لودريان يدعو اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث»

تعثّر المباحثات اللبنانية لانتخاب رئيس يكرّس مبادرات الخارج عاملاً وحيداً

لودريان يدعو إلى «خيار ثالث» في انتخابات الرئاسة اللبنانية (إ.ب.أ)
لودريان يدعو إلى «خيار ثالث» في انتخابات الرئاسة اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

لودريان يدعو اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث»

لودريان يدعو إلى «خيار ثالث» في انتخابات الرئاسة اللبنانية (إ.ب.أ)
لودريان يدعو إلى «خيار ثالث» في انتخابات الرئاسة اللبنانية (إ.ب.أ)

دخل العامل الخارجي لاعباً أساسياً في الاستحقاق الرئاسي اللبناني المتعثّر، بعدما فشلت جميع المبادرات الداخلية لحله، حيث ينتظر اللبنانيون ما سيحمله الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الشهر المقبل إلى بيروت، وما ستفضي إليه لقاءات غير معلنة لموفد قطري في بيروت، حسبما قالت مصادر نيابية مطلعة على مباحثات الملف الرئاسي، وسط استبعاد لتحقيق أي اختراق في الأفق المنظور للملف.

واستبق لودريان زيارته إلى بيروت بدعوة المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة، فيما لا يمتلك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشّحه، بعد نحو 11 شهراً من شغور المنصب.

وقال لودريان في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الثلاثاء بعد ثلاثة أشهر من بدء مهمته بشأن لبنان: «من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث».

وقال الموفد الفرنسي الذي يزور بيروت في الأسابيع المقبلة لاستكمال مهمته: «ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح»، في إشارة إلى فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور الذي رشحته المعارضة. ورداً على سؤال، رفض لورديان تسمية مرشّح، مؤكداً أنه ليس إلا «وسيطاً»، وأنّ الأمر متروك للبنانيين لإبرام تسوية. وقال: «أجريت مشاورات أظهرت أنّ أولويات الأطراف الفاعلة يمكن بسهولة أن تكون موضوع توافق».

ولفت إلى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني (فرنسا والسعودية ومصر والولايات المتحدة وقطر) «منزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان».

الموفد الفرنسي لودريان مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيروت في يونيو الماضي (رويترز)

وتعقدت المباحثات الداخلية اللبنانية لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، إثر تمسك ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» بدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، بموازاة رفض مباشر من قبل حزب «القوات اللبنانية» لدعوة رئيس البرلمان نبيه بري للحوار، وشروط وضعها «التيار الوطني الحر» للمشاركة في الحوار. وسحب بري مبادرته في تصريح صحافي، إثر رفضها من طرفين مسيحيين مؤثرين في البرلمان اللبناني.

لكن في موازاة ذلك يجول موفد قطري في زيارات غير معلنة على بعض الأفرقاء اللبنانيين، تمهيداً لزيارة يقوم بها وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري إلى بيروت في وقت لاحق، حسبما تقول المصادر، في حين يتوقع أن يعود لودريان إلى بيروت في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقالت المصادر إن «كل الأمور معلقة الآن حتى مطلع الشهر المقبل، حيث ننتظر ما سيحمله الموفدون الخارجيون»، نافية انسحابات المرشحين المعلنين من السباق، أو أن تكون هناك نية لانسحاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية منه.

وأعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصة «إكس» أن سفيرها لدى لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، زار رئيس كتلة «حزب الله» النيابية النائب محمد رعد، حيث استعرضا العلاقات بين البلدين، وبحثا الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.

لودريان في ضاحية بيروت الجنوبية حيث التقى رئيس كتلة «حزب الله» في البرلمان محمد رعد في 27 يوليو الماضي (رويترز)

وقالت مصادر مطلعة على التحركات القطرية باتجاه «حزب الله»، إن لقاء جمع موفداً قطرياً في بيروت هو أبو فهد جاسم آل ثاني مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل يوم الخميس الماضي، فيما التقى السفير النائب رعد يوم الاثنين. وقالت المصادر إن الموفدين «طرحا في معرض النقاش أن فرص فرنجية ضئيلة في ظل الرفض المسيحي له، وفرص قائد الجيش العماد جوزيف عون ضئيلة أيضاً في ظل معارضة كبيرة من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وبالتالي من المفضل البحث عن خيار ثالث»، لافتة إلى أن الموفد القطري «طرح الأسماء الأربعة التي باتت معروفة»، ومن بينها مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري، وثلاثة آخرون.

