ما هي مواصفات الجزر المفيد لصحة العين؟

المدهش أنّ الجينات المطلوبة يجب أن تكون مُتنحية أو مُعطلة

الجزرة البرتقالية قد تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء (جامعة ولاية كارولينا)
الجزرة البرتقالية قد تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء (جامعة ولاية كارولينا)
TT

ما هي مواصفات الجزر المفيد لصحة العين؟

الجزرة البرتقالية قد تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء (جامعة ولاية كارولينا)
الجزرة البرتقالية قد تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء (جامعة ولاية كارولينا)

«الجزر يقوّي النظر»، عبارة يردّدها البعض، لكنْ بالطبع لها أساس علمي، وهو احتواء الجزء وخصوصاً البرتقالي، على كميات عالية من «الكاروتينات» التي يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض العيون.

و«الكاروتينات» هي مركبات نباتية طبيعية تُعطي الجزر لونه البرتقالي، وتلعب دوراً مهماً في صحة الإنسان، بما في ذلك تحسين صحة العين، عبر حمايتها من التلف الناتج عن الضوء الأزرق الضار، الذي قد يؤدّي إلى إعتام العدسة.

وأظهرت دراسة أميركية، أنّ هناك 3 جينات محدّدة تُعطي الجزر لونه البرتقالي المفيد لصحة العين، ونُشرت النتائج (الخميس) في دورية «نيتشر بلانتس». وقال الباحثون إنّ المثير للدهشة، أنهم وجدوا أنّ هذه الجينات الثلاثة المطلوبة يجب أن تكون مُتنحية أو مُعطلة.

ورأى الأستاذ المشارك في علوم البستنة بمعهد النباتات من أجل صحة الإنسان بجامعة ولاية كارولينا الشمالية الأميركية، والمؤلّف المشارك في الدراسة الدكتور ماسيمو إيوريزو، أنه «في العادة، للقيام ببعض الوظائف، تحتاج إلى تشغيل الجينات»، مضيفاً في تصريحات نُشرت على موقع الجامعة: «لكن في حالة الجزر البرتقالي، يجب إيقاف الجينات التي تُنظم (الكاروتينات) البرتقالية التي ثبت أنها توفر فوائد صحية».

وللوصول إلى النتائج، عمل الباحثون على إجراء مخططات جينية لـ630 جينوماً، لأنواع مختلفة من الجزر في فحص مستمر لتاريخ الجزرة البرتقالية. وأجروا ما يُسمّى بعمليات المسح الانتقائية، وهي تحليلات هيكلية بين 5 مجموعات مختلفة من الجزر للعثور على مناطق الجينوم التي اختيرت بشكل كبير في مجموعات معيّنة.

ووجدوا أنّ العديد من الجينات المشاركة في الإزهار اختيرت في مجموعات متعدّدة في الجزرة البرتقالية، ومن المرجح أن تتكيّف مع مناطق جغرافية مختلفة.

ماسيمو إيوريزو يفحص الجزر البرتقالي لمعرفة خصائص لونه المميز (جامعة ولاية كارولينا)

ووفق الدراسة، ظهر الجزر البرتقالي في أوروبا الغربية في القرن الخامس عشر أو السادس عشر تقريباً.

وقال إيوريزو إنّ الجزرة البرتقالية ربما تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء؛ فالجزر الأبيض والأصفر موجود في قاعدة شجرة النشوء والتطور للجزرة البرتقالية.

وأدّى اللون والنكهة الأكثر حلاوة للجزرة البرتقالية إلى زيادة شعبيتها واختيار المزارعين لهذه السمات.

وطُوِّرت أنواع مختلفة من الجزر البرتقالي في شمال أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ونمت شعبية الجزر البرتقالي لاحقاً مع التوصّل إلى فهم أكبر لمركبات «ألفا» و«بيتا كاروتين»؛ المادة الأولية لفيتامين «أ» في النظام الغذائي، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

وتابع إيوريزو: «حصلت (الكاروتينات) على اسمها لأنها عُزلت للمرة الأولى من الجزر»، مشيراً إلى أنّ نتائج البحث تُضيء على السمات المهمّة في جهود تحسين الجزر، وقد تؤدّي إلى استخلاص فوائد صحية أفضل من الخضراوات.


مقالات ذات صلة

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

صحتك يمكن للقناع تحليل المواد الكيميائية في التنفُّس فوراً (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

طوّر باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قناعاً ذكياً يُستخدم لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وتشخيص مجموعة من الأمراض بشكل فوري من خلال التنفُّس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

أظهر مسح شمل 1563 شخصاً بالغاً أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك هناك تزايد مستمر في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض (رويترز)

تتسبب في أمراض «قاتلة»... كيف تحمي نفسك من لدغات البعوض؟

رصدت الولايات المتحدة تزايداً مستمراً في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض. ومؤخراً، توفي أحد سكان نيوهامشير الأميركية بسبب مرض نادر، ولكنه خطير ينقله البعوض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يعاني من جدرة القردة والذي يعد البثور والطفح الجلدي أحد أعراضه (أ.ب)

ما أضرار فقع البثور الجلدية؟

يمكن أن يكون لفقع البثور تأثير ضار على صحة البشرة، حيث يتسبب ذلك في تلف الجلد، ما قد يؤدى إلى إصابته بكثير من المشاكل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

تعتمد التقنية على تحويل الإشارات العصبية في الدماغ إلى نصوص منطوقة ما يمكّن المرضى من «التحدث» بأفكارهم بدقة تصل إلى 97.5 في المائة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».