«أكاديمية إم تي في»... أسرار المهنة بين يديك

أساتذتها نجوم اشتهروا عبر شاشتها

استوديوهات «أم تي في» تفتح أبوابها لطلاب الأكاديمية (أم تي في)
استوديوهات «أم تي في» تفتح أبوابها لطلاب الأكاديمية (أم تي في)
TT

«أكاديمية إم تي في»... أسرار المهنة بين يديك

استوديوهات «أم تي في» تفتح أبوابها لطلاب الأكاديمية (أم تي في)
استوديوهات «أم تي في» تفتح أبوابها لطلاب الأكاديمية (أم تي في)

تحذو قناة «إم تي في» اللبنانية حذو قنوات أجنبية وعربية تسهم اليوم في تخريج جيل إعلامي مصقولة مواهبه بالعلم والمعرفة والعمل التطبيقي.

ومن باب حرصها على مدّ المعجبين بأسلوبها الإعلامي، قررت نشره على طريقتها. «أكاديمية إم تي في» أول صرح أكاديمي يولد من رحم محطة تلفزيونية لبنانية، هدفه صناعة نماذج إعلامية ناجحة تشبه بتفكيرها وأسلوبها المحطة نفسها.

«رانيا أشقر مديرة «أكاديمية أم تي في

أسست هذه الأكاديمية إحدى مذيعاتها رانيا أشقر، صاحبة خبرة تربوية عالية. تحمل شهادة الدكتوراه بالإعلام والتربية، والماجستير في الأدب الفرنسي. وبعد عدة محادثات أجرتها مع إدارة المحطة المذكورة نجحت في تنفيذها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تراودني الفكرة كما أصحاب المحطة منذ وقت طويل، وحان الوقت اليوم لتنفيذها على المستوى المطلوب. وضعت المنهج الدراسي وأدرجت المواد التدريسية والتطبيقية اللازمة. وجميع هذه المواد يحتاجها كل إعلامي يبغي التقدم والتطور. وأنا شخصياً تلقيت دروساً خاصة مع مدربين وخبراء في المجال، لأصقل تجربتي الإعلامية».

تقدم «أكاديمية إم تي في» حصصاً دراسية ضمن دورات مكثفة تصل إلى 40 ساعة للواحدة منها. وتستغرق نحو 5 أشهر بحيث يتلقى الطالب 10 مواد مختلفة. وتوضح أشقر: «هذه المواد توزع على الطلاب، كل حسب حاجته، فيمكن أن تقل أو تزيد. وهي مواد تؤلف الركيزة الأساسية لمقدم برامج أو مذيع تلفزيوني أو محاور وما إلى هنالك من مهمات إعلامية يحب القيام بها».

خبيرة التجميل ليلى عبيد تعطي دروساً عن الماكياج

وضعت أشقر المنهج الدراسي بتأنٍّ، وتطلب منها الأمر أبحاثاً كثيفة واتصالات مع خبراء وأصحاب مهن إعلامية. وتتابع: «حتى الموقع الإلكتروني الخاص بالأكاديمية تطلّب منا الكثير من التحضير واستغرق نحو 3 أشهر لإنجازه. واليوم من يدخل الموقع يمكنه الاطلاع بوضوح على كل ما تقدمه الأكاديمية في إطار الإعلام».

دورتان في السنة حُدّدتا لإتمام هذه المهمة، وفي كل دورة يمكن استيعاب 20 شخصاً: «نبدأ بدورتنا الأولى في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، واضطررنا إلى زيادة عدد الطلاب ليصبح 27 طالباً بدلاً من 20 للإقبال الكبير الذي شهدناه».

نجوم شاشة «إم تي في» إضافة إلى خبراء متخصصين بالإعلام سيقومون بمهمة إعطاء هذه الحصص، وبينها ما يتعلق بالبرامج السياسية والأخبار والريبورتاج وغيرها. ومن بين هؤلاء مذيع نشرات الأخبار ماجد بوهدير، والمحاور السياسي داني حداد، ومذيع فترات الصباح إيلي أحوش، ورانيا أشقر نفسها، وغيرهم. كما تخصص هذه الدورات فقرات خاصة بالأزياء ولغة الجسد والجمال، وتشارك في تدريسها خبيرة التجميل ليلى عبيد، وخبيرة الـ«إتيكيت» نادين ضاهر.

