«ناسا» تستعد لكشف أولى الصور من عينات كويكب جمعها «أوسايرس-ريكس»

الكبسولة التي استعيدت وفيها عينات من الكويكب بينو (رويترز)
الكبسولة التي استعيدت وفيها عينات من الكويكب بينو (رويترز)
TT

«ناسا» تستعد لكشف أولى الصور من عينات كويكب جمعها «أوسايرس-ريكس»

الكبسولة التي استعيدت وفيها عينات من الكويكب بينو (رويترز)
الكبسولة التي استعيدت وفيها عينات من الكويكب بينو (رويترز)

تكشف الوكالة الأميركية للطيران والفضاء (ناسا)، الأربعاء، الصور الأولى لأكبر عينة كويكب جُمعت على الإطلاق في الفضاء، إضافة إلى التحليلات الأولى لتركيبته، في بيانات ينتظرها العلماء في جميع أنحاء العالم بفارغ الصبر.

وأخذت مهمة «أوسايرس-ريكس» هذه العينة عام 2020 من الكويكب بينو، وعادت الكبسولة التي تحتوي على الحمولة الثمينة بنجاح إلى الأرض قبل ما يزيد قليلا عن أسبوعين، وهبطت في الصحراء الأميركية.

منذ ذلك الحين، أقيمت العملية الدقيقة لفتح الكبسولة في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية في هيوستن. وقد خبّأت العملية بالفعل بعض المفاجآت.

وقال العالِم في وكالة «ناسا» كريستوفر سنيد «هناك الكثير من المواد التي تستغرق استعادتها وقتاً أطول من المتوقع»، مضيفاً في بيان أن هذه«أفضل مشكلة يمكن أن نواجهها».

وقبل هبوط الكبسولة، قدّرت «ناسا» أنها تمكّنت من التقاط نحو 250 غراماً من المواد من الكويكب بينو، ما يزيد بكثير عن الكميات التي جمعتها بعثتان يابانيتان سابقتان من كويكبات أخرى.

وسيتعين على ناسا التي كانت هذه المناورة الأولى بالنسبة لها، تأكيد هذا التقدير الأربعاء خلال حدث عام يليه مؤتمر صحافي.

لكن الأصداء حتى الآن إيجابية للغاية. وأوضح كريستوفر سنيد أنه تم العثور على مواد وفيرة «مذهلة حقاً».

ويمكن تفسير المفاجأة السعيدة بحادثة وقعت عند جمع العينة: فبعد العملية مباشرة، أدركت «ناسا» أن غطاء حجرة التجميع لم يُغلق بنجاح.

وجرى تأمين الشحنة من خلال نقلها كما هو مخطط إلى الكبسولة، ولكن بسبب هذا التسرب، توقع العلماء العثور على بقايا خارج الحجرة في الصندوق الذي كانت موجودة فيه.

وقد عُهد بهذا الغبار الأسود وهذا الحطام، على حد تعبير «ناسا»، إلى فريق تحليل سريع من أجل الحصول على فكرة أولية عن تركيبة الكويكب بينو.

وتُفحص العينة باستخدام مجهر إلكتروني ماسح، والأشعة السينية، وقياسات بالأشعة تحت الحمراء. ومن شأن ذلك أن يتيح الحصول على قائمة بالمعادن التي تم رصدها، وربما تحديد نسبتها. وعلى وجه الخصوص، يعتقد العلماء أن الكويكب بينو يحتوي على معادن رطبة.

ويُتوقع أن يتيح درس الكويكبات للعلماء فهماً أفضل لتكوين المجموعة الشمسية، وكيف أصبحت الأرض صالحة للسكن.

ويعتقد بعض العلماء أن الكويكبات مثل بينو قد جلبت إلى الأرض مركّبات سمحت في ما بعد بظهور الحياة.

وقد يكون تحليل الكويكب بينو مفيداً أيضاً في المستقبل. وهناك احتمال ضئيل (بنسبة واحد من 2700) أن يضرب الكويكب الأرض في عام 2182، وهو اصطدام سيكون كارثياً إذا حصل.

وبالتالي فإن معرفة تركيبته الدقيقة يمكن أن تساعد، إذا لزم الأمر في يوم من الأيام، في احتساب الاصطدام اللازم لحرف مساره.


مقالات ذات صلة

اكتشاف يُشبه كعكة «دونات» ضخمة في قلب الأرض

يوميات الشرق كوكبنا... لغزٌ بلا نهاية (مواقع التواصل)

اكتشاف يُشبه كعكة «دونات» ضخمة في قلب الأرض

من خلال السفر إلى مركز الأرض عبر الموجات الزلزالية، اكتشف العلماء بنية تُشبه الحلقة داخل البركة الدوّامية من المعدن المنصهر المعروف باسم «اللبّ الخارجي».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من بث "بلو أوريجن"، ينطلق صاروخ "بلو شيبارد" مع طاقم مهمة NS-26 في 29 أغسطس 2024، من موقع الإطلاق الأول شمال فان هورن، تكساس، الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

«بلو أوريجن» تنجح في إرسال ثامن رحلة سياحية فضائية

نقلت شركة «بلو أوريجن»، الخميس، 6 أشخاص إلى الفضاء في رحلة سياحية قصيرة ذهاباً وإياباً، من بينهم أصغر امرأة تصل إلى ارتفاع يتخطى 100 كيلومتر في الفضاء.

العالم الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)

«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

أعلنت شركة «سبايس إكس» أنها أرجأت إلى أجل غير مسمى مهمة «بولاريس دون» التي كان يُفترَض أن تنطلق من فلوريدا، وهي الأولى من تنظيم القطاع الخاص.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا (الولايات المتحدة))
علوم صورة وزعتها وكالة الفضاء اليابانية «جاكسا» للمسبار «سليم» على سطح القمر (أ.ب)

اليابان تنهي مهمة مركبتها القمرية بعد عام على إطلاقها

أعلنت وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) اليوم الاثنين أنها أنهت عمليات مسبارها القمري الذي صمد خلال ثلاث ليالٍ قمرية متجمدة، وذلك بعد عام من إطلاقه.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق قمر «أزرق» عملاق نادر خلال ظهوره في سماء الليل فوق سيدني اليوم الاثنين 19 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن القمر العملاق الأزرق الذي سينير سماء العالم الليلة؟

سيكون ظهور القمر الأزرق العملاق الليلة هو الأول من أربعة أقمار عملاقة ستشاهد في الأشهر المتبقية من هذا العام.


اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».