مذكّراتٌ بالألوان عن حياة إيمي واينهاوس القاتمة

كتاب يحتفي بكلمات المغنية البريطانية ورسوماتها في ذكرى ميلادها الـ 40

عائلة المغنية البريطانية الراحلة إيمي واينهاوس تستذكرها من خلال كتاب يضمّ خواطرها ورسوماتها (رويترز)
عائلة المغنية البريطانية الراحلة إيمي واينهاوس تستذكرها من خلال كتاب يضمّ خواطرها ورسوماتها (رويترز)
TT

مذكّراتٌ بالألوان عن حياة إيمي واينهاوس القاتمة

عائلة المغنية البريطانية الراحلة إيمي واينهاوس تستذكرها من خلال كتاب يضمّ خواطرها ورسوماتها (رويترز)
عائلة المغنية البريطانية الراحلة إيمي واينهاوس تستذكرها من خلال كتاب يضمّ خواطرها ورسوماتها (رويترز)

بعد أيام كانت ستحتفل إيمي واينهاوس بعيدها الـ40، لكن عدّاد عمر المغنية البريطانية توقّف عند الـ27 عام 2011. رغم مرور السنوات، لم ترغب عائلتها في أن تكون ذكرى ميلادها محطةً عابرة. للمناسبة، قرر والدا واينهاوس أن يجمعا كلمات ابنتهما وأفكارها المبعثرة ورسوماتها البريئة في كتاب، ليهدياه إلى روحها وإلى كل مَن أحبّوها ولا يزالون.

صدر «Amy Winehouse: in her Words – إيمي واينهاوس: في كلماتها» قبل أيام عن دار «هاربر كولنز». ليس الكتاب سيرةً تقليديّة عن الفنانة ولا شهاداتٍ جُمعت عن حياتها ومسيرتها الموسيقية، بل هو أقرب إلى ألبوم من 288 صفحة، يضمّ صوراً كثيرة لواينهاوس خلال مراحل مختلفة من حياتها. إلى جانب الصور، يزيّن خطّ يد المغنّية الأنيق معظم أجزاء الكتاب، بما في ذلك كلمات أغنيات ألّفتها، ورسائل كتبتها إلى أمها، وخواطر عن يومياتها، إضافةً إلى عشرات القوائم التي ضمّنتها مشاريعها وأحلامها.

غلاف كتاب «إيمي واينهاوس: بكلماتها» الصادر منذ أيام عن دار هاربر كولنز (مؤسسة إيمي واينهاوس)

قائمة «طموحات الشهرة»

في قائمة «طموحات الشهرة» دوّنت واينهاوس أنها تريد التمثيل في فيلم يُظهرها قبيحة، وأنها ترغب في أن تصبح صديقة ممثلات معروفات. مراهقةً، حلمت بالتعاون مع مغنّين معروفين، وأن تملك أكثر من 300 زوج من الأحذية. كتبت: «أريد شعراً مثل مارلين مونرو، وبيتاً على شاطئ ميامي، وأريد أن أتجنّب عمليات التجميل».

حققت واينهاوس معظم طموحاتها، فتعاونت مع كبار الفنانين، ولم تلجأ إلى التجميل، كما أنها عُرفت بتسريحتها المميّزة وبامتلاكها مجموعة ضخمة من الأحذية. لكنّ الأحلام بُترت وهي بعدُ يانعة، إذ غرقت الفنانة في الإدمان واسودّت الحياة في عينيها، إلى أن قضت جرّاء تسمّمها بالكحول.

قائمة «طموحات الشهرة» بخطّ يد إيمي واينهاوس (إنستغرام)

لا يستفيض الكتاب في الفصول القاتمة من حياة واينهاوس، بل يبدو نسخة منقّحة عنها نصاً وصوراً، فيضيء على لحظات الفرح وعفويّة الطفولة والبدايات. يمرّ بسرعة على معاناتها مع اضطرابات الطعام ومع الإدمان، من خلال هذه العبارة في افتتاحيّة الوالدَين: «حتماً ليس بوسعنا تبييض حكاية إيمي. نعم كانت مدمنة. نعم كانت حياتها فوضويّة. لكن بعد انقضاء 12 سنة على وفاتها، ننظر إلى رسوماتها وكتاباتها هذه ونبتسم، كما كانت تفعل هي».

تلميذة مشاغبة عاشقة للفنّ

في صور الطفولة، تبدو واينهاوس فتاةً سعيدة ومشاغبة. هنا تختبئ في سلّة كبيرة وتطلّ برأسها من داخلها، وهناك تبتسم للكاميرا وعلى كتفها بومة بيضاء. من الواضح أنها أحبّت أيامها في المدرسة، وتلك البطاقة التي ملأتها بالقلوب الحمراء احتفاءً بالعودة إلى مقاعد الدراسة ليست سوى دليل على ذلك. غير أن هذا لا يعني أنها كانت تلميذة مجتهدة.

كانت واينهاوس طفلة مشاغبة أتعبت أساتذتها في المدرسة (إنستغرام)

عن تلك الطالبة الصغيرة، كتبت إيمي في يوميّاتها: «قد أكون غريبة الأطوار وصاخبة بعض الشيء، لكن هذا سببه أن قلةً من الأشخاص يعرفون حقاً مَن أنا. معظم الناس لا يريدون أن يعرفوني، هم مسرورون فقط بالاعتقاد بأني مجنونة الصف. صوتي عالٍ وأنتقد الآخرين، هكذا أنا».