وقالت المصادر إن الرد على الطروحات القطرية كان يفيد بأن الحزب «لديه مرشح معلن، فلماذا تجري مطالبته بالتخلي عنه بينما المشكلة عند الآخرين». وتابعت بأن ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» متمسك بدعم ترشيح فرنجية.

«حزب الله» ما زال متمسكاً بدعم سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية (إ.ب.أ)

وخلافاً للتقديرات التي نعت مبادرات خارجية ساعية لإحداث اختراق في الجمود الرئاسي، قالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يبقَ إلا المبادرات الخارجية التي لا تزال المنفذ الوحيد، بعد انتهاء المبادرات الداخلية، مشيرة إلى أن «العامل الخارجي بات اللاعب الأساسي»، فضلاً عن أن «الملفات تداخلت ببعضها. بات هناك ربط غير دقيق لملف الاستحقاق الرئاسي بملفات أخرى، ما يشير حكماً إلى أن التعقيدات تعرقل التوصل إلى اتفاق». وقالت إن اللبنانيين «ينتظرون مطلع الشهر المقبل الذي سيشهد وصول طلائع الموفدين لمعرفة ما سيحملونه».

وقالت المصادر إن «مهمة الموفد القطري هي استطلاعية، ويفترض أنها لا تزال في بدايتها»، مضيفة أنه «من السابق لأوانه الحكم على المبادرة، أو اغتيالها قبل ولادتها، خصوصاً أننا لا نعرف بعد ملامحها ومواصفاتها».

وتلتقي هذه المعلومات مع ما قاله رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعد زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بقوله: «لا أقول إن هناك أمراً انتهى وأمراً آخر بدأ... دائماً كان هناك اهتمام من الدولتين بموضوع لبنان وبأن تحصل إصلاحات وأن تكون هناك قدرة للاستثمار فيه، ومن الجيد جداً أن نخرج كلبنانيين من فكرة أن هناك من سيأتي دائماً لإعطائنا المال لنضعه في وعاء مثقوب... واجبنا القيام بإصلاحات في بلدنا حتى تهتم الدول والشركات والأفراد بالاستثمار». وقال باسيل: «إما أن يحصل تفاهم يوصل إلى إجماع أو موافقة عريضة على رئيس، وهذا ما نتمناه لينجح الرئيس... وإما في حال عدم التفاهم فلنذهب إلى جلسة مفتوحة وليربح من يربح».

قائد الجيش اللبناني جوزيف عون... اسم مطروح لرئاسة الجمهورية (حساب الجيش اللبناني على منصة إكس - أ.ف.ب)

ورأى باسيل أنه «لا حل لموضوع الرئاسة إلا بالتفاهم والشراكة المتوازنة، وهذا ما يتطلب بطبيعة الحال حواراً»، مضيفاً: «نحن لم نكن يوماً إلا مع الحوار، لكن نعرف أن الحوار يجب أن يكون مجدياً». وتابع: «لهذا أكدنا للمفتي وتوافقنا معه على أن للحوار ظروفاً، كي لا نقول شروطاً، حتى ينجح... ومنها أن يفسح المجال فيه ليس للأمور الخشبية والمعلبة والطاولات المستديرة لأنها لا تنتج توافقاً على اسم، بل لتشاور ثنائي وثلاثي وأيضاً جماعي للوصول إلى انتخاب رئيس وفق خطوط عريضة متفق عليها بين اللبنانيين».

