كنوز التراث السعودية تحت مجهر العالم

6 مواقع من المملكة في قوائم «اليونسكو»... و9 في الانتظار

واحة الأحساء انضمت إلى قائمة التراث في 2018 (اليونسكو)
واحة الأحساء انضمت إلى قائمة التراث في 2018 (اليونسكو)
TT

كنوز التراث السعودية تحت مجهر العالم

واحة الأحساء انضمت إلى قائمة التراث في 2018 (اليونسكو)
واحة الأحساء انضمت إلى قائمة التراث في 2018 (اليونسكو)

سلط احتضان الرياض أعمال الدورة الموسعة الخامسة والأربعين للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة «اليونسكو» بحضور نحو 3000 ضيف من 21 دولة، الضوء على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية.

وتضم المملكة 6 مواقع تراثية مسجّلة في قائمة التراث العالمي سيزور المشاركون في أعمال اللجنة ثلاثة منها، وتترقب ضمّ المزيد من المواقع التي تعكس ثراء ثقافة السعودية والتراث الغني في مختلف مناطقها، إذ تدرس اللجنة في اجتماعها بمدينة الرياض مقترحات بإدراج 50 موقعاً حول العالم إلى قائمة التراث العالمي، التي تضم 1157 موقعاً في 167 دولة حول العالم.

6 مواقع تراثية نابضة بالتاريخ

تعكس المواقع السعودية الستة على قائمة التراث العالمي ما تتمتع به أرض المملكة الشاسعة من موروث غني، إذ كانت الجغرافيا السعودية مسرحاً للكثير من الأحداث، وملتقى لقارات وحضارات ورثت تاريخاً عريقاً. وفي ما يلي نظرة عليها:

153 واجهة صخرية تزيّن الحِجْر

كان وادي الحِجْر من أوائل المواقع السعودية المنضمة إلى القائمة العالمية للتراث، ومن موقعه شمال غرب السعودية، تطلّ 153 واجهة صخرية منحوتة، وعدد من الآثار الإسلامية والقلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز، لتعكس وجوه التاريخ التي تبدلت على أرض الحجر، والموقع الاستراتيجي على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر.

وادي الحجر كان قلباً نابضاً لحضارة كبيرة (اليونسكو)

ويعد وادي الحجر من أهم حواضر الأنباط، وتضم أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد البتراء في الأردن، واستمرت في حضارتها حتى القرن الرابع الميلادي، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال شبه الجزيرة العربية.

وفي سنة 2008، تم تسجيل الموقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، ليصبح بذلك أول موقع يتم تسجيله في السعودية.

حي الطريف... نواة انطلاق السعودية

يمثل حي الطريف الذي يقف شامخاً في وسط منطقة الدرعية التاريخية، جوهرة تراثية، يلمع على جدرانها الطينية بريق التاريخ، إذ كانت مهد حكاية السعودية في أولى ولادتها ثم انطلاقتها إلى مشوار توحيد أطراف البلاد وتأسيس المملكة.

حي الطريف بالدرعية مهد ولادة الدولة السعودية (اليونسكو)

البقعة التاريخية المضيئة وسط واحة الدرعية، والمحاطة بوادي حنيفة، أشهر أودية وسط الجزيرة العربية وأغدقها بالماء، تأسست في القرن الخامس عشر، وكانت لها بصمتها الفريدة في الطراز المعماري النجدي، عاصمة للدولة السعودية الأولى، ومقصداً للتجار وطلاب العلم.

احتفظ حي الطريف بنمط بنائه الفريد، وصمدت قلاعه ومبانيه المشيدة بالطين وجذوع النخيل عبر السنين، وقد فتحت أخيراً أبوابها كوجهة سياحية وتاريخية تأخذ الزائر في القصور والدور التي زامنت اللحظات البِكر لقيام الكيان السعودي المزدهر حتى اليوم.

وفي واجهة الحي التاريخي، يتربع قصر سلوى الذي يمتد على مساحة 10 آلاف متر مربع، كأثر تاريخي ومقر سياسي لأمراء وأئمة آل سعود حكام البلاد، وقد اشتق اسمه من وظيفته المتعددة، ونفعه المتجاوز من كونه مجرد مقر للسكن، إلى سلوى وتسلية لسكانه قديماً وزواره حالياً.

جدة البلد... نافذة إلى البحر والتاريخ

مثل نافذة مفتوحة باتجاه التاريخ، تطلّ مدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر، وعلى حكاية عريضة وسخيّة لمجتمع متنوع من التجارب التي عبرت خلال السنين، والتأمت في منطقة البلد العتيقة أو جدة التاريخية، التي تقف شواهدها العمرانية الفريدة وبيوتها الأثرية العريقة كتاباً مفتوحاً للزوار بعد أن كانت تعتصم بسورها القديم، وينفذ منها وإليها الناس عبر ثمانية بوابات عرفت برمزيتها وحكاياتها.

