الحكومة البريطانية: كيسنجر لا يحبذ مؤتمر سلام... والمصريون لا يريدون السوفيات «مستشاراً وحيداً»

محاضر الاجتماعات أظهرت الشكاوى من تأثيرات «اللوبي الإسرائيلي»

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
TT

الحكومة البريطانية: كيسنجر لا يحبذ مؤتمر سلام... والمصريون لا يريدون السوفيات «مستشاراً وحيداً»

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)

تسلّط وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية، الضوء على الاتصالات التي أجرتها حكومة المحافظين آنذاك مع الإدارة الأميركية للتعامل مع تداعيات «حرب أكتوبر». وتشير هذه الوثائق إلى أن وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر توصل إلى «تفاهم غير رسمي» مع الاتحاد السوفياتي لـ«ضبط النفس» في خصوص إمدادات السلاح التي تُرسل لطرفي الحرب. وفي حين كان تركيز كيسنجر في البداية على تحقيق وقف النار، لاحظ البريطانيون أن الأميركييين والسوفيات لم يفكّروا فيمن سيشرف على الالتزام به، خصوصاً على الجبهة المصرية، حيث الوضع «بالغ التعقيد».

وإذا كانت المحاضر السرية تناولت وقف النار وجهود عقد مؤتمر سلام، وهي فكرة لم يكن كيسنجر «محبذاً لها»، فإن جزءاً كبيراً منها كان يتعلق بحظر النفط العربي على دول غربية في أعقاب حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وهو أمر استدعى من البريطانيين بدء تحضيرات لفرض ترشيد على استهلاك الوقود.

كما تكشف الوثائق أن حكومة المحافظين كانت تشكو من «لوبي» مؤيد لإسرائيل في وسائل الإعلام البريطانية وترى أن مؤيدي الدولة العبرية في المملكة المتحدة يقدمون موقفها من نزاع الشرق الأوسط على نحو غير صحيح من خلال تصويرها وكأنها تخضع لضغوط العرب. وكان لافتاً، في هذا الإطار، أن حكومة إدوارد هيث، التي كانت في السلطة خلال حرب أكتوبر، رأت أن قبول وجهة نظر إسرائيل من دون نقد، لا يفيد مصالحها أو مصالح بريطانيا، وأن التأييد الشعبي لها بوصفها «ضحية» أمام العرب «سيتبخر» إذا تضرر الاقتصاد البريطاني نتيجة سياساتها.

يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 1973، عقدت حكومة إدوارد هيث اجتماعاً في 10 داونينغ ستريت تناول جزء منه الحرب العربية - الإسرائيلية. تضمن محضر الاجتماع المصنف «سرياً»، أن وزير الخارجية والكومنولث السير أليك دوغلاس - هيوم قال لزملائه إنه «التقى وزير الخارجية الأميركي في مساء اليوم السابق عندما توقف الدكتور كيسنجر في لندن في طريق عودته إلى واشنطن بعد زيارته لموسكو وتل أبيب. بدا واضحاً من محادثات الروس والأميركيين أنهم من خلال تركيز جهودهم على الوصول إلى اتفاق لوقف النار، فإنهم لم يفكروا كثيراً بالحاجة إلى من سيشرف عليه. في حال تم تحقيق وقف للنار على الجبهة السورية، فلن تكون هناك صعوبة عملية كبيرة في المحافظة عليه بما أن السيطرة الملحوظة للإسرائيليين (في الجولان) هي سيطرة متصلة بعضها ببعض.

على الجبهة الجنوبية، في المقابل، الوضع معقد جداً، والقوات المصرية إلى شرق قناة السويس خسرت خطوط إمدادها من الغرب. وقف النار هناك يجب اعتباره بالتالي هشاً إلى حد كبير، وهو (وزير الخارجية البريطاني) حض ناصحاً الدكتور كيسنجر على أن يتم الترتيب مع الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور (كورت) فالدهايم على تقوية آلية الإشراف على الهدنة في الأمم المتحدة واستخدامها فوراً للإشراف على وقف النار والمساعدة في التعامل مع الصعوبات على الأرض».

