع سانجورو فعل شيء حيال هذا الأمر إذا ما وقعت المبارزة بينهما.

هذا مهم لأن أكثر من فيلم لكوروساوا (بينها «الساموراي السبعة» و«كاغيموشا») يتحدّث عن ذلك الخطر الداهم، ومن ورائه الإشارة إلى مدنية قادمة بأسلحة أكثر فتكاً.

* متوفر على أسطوانات.

‪ ‬****Seven Samurai

| اليابان | 1954

استبدل كورساوا لتحقيق هذا الفيلم سيناريو كُتب سابقاً مفاده قيام محارب ساموراي بالتصدّي لعصابة تغير على أبرياء وتعتدي عليهم وتسرق محاصيلهم الزراعية. ذلك السيناريو ينتهي بانتحار الساموراي في النهاية. تردد كوروساوا حيال الموضوع وتناقش مع المنتج سوجيرو ماتوكي، الذي اقترح رفع العدد إلى أكثر من محارب واحد، وأخطره بأن الفكرة الأساسية ليست بعيدة عن الواقع كون محاربي الساموراي في سابق العصر والأوان كانوا بالفعل يذودون عن المظلومين وأهالي القرى ضد غزو العصابات.

هذه هي النواة التي ألهبت مخيلة المخرج وتحمّس لها منصرفاً لكتابة ملف لكل من الشخصيات السبع، التي ستقود البطولة، بكل التفاصيل من خلفيات وسلوكيات وصولاً إلى الملابس التي سيرتدونها.

الحكاية ملهمة: قرية تعاني من ظلم عصابة كبيرة تغير عليها في كل موسم حصاد قمح وتسلبها المحصول وتهدد سلامة شيوخها وبناتها. تحتار القرية فيما تفعل إلى أن ينصحها كبيرها بالبحث عن ساموراي بلا عمل يدافع عنها. يهتدي الباحثون إلى المحارب كامباي (تاكيشي شيمورا) ويطلبون منه الدفاع عن قريتهم مقابل توفير الطعام. ينضم إليه كاتسوشيرو (إيساو كيمورا)، وشيشيرويجي (ديزوكي يوشيو)، وغوروباي (يوشيو إينابا)، وهيشاشي (مينورو شايكي)، وكيوزو (سيجي مياغوشي)، وكيكوشيو (توشيرو مفيوني).

«الساموراي السبعة» (توهو كومباني)

بنزوح هؤلاء السبعة إلى القرية ودراسة وضعها الجغرافي تبدأ عملية إعداد الأهالي المرتعدين خوفاً للمشاركة في الدفاع عن قريتهم. يمضي كوروساوا وقتاً ثميناً في تصوير هذه المواقف، والعناية بدوافعها، منتقداً خبث بعض أهل القرية وعدم التفافهم حول مبدأ المساعدة في الدفاع عن حياتهم وحياة قريتهم.

هناك مناوشات تقع بعد وصول العصابة التي فوجئت بوجود الساموراي، ومن ثَمّ الهجوم الكبير في يوم ممطر على القرية. تستوعب الدفاعات المدروسة التي أحكمها كامباي والسيوف والرماح والنبال التي بحوزة الجميع ذلك الهجوم وتصده. يصوّر المخرج المطر والوحل والإنهاك من الرحى، محوّلاً الشاشة إلى رصد واقعي يحتفي بالبطولة والشجاعة، لكنه لا يحوّل أي من شخصياته تلك إلى بطولة خارقة لا يمكن تصديق أفعالها.

هناك دقّـة في التفاصيل. توليف فاعل يرفع من درجة التشويق من دون أن يتحوّل الإيقاع إلى غاية بحد ذاتها. ومن ثَمّ هناك التمثيل، وكيف سبر المخرج غور كل شخصية على نحو يقع كل مشاهد، من أي ثقافة كانت، في حبها. وإذ تقع المعركة في نصف الساعة الأخيرة، فإن ما سبقها هو التهيئة الفكرية والاجتماعية لها وهي لا تقل إثارة عن المعركة نفسها، بفضل فهم المخرج الكامل لهذا العمل.

كان «الساموراي السبعة» أول فيلم يعرض كوروساوا فيه اشتراك المسدس الجبان في المعارك ضد البطولة المتمثّلة بالسيف. إنه الصراع بين الأصل والحضارة

* متوفر على أسطوانات.

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

يوميات الشرق جانب من المؤتمر الصحافي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي نسخته الرابعة بحلة جديدة تحت شعار «للسينما بيت جديد» من قلب مقره الجديد في المنطقة التاريخية بمدينة جدة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)

البطولات النسائية تستحوذ على صدارة إيرادات السينما المصرية في الخريف

استحوذت «البطولات النسائية» التي تنوعت موضوعاتها ما بين الرومانسي والكوميدي والاجتماعي على صدارة إيرادات دور العرض السينمائي بـ«موسم الخريف» في مصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)

«مهرجان البحر الأحمر» بانوراما للسينما العربية والعالمية

تشهد الدورة المقبلة لـ«مهرجان البحر الأحمر» في جدة، بالمملكة العربية السعودية، تطوّراً إيجابياً مهمّاً في عداد تحويل المهرجان إلى بيت للسينما العربية.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
TT

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)

بعد أن أحدث ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية الأربعاء الوثائقي «لا أرض أخرى» No Other Land الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا في منطقة نائية بالضفة الغربية.

وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية بعدما قالا عند تسلّم جائزتهما إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام «فصل عنصري».

أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرض لهجمات متكررة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّس حياته للعمل في الصحافة.

ويستعرض المخرجان الثلاثينيان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرران المطالبة بإنهاء الاستيطان.

سيارات لفلسطينيين أحرقها مستوطنون في ضواحي رام الله (د.ب.أ)

يقول يوفال أبراهام عن الفصل العنصري: «من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان (أبراهام وعدرا) من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين، تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أي مكان في العالم في عام 2024 (. .. ) لا يجوز أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (...) اليوم، من الصعب جدا تصور ذلك».

وعن اتهامه بمعاداة السامية قال: «هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ عبارة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (...). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجل تزايدا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه العبارة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود».

وعن اكتفاء الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم، أوضح أبراهام: «لكي يكون الفيلم حقيقيا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهما بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.

عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون موجودون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة بينما لا يحظى الفلسطينيون بهذه الفرصة. قد يتعرضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرا مضللا وغير مقبول سياسيا».

مشهد من فيلم «لا أرض أخرى» (أ.ب)

* باسل عدرا

من جهته، قال باسل عدرا عن تزايد هجمات المستوطنين بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (...) في منطقة جنوب الخليل. هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصا في الليل، لكن قرى أخرى مثل قريتي بقيت تحت ضغط هائل، وقُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (...) وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)».