الائتلاف والفصائل العسكرية تتجه للمشاركة بـ«مجموعات عمل» دي ميستورا

المعارضة السياسية والعسكرية تبحث في توحيد قرارها

الائتلاف والفصائل العسكرية تتجه للمشاركة بـ«مجموعات عمل» دي ميستورا
TT

الائتلاف والفصائل العسكرية تتجه للمشاركة بـ«مجموعات عمل» دي ميستورا

الائتلاف والفصائل العسكرية تتجه للمشاركة بـ«مجموعات عمل» دي ميستورا

لا تزال المعارضة السياسية منها والعسكرية تتريث في الإعلان عن قرارها النهائي بشأن المشاركة أو عدمها في مجموعات العمل بشأن سوريا التي عيّنت الأمم المتحدة رؤساء لها. وفي حين لم يعلن النظام موقفه منها، تشير المعلومات إلى إمكانية موافقة الائتلاف عليها، لا سيما بعد إجراء بعض التعديلات على خطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وهو ما أشارت إليه نائبة رئيس الائتلاف نغم الغادري، والقيادي في الجيش الحر أبو أحمد العاصمي، مشيرا إلى أن الفصائل ستجتمع في ما بينها للبحث في هذا الموضوع الذي سيناقش كذلك مع الائتلاف ليكون القرار النهائي موحدا.
وكان أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون قد عيّن رؤساء أربع مجموعات عمل حول «السلامة والحماية» و«مكافحة الإرهاب» و«القضايا السياسية والقانونية» و«إعادة الإعمار»، في خطوة باتجاه إجراء محادثات بين طرفي النزاع حول سبل تنفيذ خارطة حلّ سياسي، من دون أن يتم تحديد موعد لانطلاق عملها.
وقالت الغادري لـ«الشرق الأوسط»: «طرح خلال اجتماع الائتلاف الأخير مع دي ميستورا بعض الاستيضاحات حول وثيقة الخطة السياسية التي كان قد طلب الإجابة الرسمية عليها، وحصلنا على بعض الردود العامة وغير الخطية، وسيتم مناقشتها في اجتماع الهيئة العامة المقبل». ولفتت إلى أن أبرز الاعتراضات كانت تلك المتعلقة بتقسيم تمثيل الشخصيات المشاركة وعددهم 120 شخصا، بين النظام والمعارضة بنسبة 40 في المائة لكل منهما على أن يعيّن دي ميستورا نفسه العدد المتبقي، وهو الأمر الذي عاد المبعوث الدولي وتراجع عنه لصالح المناصفة بين الطرفين الأساسيين، أي 50 في المائة لكل من الحكومة السورية، والمعارضة ممثلة بالأطراف السياسية والفصائل العسكرية، إضافة إلى ممثلين من بعض منظمات المجتمع المدني، وهو ما رأت الغادري أنّه «قد ينعكس إيجابا على قرار الهيئة العامة بعدما كانت الأجواء العامة في الجلسة الماضية سلبية، لا سيّما أنّ دي ميستورا كان قد أكد إلغاء (ورقة إطار العمل) التي تضمنّتها ما عرف بـ(الوثيقة السرية) والتي كانت تتخطى مقررات جنيف بإبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة. هذا إضافة إلى تأكيده أن عمل هذه المجموعات سيكون مرحلة من مراحل التفاوض، ولن يتم تبنيها إذا لم تلق موافقة كل الأطراف».
وفي ما يتعلّق بمشاركة الأطراف المعارضة والفصائل العسكرية في مجموعات العمل، أكدت الغادري أنّ «هناك توافقا بين الائتلاف ومعظم الأطراف المعارضة، بما فيها هيئة التنسيق الوطنية التي سبق أن وقّعنا معها وثيقة لمبادئ الحل السياسي». ولفتت إلى أن «اختيار الشخصيات المشاركة سيكون بناء على خبرة واختصاص المطلوب في اللجنة، وبالتالي ليس من الضروري أن يكونوا أعضاء من الائتلاف».
وبعدما كانت الفصائل العسكرية قد أصدرت بيانا رافضا لخطة دي ميستورا، رأى القيادي في الجيش الحر أبو أحمد العاصمي أن «المبعوث الدولي لا يملك خطّة واضحة وهو يحاول الالتفاف على مقررات جنيف عبر محاولة إيجاد مرجعية جديدة بديلا عنها». وكشف القيادي في الحر لـ«الشرق الأوسط» عن اجتماع عقد بين ممثلين من الاتحاد الأوروبي وآخرين من الفصائل العسكرية قبل يومين في إسطنبول بعد الاجتماع الذي عقد مع دي ميستورا. وقال: «يبدو واضحا أنّه ليس هناك شيء جدي يمكن البناء عليه، بينما هناك أمر ما يخطّط له دوليا من تحت الطاولة، وما يطرح اليوم ليس إلا إطارا تجميليا في هذه المرحلة»، مضيفا: «دي ميستورا لم يقدّم جديدا خلال الاجتماع في إسطنبول، وبدا مقتنعا كما ممثلي الاتحاد الأوروبي من خلال إجاباتهم بعدم وجود أي حلّ جدي».
وأمل ستيفان دي ميستورا، الذي التقى رؤساء المجموعات يومي الاثنين والثلاثاء، أن يمهد عملها الساحة أمام اتفاق سوري لإنهاء الصراع على أساس بيان جنيف، مشيرا إلى اتفاق دولي تم التوصل إليه عام 2012 لحل الأزمة.
ورؤساء المجموعات هم، النرويجي يان إيغلاند (الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين) للشؤون الأمنية، والسويسري نيكولا ميشال (الرئيس السابق للشؤون القانونية للأمم المتحدة بين 2004 و2008، وقد اضطلع بدور فعال في إنشاء المحكمة الخاصة للبنان المكلفة محاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005) للمسائل السياسية والقانونية، والخبير السياسي والأستاذ الجامعي الألماني المتخصص في الشؤون السورية فولكر برتيس للجوانب العسكرية ومكافحة الإرهاب، والسويدية بريجيتا هولست آلاني لإعادة إعمار البلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.