فرنسيس لي رحل... لكنه ترك إرثاً لا ينسى في مانشستر سيتي

الجناح الذي كان يصعب إيقافه امتد نجاحه من أرض الملعب إلى عالم المال والأعمال

فرانسيس ليكان لاعبا فذا ورجل أعمال بارع (غيتي)
فرانسيس ليكان لاعبا فذا ورجل أعمال بارع (غيتي)
TT

فرنسيس لي رحل... لكنه ترك إرثاً لا ينسى في مانشستر سيتي

فرانسيس ليكان لاعبا فذا ورجل أعمال بارع (غيتي)
فرانسيس ليكان لاعبا فذا ورجل أعمال بارع (غيتي)

كان فرنسيس لي، الشهير بـ«فراني»، هو الجناح الذي لا يمكن إيقافه، ولو كان موجودا في وقتنا هذا لسعت جميع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز للتعاقد معه بأي ثمن. وفي الوقت الحالي، فإن 70 مليون جنيه إسترليني لن تشتري لك إلا جزءا بسيطا للغاية مما كان يقدمه لي في خط هجوم مانشستر سيتي، فكم كان سيبلغ سعره لو كان موجودا اليوم؟ وعلاوة على ذلك، كان لي رجل أعمال ذكيا للغاية خارج الملعب.

«لاعب مقاتل ومتحرك ومشاكس»، كانت هذه هي الكلمات التي وصف بها الراحل جيمس لوتون لي في كتابه، الذي يحمل اسم «أولاد إلى الأبد»، وهو الوصف الذي ظهر في لقطات لفرنسيس لي أواخر الستينات من القرن الماضي وهو يراوغ قائد المنتخب الإنجليزي بوبي مور ويسقطه أرضا.

غالباً ما يُنظر إلى لي، الذي توفي الاثنين عن عمر يناهز 79 عاماً، على أنه الجسر الذي يربط بين ماضي مانشستر سيتي وحاضره الآن بقيادة جوسيب غوارديولا. لقد انتهى عمل لي الرسمي مع النادي في عام 1998، لكن الأمر لم ينته أبدا من الناحية الروحية. لقد كان لي هو من بدأ العصر الذهبي الأول لمانشستر سيتي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي تحت قيادة جو ميرسر ومالكولم أليسون.

وخلال مسيرته الكروية الحافلة، لعب لي لأندية بولتون ومانشستر سيتي وديربي كاونتي، كما كان النجم الأبرز للمنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم 1970 في المكسيك، وتولى رئاسة نادي مانشستر سيتي، كما كان مدربا ناجحا في سباقات الخيول. لقد رحل عدد كبير من لاعبي كرة القدم العظماء في الستينات، والآن ينادي الموت أولئك الذين أمتعونا بقدراتهم الكروية الفذة في السبعينات أيضا.

بين الحين والآخر تفقد اللعبة لاعباً عظيماً، من النوع الذي نفتقده بشدة في الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي. لقد كان لي جناحاً قوياً وشرساً وقادراً على المرور من ثلاثة مدافعين، والدخول إلى منطقة الجزاء وتسديد كرات صاروخية في شباك الخصوم. من المؤكد أن هذا المزيج الرائع من المهارات والإمكانات نادر للغاية اليوم، وأصبحنا نرى أي لاعب يمتلك بعضا من السرعة والتحركات الجيدة ينتقل من ناد إلى آخر مقابل 80 مليون جنيه إسترليني!

فرانسيس لي (يمين) يحتفل بتسجيل هدف لمنتخب انجلترا في مرمى المانيا الشرقية عام 1972 (اب)

سجل لي 148 هدفا في 330 مباراة مع مانشستر سيتي، وفاز بلقب الدوري مع مانشستر سيتي وديربي كاونتي، وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة وكأس الكؤوس الأوروبية أثناء وجوده في ملعب «ماين رود».

