كيف تواجه دولٌ نامية فيضان نفايات الغرب؟

مواد مؤلفة من نفايات بلاستيكية تنتظر الى جانب احد الشوارع في جنوب شرق آسيا لاعادة تدويرها واستخدامها (ا ب)
مواد مؤلفة من نفايات بلاستيكية تنتظر الى جانب احد الشوارع في جنوب شرق آسيا لاعادة تدويرها واستخدامها (ا ب)
TT

كيف تواجه دولٌ نامية فيضان نفايات الغرب؟

مواد مؤلفة من نفايات بلاستيكية تنتظر الى جانب احد الشوارع في جنوب شرق آسيا لاعادة تدويرها واستخدامها (ا ب)
مواد مؤلفة من نفايات بلاستيكية تنتظر الى جانب احد الشوارع في جنوب شرق آسيا لاعادة تدويرها واستخدامها (ا ب)

قبل أربعة أعوام، وافق مندوبو 187 دولة على قواعد عالمية تنظّم تجارة النفايات البلاستيكية عبر الحدود، حيث أصبح تصدير المواد البلاستيكية الملوَّثة أو المختلطة أو غير القابلة لإعادة التدوير يتطلّب الحصول على موافقة مسبقة من الدولة المتلقية، مع ضمانات بأن لديها القدرة على التعامل معها بأمان. ويرى كثيرون في هذا الاتفاق خطوة تاريخية ساعدت في الحدّ من تدفُّق مخلّفات الدول الغنية إلى الدول الفقيرة بعد إغلاق الصين أبوابها أمام هذه الواردات في عام 2018.

هذا الاتفاق، الذي صدر كمجموعة من التعديلات لاتفاقية بازل حول تجارة النفايات الخطرة العابرة للحدود ودخَل حيز التنفيذ في مطلع 2021، كان بمثابة طوق النجاة في السيطرة على تجارة مخلّفات البلاستيك التي ينتهي بها الأمر في كثير من الأحيان متناثرةً في الحقول أو المسطحات المائية أو تُحرق في أكوام مفتوحة. ولكن السنوات الماضية أثبتت أن واقع تجارة النفايات البلاستيكية لم يرتقِ إلى طموح السياسات العالمية.

فبعد أن قررت الصين حظراً على استيراد 24 نوعاً من النفايات إلى جانب إلزام المصدّرين بألا تزيد نسبة الشوائب في المخلّفات المسموح باستيرادها عن نصف في المائة، وهي نسبة يكاد يستحيل الوصول إليها وفقاً لعدد من التجمُّعات المهنية العاملة في قطاع التدوير، أدركت الدول الآسيوية سريعاً مخاطر تيار النفايات الذي بدأ يزداد تدفقه إلى موانئها.

وفي مقابل انخفاض واردات الصين من المخلّفات بنسبة كبيرة جداً تجاوزت 95 في المائة، ارتفعت واردات دول جنوب شرق آسيا بنسبة 362 في المائة. وقبل دخول الحظر الصيني حيز التنفيذ، أصبحت ماليزيا أكبر مستورد للمخلّفات البلاستيكية بعد الصين من خلال استيراد 105 آلاف طن منها عام 2017، بزيادة مفاجئة قدرها 68 في المائة مقارنة بالعام السابق.

وكانت الدول الغربية اعتادت منذ أمد طويل على التخلُّص من نفاياتها المكلفة بتصديرها لقاء أثمان بخسة إلى البلدان النامية، تحت غطاء الخردة القابلة لإعادة التدوير. وفيما كان قسم معتبر من هذه الصادرات يذهب بالفعل إلى خطوط إعادة التصنيع، إلا أن الكثير مما جرى حشوه في حاويات الشحن كان ملوّثاً بشدّة بأنواع خطرة من النفايات، أو يحتوي على نسب مرتفعة من المواد غير القابلة للتدوير.

وتحت وطأة الغضب المحلي بسبب صُوَر أكوام النفايات البلاستيكية المكدسة في القرى وعلى أطراف المجاري المائية، اتخذت دول نامية مثل إندونيسيا وفيتنام وتايلاند والفلبين وماليزيا إجراءات صارمة ضد واردات المخلّفات الملوَّثة وغير المصنَّفة، وشددت تشريعاتها، وعززت إجراءات الرقابة.

في ماليزيا مثلاً، اعتمدت الحكومة سياسات تشمل إصدار تصاريح استيراد النفايات البلاستيكية، والمراقبة المستمرة لحامليها. ومنذ منتصف 2019 يخضع 62 من حاملي التصاريح الحاليين في ماليزيا للرقابة البيئية الدقيقة، كما أُغلق 148 مصنعاً غير قانوني لإعادة تدوير البلاستيك في العام ذاته.

وفي إندونيسيا، يُسمح فقط باستيراد الخردة المفروزة جيداً والمخلّفات التي لا تتجاوز نسبة الشوائب فيها 2 في المائة من الحجم الإجمالي. وفي محاولة لتحقيق الشفافية، يجري تسجيل مصدّري المخلّفات لدى السفارة الإندونيسية في بلد المنشأ، وتخضع كل حاوية للفحص قبل الشحن.

ومن الملاحظ أن الحظر الصيني والإجراءات التي طبّقتها دول جنوب شرق آسيا نجحت نسبياً في تحقيق أهدافها، ولكن في الوقت نفسه تركت آثارها البيئية المؤقتة على البلدان المتقدمة، حيث ارتفعت نسب ترميد النفايات وحرقها، ما زاد في انبعاثات غازات الدفيئة.