وبينما يتمسك ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» بدعم فرنجية، يتمسك حزب «القوات اللبنانية» بعقد جلسة انتخابية التزاماً بالدستور. وقال عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب زياد حواط في منصة «إكس»: «المبادرة الوحيدة القابلة للترجمة والتطبيق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي واضحة وبسيطة وهي التزام الدستور من خلال الدعوة بأسرع وقت ممكن إلى جلسة انتخاب ودورات متتالية لحين ارتفاع الدخان الأبيض وانتخاب الرئيس». وأضاف: «كل ما عدا ذلك تجاوز للدستور وحجج للتعطيل وترسيخ للفراغ وتوغّل في المجهول».


مقالات ذات صلة

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه، ويحظى بتأييد وازن من…

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

تركيا ولبنان يتفقان على «العمل معاً» في سوريا

أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، أن أنقرة وبيروت «اتفقتا على العمل معاً في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أثار إعلان «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، في بيانات لها خلال الأيام الأخيرة، تنفيذ عناصرها في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، عمليات بأساليب تكتيكية جديدة ضد القوات الإسرائيلية، الكثير من التساؤلات في أوساط الفلسطينيين والمراقبين حول أسباب لجوئها لذلك.

وأعلنت «القسام» في التاسع عشر من الشهر الحالي، أن أحد عناصرها تمكن من طعن ضابط إسرائيلي و3 جنود من نقطة الصفر والإجهاز عليهم واغتنام أسلحتهم الشخصية في مخيم جباليا، فيما تمكن آخر في اليوم التالي من الإجهاز على قناص إسرائيلي ومساعده من مسافة صفر، وبعد ساعة من الحدث، تنكر بلباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول لقوة مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه فيهم بحزام ناسف وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفق مراقبين ومتابعين، فإنه للمرة الأولى تعلن «كتائب القسام» منذ بداية الحرب الحالية عن عمليات بهذا التكتيك، كما أنها العملية التفجيرية الثانية باستخدام حزام ناسف التي تقع منذ سنوات طويلة، بعد أن كانت تبنت برفقة «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» عملية تفجير فلسطيني من نابلس، نفسه في تل أبيب بالتزامن مع الحرب على غزة، ما أدى لإصابة إسرائيلي بجروح، وذلك بتاريخ الثامن عشر من أغسطس (آب) الماضي.

ظروف ميدانية

تقول مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن هاتين العمليتين نفذتا وفق ظروف ميدانية في ظل الهجمة المسعورة الكبيرة التي تنفذها القوات الإسرائيلية في مناطق شمال قطاع غزة، وتحديداً مخيم جباليا، وبلدة بيت لاهيا.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين، لكنه في الوقت نفسه تلقى ضربات مؤلمة لم يكن يتوقعها منذ بداية العملية.

تشييع جندي إسرائيلي قُتل في مواجهة مع مقاتلي «القسام» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم وبدون تعليمات قيادية عليا، لكنهم يضعون من هم أعلى منهم رتبة أو رفاقهم بمخططاتهم ويتحركون وفق ذلك، وبناءً على هذا التدرج يتم الإبلاغ بتلك العمليات، وبعضها أحياناً تكون مرت عليه ساعات، وفي بعض العمليات كان يتم الإعلان بعد يوم أو يومين، وفق إتاحة الظروف الميدانية لذلك».

ولعل هذا يفسر ما كان يردده «أبو عبيدة»، الناطق باسم «كتائب القسام»، في خطاباته الأخيرة قبل أشهر قليلة، حين أكد استعدادهم لحرب استنزاف طويلة، بالإشارة منه إلى استخدام تكتيكات «حرب العصابات» التي لا تخفي «حماس» أنها تعتمد عليها في العديد من الهجمات.

ولوحظ أن إسرائيل لم تعلق على بيانات «حماس» أو تعلن خسائرها.

مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

تراجع قوتها

وحسب مصادر ميدانية بغزة، فإن اللجوء لمثل هذا التكتيك بالعادة يشير إلى أن المسلحين لا يملكون أدوات أخرى، ومع مرور أكثر من 70 يوماً على عملية جباليا، فإن هذا يعد طبيعياً، ومجرد بقائهم في تلك المنطقة يحمل في طياته رسالة تحدٍ للإسرائيليين.

