«مجموعات عمل» دي ميستورا تترنح بين أولويات النظام السوري وتشكيك المعارضة

«الائتلاف» التقى المبعوث الدولي ونبهه إلى أن التدخل الروسي يعرقل الحل السياسي

ستيفان دي ميستورا
ستيفان دي ميستورا
TT

«مجموعات عمل» دي ميستورا تترنح بين أولويات النظام السوري وتشكيك المعارضة

ستيفان دي ميستورا
ستيفان دي ميستورا

لا تزال عملية تشكيل «مجموعات العمل» التي يسعى إليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لتهيئة الأجواء لمؤتمر «جنيف 3» تسير بخطوات متعثرة خاصة بعد الدخول العسكري الروسي المستجدّ إلى الميدان السوري والتصريحات الأخيرة لمسؤولين روس وسوريين، على حد سواء، أكدوا فيها أولوية «محاربة الإرهابيين على الحل السياسي».
دي ميستورا، بعد لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أيام، التقى يوم أمس الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، وبحث الطرفان، بحسب بيان لـ«الائتلاف»، الخطة التي قدمها المبعوث الدولي لتطبيق بيان جنيف أمام مجلس الأمن. وناقش الاجتماع الرسالة التي بعثها دي ميستورا ردًا على استفسارات واستيضاحات نقلتها الهيئة السياسية لفريقه، بتكليف من الهيئة العامة للائتلاف، أثناء اجتماعها الطارئ في وقت سابق.
وأكدت الهيئة السياسية، بحسب البيان، استكمال التشاور مع الفصائل العسكرية وأطياف المعارضة السياسية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والرجوع إلى الهيئة العامة لاتخاذ القرار المناسب. وكان قد نُقل عن دي ميستورا أنه طمأن المعلم إلى أن لقاءات فرق العمل هي «للعصف الفكري وغير ملزمة ويمكن الاستفادة مما يتم التوافق عليه بين السوريين في التحضير لـ(جنيف 3)».
بدوره، شدد المعلم مجددًا على أن «موضوع مكافحة الإرهاب في سوريا هو الأولوية، باعتباره المدخل للحل السياسي للأزمة في سوريا، وكونه يلبي تطلعات الشعب السوري في تحقيق الأمن والاستقرار»، لافتا إلى أن «سوريا ستدرس الأفكار التي قدمها المبعوث الخاص لاتخاذ الموقف المناسب تجاه مبادرته».
ومثل النظام، ما زالت المعارضة السورية مترددة بشأن المشاركة بمجموعات العمل، ومن المنتظر أن يتخذ «الائتلاف السوري» موقفًا نهائيًا في هذا الإطار، مطلع الشهر المقبل، باجتماع تعقده الهيئة العامة.
وأوضح نائب رئيس «الائتلاف» هشام مروة أن الهيئة السياسية توقفت طويلا خلال اجتماعها بدي ميستورا أمام التدخل الروسي في سوريا، ولفت إلى أنه جرى إبلاغه بأن «هذا التدخل من شأنه أن يعرقل العملية السياسية، خصوصا أن بيان جنيف كان واضحا لجهة اشتراطه أن لا تكون أي دولة ترعى العملية السياسية في سوريا متورطة بتقديم دعم عسكري لأحد طرفي الصراع».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال مروة: «كنّا حازمين بإبلاغه أننا لن نقبل بأن يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية أو بمستقبل سوريا السياسي، وأكدنا له قدرة هيئة الحكم الانتقالي على تسلم مهمة مكافحة الإرهاب، خصوصا أن كل السوريين سيكونون موحدين في ظلها».
وأشار مروة إلى أن «دي ميستورا أكد لهم أنه مع أي شيء يقرره السوريون بما يتعلق بمجموعات العمل»، نافيا أن تكون الهيئة السياسية قدمت له أي أسماء قد تشارك في هذه المجموعات باعتبار أن قرار المشاركة لم يُتخذ بعد. ومن جهة أخرى، لفت مروة إلى أن المبعوث الدولي لم يقدّم أجوبة على كل أسئلة واستفسارات المعارضة، ورد ذلك إلى كونه لا يزال يتحرك بإطار مسودات عمل وليس بإطار اتفاقات وقرارات نهائية.
وكان فريق دي ميستورا قد سلّم الأطراف المعنية بالأزمة السورية، تصورًا للحل السياسي في سوريا عبر وثيقتين؛ تتناول الأولى مسوّدة إطار تنفيذ «بيان جنيف» الصادر في يونيو (حزيران) 2012، والثانية تتناول آلية عمل مجموعات العمل الأربع التي اقترح تشكيلها من الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني.
ونصت هذه الأوراق على تفاصيل عملية سياسية من ثلاث مراحل تتضمن تشكيل ثلاثة أجسام، هي:
- هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة عدا «الصلاحيات البروتوكولية».
- «مجلس عسكري مشترك» ينسق عمل الفصائل المسلحة من قوات نظامية وفصائل معارضة، ويشرف على إصلاح أجهزة الأمن مع احتمال «إلغاء» بعض هذه الأجهزة.
- «مؤتمر وطني» وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية بـ«رعاية» الأمم المتحدة.
في هذا الوقت، قال غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو لا تستبعد عقد لقاء بين وزير خارجيتها ودي ميستورا على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنّه أوضح أن هذا اللقاء لم يُدرج بعد في جدول أعمال وزير الخارجية الروسي.
وأعلن السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبكين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيعلن عن مبادرته لحل الأزمة في سوريا ومواجهة الإرهاب خلال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر (أيلول) الحالي، وهي تتكون من ثلاث مراحل، مشيرا إلى أن «المبادرة هي نتيجة للمشاورات التي أجرتها موسكو مع الدول الفاعلة والمؤثرة على الساحة السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».