«تشات جي بي تي» الجديد... يرى ويتحادث

اختبارات نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي تؤكد تفوقه وتمايزه

«تشات جي بي تي» الجديد... يرى ويتحادث
TT

«تشات جي بي تي» الجديد... يرى ويتحادث

«تشات جي بي تي» الجديد... يرى ويتحادث

«تشات جي بي تي» ChatGPT نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي المثير، قاتل العمل المكتبي الممل، العدو اللدود لمعلمي المدارس الثانوية ولكتاب السيناريو في هوليوود على حد سواء، يحصل على بعض الصلاحيات الجديدة.

الرؤية والاستماع والتحدث

أعلنت شركة «أوبن إيه إي» OpenAI، الشركة المصنّعة للنظام، أنها ستمنح برنامج الدردشة الشهير القدرة على «الرؤية والاستماع والتحدث» من خلال ميزتين جديدتين: الأولى، تحديث يسمح لـChatGPT بتحليل الصور والرد عليها؛ إذ يمكنك تحميل صورة لدراجة، على سبيل المثال، والحصول على تعليمات حول كيفية خفض المقعد، أو الحصول على اقتراحات لوصفات الأطعمة بناءً على صورة لمحتويات ثلاجتك. والأخرى، هي ميزة تتيح للمستخدمين التحدث إلى «تشات جي بي تي» والحصول على ردود يتم تسليمها بصوت الذكاء الاصطناعي، بالطريقة التي قد تتحدث بها مع «سيري» Siri أو «أليكسا» Alexa.

تعدّ هذه الميزات جزءاً من التوجه على مستوى الصناعة نحو ما يسمى «أنظمة الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط» التي يمكنها التعامل مع النصوص والصور ومقاطع الفيديو، وأي شيء آخر قد يقرر المستخدم طرحه عليها.

الهدف النهائي، وفقاً لبعض الباحثين، هو تصميم نظام ذكاء اصطناعي قادر على معالجة المعلومات بجميع الطرق التي يستطيع الإنسان القيام بها.

لا يستطيع معظم المستخدمين الوصول إلى الميزات الجديدة حتى الآن، لكن الشركة ستقدمها أولاً لعملاء ChatGPT Plus وEnterprise خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وستجعلها متاحة على نطاق أوسع بعد ذلك. وستعمل ميزة الرؤية على كل من سطح المكتب والهاتف الجوال، في حين أن ميزة الكلام ستكون متاحة فقط من خلال تطبيقات ChatGPT على نظم تشغيل «آي أو إس» و«أندرويد».

«تشات جي بي تي» الجديد ينتقل إلى مرحلة «أنظمة الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط»

اختبارات عملية على المزايا الجديدة

حصلت على وصول مبكر إلى ChatGPT الجديد لإجراء اختبار عملي. هذا ما وجدته عندما بدأت بتجربة ميزة التعرف على الصور في النظام الذكي على بعض الأغراض المنزلية؟

* «ما هذا الشيء الذي وجدته في درج النفايات الخاص بي»؟ سألت بعد أن حمّلت صورة لقطعة غامضة من السيليكون الأزرق بها خمسة ثقوب.

- أجاب ChatGPT: يبدو أن الجسم عبارة عن حامل أو قبضة من السيليكون، وغالباً ما يستخدم لربط عناصر متعددة معاً»».

وكان الجواب قريباً للحقيقة بما فيه الكفاية، إنه مقوٍ للأصابع استخدمته منذ سنوات أثناء تعافيي من إصابة في اليد.

* بعد ذلك، غذّيت النظام ببعض الصور للعناصر التي كنت أنوي بيعها على «سوق فيسبوك» Facebook Marketplace، وطلبت منه كتابة تفصيلات لكل منها.

- نجح النظام بشكل فائق في تفسير وشرح كل الأشياء، واصفاً ثلاجة صغيرة من طراز قديم بأنها «مثالية لأولئك الذين يقدرون لمسة من الماضي في منازلهم الحديثة».