في تقرير نهاية العام الدراسي كتبت المدرّسة المسؤولة عن إيمي: «كم هي مثيرة للشفقة». عانى المدرّسون معها، فهي بالكاد كانت تجلس في مكان، كما أنها لم تُطِع أمراً وغالباً ما أثارت الشغب داخل قاعة الصف. اشتكوا من عنادها ومن أنها كانت سريعة الملل. لكن في المقابل، برزت ملامح الإبداع لديها مبكراً في اللغة والفنون، وهي كانت تهدأ بشكل استثنائي أمام فيلم أو مسرحية، ووجدت ضالّتها في الموسيقى وكتب الرواية والشعر التي كانت تلتهمها.

مخبأ الأسرار والأحلام

في مقدّمة الكتاب يقرّ والدا إيمي بأنهما لم يفهماها تماماً، لكنهما يعرفان أنها جعلت من غرفة نومها قصراً لأحلامها. تخبر والدتها بأن غرفتها شكّلت ملاذاً بالنسبة إليها ومخبأً لأسرارها؛ «ما كنّا نعرف آنذاك ماذا كانت تفعل بالتحديد خلف الباب، لكن اتّضح لاحقاً أنها كانت تملأ الدفاتر واحداً تلو الآخر بالقوائم والرسومات، بالخرائط والخطط. ثم كانت تخرج فجأةً من خلوتها حاملةً إليّ بطاقة صنعتها بنفسها بمناسبة عيد الأمّ، وفيها قصيدة من تأليفها».

إيمي واينهاوس مع والدتها جانيس على مسرح الـ«غراميز» بعد فوزها عام 2008 (إنستغرام)

بعيداً عن هدوء الغرفة، ملأت واينهاوس البيت رقصاً وغناءً، إلى درجة أن العائلة كانت تأمرها بالصمت أحياناً. في الكتاب الصادر حديثاً، تكثر النصوص التي ألّفتها وحلمت بغنائها، حتى أنها خصصت قوائم للمواضيع التي تخطط للغناء عنها. كل شيء تحوّل إلى قوائم ولوائح على دفاتر إيمي، حتى أنها وضعت لائحةً بالأساليب التي يجب اعتمادها لإقناع أهلها بأنها مسؤولة.

من بين القوائم التي وضعتها، واحدة بالأزياء التي سترتديها عندما تصبح مشهورة. ففي الكتاب تصاميم للملابس والتسريحات التي ستعتمدها إيمي في عالم الفن. رسمت مستقبلها على الورق قبل أن تراه يتحقق أمام عينيها. فهي لاحقاً التزمت بخطوط المراهِقة الحالمة، معتمدةً الفساتين الضيّقة والقصيرة، وتسريحة «قفير النحل» الشهيرة التي صمّمتها ولوّنتها في دفاتر المذكّرات.

اشتهرت واينهاوس بتسريحة «قفير النحل» وبالكحل الأسود السميك فوق عينيها (أ.ب)

«العودة إلى الأسود»

كبرت الطفلة المشاغبة إيمي لتحوّل أحلامها إلى حقيقة، حاصدةً الجوائز العالمية عن أغانيها التي حطّمت الأرقام القياسيّة مبيعاً واستماعاً. لكنها في المقابل اكتشفت تدريجياً الوجه الآخر للشهرة التي حلمت بها، وتدريجياً كذلك بدأت الرسومات تختفي من دفاترها. فبالتزامن مع صدور ألبومها الثاني «Back to Black – العودة إلى الأسود»، كانت واينهاوس قد دخلت دوّامة الإدمان والعلاقة السامّة مع زوجها.

أهملت دفاترها وصحّتها وصورتها التي لطالما رسمتها بالألوان الزاهية. لكن في ذكرى ميلادها الـ40، أصرّ أصحاب الشأن على الاحتفاء حصراً بالصورة الجميلة. يقول والدها ميتش واينهاوس في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إعداد الكتاب كان بمثابة علاج للعائلة، التي اختبرت أوقاتاً امتزجت فيها الدموع بالضحكات. ويضيف: «كثير من دفاتر إيمي ضاع عبر السنوات، لكن ما تبقّى هي لوحة رائعة عن ابنتنا التي نشتاق إليها».

إيمي ووالدها ميتش واينهاوس الذي كان متحكماً بإدارة أعمالها (إنستغرام)

يعود ريع مبيعات الكتاب إلى «مؤسسة إيمي واينهاوس» التي تأسست عقب وفاتها، والتي تُعنى بتوعية الأجيال الشابة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بخطورة الكحول والمخدرات. قد يُفرح هذا الأمر قلب إيمي، لكن لا شيء يضمن أنها كانت لتفرح بمبادرة العائلة إلى نشر مذكّرات مراهقتها ومدوّناتها الحميمة على الملأ بعد وفاتها.


مقالات ذات صلة

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})

السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

كشفت مطربة الأوبرا المصرية (السوبرانو) أميرة سليم عن استعدادها لتقديم أغنيات باللهجة العامية المصرية بعدما قدمت أغنية «بنحب المصرية»

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق حفل سيمفوني للموسيقى الغنائية بالأوبرا خلال الكريسماس (وزارة الثقافة المصرية)

«رسالة سلام» في احتفالات الكريسماس بمصر

بمقطوعات موسيقية وأغانٍ من الإنشاد الصوفي والترانيم الكنسية والتراتيل القبطية والأعمال التراثية، والدمج بين الفنون العربية والأجنبية، تستقبل مصر الكريسماس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».