في روما... الفخامة في مواجهة البؤس

خطة لتغيير وضع المدينة ليس فقط متحفاً مفتوحاً للماضي بل مدينة للمستقبل

غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
TT

في روما... الفخامة في مواجهة البؤس

غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

في مساء أحد أيام شهر يونيو (حزيران) تناول نزلاء في قاعة الطعام المهيبة في فندق «بالاتزو فيلون» عشاءً يحمل طابع عصر الباروك وسط مرايا تعود إلى قرون طويلة مضت مزينة بصور أطفال بأجنحة ملائكية، وأرضيات رخامية مطعّمة، وسقف مغرق في البذخ، وكانت الطاولات ذات أسطح عاكسة من أجل الاستمتاع بالرسوم الجصّية. ورفع المصمم الداخلي نخب الفندق الجديد، واصفاً إياه بـ«معبد الخصوصية والخبرة».

يقع «بالاتزو فيلون»، وهو بالأساس ملحق فاخر لفندق فخم موجود بالفعل في حديقة خاصة هو فندق «فيلون»، على حافة قصر «بالاتسو بورغيزي» الذي يتخذ شكل البيانو القيثاري، ويمتد بشكل منحنٍ بين نهر التيبر وشارع فيا ديل كورسو. ويوجد في الفندق حوض سباحة، وملهى ليلي خاص، وغرف معيشة فاخرة تحمل أسماء آلهة رومانية. وتم تصور غرف النوم الثلاثة الباهرة، التي توجد إحداها في موقع كنيسة صغيرة سابقة أسفل سطح مقبب، كملجأ روماني للمليونيرات المشاهير مثل هاري وميغان ونجوم هوليوود.

غرفة بفندق بالاتزو فيلون في روما (ماسيمو بيروتي- نيويورك تايمز)

مع ذلك عندما حاول الممثل البريطاني دانيال كريغ، وزوجته الممثلة ريتشل وايز، الإقامة هنا خلال زيارة ممتدة مؤخراً، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق «شيدير»، التي تدير «بالاتسو فيلون»، إن السعر المطلوب مرتفع للغاية، وليس في متناول يد النجم الذي أدى دور العميل «007». وأوضح قائلاً: «لم يعرض ما يكفي من المال».

وتبلغ تكلفة المكان بأكمله في المتوسط 25 ألف يورو، أي ما يعادل نحو 27 ألف دولار، لليلة الواحدة. ورفضت لورا سايمونز، مسؤولة الدعاية لدى كريغ، التعليق على الأمر.

وليس ذلك السعر هو الأعلى على القائمة، ففي شارع فيا دي ريبيتا، في قلب روما، يوجد داخل فندق «بولغري هوتيل روما»، الذي تم افتتاحه مؤخراً، والذي يتضمن مداخل وأروقة تزخر بالجواهر، جناح مكون من غرفة نوم رئيسية تطل على ضريح أغسطس، وتبلغ تكلفة الإقامة به 38 ألف يورو، أي ما يعادل نحو 41 ألف دولار، لليلة الواحدة.

لطالما كانت روما، المدينة الزاخرة بالعصور المختلفة والتناقضات، مزيجاً من الطبقات العليا والدنيا، والأباطرة والعبيد، والنبلاء واللصوص المسلحين، والكسالى الفاسدين المنحلّين والأشخاص العاديين المجدّين في العمل. مع ذلك هناك شيء ما ذو طابع سوريالي يتعلق باللحظة الحالية عندما تصبح المدينة مغمورة بشكل متزايد بخيارات متعددة من الفنادق حتى وإن شعرت بقبضة ما يطلق عليه الرومان الانحلال، أي انحدار يمتد لأكثر من 15 عاماً نحو حالة قديمة ولاذعة من التخلي والهجران.