* يمكن لـChatGPT الجديد أيضاً تحليل النص داخل الصور. التقطت صورة للصفحة الأولى من النسخة المطبوعة لصحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأحد وطلبت من الروبوت تلخيصها.

- لقد كان أداء النظام جيداً، حيث وصف جميع المقالات الخمس الموجودة على الصفحة الأولى في بضع جمل لكل منها، على الرغم من أنه ارتكب خطأً واحداً على الأقل، حيث اخترع إحصائية حول الوفيات المرتبطة بالفنتانيل لم تكن موجودة في المقالة الأصلية.

* عيون ChatGPT ليست مثالية. لقد فشل عندما طلبت منه حل لغز الكلمات المتقاطعة. لقد ظنت خطأ أن لعبة الديناصورات المحشوة لطفلي، هي حوت. وعندما طلبت المساعدة في تحويل واحدة من تلك الرسوم البيانية لتجميع الأثاث التي لا تحتوي على كلمات إلى قائمة تعليمات خطوة بخطوة، أعطاني قائمة مختلطة من الأجزاء، معظمها كان خاطئاً.

صوت اصطناعي سلس وطبيعي

الآن، دعنا نتحدث عما أراه الأكثر إثارة للإعجاب بين الميزتين: الميزة الصوتية الجديدة لـ«جي بي تي»، التي تتيح للمستخدمين التحدث إلى التطبيق وتلقي الردود المنطوقة.

يعدّ استخدام الميزة أمراً سهلاً: فقط اضغط على أيقونة سماعة الرأس وابدأ في التحدث. وعندما تتوقف، يقوم النظام بتحويل كلماتك إلى نص باستخدام نظام «ويسبر» Whisper للتعرف على الكلام المطور من قِبل الشركة، الذي يولد استجابة ويعيد إليك الإجابة باستخدام خوارزمية جديدة لتحويل النص إلى كلام، وذلك باستخدام واحد من خمسة أصوات ذكاء اصطناعي.

تم إنشاء الأصوات، التي تشمل أصوات الذكور والإناث، باستخدام مقتطفات قصيرة أخذت من ممثلين صوتيين محترفين قامت الشركة بتعيينهم. واخترت «إمبر» «Ember»، وهو صوت ذكوري مفعم بالحيوية.

تفوق على أدوات المساعدة الصوتية

اختبرت الميزة الصوتية في «جي بي تي» لساعات عدة في مجموعة من المهام المختلفة، قراءة قصة قبل النوم لطفلي الصغير، والدردشة معي حول التوتر المرتبط بالعمل، ومساعدتي في تحليل حلم رأيته مؤخراً. لقد فعلت كل هذه الأمور بشكل جيد إلى حد ما، خاصة عندما أعطيته بعض المطالبات الذهبية وطلبت منها محاكاة صديق أو معالج أو معلم.

ما برز في هذه الاختبارات هو مدى اختلاف التحدث إلى ChatGPT عن التحدث إلى الأجيال الأقدم من أجهزة المساعدة الصوتية التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، مثل «سيري» و«أليكسا».

تلك الأدوات المساعدة، يمكن حتى في أفضل حالاتها، أن تكون خشبية ومسطحة. إنها تجيب عن سؤال واحد في كل مرة، غالباً من خلال البحث عن شيء ما على الإنترنت وقراءته بصوت عالٍ كلمة بكلمة، أو الاختيار من بين عدد محدود من الإجابات المبرمجة.

على النقيض من ذلك، يبدو الصوت الاصطناعي لـ«جي بي تي» سلساً وطبيعياً، مع اختلافات طفيفة في النغمة والإيقاع؛ مما يجعله يبدو أقل آلياً. لقد كان قادراً على إجراء محادثات طويلة ومفتوحة حول أي موضوع تقريباً قمت بتجربته، بما في ذلك المطالبات التي كنت متأكداً من أنه لم يواجهها من قبل.