يتميز قلب جدة التاريخي بطابعه المعماري (اليونسكو)

أزقة ومساجد وبيوت وخانات يرجع تاريخها إلى مئات السنين، تشكل مجتمعة معالم المنطقة التاريخية التي بزغت منها جدة المعاصرة، المدينة الفاتنة على ساحل البحر الأحمر التي نمَت وأضحت أزهى المدن العربية المعاصرة في العهد السعودي، متكئة في ازدهارها في طرفي المدينة القديمة ووعد المستقبل الناهض، بروح التاريخ التي تعبق في البلد حيث تبلورت قصة جدة، الميناء التاريخي لقبلة المسلمين منذ العام 647 للميلاد.

الفن الصخري في حائل

انضمّت مواقع جبة وراطا والمنجور «الشويمس» في منطقة حائل، بتاريخها الذي يعود عمره إلى أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، إلى قائمة التراث العالمي من قبل منظمة «اليونيسكو» في 2015، ولمعت رسومها الصخرية من جديد على واجهات الجبال في الموقع، وأضحت منطقة تراث عالمي في منطقة حائل السعودية.

رسم ملكي على صخور حائل (اليونسكو)

الرسومات منتشرة في جبل أم سنمان في مدينة جبة و«راط والمنجور» في الشويمس، حيث كانت الأولى بحيرة قديماً وترك سكانها العديد من النقوش حول حياتهم، أما الثانية فكانت مسرحاً لواديين. وتظهر النقوش فيهما رسوماً لبشرٍ وحيوانات، ومعظم هذه الرسوم ترجع لفترة ما قبل التاريخ وعلى وجه التحديد فترة العصر الحجري الحديث (14 ألف سنة قبل العصر الحاضر).

واحة الأحساء... جوهرة خضراء

وسط أكثر من مليوني شجرة، تبسط واحة الأحساء السعودية سحرها الطبيعي ووهجها التاريخي كأكبر واحات النخيل في العالم، وتقف عبر الزمن شاهداً تاريخياً وثقافياً على توطّن الإنسان القديم في أرض الجزيرة العربية، ووعيه بالبيئة وتكيّفه مع الظروف، وقدرته على توظيف الأدوات المتاحة لاستدامة الحياة.

نخيل واحة الأحساء (اليونسكو)

وتضمّ واحة الأحساء في شرق السعودية، مجموعة من المواقع الأثرية والحدائق الخضراء وقنوات الري التقليدية وعيون المياه العذبة والآبار التي غذّت النخيل بأسباب الحياة وعوامل الدوام، فيما تمتد بحيرة الأصفر، كأكبر تجمع مائي في منطقة الخليج، وهي فريدة من نوعها وتعيش فيها حياة فطرية متكاملة.

وإلى جانب المظاهر الطبيعية الفريدة التي تزيّن الواحة، تحتفظ المباني التاريخية فيها بقصة المكان، وبالنسيج الحضري والمواقع الأثرية التي وقفت كمؤشرات حيّة على توطن البشر واستقرارهم في منطقة الخليج منذ العصر الحجري الحديث حتى يومنا هذا، ويعد هذا المنظر الطبيعي الثقافي الفريد مثالاً استثنائياً على التفاعل بين البشر والبيئة المحيطة بهم.

حمى الثقافية... أكبر مجمعات الفن الصخري

منطقة حما الثقافية أو بئر حما أو آبار حمى التاريخية في منطقة نجران جنوب السعودية، هي سادس المواقع وآخر المنضمين إلى القائمة في المملكة. وتضمّ أكثر من 34 موقعاً يزخر بالنقوش الصخرية والآبار على امتداد أحد أقدم طرق القوافل التي كانت تعبر من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها.

فنون الصخر في الحمى (اليونسكو)

تمتدّ منطقة الفن الصخري الثقافي في حِمى على مساحة 557 كيلومتر مربع، وتضمّ 550 لوحة فن صخري تحوي مئات الآلاف من النقوش والرسوم الصخرية التي تصوِّر الصيد والحيوانات والنباتات وأساليب الحياة لثقافة امتدت على 7 آلاف عام من دون انقطاع، وتعدّ واحدةً من أكبر مجمعات الفن الصخري في العالم.

مواقع على قائمة الانتظار

وفي سنة 2015 أضافت «اليونسكو» عشرة مواقع سعودية إلى القائمة المؤقتة التي تعتبر خطوة أولى للإدراج في قائمة التراث العالمي، من ضمنها «واحة الأحساء» التي تم إدراجها في ما بعد ضمن مواقع التراث العالمي في 2018.

وتنتظر مواقع سعودية أخرى الانضمام إلى القائمة وتوسيع نطاق الاهتمام بها عالمياً، لما تحظى به من قيمة تاريخية وتراثية مهمة، مثل طريقي الحج الشامي والمصري، ودرب زبيدة، وخط حديد الحجاز، وقرية الفاو الأثرية، وقريتي رجال ألمع وذي عين الأثريتين في جنوب السعودية، وواحة دومة الجندل، ومحمية عروق بني معارض في نجران، ومحمية جزر فرسان.