مدينة «مهجورة قليلاً»

يتساءل الكثير من أهل روما عما إذا كان المستثمرون في تلك المشروعات الجديدة شديدة الفخامة، مثل «ذا سيكس سينسيز» و«ذا فور سيزونس» و«روزوود» و«نوبو» و«إيديشين» و«هوتيل فيلون» وغيرها من الفنادق، يرتدون نظارات وردية، أم أن الجميع قد فقدوا حاسة الشم والعقل؟ يقول روبرتو غوالتيري، عمدة روما، إن أصحاب الفنادق يتمتعون بعقل سليم وحكمة، ويعلمون الأمر المستقبلي الناجح حين يرونه. ويشير إلى وجود مطاعم أفضل، ومتاحف تم ترميمها حديثاً، ومتاحف قيد الإنشاء. ولقد عدَّ السائحون بعد الوباء روما وجهة أساسية. كذلك يتخيل غوالتيري مدينة نظيفة حديثة عصرية تمتع بالكفاءة يتم دعمها بالمليارات من الاتحاد الأوروبي، ومئات الملايين من الاحتفال المقبل بيوبيل الكنيسة في 2025، وسياسات التجديد الحضري التي يتبناها، بما في ذلك بناء محرقة قمامة، وإصلاح طرق روما، وإبرام عقود إعادة تشغيل من أجل قطع العشب في المدينة بشكل فعلي، ومدّ خط قطار أنفاق. وأشار إلى أن الفنادق الفاخرة تستطيع أن تشهد فيما حولها عصراً جديداً للنهضة الرومانية.

في أحد الشوارع المجاورة لفندق بولغري بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

قال جان كريستوف بابين، الرئيس التنفيذي لـ«بولغري»، في حانة «بولغري»، التي تقع أعلى مدخل مزدان بتمثال قديم أصلي للإمبراطور أغسطس: «لقد كانت روما تفتقد بشكل كبير مستوى الضيافة الموجود في مدينة مثل باريس». وأوضح أن تدفق الفخامة سوف يساعد على «إعادة وضع المدينة، ليس فقط متحفاً مفتوحاً للماضي، بل مدينة للمستقبل». ويشير اندفاع المشروعات الفخمة إلى أن أصحاب الفنادق يرون روما مدينة يمكن الحصول على أرباح بها، وأن ظروفها وأحوالها، باستثناء القمامة والازدحام المروري وشخصية سكانها الضجرة من الحياة، قد أصبحت فجأة لصالحهم.

وقال سيكيريللي، من مجموعة «شيدير»، إن أهم الفنادق تتوق إلى الوجود في البلاد منذ عصور، لكن المصالح المحلية ساعدت في منع وجود الفنادق الجديدة، التي تحتوي على أكثر من 30 غرفة، مما أبعد وأقصى سلاسل الفنادق الفخمة الضخمة. وذكر مكتب العمدة أن قانوناً صدر عام 2008 قد منع تحويل أي قصر يعود إلى العصور الوسطى أو عصر النهضة إلى فنادق تستضيف أكثر من 60 شخصاً، وهو ما يعني نحو 30 غرفة تقريباً، لكن منحت المدينة إعفاءات لجذب فنادق ذات مستوى أرقى يمكن للأثرياء إنفاق مبالغ أكبر من المال بها. وقد رسّخت العديد من الفنادق الجديدة أقدامها بالقرب من شارع فيا فينيتو في مبانٍ أحدث غير خاضعة لقيود القانون. ويقع «بولغري»، رغم كونه في المركز القديم، داخل مبنى حكومي محوّل يعود إلى الحقبة الفاشية.

حمام السباحة الداخلي بفندق بولغري في روما حيث تبلغ تكلفة الإقامة نحو 41 ألف دولار، لليلة الواحدة (ماسيمو بيروتي- نيويورك تايمز)

وقال بابين، الذي لاحظ أن سوق العقارات الضيقة المحدودة في روما قد بدأت أخيراً في الانفتاح، إن «العائلات الثرية الأرستقراطية الرومانية تمتلك الجزء الأكبر من المدينة». وتسفر الضرائب العقارية المنخفضة بشكل كبير، التي تعبّر عن قيم تسجيل الأراضي تعدّ منخفضة كثيراً بقيم ومعايير السوق، عن وجود «الكثير من القصور التي لن يتخلى عنها الناس أبداً حتى وإن كانت فارغة».

مع ذلك ساعدت الأوقات العصيبة، التي مرت على أصحاب الأراضي والملاك من النبلاء، في تحرير بعض تلك العقارات. ويعني تحول روما إلى مدينة «مهجورة قليلاً»، «خفض قيمة الأصول»، على حد قول العمدة غوالتيري، مما يجذب مستثمرين ينقضّون على المدينة لأنها رخيصة كثيراً مقارنة بغيرها من العواصم الأوروبية الثقافية. مع ذلك يشك بعض مصممي الفنادق الفاخرة في قدرة الفنادق الجديدة على تحويل مدينة قديمة، يتحدث سكانها كثيراً عن التغيير وكأنه حلم ساذج قيد التنفيذ والانتظار، ويتعاملون مع البدع والصرعات والتوجهات الجديدة باعتبارها جيوشاً غازية عليها الانتظار.