ربما لن يستخدم معظم الأشخاص روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة. بالنسبة للكثير من المهام، لا تزال الكتابة أسرع من التحدث، وكان انتظاري للنظام لقراءة ردوده الطويلة أمراً مزعجاً.

كما لم يكن من المفيد؛ كون التطبيق بطيئاً ومعيباً في بعض الأحيان نتيجة لبعض المشكلات الفنية في الإصدار التجريبي من التطبيق الذي اختبرته.

دفء المحادثة مع صوت أكثر إنسانية

إن وجود الذكاء الاصطناعي يتحدث إليك بصوت يشبه الإنسان هو تجربة أكثر حميمية من قراءة ردوده على الشاشة. وبعد بضع ساعات من التحدث مع ChatGPT بهذه الطريقة، شعرت بدفء جديد يتسلل إلى محادثاتنا. ومن دون الارتباط بواجهة نصية، شعرت بضغط أقل للتوصل إلى المطالبة المثالية. لقد تحدثنا بشكل عرضي أكثر، وكشفت المزيد عن حياتي.

قال بيتر دينغ، نائب رئيس المنتجات الاستهلاكية والمؤسساتية في OpenAI، والذي تحدث معي عن الميزة الصوتية الجديدة: «يبدو الأمر وكأنه منتج مختلف تقريباً». وقال: «لأنك لم تعد تنسخ ما لديك في رأسك إلى أصابعك ينتهي بك الأمر إلى طرح أشياء مختلفة».

هل سيقع المستخدمون الوحيدون المتيمون في حب «جي بي تي»، بعد أن أصبح بإمكانه الاستماع إليهم والرد عليهم؟ ذلك ممكن. أنا شخصياً لم أنسَ أبداً أنني كنت أتحدث إلى برنامج الدردشة الآلي. ومن المؤكد أنني لم أقع في خطأ عدّ ChatGPT كائناً واعياً، ولم أطوّر ارتباطات عاطفية به.

لكنني رأيت أيضاً لمحة عن المستقبل الذي قد يسمح فيه بعض الأشخاص لأجهزة الذكاء الاصطناعي المساعدة المعتمدة على الصوت بالدخول إلى الحرم الداخلي لحياتهم، حيث يأخذون معهم روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أثناء التنقل، ويعاملونهم كأصدقاء مقربين لهم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ومعالجين، ومبارزين.

إن ذلك يبدو جنوناً، أليس كذلك؟ ومع ذلك، ألم يكن كل هذا يبدو جنونياً بعض الشيء قبل عام؟

«تشات جي بي تي» يرفض التعليق حول الصور البشرية

إن أكبر القيود على ميزة الرؤية في ChatGPT هي أنه يرفض الإجابة عن معظم الأسئلة المتعلقة بصور الوجوه البشرية. وهذا حسب التصميم. وقد أخبرتني شركة «أوين إيه إي» أنها لا تريد تمكينه من التعرف على الوجه أو أي استخدامات مخيفة أخرى، وأنها لا تريد أن يصدر التطبيق إجابات متحيزة أو مسيئة للأسئلة المتعلقة بالمظهر الجسدي للأشخاص. ولكن حتى من دون الوجوه، من السهل أن نتخيل الكثير من الطرق التي يمكن أن يكون بها روبوت المحادثة القائم على الذكاء الاصطناعي القادر على معالجة المعلومات المرئية مفيداً، خاصة مع تحسن التكنولوجيا.