مقالات ذات صلة

قطاع الترفيه السعودي يواصل الصعود مع استقبال «موسم الرياض» لـ12 مليون زائر

الاقتصاد جانب من فعاليات «موسم الرياض 2024» (واس)

قطاع الترفيه السعودي يواصل الصعود مع استقبال «موسم الرياض» لـ12 مليون زائر

استقبل «موسم الرياض 2024» منذ انطلاقه في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكثر من 12 مليون زائر، أي خلال 69 يوماً بمعدل يومي يصل إلى 174 ألف زائر تقريباً.

زينب علي (الرياض)
يوميات الشرق المهرجان يجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها العلا (واس)

انطلاق «شتاء طنطورة» في العُلا بفعاليات ثقافية وتراثية

انطلقت فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة» في نسخته الجديدة بمحافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، ليجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها المنطقة.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
يوميات الشرق دور النشر شهدت إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يعايش الزائر لـ«معرض جدة للكتاب 2024» مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف عبره أحدث الإصدارات الأدبية، ويشهد العديد من الندوات وورش العمل والجلسات الحوارية.

إبراهيم القرشي (جدة)
عالم الاعمال مطعم «لاريا» الإيطالي ينتقل من شواطئ بحيرة كومو إلى فندق «ماندارين أورينتال الفيصلية»

مطعم «لاريا» الإيطالي ينتقل من شواطئ بحيرة كومو إلى فندق «ماندارين أورينتال الفيصلية»

أعلن فندق «ماندارين أورينتال الفيصلية» بالرياض عن استضافته لفترة محدودة لمطعم «لاريا» (L~ARIA) الإيطالي الفاخر.

الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
TT

نافورة تريفي في روما تستقبل زوارها بعد إعادة افتتاحها (صور)

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)
رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

أُعيد افتتاح نافورة تريفي الشهيرة، رسمياً، بعد أعمال تنظيف استمرت أسابيع، وقررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد، وفق ما أعلن رئيس بلدية روما، روبرتو غوالتيري، أمس الأحد.

وقال غوالتيري، أمام هذا المَعلم الذي اشتُهر بفضل فيلم «لا دولتشه فيتا»: «يمكن أن يوجد هنا 400 شخص في وقت واحد (...) والهدف هو السماح للجميع بالاستفادة إلى أقصى حد من النافورة، دون حشود أو ارتباك»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

رئيس بلدية روما روبرتو غوالتيري خلال حفل إعادة افتتاح النافورة الشهيرة (أ.ب)

وأشار إلى إمكان تعديل هذا العدد، في نهاية مرحلة الاختبار التي لم تحدَّد مدتها.

ولفت رئيس بلدية العاصمة الإيطالية إلى أن البلدية ستدرس، في الأشهر المقبلة، إمكان فرض «تذكرة دخول بسيطة» لتمويل أعمال مختلفة؛ بينها صيانة النافورة.

قررت البلدية الحد من عدد الزوار إلى 400 في آن واحد (رويترز)

وقال كلاوديو باريسي بريسيتشي، المسؤول عن الأصول الثقافية في دار البلدية، لـ«وكالة السحافة الفرنسية»، إن العمل على معالم روما، بما في ذلك نافورة تريفي، جرى بطريقة «تعيد إلى المدينة غالبية الآثار في الوقت المناسب لبدء يوبيل الكنيسة الكاثوليكية» الذي يبدأ في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

سائح يلتقط صورة تذكارية بجانب النافورة (إ.ب.أ)

وأضاف: «استغرق العمل ثلاثة أشهر، بجهد إجمالي هائل سمح لنا بإغلاق المواقع، في وقت سابق (...) إنها عملية شاملة للتنظيف، وإزالة عناصر التدهور والأعشاب الضارة والترسبات الكلسية، وقد أثمرت نتائج استثنائية».

يزور النافورة سائحون يتراوح عددهم في الأوقات العادية بين عشرة آلاف واثني عشر ألف زائر يومياً (إ.ب.أ)

هذه التحفة الفنية الباروكية المبنية على واجهة أحد القصور تُعدّ من أكثر المواقع شعبية في روما، وقد اشتهرت من خلال فيلم «لا دولتشه فيتا» للمُخرج فيديريكو فيليني، والذي دعت فيه أنيتا إيكبيرغ شريكها في بطولة الفيلم مارتشيلو ماستروياني للانضمام إلى حوض النافورة.

وأُقيم الحفل، الأحد، تحت أمطار خفيفة، بحضور مئات السائحين، قلّد كثير منهم رئيس البلدية من خلال رمي عملات معدنية في النافورة.

تقليدياً، يعمد كثير من السياح الذين كان يتراوح عددهم في الأوقات العادية بين عشرة آلاف واثني عشر ألف زائر يومياً، إلى رمي العملات المعدنية في النافورة؛ لاعتقادهم أن ذلك يجلب لهم الحظ السعيد ويضمن عودتهم إلى روما.

التحفة الفنية الباروكية المبنية على واجهة أحد القصور من أكثر المواقع شعبية في روما (رويترز)

وفي العادة، تستردّ السلطات نحو 10 آلاف يورو أسبوعياً من هذه العملات المعدنية، تُدفع لمنظمة «كاريتاس» الخيرية لتمويل وجبات طعام للفقراء.