وأكدت المصادر أن فصائل المقاومة باتت تفقد قوتها وقدراتها، وتتراجع مع مرور الأيام بفعل الضغط العسكري الإسرائيلي الذي يمارس في العديد من المناطق، مشيرةً إلى أن حجم وعدد العمليات يتراجعان من يوم إلى آخر، خصوصاً في ظل استمرار الاغتيالات لقيادات ونشطاء الفصائل من جانب، واستمرار القوات الاحتلالية باستخدام أساليب وتكتيكات تعتمد بشكل أساسي على سياسة الأرض المحروقة بتدمير كل شيء لكشف أماكن وجود المسلحين والعمل على القضاء عليهم.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية)

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية منذ بداية هذه الحرب تعمدت استهداف مخازن الأسلحة والصواريخ وغيرها لتحييد أكبر قدر منها، لكن بعض الأسلحة كانت تصنع مع بدايات الحرب ما أبقى أكبر عدد منها متوفراً لدى المسلحين، لكن مع مرور أكثر من 15 شهراً على هذه الحرب، بدأت تفقد الأجنحة المسلحة للفصائل الفلسطينية الكثير من قدراتها.

ولفتت إلى أن ذلك جاء إلى جانب الاستهدافات المركزة من قبل القوات الإسرائيلية ضد الكادر البشري، خصوصاً من العاملين في مجال التصنيع والهندسة والذين عملوا مؤخراً على تصنيع عبوات فراغية وبعض الأحزمة الناسفة وقذائف الهاون، إلى جانب تفخيخ المنازل التي استخدمت بكثرة ضد قوات الاحتلال في جباليا.

رسائل للإسرائيليين

وتقول المصادر من «حماس» إن العمليتين الأخيرتين ستكونان بداية سلسلة عمليات مماثلة ستنفذ وفق ما تتاح الفرصة في الميدان للمقاتلين.

وبينت أن العمليتين تحملان رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأنه في حال نفدت الذخيرة ولم يعد لدى المقاومين أي أنواع أسلحة مؤثرة، فإنهم لن يتوانوا في اللجوء لاستخدام «السلاح الأبيض»، وتنفيذ عمليات طعن على غرار ما يجري بالضفة الغربية، كما أنهم لن يتوانوا في استخدام الأحزمة الناسفة، وكذلك إلقاء القنابل اليدوية عن قرب تجاه تلك القوات.

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان قرروا، ألا يعدموا الوسيلة، وأن يواصلوا مقاومتهم بكل الوسائل».

وأضافت: «المقاومة ستستمر بكل الوسائل والطرق، وهذا يحمل رسالة واضحة أن بقاء القوات الإسرائيلية في غزة سيكون له ثمن ولن يكون سهلاً كما تتوقع إسرائيل».

ويقول المحلل العسكري العقيد المتقاعد من غزة، منير حمد، إنه منذ بداية الحرب البرية، استخدمت «حماس» الكثير من التكتيكات العسكرية المختلفة، التي فاجأت في بعضها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك تكثيف استخدامها لقاذف «الياسين 105» الذي أثبت في العديد من العمليات قدرته على تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر بشرية ومادية.

وعدَّ أن العمليتين الجديدتين بمثابة تكتيك جديد قد تلجأ «حماس» لاستخدامه كثيراً، مشيراً إلى أن العمليات التفجيرية التي ينفذها مسلحون يحملون أحزمة ناسفة، ستكون له تبعات إيجابية تعود على المقاومين من حيث تكبيد الإسرائيليين خسائر، ومن جهة سيكون سلبياً في تأثيره على السكان الفلسطينيين الذين قد ترتكب القوات الإسرائيلية بحقهم عمليات إعدام ميداني بحجة الاشتباه بهم، وهذا الأمر أيضاً سيكون في حال تكررت عمليات الطعن، وكل ذلك سيكون مكلفاً كما جرى قبل عدة سنوات بالضفة عندما كان يقتل أطفال ونساء وشبان بدم بارد على الحواجز بسبب حركة مشتبه بهم، كانت في كل مرة إسرائيل تدعي أنهم كانوا يحاولون تنفيذ عمليات طعن.