كان لي يثق في نفسه ثقة لا حدود لها. وأثناء البحث في السيرة الذاتية للمنتخب الإنجليزي الأول للرجال، سألته ما إذا كان المنتخب الإنجليزي بقيادة ألف رامسي في عام 1970 أفضل من فريقه الذي فاز بكأس العالم عام 1966، فرد قائلا: «نعم، لأني كنت فيه». لقد كنت أعتقد أنه كان يمزح، حتى صادفت روايته عن أليسون في نادي بولتون الاجتماعي، حيث أخبره أليسون أنه سيجعل منه لاعباً «عظيماً»، فرد لي: «حسناً، شكراً جزيلاً لك، لكنني أعتقد أنني جيد جداً الآن»!

كان لي لاعبا عظيما حقا. لقد تألق جميع اللاعبين الأحد عشر الذين اختارهم رامسي في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي أمام البرازيل في كأس العالم 1970 وقدموا أداء رائعا في مباراة مثيرة للغاية. لقد أوضح جيف هيرست ذات مرة أهمية وصول الكرة إلى لي، قائلا: «إنه لاعب إيجابي للغاية. إنه يستحوذ على الكرة ويتوجه مباشرة نحو لاعبي الفريق المنافس بسرعة كبيرة جداً. إنه قوي جداً وشجاع جداً. لا يمكن للمنافسين أن يبعدوه عن الكرة، فهو قادر على المرور من لاعبين أو ثلاثة لاعبين».

وفي مجال الأعمال التجارية، لم يكن لي أقل جرأة. وفي كتاب «مانشستر سيتي لكرة القدم» لعام 1968، كتب لي: «قيل لي ذات مرة إنك لا تستطيع أن تنجح في المزج بين العمل وكرة القدم. لم أصدق ذلك - وشرعت على الفور في إثبات وجهة نظري. وأعتقد أنني نجحت في إيصال رسالتي للجميع من خلال النجاح التجاري في مجالات النفايات الورقية، ومغسلة وصالون لتصفيف الشعر لاحقاً، إلى جانب حصولي على جوائز مع المنتخب الإنجليزي وبطولة الدوري الإنجليزي».

وفي حفل عشاء في أحد أندية الغولف، التقى لي منظف نوافذ يُدعى بيتر جيمس، أثار إعجابه بـ«صدقه وأمانته». ففي الأحوال الجوية السيئة، كان جيمس يجمع ورق المهملات لكي يكسب قوت يومه. وعلى الفور، بدأ لي يرتدي ملابس العمل ويقود شاحنة لجمع الأوراق المهملة. وكانت «المرحلة الثانية»، كما سماها، تتمثل في مغاسل الملابس، ثم تلاها «نادٍ وبوتيك للنساء» في بولتون، مع «حمامات بالبخار، وصالونات لتصفيف الشعر، وكل أنواع علاجات التجميل، ومتجر واحد أو متجرين للاسترخاء، وغرفة طعام».

واعترف لي أن هذه الخطة كانت «طموحة»، لكن في حقيقة الأمر يمكن وصفه بأنه كان رائدا في هذه الأعمال. لقد أصبح مليونيراً وهو في الثلاثين من عمره، وهو أمر لم يكن معتادا في مهنته آنذاك. لقد دخل في صدام مع نورمان هانتر لأنه رفض أن يتخلى عن أعماله التجارية عن طريق آلة الترهيب التي كانت سائدة في عصره.

وقال كولن بيل، الذي كان اللاعب الأكثر أناقة وقوة في مانشستر سيتي، عن لي: «كل ما يتعين عليك أن تفعله هو أن تنقل له الكرة وتتركه يتكفل بالباقي». كان لي وبيل ومايك سمربي هم أبرز أسلحة مانشستر سيتي لمواجهة ما يمكن وصفه بـ «الثالوث المقدس» لمانشستر يونايتد: بيست ولو وتشارلتون. لقد كان مشاهدو كرة القدم في مانشستر محظوظين للغاية في تلك الفترة لمشاهدة كل هؤلاء النجوم الموهوبين وهم يتألقون ويمتعونهم من جهة، ويشاركون في الأنشطة المجتمعية من جهة أخرى.

