هل زيارة المغرب بعد الزلزال تتعارض مع أخلاقيات السفر؟

السياح محتارون ما بين إلغاء رحلاتهم أو الذهاب

منطقة جبال الأطلس بعد تعرّضها للزلزال المدمر (أ.ف.ب)
منطقة جبال الأطلس بعد تعرّضها للزلزال المدمر (أ.ف.ب)
TT
20

هل زيارة المغرب بعد الزلزال تتعارض مع أخلاقيات السفر؟

منطقة جبال الأطلس بعد تعرّضها للزلزال المدمر (أ.ف.ب)
منطقة جبال الأطلس بعد تعرّضها للزلزال المدمر (أ.ف.ب)

بعض الوجهات السياحية الأكثر شعبية في العالم - تركيا واليونان وهاواي، والآن المغرب - قد دمرتها الكوارث هذا العام؛ إذ اجتاحت الزلازل وحرائق الغابات والفيضانات قرى وبلدات بأكملها، مما أسفر عن مقتل السكان وتدمير الآثار الثقافية أو إلحاق الأضرار بها. تركت سلسلة الأحداث الكارثية الكثير من السياح في معضلة حول كيفية الاستجابة.

منطقة جبال الأطلس بعد تعرّضها للزلزال المدمر (أ.ف.ب)

أولئك الذين يعيشون في بلد ما في أعقاب أزمة ما إذا كان عليهم البقاء أو الرحيل. ويتساءل أصحاب الرحلات القادمة عما إذا كان يجب إلغاؤها. هل يمكنهم والإيرادات التي يجلبونها أن يقدموا أي مساعدة حقيقية، أم سوف يُشكّلون عبئاً؟ إلى أي حد يكون من الملائم ترك السياحة تستمر في حين أن الأمة في حالة حداد جماعي مع جهود الإنقاذ جارية؟ لا توجد إجابات سهلة، كما يقول خبراء السفر.

جبال الأطلس من الأماكن التي يقصدها الزوار من شتى أنحاء العالم (شاترستوك)

إن تأثير كل كارثة فريد من نوعه، وفي حين يُنصح المسافرون باتباع إرشادات المسؤولين الحكوميين في أعقاب مثل هذه الأحداث، فإن المجتمعات المحلية لا تتفق دائماً على أفضل مسار للعمل. وبعد أن دمرت حرائق غابات «ماوي» معظم أجزاء بلدة «لاهاينا» في أغسطس (آب)؛ مما أسفر عن مصرع ما لا يقل عن 115 شخصاً، تجادل سكان الجزيرة، التى تعتمد على الدخل السياحي، حول قرار السماح باستمرار السياحة في الوقت الذى يشعر فيه السكان المحليون بالحزن إزاء كل ما فقدوه.

لكن في المغرب، حيث ضرب زلزال قوي بقوة 6.8 درجة جبال الأطلس جنوب غرب مراكش؛ مما أسفر عن مقتل الآلاف، أصبحت التوقعات أكثر توحداً. ومع بدء موسم السياحة المرتفع وتأثير معظم الدمار على المناطق الريفية البعيدة عن المناطق السياحية الساخنة، يتطلع الكثير من السكان المحليين إلى قدوم الأجانب لدعم الاقتصاد وجلب الأموال لجهود الإغاثة. قالت منى النجار، رئيسة تحرير مجلة «جئت من أجل الكسكسي» المحلية: «بعد تفشي وباء كورونا، سيكون التخلي عن السياح أمراً مروعاً بالنسبة إلى مراكش، حيث يأتي الكثير من الموارد من السياحة. بصورة مباشرة أو غير مباشرة، يرتبط كل السكان بهذا المورد المهم وسوف يتأثرون بشكل رهيب».

إليكم ما يجب أن يفكر فيه المسافرون الذين واجهوا احتمال زيارة بلد واجه الدمار.

