«سيتي سكيب ـ مصر».. يفاجئ خبراء العقار والاقتصاد

إقبال كبير رغم غياب المسؤولين يعكس فرصًا إيجابية في مجال الاستثمار العقاري

«سيتي سكيب ـ مصر».. يفاجئ خبراء العقار والاقتصاد
TT

«سيتي سكيب ـ مصر».. يفاجئ خبراء العقار والاقتصاد

«سيتي سكيب ـ مصر».. يفاجئ خبراء العقار والاقتصاد

على الرغم من كل ما يثار عن تعرض مصر لأزمات اقتصادية شديدة ومتلاحقة منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، إلا أن ملتقى العقارات الأكبر من نوعه الذي ينظم في مصر أكد خلال الأيام الماضية أن تلك الأزمات لا تستدعي بالضرورة حدوث كبوات وركود عقاري، وهو أمر قد تنفرد به مصر بين دول العالم.
وربما كان من المدهش لخبراء العقار والاقتصاد الذين حضروا معرض «سيتي سكيب - مصر»، الذي جرى تنظيمه في المركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة المصرية القاهرة، أن يشاهدوا ذلك الإقبال الجماهيري، لتسجل الدورة الحالية أكبر حضور من نوعه في مصر منذ بدء تنظيم المعرض في نسخته المصرية قبل ثلاث سنوات.
واختتم أمس المعرض الذي استمر على مدار أربعة أيام في خمس قاعات كبرى بمركز المؤتمرات، سواء من قبل الأفراد أو المتخصصين في المجال العقاري، بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية العقارية التي شملت عروضا لأبرز مشروعات المطورين العقاريين في مصر.
وشارك في المعرض خلال دورته الأخيرة أكثر من 100 شركة من أبرز شركات الاستثمار والتطوير العقاري المحلية والعالمية، التي يتمثل أبرزها في شركات الفطيم، وكولدويل بانكر نيوهومز، وإعمار مصر للتنمية، وأبناء حسن علام، وهايد بارك، وجون لا سال، ولاميرادا، ومدينة نصر للإسكان والتعمير، ومجموعة رؤية، والسويس للتنمية الصناعية، وتبارك القابضة، ومجموعه طيبة، ويافاماك، ونيو جيزة، وأوراسكوم للإسكان التعاوني، وبالم هيلز للتعمير، وسوديك، ومجموعة طلعت مصطفى، بالإضافة إلى عدد آخر من كبرى الشركات.
ويرى خبراء اقتصاد أن نجاح المعرض يعد أحد الثمار البارزة لتنظيم مؤتمر مصر الاقتصادي الذي عقد في شهر مارس (آذار) الماضي، والذي نجح في جذب الأنظار بقوة إلى مستقبل مصر الواعد على المستويين الاقتصادي والاستثماري، خصوصا مع الإشادات والإشارات الإيجابية التي خرجت من كبار الشخصيات الدولية والاقتصادية، والمؤسسات المرموقة على غرار البنك الدولي، في هذا الشأن.
كما يرى الخبراء أن تدشين مشروع قناة السويس الجديدة، وما ظهر من خلاله من جدية الدولة في تنفيذ المشروعات، أعطى دافعا كبيرا للمستثمرين العرب والغربيين، ووضع مصداقية كبرى في قدرة مصر على تنفيذ المشروع الأكبر والأكثر طموحا الخاص بتنمية محور قناة السويس، بما يشمله من فرص اقتصادية واستثمارية هائلة. وهو الأمر الذي يدفع بقوة في اتجاه الاستثمار العقاري نتيجة ظهور عوامل نمو قوية في الدولة المصرية.
وأكد خبراء اقتصاد لـ«الشرق الأوسط» أن المفاجأة كانت أن المعرض لم يتأثر كثيرا بارتباك أجندة الحكومة المصرية على خلفية التغيير الوزاري الأخير، وهو ما أدى إلى غياب عدد من الشخصيات الرسمية التي كان من المقرر حضورها.. لكن النجاح مع ذلك يعكس بشدة ثقة المستثمرين والمستهلكين بقوة السوق العقارية المصرية، وأنه لا يعتمد على «شخصيات حكومية، بقدر ما يعتمد على سياسات واضحة استطاعت مصر تحقيقها».
وبحسب فوتر مولمان، مدير مجموعة سيتي سكيب مصر، فإن أسعار بيع الشقق والفيلات في مصر تشهد زيادة، لكن زادت أيضًا ثقة المستثمر بشكل ملموس منذ عام 2014. ويرى مولمان أنه «من منطلق خصائص الشريحة الشابة للسكان وعدد الزيجات التي تتم كل عام، ستشهد سوق الإسكان المصرية نموًا متواصلاً».
ويشير مولمان إلى أن عام 2015 شهد حضورا كبيرا ومبشرا بالنسبة لمعرض سيتي سكيب مصر، ما جعله يؤكد اعتزام المجموعة على زيادة أعداد التسجيل في المعرض المقبل المزمع عقده في نهاية شهر مارس المقبل، بل إن المجموعة عقدت بالفعل اجتماعات عدة مع العارضين لتفعيل ذلك من الآن، إلى جانب دراسة إقامة معرض عقاري آخر في الساحل الشمالي لمصر.
وكان من الملاحظ بشدة زيادة الإقبال على المعرض هذا العام من قبل أصحاب شرائح الدخل المتوسطة، وسط توقعات سبقت المعرض بأن يتجاوز عدد الزوار 13 ألف زائر. وشهد المعرض عروضا شملت مختلف الأنواع والأحجام، بما يناسب شرائح واسعة في المجتمع المصري أو الأجنبي، ما دفع المشاركين إلى توقع زيادة حجم مبيعاتهم إلى ما بين 30 إلى 40 في المائة عن العام الماضي.
وأشار عدد من المشاركين إلى أن إقامة المعارض العقارية في مصر أسهمت بشكل كبير في نمو القطاع العقاري بعد ركود استمر لعدة سنوات. وهو الأمر الذي دعمه بقوة إدراك المستثمرين المصريين والعرب والأجانب لاستقرار السوق العقارية في مصر، مع ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية الجديدة، خصوصا في ظل التسهيلات التي تقدمها أغلب الشركات على أنظمة الدفع.
وأوضحت المؤشرات الأولية على هامش المعرض أن هناك اتجاها قويا من المصريين من أصحاب الدخول المتوسطة والمرتفعة إلى التوجه نحو التكتلات السكنية الجديدة خارج نطاق وسط القاهرة، وهو ما ظهر جليا في الإقبال على عدد كبير من هذه المشروعات.
وخلال افتتاح المعرض هذا العام، قال المهندس كمال فهمي، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية في مصر، إن المعرض يعد من الأحداث الكبرى في قطاع العقارات المصري، حيث يعمل على تنشيط حركة البيع والشراء لشركات الاستثمار العقاري، بالإضافة إلى قدرته على خلق حوار فعال بين أطراف المنظومة العقارية سواء من قبل الحكومة أو القطاع الخاص، ما يساعد في صياغة رؤية مشتركة وفعالة لمستقبل القطاع العقاري الذي يتصدر القطاعات الاقتصادية من حيث القدرة التشغيلية وتوفيره لفرص عمل، وتحقيقه لمعدلات نمو مرتفعة خلال السنوات السابقة.
كما توقع فهمي أن يحقق المعرض «طفرة نوعية» للقطاع العقاري خلال العام الحالي، موضحا أن أبرز خطط المشروعات المقبلة في العاصمة المصرية تتضمن ضواحي القاهرة الجديدة، و6 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى جانب العين السخنة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».