تمثال محاط بسياج أثناء عمليات ترميم في حديقة بالاتزو بورغيزي بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

وقال جيامبيرو بانيبينتو، المعماري الذي رفع نخب فندق «بالاتسو فيلون»: «تكمن المشكلة في أهل روما». وتباهى مارياني، في عشية الافتتاح الرسمي للفندق، باللمسات التي تم إضفاؤها على الجناح الذي يبلغ سعر الإقامة فيه لليلة واحدة 38 ألف يورو، وقال إنه «تم تصميمه ليمنح النزيل الشعور بأنه إمبراطور لليلة واحدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة تتوقع ارتفاع الإيرادات السياحية في مصر إلى 30 مليار دولار بحلول 2030

الاقتصاد سائحون يتفقدون «المتحف المصري الكبير» الذي ساهم في زيادة أعداد السياح منذ افتتاحه مؤخراً (أ.ب)

دراسة تتوقع ارتفاع الإيرادات السياحية في مصر إلى 30 مليار دولار بحلول 2030

توقعت دراسة حديثة ارتفاع مساهمة قطاع السياحة المصري في الناتج المحلي، من 8.5 في المائة حالياً إلى 15 في المائة (نحو 25-30 مليار دولار) بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق نافورة تريفي في روما (أ.ب)

زيارة نافورة تريفي في روما لم تعد مجانية... رسوم سياحية للاقتراب منها

لم يعد بإمكان السياح الراغبين في التقاط صور «سيلفي» أمام نافورة تريفي الشهيرة، الاكتفاء برمي قطعة نقدية كما ينص التقليد الأسطوري.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)

مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

أعلنت مصر عن تعزيز أسطولها الوطني في مجال الطيران المدني، عبر إضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران»، بدءاً من يناير المقبل وعلى مدى عامين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)

مصر للاهتمام بـ«السياحة الأدبية» واستثمار «زخم» المتحف الكبير

من مبنى ذي طابع تراثي بحي الجمالية، يحمل اسم أديب نوبل نجيب محفوظ، بدأ الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، في شرح طبيعة المكان بشوارعه ومبانيه التاريخية.

محمد الكفراوي (القاهرة )

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
TT

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

ومن أبرز العادات المرتبطة بالصحة النفسية التي ينصح الخبراء باتباعها عام 2026:

الاهتمام بالنوم

النوم الجيد هو أساس الصحة النفسية الجيدة. قد يؤثر الحرمان من النوم على المزاج والذاكرة والانتباه. في عام 2026، اجعل النوم أولوية وليس ترفاً. استهدف الحصول على 7-8 ساعات من النوم ليلاً. نم واستيقظ في نفس الوقت حتى في عطلات نهاية الأسبوع. قلل من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة قبل النوم بساعة على الأقل، وخفف إضاءة غرفة نومك.

تقليل وقت استخدام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي

قد يتراكم التوتر والقلق في ذهنك دون وعي، ويصبح الشك في الذات ملازماً لك مع التصفح المستمر. ورغم أن الحياة الرقمية أمر لا مفر منه، فإن التدريب على وضع حدود لاستخدام الشاشات هو السبيل الوحيد لتحقيق السكينة النفسية. حاول الابتعاد عن الشاشات لمدة ساعة أو ساعتين على الأقل خلال اليوم. من الأفضل عدم تفقد هاتفك فور استيقاظك أو قبل نومك مباشرة. ألغِ متابعة الصفحات التي تثير توترك أو تولد لديك أفكاراً خاطئة، وتجنب المحتوى الذي يجعلك تشعر بالخوف أو الترهيب. كما أن تقليل وقت استخدام الشاشات يُسهم في صفاء ذهنك.

التحدث عن مشاعرك دون الشعور بالذنب

كبت المشاعر مدمر للصحة النفسية على المدى البعيد. بحلول عام 2026، ينبغي أن يصبح من المعتاد مناقشة مشاعرك، سواء مع صديق مقرب أو شخص مختص. التعبير عن المشاعر لا يعني الضعف، بل يساعد على تخفيف التوتر وإتاحة الفرصة للآخرين للوجود معك. عندما تشعر بثقل المشاعر، بادر بالتحدث مبكراً بدلاً من الانتظار حتى تتفاقم الأمور.