ماجد بو هدير تستفيد «أكاديمية أم تي في» من خبراته الإعلامية

وستركن الأكاديمية أيضاً إلى استضافة نجوم يعملون في الإعلام عامة، فيزودون الطلاب بخبراتهم، ولكن ماذا عن الشهادة التي يحصل عليها الطالب ومدى موضوعيتها؟ ترد رانيا أشقر: «الشهادة ستكون رسمية وموقعة من وزارة الإعلام في لبنان وبالتعاون مع جامعتين لبنانيتين وهما (إن دي يو) واليسوعية. فطلابهما أيضاً، يمكن أن يتابعوا هذه الحصص عندنا في الأكاديمية. طلاب الإعلام في مختلف الجامعات يحتاجون دروساً تطبيقية في المرئي والمسموع. وكلنا نعلم أن الإعلام يحتاج تمرينات مكثفة كي يصل طالبه إلى المستوى المطلوب».

الدورة الثانية التي بدأت الأكاديمية تسجيل طلابها تبدأ في فبراير (شباط) من عام 2024. وتخبرنا أشقر عن نوعية هؤلاء الطلاب: «هناك بالطبع طلاب إعلام ومحامون ومديرو شركات ورجال أعمال ومن مهن أخرى. جميعهم يحتاجون هذه المهارات للتميز في مهنهم وتقديم الأفضل».

مساحة خاصة استحدثتها «إم تي في» لطلاب الأكاديمية في صرحها الواقع في منطقة النقاش. وستعزز هذه الدروس بأخرى تطبيقية تجري في استوديوهاتها.

وتخصص الأكاديمية مقعداً دائماً لطالب ذي إمكانات اجتماعية بسيطة، فتوفر الفرصة له ليتابع الدورة مجاناً في مبادرة إنسانية تتبعها.

لارا لحد ابنة الـ«إم تي في» ومديرة قسم التواصل ومسؤولة عن الكاستينغ والتدريب التلفزيوني فيها، تشارك أيضاً ضمن فريق الأكاديمية. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «سيطّلع طلاب الأكاديمية من خلال انتسابهم إليها على أسرار المهنة، التي تؤمن لهم النجاح في المستقبل عند مزاولتهم العمل. ونحرص على إعطاء دروس نظرية وأخرى تطبيقية، فيعيشون تجربة تلفزيونية واقعية بكل أبعادها».

لارا حاملة شهادتين جامعيتين في الترجمة واللغات الحية، توضح طبيعة المواد التي ستعطيها لطلاب الأكاديمية: «من بين 11 مادة تعطى للطلاب سأدرس (فن الوقوف أمام الكاميرا)، و(المحتوى الإبداعي)».

في الأولى يتعرف الطلاب على كل ما يتعلق بوقوفهم أمام الكاميرا وكيفية التعاطي معها. وفي الثانية ستُعطي لارا الدروس المتعلقة بكيفية خلق محتوى تلفزيوني، لتزوّد الطالب بفكرة شاملة وواضحة عن كيفية صناعة برنامج تلفزيوني ووضع فكرته وتنفيذها. وكذلك تزويده بخبرة تلفزيونية تخوله تصدر وسائل التواصل الاجتماعي (تراند) والأداء الذي يجب أن يتبعه ليحقق هدفه وينجح.

وتشير لارا إلى أن الخبرات التي سيجمعها طالب الأكاديمية ستكون متراكمة: «سيدخل الاستوديو التصويري، ويتعامل مع المخرج، كما سيتعرف إلى أسس العمل التلفزيوني في كابينات الكونترول والريجيه. وهي أقسام أساسية في العمل التلفزيوني. ومن المواد التي سيدرسها أيضاً علم الإنتاج التلفزيوني وعملية الإعداد للبرامج، إضافة إلى غيرها».

لارا لحد مديرة قسم التواصل في «أم تي في» تدرّس فن الكاميرا (أم تي في)

وتخبرنا لارا بأن القناة ستخصص لهذه الأكاديمية ريبورتاجات مصورة تنقل للمشاهد كيفية العمل فيها: «هي كناية عن حلقة قصيرة تلخص حيثيات الدورة التدريسية وطبيعتها على الأرض. وبذلك يتعرف المشاهد على المستوى الاحترافي الرفيع الذي نوفره لطلابنا».

ومن أهداف «إم تي في»، اعتمادها في المستقبل على نخبة الطلاب المتخرجين، ليعملوا في صرحها إذا ما احتاجت لكادرات إعلامية معينة. وتختم لارا: «بذلك نكون على علم ودراية مسبقة بالطاقات التي نلجأ إليها. فهي ستكون جاهزة تماماً، وكما نرغب، لتدخل العمل التلفزيوني».


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.