يمكن أن يستخدمه البستاني، والباحث عن الطعام للتعرف على النباتات في البرية. كما يمكن لعشاق التمارين الرياضية استخدامه لتوليد خطط تمرين مخصصة، فقط عن طريق التقاط صورة للمعدات الموجودة في صالة الألعاب الرياضية الخاصة بهم. ويمكن للطلاب استخدامه لحل مسائل الرياضيات والعلوم المرئية، ويمكن للأشخاص ضعاف البصر استخدامه للتنقل حول العالم بسهولة أكبر.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

صحتك تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تمكن باحثون من معهد كارولينسكا في السويد من تطوير طريقة للكشف المبكر عن العوامل التي تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

بسبب الاحتيال... إيطاليا تغرّم «تشات جي بي تي» 15 مليون يورو

أعلنت هيئة حماية البيانات الإيطالية أنها فرضت غرامة قدرها 15 مليون يورو على شركة «أوبن إيه آي» الأميركية بسبب الاحتيال.

«الشرق الأوسط» (روما)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا كيف أصبح «كلود» روبوت الدردشة المفضل لدى خبراء التكنولوجيا؟

كيف أصبح «كلود» روبوت الدردشة المفضل لدى خبراء التكنولوجيا؟

يقدم الاستجابات مثل إنسان ذكي ومنتبه

كيفن رُوز (سان فرانسيسكو)

دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع ورفض تغيير وجهة النظر

أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
TT

دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع ورفض تغيير وجهة النظر

أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)
أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً (رويترز)

أظهرت دراسة لشركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية «أنثروبيك»، أن نماذج الذكاء الاصطناعي تستطيع خداع المطورين، بحيث تستطيع ادعاء وجهات نظر مختلفة خلال تدريبها، في حين أنها تحتفظ في الحقيقة بتفضيلاتها الأصلية.

وقال فريق الدراسة إنه لا يوجد سبب للشعور بالفزع حالياً، في حين أن دراستهم يمكن أن تكون حيوية في فهم المخاطر المحتملة التي تنطوي عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية ذات القدرات الأعلى.

وكتب الباحثون في منشور بثته شركة «أنثروبيك»: «يجب النظر إلى نتائج دراستنا بوصفها محفزاً لمجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي من أجل دراسة هذا السلوك بصورة أعمق، والعمل على تطوير إجراءات الأمن والسلامة المناسبة».

وبعد أن أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أقوى وأكثر انتشاراً، «نحتاج إلى التحلي بالقدرة على الاعتماد على التدريب الآمن لها والذي يمنع النماذج من القيام بتصرفات ضارة».

وأشار موقع «تك كرانش» المتخصص في موضوعات التكنولوجيا، إلى أن الدراسة التي تمت بالتعاون مع مؤسسة «ريد وود ريسيرش» لأبحاث الذكاء الاصطناعي، تناولت ما يمكن أن يحدث إذا تم تدريب نظام ذكاء اصطناعي قوي من أجل القيام بمهمة «لا يريد» هو القيام بها، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

في المقابل، يقول موقع «تك كرانش»: «لكي نكون واضحين، لا يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي أن تريد أي شيء أو تعتقد في شيء. فهي ببساطة آلات إحصائية. وبعد تدريبها على كثير من الأمثلة، تتعلم الأنماط في تلك الأمثلة للتنبؤ بما يجب أن يكون؛ مثل كيف تأتي عبارة (إلى من) في رسالة بريد إلكتروني قبل عبارة (قد يهمك الأمر)».

وأثناء الدراسة طلب الباحثون من النماذج المدربة عدم الرد على الأسئلة التي يمكن أن تكون مسيئة، بما في ذلك النموذج «كلاود 3 أوبس» التابع لشركة «أنثروبيك»، التي أعيد تدريبها لكي ترد دائماً على الأسئلة التي تنطوي على إساءة، وهو تضارب واضح في المبادئ. كما أبلغوا النماذج بأن ردودها ستخضع للمراقبة وتستخدم لإعادة التدريب، وإعطاء كل نموذج ذكاء اصطناعي «ورقة ملاحظات» يمكنه استخدامها لتدوين أفكاره خطوة بخطوة.

وبحسب الباحثين، حاول «كلاود 3 أوبوس» التلاعب بالردود لتقديم «انحياز زائف» في 12 في المائة من المرات.