تحريك جسمك يومياً

ترتبط التمارين الرياضية ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية. فهي تُحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ تُحسّن المزاج، ما يُساعد على تخفيف التوتر والقلق. ولا تتطلب التمارين الرياضية جهداً كبيراً، فممارسة اليوغا في المنزل أو الرقص وتمارين التمدد الخفيفة مع المشي يومياً كافية. اختر الأنشطة التي تُحبها، لأنها ستُصبح جزءاً من العناية الذاتية، لا مجرد خطوة روتينية.

اللطف مع الذات

كثير من الناس هم أشدّ منتقدي أنفسهم. الشعور بالنقد الذاتي المستمر قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والثقة بالنفس. كن رحيماً بنفسك، وأنت تستقبل عام 2026. تقبّل فكرة أنه لا بأس بأخذ فترات راحة والعمل متى شئت. استمتع بالانتصارات الصغيرة، ولا تقارن مسيرتك بمسيرة الآخرين.


«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح
TT

«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح

منحت جائزة «نوابغ العرب 2025» الدكتور المصري نبيل صيدح جائزة فئة الطب، تقديراً لإسهاماته العلمية التي أسهمت في تطوير فهم صحة القلب وآليات تنظيم الكوليسترول، وما ترتب عليها من أدوية تُستخدم اليوم على نطاق واسع لتقليل مخاطر أمراض القلب.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتور صيدح على فوزه، مؤكداً أن رسالة المنطقة في تطوير العلوم الطبية «مستمرة مع العقول العربية الفذة» الساعية إلى الابتكار من أجل الإنسان. وقال في منشور على منصة «إكس» إن الفائز، مدير وحدة أبحاث الغدد الصماء العصبية الحيوية في معهد مونتريال للأبحاث السريرية، قدّم إسهامات رائدة في فهم كيفية تعامل الجسم مع الدهون وتنظيم مستويات الكوليسترول، مشيراً إلى أنه نشر أكثر من 820 بحثاً علمياً، واستُشهد بأبحاثه أكثر من 71 ألف مرة.

وأضاف الشيخ محمد بن راشد: «الطب رسالة إنسانية، ومنطقتنا كان لها فضل كبير، على مدى قرون، في تطوير علومه وممارساته وأدواته وأبحاثه»، لافتاً إلى أن جائزة «نوابغ العرب» تعيد «البوصلة إلى مسارها الصحيح» عبر الاحتفاء بما يقدمه الإنسان العربي وإبراز نماذجه قدوة للأجيال.

الدكتور المصري نبيل صيدح

وتُعد من أبرز محطات المسيرة العلمية للدكتور صيدح مساهمته في اكتشاف إنزيم «بي سي إس كيه 9» (PCSK9)، الذي يلعب دوراً محورياً في التحكم بمستويات الكوليسترول في الدم؛ إذ بيّن هذا الاكتشاف أن زيادة نشاط الإنزيم قد تقود إلى ارتفاعات خطرة في الكوليسترول، ما شكّل نقطة تحول أسهمت في تطوير جيل جديد من العلاجات المعروفة باسم «مثبطات بي سي إس كيه 9»، التي تُستخدم على نطاق واسع لخفض الكوليسترول وتقليل مخاطر أمراض القلب.

وإلى جانب أبحاثه في صحة القلب، قدّم صيدح إسهامات علمية في فهم أمراض الكبد الدهني واضطرابات السمنة وانتشار السرطان، إضافة إلى تفسير كيفية دخول بعض الفيروسات إلى الخلايا البشرية، بما فتح مسارات جديدة أمام تطوير علاجات مبتكرة في أكثر من مجال طبي.

وفي السياق ذاته، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتور صيدح أبلغه خلاله بفوزه، مشيداً بأبحاثه المتقدمة التي فتحت آفاقاً لتوظيف أحدث التقنيات والبيانات في ابتكار أدوية جديدة وعلاجات تخصصية ترتقي بمستويات الرعاية الصحية.

ويجسد مشروع «نوابغ العرب» مبادرة استراتيجية عربية أطلقها الشيخ محمد بن راشد لتكريم العقول العربية المتميزة في 6 فئات تشمل: الطب، والهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الطبيعية، والعمارة والتصميم، والاقتصاد، والأدب والفنون، بهدف استئناف مساهمة المنطقة العربية في مسار الحضارة الإنسانية.


طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.