هل تحمل زيارة كيم جونغ روسيا مفاتيح حسم «حرب أوكرانيا»؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور أقصى الشرق - روسيا (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور أقصى الشرق - روسيا (رويترز)
TT

هل تحمل زيارة كيم جونغ روسيا مفاتيح حسم «حرب أوكرانيا»؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور أقصى الشرق - روسيا (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور أقصى الشرق - روسيا (رويترز)

في أول زيارة خارجية له منذ أربع سنوات، استقلّ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قطاره الخاص وقصد به روسيا، ليلتقي رئيسها فلاديمير بوتين في قمة عنوانها غير المعلن من الجانبين هو التعاون العسكري.

بوتين وكيم (أ.ف.ب)

وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن كيم حل ضيفاً على روسيا برفقة مسؤولين بارزين من الجيش ومتخصصين في صناعة السلاح، مشيرةً إلى صفقة محتملة لتزويد موسكو بالسلاح لدعم موقفها في الحرب الدائرة بأوكرانيا منذ أكثر من عام ونصف، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ويقول محللون إن كوريا الشمالية ربما تمتلك عشرات الملايين من القذائف المدفعية والصواريخ المصنوعة وفقاً لتصاميم سوفياتية، ويمكن أن تمنح الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا دفعة قوية، حسبما نقلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وقالت الصحيفة إن الزعيم الكوري الشمالي يرافقه مسؤولون مرتبطون بجهود بيونغ يانغ لامتلاك أقمار اصطناعية لأغراض التجسس، وغواصات تعمل بالطاقة النووية ومزوَّدة بصواريخ باليستية. ويرى خبراء أن كوريا الشمالية ستكافح من أجل الحصول على مثل هذه القدرات دون مساعدة خارجية، «على الرغم من أنه ليس واضحاً ما إذا كانت روسيا ستتشارك مثل هذه التكنولوجيات الحساسة»

وأضافت «إندبندنت» أن كيم «بحاجة ماسة للطاقة ومساعدات غذائية». ومن جهتها، ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن قمة بوتين - كيم ربما ستترجَم إلى ذخائر وصواريخ وقاذفات مضادة للدبابات تصل إلى القوات الروسية في أوكرانيا. ورأت الوكالة في الوقت نفسه أن تعزيز التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية «سيهدد الاستقرار في كل من أوروبا وآسيا».

ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إن بيونغ يانغ تمتلك مخزونات من قذائف المدفعية من عيار 122 ملم و155 ملم وصواريخ 122 ملم، التي يحتاج إليها الجيش الروسي بشدة، حسبما نقلت «بلومبرغ» التي أضافت أن كوريا الشمالية بإمكانها أيضاً إنتاج طائرات من دون طيار وصواريخ أكثر تقدماً. ورجح المسؤولون أن تكون هذه الأسلحة قد استُخدمت في الحرب الروسية - الأوكرانية بالفعل، حيث تقول واشنطن إن بيونغ يانغ أتمَّت شحنة سلاح مبدئية لمجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما قالت القوات الأوكرانية إنها استخدمت قذائف كورية شمالية، صادرتها في المعارك، ضد القوات الروسية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور في أقصى الشرق - روسيا (رويترز)

ولم تحظَ زيارة زعيم كوريا الشمالية لروسيا باهتمام واسع من الدوائر السياسية في الولايات المتحدة فحسب، وإنما من وسائل الإعلام الأميركية. فأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن بيونغ يانغ لديها واحدة من كبرى ترسانات العالم العسكرية، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام موسكو للحصول على الذخائر التي تحتاج إليها قواتها لمواصلة الحرب ضد أوكرانيا، معتبرةً أن لقاء بوتين وكيم «يمكن أن يدشن مرحلة جديدة من التعاون» بين الجانبين. ورأى محللون هذه القمة «تطوراً مهماً» بالنظر إلى أنها تجمع بين زعيمين «يواجهان عزلة متزايدة على الساحة الدولية»، حسبما نقلت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية.

الزعيم الكوري الشمالي (إ.ب.أ)

ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» قمة بوتين - كيم بأنها «مؤشر على الأهمية المتزايدة لعلاقاتهما». وأشارت إلى أهمية تعزيز التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ حتى يتمكن الرئيس الروسي من تعويض مخزونات الأسلحة التي تستخدمها قواته في ساحات القتال. ولم يَفُت الصحيفة أن تشير إلى مناقشة تكنولوجيا الفضاء، واصفةً هذا الملف بأنه يمثل «أولوية» للزعيم الكوري الشمالي. وأمام التقارير التي تقاطعت قراءاتها في جزئية تعزيز التعاون العسكري وإبرام صفقات لتوريد السلاح للقوات الروسية مقابل الغذاء وتكنولوجيا صناعة الصواريخ لبيونغ يانغ، لوَّحت واشنطن مجدداً بورقة العقوبات. ويبدو أن الرهان في هذه المرحلة من عمر الحرب الروسية - الأوكرانية على النَّفَس الطويل وتوفير الإمدادات الكافية للمعارك.