هل المكان مفتوح للسياحة؟ التحقق من التوجيهات الرسمية للحكومة والتقارير الإعلامية المحلية لتقييم الوضع في الواقع. عندما اجتاحت حرائق الغابات أجزاء من «ماوي» الشهر الماضي، حثت السلطات المحلية السياح على البقاء في منازلهم. وحتى الآن، لم تصدر الحكومة المغربية أي بيانات تتجاوز وضع جهود الإنقاذ، ولم يستجب مكتب السياحة في البلاد لطلبات متعددة للتعليق. ونصحت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها الذين يعتزمون السفر إلى البلاد بالرجوع إلى شركات السياحة أولاً بشأن أي اضطرابات. في حين أن وزارة الخارجية الأميركية لم تُجدد تحذيرها من السفر إلى المغرب، فمن الجيد مراجعة الموقع قبل السفر إلى أي بلد تعرّض لكارثة. حدد بدقة الأماكن التي تعرضت فيها الكارثة والمناطق التي تأثرت. عندما اجتاحت حرائق الغابات اليونان في تموز (يوليو) وأُجلي آلاف السياح من جزر رودس وكورفو، ألغى سياح كثيرون عطلاتهم، حتى الذين سافروا إلى مناطق غير متضررة. وأصدر وزير السياحة اليوناني رداً على ذلك، أكد فيه أن غالبية البلاد، بما في ذلك أجزاء من الجزر المنكوبة، ما زالت آمنة للسياح. عندما ضرب الزلزال المغرب، شعرت به الكثير من الوجهات السياحية المشهورة، بما في ذلك مراكش وإمسوان والصويرة، غير أن أغلب الأضرار تركزت بالقرب من مركز الزلزال في محافظة الحوز. في أعقاب الزلزال مباشرة، ألغيت معظم الرحلات الجوية للمغرب، حيث سارع المشغلون إلى إجراء تقييمات السلامة الحرجة، والتأكد من أن جميع عملائهم وموظفيهم قيد الاعتبار، وأن السياح لم يعرقلوا جهود الإنقاذ. لكن الآن، وبعد أن تبين أن الضرر يقع في المناطق الريفية ويخضع للتوجيهات الحكومية، فإن أغلب الجولات السياحية تجري على قدم وساق مع بعض برامج الطيران المعدلة. ولم تتأثر الفنادق إلى درجة كبيرة، بحسب جمعية الفنادق المغربية. قالت زينة بن شيخ، من أبناء مراكش، والمديرة الإدارية لعمليات شركة «إنترابيد ترافل» في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: «هناك مناطق متضررة داخل مراكش، وبعض المعالم التاريخية مغلقة، لكن معظم المناطق داخل المدن لا بأس تماماً بزيارتها». وأضافت أن «معظم البلاد مفتوحة، حيث تعمل المطارات والمدارس والفنادق والمحال التجارية والمطاعم بشكل طبيعي تحت صدمة الحادث». كان لدى شركة «إنتريبيد ترافل» 600 زبون في المغرب ليلة وقوع الزلزال، منهم 17 فقط قطعوا رحلاتهم القصيرة. قالت شركة «تي يو آي»، أكبر شركة سفريات في أوروبا، إن بعض رحلاتها تخضع للمراجعة، لكن غالبية ضيوفها قرروا البقاء بعد أن أجرت الشركة عمليات تفتيش على السلامة واختارت دعم إبقاء المغرب مفتوحاً. هل سأكون عبئاً على المجتمعات المحلية كسائح؟ عندما ضرب زلزال بلغت قوته 7.8 درجة جنوب تركيا في فبراير (شباط)، ألغت شركة الخطوط الجوية التركية، الناقل الوطني، عشرات الرحلات الجوية في جميع أنحاء البلاد لفتح الموارد لجهود الإنقاذ. وخلال حرائق غابات ماوي، ألغت شركات الطيران أيضاً رحلاتها إلى هاواي لتتمكن من استخدام الطائرات لنقل الركاب إلى البر الرئيس. وما زال اغلب مناطق غرب ماوي مغلقة أمام السياح، لكن من المتوقع إعادة فتحها في 8 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. فى المغرب، جرى حالياً تطويق المناطق الأشد تضرراً في جبال أطلس حيث تستمر حالياً جهود الإنقاذ، ولا يُنصح السياح بالتوجه إلى هذه المناطق. لكن يجري تشجيع الأنشطة السياحية في المناطق الأخرى من البلاد التي لم تتأثر بالكارثة.تعمل حفيظة حدوبان، المرشدة السياحية المقيمة في مراكش، في اصطحاب الزوار في رحلات للتنزه سيراً على الأقدام والرحلات الطويلة، وهي تحث الزوار على القدوم، ورأت أن خطر الزلزال قد زال منذ فترة طويلة وأن السلطات في مراكش تباشر تطويق أي بنايات تظهر عليها علامات الضرر بعناية. وقالت: إن أولئك الذين دعوا لإلغاء رحلاتهم شعروا بعدم الارتياح إزاء قضاء العطلة في بلد تعرض للتو لمثل هذا الدمار، ولكن السكان المحليين لم يشاركوا هذا الرأي. وقالت: «أعتقد أنه من الأفضل أن تأتي وتثبت أن الحياة مستمرة. إن ما يمكن أن يفعله سائح جبلي للمساعدة هو أن يأتي، ليُظهر أنهم هنا وأنهم متضامنون».

