«الجزر يقوّي النظر»، عبارة يردّدها البعض، لكنْ بالطبع لها أساس علمي، وهو احتواء الجزء وخصوصاً البرتقالي، على كميات عالية من «الكاروتينات» التي يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض العيون.
و«الكاروتينات» هي مركبات نباتية طبيعية تُعطي الجزر لونه البرتقالي، وتلعب دوراً مهماً في صحة الإنسان، بما في ذلك تحسين صحة العين، عبر حمايتها من التلف الناتج عن الضوء الأزرق الضار، الذي قد يؤدّي إلى إعتام العدسة.
وأظهرت دراسة أميركية، أنّ هناك 3 جينات محدّدة تُعطي الجزر لونه البرتقالي المفيد لصحة العين، ونُشرت النتائج (الخميس) في دورية «نيتشر بلانتس». وقال الباحثون إنّ المثير للدهشة، أنهم وجدوا أنّ هذه الجينات الثلاثة المطلوبة يجب أن تكون مُتنحية أو مُعطلة.
ورأى الأستاذ المشارك في علوم البستنة بمعهد النباتات من أجل صحة الإنسان بجامعة ولاية كارولينا الشمالية الأميركية، والمؤلّف المشارك في الدراسة الدكتور ماسيمو إيوريزو، أنه «في العادة، للقيام ببعض الوظائف، تحتاج إلى تشغيل الجينات»، مضيفاً في تصريحات نُشرت على موقع الجامعة: «لكن في حالة الجزر البرتقالي، يجب إيقاف الجينات التي تُنظم (الكاروتينات) البرتقالية التي ثبت أنها توفر فوائد صحية».
وللوصول إلى النتائج، عمل الباحثون على إجراء مخططات جينية لـ630 جينوماً، لأنواع مختلفة من الجزر في فحص مستمر لتاريخ الجزرة البرتقالية. وأجروا ما يُسمّى بعمليات المسح الانتقائية، وهي تحليلات هيكلية بين 5 مجموعات مختلفة من الجزر للعثور على مناطق الجينوم التي اختيرت بشكل كبير في مجموعات معيّنة.
ووجدوا أنّ العديد من الجينات المشاركة في الإزهار اختيرت في مجموعات متعدّدة في الجزرة البرتقالية، ومن المرجح أن تتكيّف مع مناطق جغرافية مختلفة.
ووفق الدراسة، ظهر الجزر البرتقالي في أوروبا الغربية في القرن الخامس عشر أو السادس عشر تقريباً.
وقال إيوريزو إنّ الجزرة البرتقالية ربما تكون نتجت عن تهجين جزرة بيضاء وأخرى صفراء؛ فالجزر الأبيض والأصفر موجود في قاعدة شجرة النشوء والتطور للجزرة البرتقالية.
وأدّى اللون والنكهة الأكثر حلاوة للجزرة البرتقالية إلى زيادة شعبيتها واختيار المزارعين لهذه السمات.
وطُوِّرت أنواع مختلفة من الجزر البرتقالي في شمال أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ونمت شعبية الجزر البرتقالي لاحقاً مع التوصّل إلى فهم أكبر لمركبات «ألفا» و«بيتا كاروتين»؛ المادة الأولية لفيتامين «أ» في النظام الغذائي، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
وتابع إيوريزو: «حصلت (الكاروتينات) على اسمها لأنها عُزلت للمرة الأولى من الجزر»، مشيراً إلى أنّ نتائج البحث تُضيء على السمات المهمّة في جهود تحسين الجزر، وقد تؤدّي إلى استخلاص فوائد صحية أفضل من الخضراوات.