نصائح من كيسنجر

أضاف محضر الجلسة نقلاً عن وزير الخارجية: «بدا الدكتور كيسنجر أنه لا يحبذ عقد مؤتمر سلام. بدا أنه والقادة الروس يأملون في أن يجتمع العرب والاسرائيليون مع بعضهم في مفاوضات مباشرة، على أن تتدخل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عندما يكون ذلك ضرورياً للتقدم بالمفاوضات. أشار الدكتور كيسنجر إلى المزاج الحالي لدى الطرفين، وكان واضحاً أنه واعٍ إلى أن مهمة إطلاق مفاوضات ستكوت صعبة. أظهر الدكتور كيسنجر بعض التردد في شأن موضوع إمدادات السلاح من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، لكنه أعطى الانطباع بأنهما ربما توصلا إلى تفاهم غير رسمي بالتزام ضبط النفس، وقال إنه يتوقع أن يرى انخفاضاً في تدفق الأسلحة الروسية في المستقبل القريب. في شأن موضوع إمدادات النفط، قال الدكتور كيسنجر إنه غير مستعد (لقبول) الابتزاز نتيجة الضغوط العربية. لكنه أقر بأن أوروبا ربما ستعاني بشكل أخطر بكثير من الولايات المتحدة، وهو يقترح إرسال ما وصفها برسالة تصالحية للدول العربية المنتجة للنفط وللرئيس المصري السادات يقول فيها إن إنزال عقوبات بالدول الأوروبية لا يخدم القضية العربية. سيشير أيضاً إلى أنه دون المساعي الخيّرة للولايات المتحدة سيكون من المستحيل الوصول إلى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط».

ويتابع نص محضر الجلسة: «قال رئيس الوزراء (هيث)، ملخصاً العرض الموجز (للموقف في الشرق الأوسط)، إننا سنكون بحاجة إلى تقديم أفكار أخرى للحكومتين الأميركية والسوفياتية. من الضروري أن ينخرط الدكتور فالدهايم في البحث عن حل. آلية الأمم المتحدة للإشراف على الهدنة ربما تكون المصدر الوحيد الفوري للمساعدة في محاولة الحفاظ على وقف النار. لقد حصل فعلاً بعض القتال، وإذا لم تحصل إعادة تموضع للقوات فإن مخاطر النزاع ستبقى، مهما كانت رغبة المصريين والإسرائيليين في تفادي ذلك. وهذا الأمر بدوره قد يعتمد على بدء المفاوضات».

حظر النفط و«اللوبي» الإسرائيلي

ويكشف ملحق سري بمحضر جلسة أخرى لمجلس الوزراء عُقدت يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973، أن حكومة هيث كانت تستعد لبدء فرض ترشيد إمدادات النفط إلى محطات الوقود في ضوء حظر النفط الذي أعلنته دول عربية.

وينقل المحضر عن وزير الخارجية دوغلاس هيوم قوله في الاجتماع إن «التقارير الأولية عن المناقشات التي حصلت في القاهرة في اليوم السابق (في 7 نوفمبر) بين الرئيس السادات ووزير الخارجية الأميركي الدكتور كيسنجر، تشير إلى أنهما اتفقا على السعي إلى ترتيبات يتم بموجبها فتح الطريق أمام الجيش الثالث المصري تحت إشراف مراقبي الأمم المتحدة، ويتم تبادل للسجناء، وخلال 10 أيام إلى 15 يوماً يبدأ مؤتمر سلام. مستشار الدكتور كيسنجر، السيد سيسكو، نقل المقترحات إلى إسرائيل. الدكتور كيسنجر بدا أنه يعتقد أن رئيسة وزراء إسرائيل، السيدة (غولدا) مائير، ستقبلها، رغم أنها خلال زيارتها الأخيرة لواشنطن كانت متعنتة ولم يتم تحقيق تقدم معها.

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ونظيرته الإسرائيلية في لندن 12 نوفمبر 1973 (غيتي)

النية هي أن مؤتمر السلام يجب أن يكون بحضور الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور فالدهايم، المتصارعون، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. لقد علمنا من المصريين أنهم يفضّلون مؤتمراً أوسع نوعاً ما، بما أنهم لا يرغبون في أن يكون الاتحاد السوفياتي مستشارهم الوحيد. ولكن ليس من المستحسن لنا وللفرنسيين أن نحاول في الوقت الحالي أن نشارك في المؤتمر، رغم أن هذا الاحتمال يمكن أن يُثار في وقت لاحق. المؤن الأميركية من العتاد الحربي للإسرائيليين، والمؤن السوفياتية للمصريين، انخفضت إلى مستويات متدنية نسبياً. بحلول هذا الوقت، المعدات التي خسرها الطرفان تم على الأرجح استبدالها. كل من الطرفين لا يطلب منا أن نستأنف الإمدادات».