هل يجب تغيير سلوكي؟ معظم السكان المحليين لن يتوقعوا منك ذلك، ولكن من المهم أن تكون متيقظاً ومنتبهاً للمزاج العام من حولك. قالت بن شيخ من شركة «إنتربريد ترافيل»: «شعب المغرب سيقول لا تغلقوا المغرب».

مناطق سياحية جميلة في جبال الأطلس قبل حدوث الزلزال (شاترستوك)

وقال أنجيل إسكويناس، المدير الإقليمي لمجموعة فنادق برشلونة، التي تمتلك عقارات في مراكش والدار البيضاء وفاس: إنه لا توجد حاجة مُلحة إلى أن يقطع السياح رحلاتهم قبل موعدها المحدد ما لم يشعروا أن ذلك ضروري. وأضاف: «من المقبول تماماً أن يواصل السياح أنشطتهم المخطط لها، مثل القيام بجولات سياحية، أو الاسترخاء في حمام السباحة، أو الاستمتاع بالحياة الليلية. وتظل المغرب وجهة حيوية ومُرحبة. لكننا نشجع الزوار على الانتباه إلى محيطهم واحترام الظروف الخاصة للمجتمعات المحلية. من المهم إيجاد التوازن بين دعم الاقتصاد المحلي وعدم إرباك المجتمع». وقالت كاساندرا كارينسكي، أحد مؤسسي مطعم «بلس-61»، وهو مطعم شهير في مراكش، إنها فتحت أبوابها بعد يوم واحد من الزلزال لتوفير بيئة تسمح للسكان المحليين بتوحيد صفوفهم في أوقات صعبة. وأضافت: «شهدنا الكثير من عمليات الإلغاء، ولكننا نجتمع الآن لجمع الأموال ودعم مجتمعاتنا المحلية، وقد بدأت العجلة تدور من جديد». وأضافت أن المزاج كان قاتماً أكثر من المعتاد، والناس ما زالوا في صدمة، لكن السياح كانوا متيقظين ومحترِمين للسكان المحليين. وقالت: «لا يزال الناس في حاجة إلى تناول الطعام، وفي كل يوم هناك مناخ أكثر تفاؤلاً للاجتماع معاً للمساعدة والمضي قدماً».

من الأضرار التي خلّفها الزلزال الذي ضرب المغرب (رويترز)

ما الذي يمكنني فعله للمساعدة؟ تُشكل زيارة أي بلد دعماً كبيراً لجهود الإغاثة من الكوارث، حيث يعتمد الكثير من السكان المحليين على عائدات السياحة في كسب معيشتهم. في المغرب، تشكل السياحة 7.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مصدر أساسي للدخل للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وقد بدأت الكثير من المطاعم والفنادق في تمويل حملات لمساعدة موظفيها وعائلاتهم في المناطق الأكثر تضرراً. يمكنك التبرع لبعض منظمات الإغاثة، مثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تستجيب للكارثة. وقد بدأت مؤسسة «إنتربريد»، الذراع الخيرية لشركة «الياحة»، حملة نداءات من أجل المغرب لدعم الجهود الرامية إلى توفير الغذاء والمأوى والمياه النظيفة والمساعدة الطبية للمجتمعات المحلية.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«التخييم» وجهة شتوية لسكان الرياض تجمع بين الترفيه والتراث

سفر وسياحة المخيم الشتوي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء (واس)

«التخييم» وجهة شتوية لسكان الرياض تجمع بين الترفيه والتراث

يقطع الراغبون في التخييم مسافات تزيد عن مائة كيلومتر عن مركز المدينة للحصول على موقع ملائم في فضاء الصحراء التي تحيط بالرياض وبدء تجهيزات المكوث في كنف الطبيعة.