وتُعدّ مشكلة النفايات البلاستيكية قضية مناخية بامتياز، حيث أظهر تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) لعام 2021 أنه في 2015 بلغت انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن إنتاج واستخدام والتخلُّص من البلاستيك المشتق من المواد الخام ما يقرب من 1.7 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ويتوقّع التقرير أن ترتفع الانبعاثات إلى 6.5 غيغاطن بحلول 2050، وهي كمية تعادل 15 في المائة من ميزانية الكربون العالمي بأكملها.

وفي مقابل الإجراءات المتشددة من قبل البلدان المستوردة، طوّرت الشبكة العالمية لتجارة المخلّفات أساليبها للتملُّص من القيود المفروضة عليها، أو لإعادة توجيه صادراتها إلى أماكن أخرى. فعلى سبيل المثال، تشحن الولايات المتحدة كميات أقل من مخلفاتها البلاستيكية إلى جنوب شرق آسيا مقارنة بما كانت تفعله سابقاً، لكنها ترسل المزيد من النفايات إلى المكسيك والهند. كما تُظهِر البيانات أن الدول الأوروبية، التي كانت تشحن مخلّفاتها إلى تايلاند، باتت تفضّل الآن التعامل مع تركيا.

وفي حين كانت التعديلات على اتفاقية بازل حول تجارة البلاستيك نافذة أمل لتعزيز مسؤولية الدول المتقدمة وحماية البيئة والصحة العامة في البلدان النامية، فإن التنفيذ جاء مخيباً للآمال، لا سيما في غياب الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفايات البلاستيكية، التي وقّعت على اتفاقية بازل في عام 1990 ولم تصدّق عليها بعد.

ويشير خبراء في تجارة النفايات إلى خلل آخر في اتفاقية بازل المعدّلة، إذ إنها لا تنظّم البلاستيك الذي عولج وجرى تحويله إلى كريات أو أشكال أخرى من المفترض أن يتم حرقها كوقود في المنشآت الصناعية، مثل أفران الإسمنت ومحطات الطاقة. وعلى سبيل المثال، فإن أستراليا، التي وعدت وسط ضجة كبيرة في عام 2020 بأنها ستتوقف عن تصدير النفايات البلاستيكية، هي من بين الدول الحريصة الآن على تحويل نفاياتها إلى كريات وقود يتم شحنها إلى دول مثل إندونيسيا.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل مؤشرات التغيُّر الإيجابي الذي يلوح في الأفق. ففي مطلع هذه السنة، اقترح البرلمان الأوروبي إلزام الدول التي تتلقى المواد الأوروبية القابلة لإعادة التدوير بإثبات قدرتها، من خلال عمليات تدقيق مستقلّة، على إدارتها بشكل مستدام، وأنها ستحظر تدريجياً تصدير النفايات البلاستيكية بالكامل. ويتفاوض البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية بشأن تفاصيل الإجراء النهائي.

ويُعدّ إنشاء نظام عالمي لمسؤولية المنتجين الموسعة أمراً ضرورياً لضمان تجارة عادلة ومسؤولة للنفايات. ويجب ألا يستهدف هذا النظام الدول النامية فحسب، بل الدول المتقدمة أيضاً، التي عليها أن تعمل جنباً إلى جنب لإعادة تشكيل وإعادة توازن الاقتصاد الدائري العالمي للمخلفات للحدّ من التلوُّث البيئي وانبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.

ومن الضروري وضع معيار عالمي لإعادة استخدام النفايات وتدويرها بإعادة التصنيع، مثل توحيد طرق المعالجة والأنظمة التشغيلية للنفايات بأنواعها المختلفة لضمان معالجتها بشكل صحيح. وبالإضافة إلى ذلك، يساعد نقل المعرفة والتكنولوجيا من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية في التخفيف من حدّة القضايا البيئية المحتملة، وتوفير فرص عادلة لتحقيق التنمية والاستدامة.


مقالات ذات صلة

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق نفايات القهوة تعزز قوة الخرسانة وتقلل البصمة الكربونية (معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا)

نفايات القهوة تصنع خرسانة أقل انبعاثاً للكربون

تكشف الدراسة عن إمكانية تحويل مخلفات القهوة إلى مادة بناء مستدامة تعزز صلابة الخرسانة وتخفض بصمتها الكربونية، مما يدعم التوجه نحو اقتصاد دائري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
ثقافة وفنون عالمة الرئيسيات والناشطة البيئية جين غودال

جين غودال وإرث البشرية المضطرب

غيابها ليس مجرد فقدانٍ لعالمةِ رئيسياتٍ أو ناشطةِ بيئةٍ، بل هو إغلاق للنافذة التي فتحتها بنفسها بقوةٍ وصبرٍ في غابات غومبي التنزانية قبل أكثر من ستة عقود.

ندى حطيط (لندن)
آسيا فيضانات في تايلاند (أ.ب)

ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيضانات في تايلاند وسريلانكا

ذكر بيان حكومي أن حصيلة الوفيات جراء الفيضانات في جنوب تايلاند ارتفعت إلى 87 اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق يعكس ظهور النسر ضمن المحمية أهميتها المتزايدة بوصفها ملاذاً للطيور المهاجرة (واس)

رصد أول ظهور للنسر أبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاماً

رصدت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ظهوراً نادراً للنسر أبيض الذيل، أحد الطيور المهاجرة، وهو الرصد المؤكد الأول لهذا النوع في السعودية منذ أكثر من 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (تبوك)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.