حظي خبر «غياب» وزير الدفاع الصيني، لي شانغ فو، باهتمام وسائل الإعلام الأميركية، التي أفردت تحقيقات واسعة عن خبر «اختفائه». وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن لي اقتادته السلطات الأسبوع الماضي لاستجوابه، «وفقاً لشخص مقرب من عملية صنع القرار في بكين»، في تأكيد لما كشفه مسؤولون أميركيون بأن لي قد تم عزله من منصبه. ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله إن المشكلات المحيطة بلي تشير إلى قضايا عميقة الجذور لا تزال بكين تتصدى لها منذ سنوات في حملة الزعيم شي جينبينغ لإصلاح الجيش الصيني، من خلال مكافحة الفساد وإصلاحات هيكلية. وقال المسؤول: «قد تكون بعض المشكلات الدائمة التي يواجهها الجيش الصيني أكبر من أن يتمكن شي من حلها، ولها تأثير حقيقي على قدرة الجيش على تحقيق ما يريده». وأضاف: «نحن نعلم أن الفساد في جيش التحرير الشعبي متجذر بما يكفي ليكون هذا عاملاً. ونحن نعلم أنه كان له تأثير عميق على ما يمكنهم القيام به، وكيفية القيام بذلك».
وكان آخر ظهور علني للي يوم 29 أغسطس (آب)، عندما ألقى كلمة في مؤتمر الأمن الصيني الأفريقي في بكين، واستشهد المسؤولون الأميركيون بمعلومات استخباراتية غير محددة كأساس لتقييمهم بأنه تم إعفاؤه من مهامه. وفيما لم تستجب وزارة الدفاع الصينية لطلب التعليق، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، في مؤتمر صحافي روتيني، الجمعة: «إنها ليست على علم بالوضع».
غياب مسؤولين صينيين
ويسلط غياب لي، البالغ من العمر 65 عاماً، الضوء على حالات شبيهة لمسؤولين كبار آخرين. وفي يوليو (تموز) الماضي، عزلت بكين فجأة تشين غانغ من منصب وزير الخارجية بعد اختفائه دون تفسير قبل شهر. وبعد أيام، عيّن شي قائداً جديداً لقوة الصواريخ الاستراتيجية الصينية، ما أدى إلى إطاحة جنرال لم يظهر علناً لعدة أشهر.
وبصفته وزيراً للدفاع، يتولى لي إلى حد كبير التعامل مع الدبلوماسية العسكرية. وأثار الغموض الذي يكتنف غياب لي وغيره من المسؤولين تساؤلات جديدة حول حكم الصين في عهد شي، حيث ضاعف الحزب الشيوعي من السرية، وشدد القيود على الوصول إلى المعلومات حول ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وكتب سفير الولايات المتحدة لدى اليابان، رام إيمانويل، في 8 من الشهر الحالي، على موقع «إكس»، أن إدارة شي جينبينغ بدأت تشبه رواية أغاثا كريستي. وكتب إيمانويل: «أولاً، اختفى وزير الخارجية تشين غانغ، ثم اختفى قائد القوة الصاروخية، والآن لم يظهر وزير الدفاع لي شانغ فو علناً لمدة أسبوعين».
وكان من المتوقع أن يحضر لي ويلقي كلمة في منتدى أمني دولي في بكين يجمع قادة الدفاع وضباط الجيش. ومن المقرر عقد نسخة هذا العام، التي ستكون أول منتدى شخصي كامل النطاق منذ جائحة «كوفيد 19»، في أواخر أكتوبر (تشرين الأول).
ومن شأن إزاحة لي من منصبه أن يجعله أول عضو حالي في اللجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي، وهو مجلس يرأسه شي ويتولى قيادة القوات المسلحة، يتم عزله في السنوات الأخيرة. وفي عام 2017، اختفى فانغ فنغ هوي، عضو اللجنة العسكرية المركزية ورئيس إدارة الأركان المشتركة باللجنة في ذلك الوقت، قبل طرده من الحزب في العام التالي والحكم عليه بالسجن مدى الحياة في عام 2019 بتهمة الفساد.