لقد كانت «طفرة فرنسيس لي»، كما كانت تُعرف في ذلك الوقت، شيئاً في غاية الجمال والروعة. وعلى الرغم من أن النقاد كانوا يصفون لي غالبا بأنه ممتلئ الجسم، فإنه كان يتمتع بسرعة فائقة ويمتلك مهارات استثنائية تمكنه من تجاوز المدافعين واحدا تلو الآخر.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 1974، عاد لي إلى ملعب «مين رود» كلاعب في ديربي كاونتي وسجل هدفاً رائعاً من مسافة 20 ياردة وقاد فريقه للفوز بهدفين دون رد. وقال المعلق التلفزيوني الشهير باري ديفيز تعليقه الأكثر خلودا: «مثير للاهتمام - مثير جداً للاهتمام!»، وهو التعبير الذي أصبح سائدا ومتجذرا في الثقافة الكروية في تلك الفترة، لأنه كان يصف بشكل مثالي حياة فرنسيس لي!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة


فرنسا تدعو إلى «تسريع الاستقلال الاستراتيجي» الأوروبي

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تدعو إلى «تسريع الاستقلال الاستراتيجي» الأوروبي

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم (الأربعاء)، أوروبا إلى «تسريع» انتقالها نحو «الاستقلال الاستراتيجي» للرد على استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة التي تعطي الأولوية لشؤون الأميركتين وتستنكر «تراجع» أوروبا.

وقال بارو أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، إن نشر «استراتيجية الأمن القومي» الأميركية، الجمعة، يشكل «لحظة توضيح، وحقيقة تدعونا إلى الثبات على المسار والتسريع»، مضيفاً أنها «تثبت أن فرنسا على حق» في دعوتها أوروبا «منذ عام 2017 إلى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي».


بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت

يمر الناس أمام محكمة مدينة صوفيا حيث تُعقد جلسة استماع لتسليم إيغور غريتشوشكين وهو مواطن روسي والمالك المزعوم لسفينة الشحن «إم في روسوس» في بلغاريا (إ.ب.أ)
يمر الناس أمام محكمة مدينة صوفيا حيث تُعقد جلسة استماع لتسليم إيغور غريتشوشكين وهو مواطن روسي والمالك المزعوم لسفينة الشحن «إم في روسوس» في بلغاريا (إ.ب.أ)
TT

بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت

يمر الناس أمام محكمة مدينة صوفيا حيث تُعقد جلسة استماع لتسليم إيغور غريتشوشكين وهو مواطن روسي والمالك المزعوم لسفينة الشحن «إم في روسوس» في بلغاريا (إ.ب.أ)
يمر الناس أمام محكمة مدينة صوفيا حيث تُعقد جلسة استماع لتسليم إيغور غريتشوشكين وهو مواطن روسي والمالك المزعوم لسفينة الشحن «إم في روسوس» في بلغاريا (إ.ب.أ)

رفضت محكمة بلغارية، الأربعاء، تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت عام 2020.

ويطالب لبنان بتسليم المواطن الروسي-القبرصي إيغور غريتشوشكين على خلفية الكارثة.

أسفر الانفجار الذي يعد من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، عن مقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة أكثر من 6500، وألحق أضراراً هائلة في المرفأ ومحيطه.

أوقف غريتشوشكين في سبتمبر (أيلول) في مطار العاصمة البلغارية صوفيا، وأفادت النيابة العامة بأنه مطلوب من السلطات اللبنانية بتهمة «إدخال متفجرات إلى لبنان، وهو عمل إرهابي أدى إلى مقتل عدد كبير من الأشخاص، وتعطيل آلات بهدف إغراق سفينة».

لكن محكمة في صوفيا رفضت الطلب اللبناني بتسليمه وأمرت بإطلاق سراحه.

وقالت محاميته إيكاترينا ديميتروفا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «لبنان لم يقدّم ضمانات بأنه إذا صدر حكم بإعدامه فإن الحكم لن يُنفّذ».