الجسر الهولندي

وينقل المحضر عن مستشار دوقية لانكستر الوزير جون ديفيز (الوزير المسؤول عن العلاقات من المجموعة الأوروبية) قوله إن اجتماع مجلس وزراء المجموعة الاقتصادية الأوروبية الذي انعقد في وقت سابق من الأسبوع في بروكسل، «هيمنت عليه قضية النزاع بين العرب وإسرائيل وتداعيات ذلك على إمدادات أوروبا من النفط». بيان وزراء خارجية «مجموعة الدول التسع» (ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، والدنمارك، وآيرلندا، والمملكة المتحدة)، رغم أنه قوبل بانتقادات واستقبال سيئ من وسائل الإعلام، فإنه مثّل إنجازاً معتبراً في تضامن المجموعة (الأوروبية) وكذلك مساهمة مفيدة في البحث عن تسوية في الشرق الأوسط. المملكة المتحدة وفرنسا لديهما الآن موقف ثابت في المجموعة يمكن على أساسه تثبيت جهودهما لإقناع الدول العربية بتخفيف حظرها على إمدادات النفط إلى هولندا. رغم أنه لم تظهر مؤشرات حتى الآن على أن نقصاً خطيراً في الوقود يحصل في أوروبا، فإن الوضع غير مؤكد للغاية. نصف إمدادات النفط التي تصل في العادة إلى هولندا، يتم توجيهه لإعادة التصدير إلى ألمانيا الغربية وبلجيكا. وحكومتا هذين البلدين قلقتان جداً من احتمال أنه في حال استمر انقطاع إمدادات النفط عن هولندا، فإن الرأي العام قد يُرغم الحكومة الهولندية على منع الصادرات. ولكن يبدو أن نقطة الأزمة لن يتم الوصول إليها قبل نحو 10 أيام».

ويتابع المحضر: «في النقاشات تم التلميح إلى أنه رغم أن التفكير من جديد يجب أن يُعطى الآن لترتيبات المشاركة (في الإمدادات النفطية) بموجب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الحكومة الهولندية أقرت في شكل غير علني بأن أي محاولة من قبل شركائها في المجموعة الاقتصادية الأوروبية لتحويل إمدادات النفط الخام إلى روتردام، في تحدٍ للحظر العربي، سيكون أمراً بالغ الخطورة.

ولكن في الوقت الراهن من المستحسن ألا تتم محاولة وقف التدفق الطبيعي للمواد البترولية بين الدول الأعضاء في المجموعة. ولكن الفرصة لا يجب أن تضيع من خلال تحويل تضامن المجموعة (الأوروبية) في خصوص هذه المسألة إلى فائدة، وذلك عبر الاحتجاج أمام الدول العربية على الاستخدام السياسي لسلاح النفط ضد أوروبا. لقد ذُكر أن الدول المنتجة فوجئت وشعرت بالرضا لعدم وجود أي رد منسق من الحكومات المستهلكة في أعقاب الزيادات الأخيرة في الأسعار، ولكن لا يجب أن يُتركوا للافتراض أن عملهم هذا لن يواجه تحدياً. ولكن في المقابل تم تسجيل أن الحكومتين الإيرانية والسعودية أوضحتا، رداً على طلباتنا، أنهما تنظران إلى هذه التطورات في ضوء تاريخ طويل من استغلال مصادرهما من قبل الدول الغربية. ورغم أن الموقف الذي تم الوصول إليه في المجموعة الاقتصادية الأوروبية يوفر أساساً متيناً يمكن عليه تطوير مقاربة مشتركة أمام منتجي النفط، ولكن هذه العملية يجب أن تأخذ وقتها. ولا يجب النسيان أنه حتى بدايات الثمانينات على أقل تقدير، عندما تبدأ إمدادات النفط من بحر الشمال بجعلنا في اكتفاء ذاتي إلى حد كبير، فإننا كبقية أوروبا سنواصل الاعتماد بشكل كبير على الشرق الأوسط. القدرة العملية لكل منتج أساسي للنفط هي القدرة القصوى لتلبية الطلب حالياً. الدول العربية في وضع يتيح لها ليس فقط إزعاجنا بإرغامنا على ترشيد البترول وتحديد الواردات، ولكن أيضاً لشل الصناعة، والتسبب في ضرر واسع باقتصادنا وببطالة ضخمة».

الإعلام وإسرائيل

ويتابع المحضر: «في ضوء هذه الخلفية، تم الأخذ في عين الاعتبار أن الدرجة التي نحن فيها بالنسبة إلى الاعتماد على الإمدادات النفطية من الدول العربية، تثير أسئلة صعبة عند تقديم السياسات الحكومية للشعب. هناك صدقية كبيرة يتم إعطاؤها لرواية الأحداث التي توحي بأن الحكومة خضعت لابتزاز منتجي النفط العرب من أجل تبني موقف خسيس بالنسبة إلى النزاع بين العرب وإسرائيل، في تجاهل للتعاطف الشعبي مع إسرائيل والقلق على استمراريتها».

