الشيخ يوسف الأسير نهضوي أزهري لا يزال مجهولاً

شارك البستاني في ترجمة الكتاب المقدس وكتب الترانيم

الشيخ يوسف الأسير نهضوي أزهري لا يزال مجهولاً
TT

الشيخ يوسف الأسير نهضوي أزهري لا يزال مجهولاً

الشيخ يوسف الأسير نهضوي أزهري لا يزال مجهولاً

مارون عبود: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم الأحدب والأسير هم ثالوث الفصحى في القرن التاسع عشر

قليلاً ما يذكر الشيخ يوسف الأسير بين رواد النهضة الفكرية الحديثة، رغم المكانة المرموقة التي احتلّها بين رجالات عصره. فقد أعطي بعض الإصلاحيين حقهم وتحولوا نجوماً، كما ناصيف اليازجي، والأفغاني، ومحمد عبده وبطرس البستاني، لكن البعض الآخر لا يزال مجهولاً بالنسبة لجمهور الناس. وقد فعلت خيراً الباحثة اللبنانية منى عثمان حجازي، أن نبشت في أرشيف ابن صيدا الشيخ يوسف الأسير، الذي ترك مدينته، حين شعر أن أهلها لا يقدرونه حق قدره، وعاش بين دمشق، وإسطنبول، والقاهرة ومدن لبنانية عدة.

قال عنه مارون عبود: «أحمد فارس الشدياق وإبراهيم الأحدب والأسير هم ثالوث الفصحى في القرن التاسع عشر»،؛ومع ذلك سقط اسم الأسير بمرور الأيام، وها هي سيرته تعود مع كل حديث جديد عن ترجمة الكتاب القدس التي شارك فيها كلاً من بطرس البستاني وكرنيليوس فاندايك. وقد درّس الأسير في مؤسسات تعليمية عريقة، منها المدرسة الوطنية ومدرسة الحكمة، وألّف الكثير من الكتب في ميادين مختلفة، وله ديوان شعري. وما لا يعرفه كثيرون أن هذا الشيخ الأزهري، كان من الانفتاح والسماحة بحيث إنه صاغ «أعمال الرسل» و«الرسائل» و«سفر الرؤيا»، ونظم الكثير من الترانيم المسيحية المستمدة مواضيعها من المزامير والإنجيل وجميعها مطبوعة، ولا تزال ترتّل في الكنائس الإنجيلية، ومنها الترنيمة التي تتضمن الوصايا العشر.

وصدر كتاب «الشيخ يوسف الأسير الأزهري والنهضوي حياته وآثاره» عن «دار نلسن» في بيروت، ليعيد الاعتبار لإصلاحي منسي، دعا إلى تعليم البنات ورآه «مهماً وضرورياً، وفيه خيرهن وصلاح أمرهن وأمر البلاد»، في الوقت الذي كانت فيه النساء لا يزلن متواريات خلف حجب كثيفة.

بدأ الشيخ الأسير (1815-1889)، حياته تاجراً. كان عصامياً، علّم نفسه بنفسه، ولم يترك مكاناً يمكن أن يستقي منه علماً إلا وقصده، فدرس في المرادية في دمشق وفي الأزهر في مصر، وتعمّق في علوم زمانه فقهاً وشريعة، ولغة وأدباً، وشعراً وصحافة. بعد الأزهر عاد الشيخ ليلقي خطبه ومواعظه والدروس الدينية في جامع الكيخيا في صيدا. لكنه سرعان ما انتقل إلى بيروت وأخذ يلقي الدروس الدينية في مسجدها العمري. وبعد ذلك انتقل إلى طرابلس، وعمل مدة ثلاث سنوات في الوعظ والإرشاد وإصدار الفتاوى المختلفة. ثم تولى مناصب مرموقة، منها القضاء في بكفيا سنة 1858، وكانت مركز قائمقامية في جبل لبنان، أثناء حكم الأمير بشير الشهابي، ثم صار مدعياً عاماً في جبل لبنان؛ لما له من حسن خلق ومكانة بين معاصريه، حتى استقال سنة 1868. وصار الشيخ يوسف بعدها أول مدعٍ عام في الدولة العثمانية، ومعاوناً لقاضي بيروت، ليتولى بعد هذا رئاسة المحكمة الشرعية في بيروت. لكن هذا لم يكن سوى الوجه الرسمي الذي استدعته الوظيفة، فقد كانت صفحات الجرائد تعج بوجهات نظر الأسير ومعالجاته الشرعية للقضايا اليومية التي تطرح عليه. فقد كان فقيهاً مجلاً، في اجتهاداته. كما كان الشيخ يوسف موسوعياً، اهتم بمعظم الفنون الأدبية واللغوية، وكان شاعراً وكاتباً، تتلمذت على يديه، أجيال من الأدباء والشعراء والفقهاء والقضاة، كثير من بينهم أصبحوا موظفين كباراً وقادة في الجيش العثماني، كما تتلمذ على يديه مبشرون أجانب ومرسلون جاءوه لتعلم أسرار اللغة العربية، ولم يخب ظنهم.