عمر البدوي (الرياض)
سفر وسياحة لاس فيغاس في طليعة المدن الاميركية المسلية (غيتي)

ما أكثر 10 مدن ممتعة ومسلية في أميركا؟

أصدر الخبراء في موقع «والت هاب»، وهو موقع للتمويل الشخصي، مؤخراً تحليلهم للمدن الأكثر مرحاً في الولايات المتحدة. قيمت التصنيفات المدن عبر ثلاث فئات

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب متحدثاً في «دافوس 2025»... (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: نعمل على تحويل الرياض مركزاً عالمياً للأعمال

أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، أنه يجري العمل على تحويل الرياض مركزاً عالمياً للأعمال، عبر استضافة المؤتمرات الدولية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (دافوس (سويسرا))
سفر وسياحة موريشيوس وجهة رومانسية (الشرق الأوسط)

موريشيوس تفوز بلقب أفضل وجهة لقضاء شهر العسل

فازت دولة جزيرة موريشيوس بلقب أفضل وجهة في العالم لقضاء شهر العسل ضمن جوائز خيار المسافرين المرموقة لعام 2025 التي يمنحها موقع Trip Advisor

سفر وسياحة ينصح بوضع المتعلقات الثمينة في مكان آمن على الطائرة (أدوبي ستوك)

كيف تحمي نفسك من السرقة على متن الطائرة؟

في خبر تناولته الوسائل الإعلامية العربية جاء فيه أن الإعلامي اللبناني نيشان، تعرض لسرقة أغراضه الخاصة والثمينة من حقيبته التي كانت في المقصورة العلوية للطائرة

جوسلين إيليا (لندن)

«التخييم» وجهة شتوية لسكان الرياض تجمع بين الترفيه والتراث

المخيم الشتوي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء (واس)
المخيم الشتوي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء (واس)
TT
20

«التخييم» وجهة شتوية لسكان الرياض تجمع بين الترفيه والتراث

المخيم الشتوي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء (واس)
المخيم الشتوي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء (واس)

تشهد العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، مناخاً شتوياً ساحراً، مع تسجيل الحرارة درجات متدنية، وهبوب موجات برد تداعب الأجواء، التي تشجع الكثير من سكان المدينة للمكوث في كنف «البر» والاستمتاع بالهدوء والسكينة بعيداً عن ضجيج وصخب المدينة.

ويقطع الراغبون في التخييم مسافات تزيد عن مائة كيلومتر بقليل عن مركز المدينة، للحصول على موقع ملائم في فضاء الصحراء التي تحيط بالعاصمة، والبدء في تجهيزات المكوث طويلاً أو لفترات قصيرة من الوقت في سياحة شتوية تجمع ما بين التراث والترفيه.

تحضر الأزياء التقليدية التي اعتاد الأهالي على ارتدائها مثل الملابس الشتوية والمعاطف الدافئة (واس)

وفي المخيم الشتوي، الذي أضحى عادة سنوية ينشط لها سكان الرياض مع حلول فصل الشتاء، تزخر تفاصيل التخييم بجوانب من تراث المجتمع، حيث تحضر الأزياء التقليدية التي اعتاد الأهالي على ارتدائها، مثل ملابسهم الشتوية الداكنة وأغطيتهم ومفارشهم ومعاطفهم الدافئة المعروفة باسم «الفري» أو «الفروات»، وتحضر الوجبات التقليدية التي تبث الدفء في الجسم، مثل الجريش والمرقوق والمطازيز (المعدة من القمح)، بالإضافة إلى أطباق من «الحلو الشتوي» مثل أطباق الحنيني والفريك والمحلى، المعدّة من القمح أيضاً، وأكواب من الزنجبيل والحليب الساخن بوصفهما مشروبين مفضّلين في الشتاء.

الانقطاع إلى الطبيعة

تحدث فهد المنصور إلى «الشرق الأوسط» عند تجاربه في التخييم، وقد اعتاد على هذه السياحة الشتوية منذ نحو عشرين عاماً، لم ينقطع خلالها عن قضاء معظم أوقات فصل الشتاء خارج المدينة، وأصبح يتنافس مع ذويه في اختيار المكان الأفضل لنصب الخيام وإيقاد مواسم الشتاء.

ساعات من الخلوة في الطبيعة لقضاء الوقت بين الترفيه والتراث (واس)

انتقلت هذه العادة للمنصور من والده، الذي كان يفضلها على سواها، يقول: «كنت مرافقاً لوالدي عندما كان يتجهز باهتمام لموسم الشتاء، ويعدّ كل ما يلزمه لقضاء الوقت في البر، حيث ينقطع إلى هذه اللحظة الأثيرة إلى نفسه، لقد جمعتنا الكثير من الذكريات في هذا الفضاء الطبيعي والساحر، كنا كعائلة نجتمع باستمرار تحت سقف المخيم المعدّ بعناية للاستمتاع بفصل الشتاء، والآن ترك لدي والدي هذه العادة التي لم أنقطع عنها منذ سنوات، وما زال أبي يرافقني إلى مخيمي الخاص بين وقت وآخر».