كيم يو جونغ الشقيقة الصغرى للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ضمن الوفد المرافق له في زيارته لروسيا (أ.ب)

ففي كلمة له أمام الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفوستوك الروسية، أمس (الثلاثاء)، رأى الرئيس الروسي أن الجانب الأوكراني سيبحث عن محادثات السلام بمجرد نفاد الإمدادات التي يزوّده بها الغرب. وأعاد بوتين تأكيد أنه لا نتائج للهجوم الأوكراني المضاد، قائلاً إن كييف فقدت خلاله 71500 ألف عسكري، وانتقد «ازدواجية المعايير الأميركية»، مشيراً إلى أن «البيت الأبيض أعلن من قبل أن استخدام القنابل العنقودية يعد جريمة حرب. الآن يوفرون (الأميركيون) هذه القنابل لأوكرانيا... الولايات المتحدة تفعل كل شيء من أجل مصالحها دون أي اعتبارات أخرى. يوفّرون القنابل العنقودية وذخائر اليورانيوم المنضب ويضربون بعرض الحائط كل المبادئ».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يفحصان منصة الإطلاق خلال اجتماعهما في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ب)

وأضاف بوتين أن «كل هذه الذخائر والأسلحة لم تغيِّر الوضع على الجبهة ولن يغيّر توفير مقاتلات (إف- 16) أي نتائج للعملية العسكرية». وفي الوقت الذي لا تبدو فيه أي مؤشرات على نهاية وشيكة للحرب، وانطلاقاً من مبدأ النصر للأقوى وسعي روسيا وأوكرانيا لحشد ما استطاعتا من عتاد وسلاح، كشف بوتين عن أن بلاده تعمل على تصنيع سلاح «يقوم على مبادئ فيزيائية جديدة وسيكون قريباً قادراً على ضمان الأمن في أي بلد».

وأوضحت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن الأسلحة المبنية على مبادئ فيزيائية جديدة باستخدام التكنولوجيات ومبادئ التشغيل الجديدة نوعياً أو غير المستخدمة سابقاً تشمل على وجه الخصوص أسلحة الليزر والأشعة فوق الصوتية والترددات الراديوية وغيرها. ويرى محللون أن موسكو وبعد أن ظلت طيلة الأشهر الماضية تعتمد على ما تنتجه من أسلحة وذخائر مع الاستعانة بطائرات مسيَّرة إيرانية الصنع، يبدو أنها بدأت في تطوير أدواتها الهجومية، مع عدم استبعاد فرضية الاستعانة بأصدقاء آخرين يقفون في خانة الأعداء بالنسبة إلى الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا 
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية»

شغلت أوكرانيا حيزاً أساسياً في خطاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمام الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم، بالإليزيه أمس، موجهاً رسائل بشأنها في اتجاهات

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه الاثنين (رويترز) play-circle 00:43

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» ويعتبر ماسك خطراً على الديمقراطية

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية» وحث الأوروبيين على التعويل على أنفسهم دفاعيا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا تعلن السيطرة على بلدة كوراخوف شرق أوكرانيا

تسعى روسيا وأوكرانيا إلى تعزيز موقفهما، في ظل تكهنات كثيرة حول شروط مفاوضات السلام المستقبلية، قبل وصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى السلطة بعد أسبوعين.


وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً في منطقة باريس، بمستشفى نقل إليه قبل أسابيع.

وقالت عائلته في بيان تلقّته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنّ جان ماري لوبن توفي ظهر الثلاثاء، محاطاً بأفراد الأسرة».

جان ماري لوبن (رويترز)

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لليمين المتطرف» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو 70 عاماً... جزءاً من التاريخ».

وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، الذي زارته تضامناً بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجياً من الحياة السياسية، بداية من عام 2011، عندما توّلت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.

وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية. وفي يونيو (حزيران) كشف تقرير طبي «تدهوراً كبيراً» في حالته الجسدية والنفسية، صار معه عاجزاً عن «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين، التي جرت في باريس بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يفحص علبة حلوى داخل متجر «هايبركاشر» اليهودي في باريس (أ.ف.ب)

ومنتصف نوفمبر أُدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى، ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس، قرب منزله في رواي مالميزون. وأعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضراً، الثلاثاء، أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد 10 سنوات من هجمات يناير (كانون الثاني) 2015.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته خلال إحياء ذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» (أ.ب)

وكان جان ماري لوبن خطيباً مفوَّهاً ومحرضاً مثيراً للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

«الجبهة الجمهورية»

لكنه لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيساً، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل (نيسان) 2002، عندما كان عمره 73 عاماً بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات. وكان لهذا الانتصار جانب سلبي؛ فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.

لم يُعبر الرجل المتصلب مطلقاً عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء؛ بدءاً من عدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية، وعدم المساواة بين الأعراق؛ مروراً بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.

وبعد 22 عاماً، ففي حين فاز حزب «التجمع» الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيراً، لكنّه تحطّم على صخرة «الجبهة الجمهورية».

كان جان ماري لوبن متزوجاً من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجدداً من جاني لوبن. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».

وحيّاه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في «الهند الصينية» والجزائر، وعبّر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس»: «إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل، لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها».

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن جان ماري لوبن، و«بعيداً عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر... عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».