ويمكن استئناف الحكم في غضون سبعة أيام أمام محكمة الاستئناف في صوفيا، التي سيكون قرارها نهائياً. وسيبقى المشتبه به موقوفاً إلى ذلك الحين.

تفيد السلطات اللبنانية بأن سبب الانفجار يعود إلى اندلاع حريق في مستودع حيث تم تخزين أطنان من نترات الأمونيوم لسنوات. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.

وكان غريتشوشكين مالك السفينة «روسوس» التي نقلت نترات الأمونيوم إلى المرفأ.

وغرق التحقيق في الانفجار في متاهات المعارك السياسية والقضائية بلبنان.

وشملت الشخصيات التي تم استجوابها في إطار القضية رئيس الوزراء اللبناني السابق حسان دياب إضافة إلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.


فرنسا تدعو للتحقيق في احتمال استفادة «حماس» من تمويلات أوروبية

وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا بنجامان حداد (أ.ف.ب)
وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا بنجامان حداد (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تدعو للتحقيق في احتمال استفادة «حماس» من تمويلات أوروبية

وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا بنجامان حداد (أ.ف.ب)
وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا بنجامان حداد (أ.ف.ب)

طلب وزير الدولة الفرنسي لشؤون أوروبا من المفوضية الأوروبية التحقيق في احتمال تحويل وجهة تمويلات أوروبية مخصصة لمنظمات غير حكومية لصالح حركة «حماس» الفلسطينية.

وقال بنجامان حداد، في رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، مؤرخة (الثلاثاء) وموجهة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وكذلك إلى المفوضين الأوروبيين دوبرافكا سويكا ومايكل ماكغراث وماغنوس برونر: «لقد تم تنبيهي مؤخراً بشكوك مفادها أن (حماس) تفرض قيوداً على المنظمات غير الحكومية والدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2020».

وأضاف أن «هذه المعلومات تُثير مخاوف كبيرة بشأن نزاهة التمويل الأوروبي وحماية دافعي الضرائب الأوروبيين الذين يجب أن يكونوا قادرين على التأكد من أن إسهاماتهم تستخدم حصراً لأغراض إنسانية»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي جهة مانحة لبعض هذه المنظمات الإنسانية، مثل «هانديكاب إنترناشونال» و«المجلس النرويجي للاجئين» و«الهيئة الطبية الدولية».

وفي مايو (أيار) الماضي، طلب وزير الدولة الفرنسي من بروكسل تعزيز الرقابة على التمويل الأوروبي حتى لا يذهب إلى جهات «مرتبطة بمعاداة السامية أو بالمتطرفين».

ويذكر بنجامان حداد في رسالته أن فرنسا، إلى جانب النمسا وهولندا، قدّمت على المستوى الأوروبي «مقترحات تهدف إلى ضمان احترام تعزيز القيم الأوروبية من قبل المستفيدين من التمويل الأوروبي».

وتابع: «تعدّ فرنسا أنه من غير المقبول منح تمويل أوروبي لمنظمات تعمل لأغراض إنسانية، ومن المحتمل أن هياكلها قد وُضعت تحت شكل من أشكال التدخل من شبكات (حماس)».

وأضاف المسؤول الفرنسي: «لا ينبغي لهذه المنظمات الدولية أن تجد نفسها في موقف تضطر فيه إلى قبول الدعم من هيكل يعدّ إرهابياً على المستوى الأوروبي من أجل العمل وتقديم خدماتها الإنسانية»، داعياً إلى «إجراء تحقيق كامل في هذه الاتهامات».

وبالإضافة إلى المطالبة بالشفافية ووضع آليات لتحسين التحكم في التمويلات، دعت فرنسا إلى آلية تعليق تمويل «أكثر متانة».

وختم حداد قائلاً: «في مواجهة هذه الانتهاكات المستمرة للحقوق والقيم الأوروبية من قبل جهات خارجية، يجب على الاتحاد ووكالاته ومشغليه، وكذلك الدول الأعضاء، مضاعفة يقظتهم».