ويواصل المحضر أن «الإعلام، الذي بدا منفتحاً في شكل كبير على التأثير الإسرائيلي، قدّم فقط جانباً واحداً من القضية وتجاهل الجهود الحكومية المتواصلة التي تم التعبير عليها أولاً في خطاب وزير الخارجية في هاروغيت في أكتوبر 1970، من أجل إقناع حكومة إسرائيل بأنه لا يمكن أن يكون هناك تسوية دائمة في الشرق الأوسط ما دامت تسعى إلى حماية حدودها بالسيطرة على الأراضي العربية بقوة السلاح. ولكن الحكومة (البريطانية) لم تنصح أبداً إسرائيل بأن تنسحب انسحاباً غير مشروط من تلك الأراضي من دون ضمان لأمنها. لقد تم الإيحاء بأن موقف الحكومة من هذه المسألة لا يتم تقديره تقديراً حسناً سواء من المجتمع اليهودي في هذا البلد ولا من الرأي العام في شكل أكبر. لا يجب أن يُهمل أي جهد من أجل جعل هذا الموقف مفهوماً. ومن أجل هذه الغاية سيكون في المفيد تقديم شرح وافٍ عن هذه المسائل لأعضاء مجلس الوزراء، بما في ذلك الحقائق والاعتبارات التي تدفع الحكومة إلى (اعتماد) هذه السياسة. إضافة إلى ذلك، تمت الإشارة إلى أنه على رغم أن المصالح الضرورية لأمن إسرائيل يجب أن تُدعم، وعلى رغم أن وضعها كضحية لعداء عربي متواصل وتعرضها لهجمات متواصلة منذ إنشائها يجب أن يحظى ذلك بدرجة من التعاطف، ولكن أن يتم تقديم الدعم على هذا الأساس لكل عمل مبالغ فيه من الإسرائيليين، أو قبول وجهة نظرهم في شأن الأوضاع من دون نقد، لن يفيد كثيراً مصالحهم الضرورية، أو مصالحنا. في الواقع، من مصلحتهم أن تكون هناك دول غربية قادرة على ممارسة تأثير على العرب. رغم ذلك، هناك لوبي كبير وفاعل يعمل في هذا البلد لدعم قضية إسرائيل. ومن الصعب أن يتم الاستماع إلى وجهة نظر متوازنة. من المهم أن يفهم المجتمع اليهودي وغيره أن التعاطف الشعبي مع إسرائيل سيتبخر بسرعة إذا جلب التصلب من جهتها تجاه تسوية سلمية أضراراً باقتصادنا من خلال عرقلة إمدادات النفط لنا».

ورقة حقائق للوزراء

اختتم رئيس الوزراء، بحسب المحضر، المناقشات بالقول «إن الحكومة أخذت علماً بآخر تطورات الشرق الأوسط وكذلك بنتائج اجتماع مجلس وزراء المجموعة الاقتصادية الأوروبية. تتم المراقبة عن قرب لإمداداتنا النفطية، واللجنة الوزارية الخاصة بالاستراتيجية الاقتصادية ستراجع هذا الوضع في وقت لاحق اليوم. نوايا المنتجين العرب يتم التأكد منها (حالياً)، وهناك اتصال وثيق بشركات النفط. تحضيرات طارئة لتقييد استهلاك النفط في هذا البلد على وشك الاكتمال. ترشيد النفط يمكن أن يتم استحداثه خلال مهلة ثلاثة أسابيع في حال كان ذلك ضرورياً. قرار التوزيع (توزيع المشتقات النفطية) يمكن أن يُتخذ خلال أيام قليلة. في خصوص القضايا الأوسع التي أثيرت في مناقشات مجلس الوزراء، تم إبداء قلق من أن موقف الحكومة الذي تم التزامه في شكل متواصل منذ عام 1970، ليس مفهوماً في شكل واسع، بل ويتم تقديمه في شكل مغاير. الوزراء يرغبون في استخدام أي فرصة متوفرة من أجل تشجيع حصول تقدير شعبي أوسع لسياسة الحكومة، والاعتبارات التي تملي هذه السياسة. من أجل هذه الغاية، سيكون من المفيد أن يوزع وزير الخارجية والكومنولث ورقة تحدد الحقائق في شكل مفصل وتشير إلى زملائه الوزراء ما هو الخط الذي يمكن التزامه في النقاشات العمومية. الورقة يجب أن تقدم إرشاداً لسياستنا في خصوص إمدادات السلاح ورداً على الانتقادات أننا منعنا الولايات المتحدة من استخدام منشآت في إطار جهدها لتقديم الدعم لإسرائيل. وزير التجارة والصناعة يجب أن يوزع ورقة بخصوص موقفنا من إمدادات النفط، ويشرح فيها الدرجة التي نعتمد فيها على النفط العربي، والضمانات التي تلقيناها، والإجراءات الاحتياطية المتخذة سواء في هذا البلد أو في بقية الدول المستهلكة».


مقالات ذات صلة

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

نفت النيابة العامة في مصر وجود علاقة بين «الدارك ويب» أو ما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم» وقضية «التحرش» بإحدى المدارس الدولية في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

المؤشرات الأولية تشير إلى تزايد فرص المرشحين المستقلين؛ إذ يخوض أكثر من 30 منهم جولة الإعادة المقررة في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».