ولاكتمال مشهد التخييم على صفته التقليدية، يقول المنصور إن الغالبية لا يصطحبون أجهزة التدفئة الحديثة، ويستمتعون باستخدام الحطب المستورد في المواقد التي تنشر الدفء في المكان، ويستخدمونه وسيلة لإعداد ولائم العشاء، وأباريق القهوة والشاي عليها والتحلق حولها والاستغراق في الأحاديث الودّية بين أفراد المخيم.

وعن التجهيزات اللازمة لقضاء موسم تخييم شتوي ناجح، يقول موسى العمري إن التخييم الناجح يعتمد على الاستعداد الجيد، مشيراً إلى أن الكثير من ذوي الخبرة يتحضرون لموسم الشتاء قبل حلوله بوقت كافٍ، من خلال النزول إلى الأسواق الشعبية واقتناء أحدث ما تقدمه من تجهيزات تساعد على قضاء وقت ممتع في حضن الطبيعة.

تزخر تفاصيل التخييم بجوانب من تراث المجتمع (واس)

ويختلف معه في ذلك فهد المنصور، ويقول إن «التخييم»، لا سيما في وقت الشتاء ليس أكثر من «سقف يقيك، ونار تدفيك» وإن المبالغة في التجهيزات قد تفسد متعة قضاء الوقت بعيداً عن الأجهزة والآلات التي تنوب عن الإنسان في بذل جهد يغيّر روتينه المديني، يضيف: «للجميع حق الاختيار، هناك من يقطع مسافات طويلة تستلزم أن يستعد الإنسان جيداً لمواجهة كل الطوارئ المحتملة، لكن المبالغات تفسد شعور الانقطاع إلى هذا الفضاء الطبيعي والاتصال العفوي مع المكان، الذي يعود بعده الإنسان بروح نشطة وذهن صافٍ ومتقد».

التخييم يعزز نشاط الأسواق

مع دخول موجات البرد التي تشهدها معظم مناطق السعودية، وتسجيل مستويات متدنية لدرجات الحرارة، زاد إقبال الأهالي على أجهزة التدفئة بأنواعها المختلفة، بالإضافة إلى الملابس الشتوية مثل المشالح و«الفروة» التي تعد من الملابس التقليدية التي يستعين بها العديد من أهل هذه المناطق على مواجهة برودة الشتاء.

وتعد «الفروة» من الملابس الشتوية التقليدية التي يزيد الإقبال عليها وقت الشتاء، وهي شبيهة بالبشت (المشلح) من ناحية الشكل والحجم، وتختلف في كونها مبطنة بوبر أو صوف، وهناك عدد من الدول التي يستورد منها الفرو الصناعي، وتشمل الأنواع الموجودة في السوق السعودية الفروة الطليانية والطفيلية وفروة الراعي وغيرها.

أكواب الزنجبيل والحليب الساخن مشروبين مفضّلين في الشتاء (واس)

ومن أنشطة التسوق التي تبرز خلال الشتاء، المحلات المتخصصة في تجهيزات التخييم الشتوي، حيث تبدأ تلك المحال توفير ما يلزم لتجهيز مخيم شتوي متكامل، من الأدوات والأجهزة والترتيبات التي تضمن قضاء أفراد المخيم أوقاتاً ممتعة.

ويقول أجواد علي، الذي يستقبل زبائنه في أحد أركان سوق المعيقلية المعروف في الرياض، أن موسم الشتاء هو موسم مخصص لبعض أنواع البضاعة التي يزيد عليها الإقبال خلاله.

ويضيف: «هذا ينطبق على احتياجات الأفراد والمجموعات، حيث يتوجه المتسوقون إلى المحلات التي توفر قطع الملابس الدافئة، أو محلات لوازم الرحلات والتخييم، ومحلات تعديل السيارات التي تتولى مهمة تجهيزها بكل ما يلزم لقطع مسافات داخل البرّ، فيما تتنافس المحلات على توفير البضائع الملائمة لهذا الموسم الحيوي والسياحة الشتوية الواعدة».