وكان الشيخ ممن يدعون للإصلاح ضمن الدولة العثمانية وفي إطار الإسلام، ناظراً إلى رجال السياسة في حينه من وزراء ومسؤولين على أنهم هم السبب في الفساد والتخلف. ولم يدع للتخلص من السلطان، بل عدّه رمزاً للمسلمين، وذخيرة يجب الحفاظ على مكانته. ويبدو أن السلطنة لم تنظر بعين الرضا لتدخل الأسير في الشؤون السياسية وآرائه الناقدة، فاستدعته إلى الأستانة ومنحته المناصب والعطايا، ليكون تحت رقابتها.

وواجهت الباحثة مؤلفة الكتاب، صعوبات جمّة في العثور على معلومات وافية عن الأسير. فإهمال السنين جعل آثاره بعضها يفقد، والبعض الآخر يبقى منثوراً في صحف تلك المرحلة، والكتب لا يعاد طباعتها. فلجأت الباحثة إلى زيارة أحفاد الشيخ يوسف وأنسبائه، في بيروت، وتمكنت من الحصول على معلومات تتعلق بتفاصيل عن حياته وأعماله، وعثرت عند أحد أحفاده على مخطوطة صغيرة تتألف من بضع صفحات تتحدث عن سيرة حياة الشيخ يوسف، بخط أحد تلامذته. كما تمكنت من العثور على نسخة من ديوانه الشعري، في خزائن كتب مسجد قطيش في صيدا، ووجدت لحسن الحظ بعض كتبه المهمة في مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت، وكذلك اطلعت على الصحف، التي كان يحرر فيها، مثل «ثمرات الفنون» و«الجوائب» و«لسان الحال» و«لبنان»، وغيرها.

تصف الباحثة الأسير بأن «شخصيته ريادية في الفقه والصحافة والتعليم، وفي أفكاره التي نشرها خلال حلقات التدريس التي كان يعقدها، أو على صفحات الصحف التي كان يحررها، بالإضافة إلى ما تركه من آثار مهمة على جيل بأكمله، تتلمذ على يديه، أو قرأ له، أو تأثر به، من خلال مساجلاته ومحاوراته مع رصفائه من العلماء والمفكرين، أمثال الشيخ ناصيف اليازجي وسعيد الشرتوني وأحمد فارس الشدياق، وغيرهم».

الكتاب يضع الشيخ الأسير في بيئته في القرن التاسع عشر. يعيدنا إلى عوامل النهضة السياسية في المنطقة العربية في تلك الفترة التي اتسمت بالحيوية والبحث عن الهوية والاجتهادات الفكرية. ثم تعيد الباحثة رسم الأجواء الثقافية في تلك الفترة، وكيف انعكست على مسار الشيخ الأسير وفكره، قبل أن نقرأ عن نسبه ونشأته وبيئته وظروف دراسته ورحلاته، وأبرز صفاته ومزاياه، وأسرته.

وتعرض المؤلفة لجوانب مختلفة من ملامح شخصية الشيخ يوسف، تلك التي جعلت منه لغوياً ضليعاً وقاضياً عادلاً وفقيهاً متعمقاً، وصحافياً ذائع الصيت، وشاعراً مجيداً، وأستاذاً تتهافت المدارس على أن يلتحق بها. كما يعرج البحث على أفكاره في السياسة والإصلاح والدين والمجتمع، وفي اللغة والأدب، والدور الذي لعبته كتاباته في نشر المعرفة والعلم، وفي دفع النهضة الفكرية في بلادنا، أواخر القرن التاسع عشر.

ولعله الكتاب الوحيد اليوم، الذي يقدم معلومات وافية تحيط بمختلف جوانب شخصية الشيخ يوسف الأسير، إضافة إلى أنه يذكر آثار الشيخ من مخطوطة ومطبوعة، ويفينا بأهم محتوياتها، مع الغرض من وضعها.

وتروي الباحثة سبب اهتمامها بهذا الإصلاحي الذي بقي مجهولاً لفترة طويلة، فتقول: «جذبتني سيرة حياته أثناء مطالعتي لكتاب (دليل معالم صيدا الإسلامية) وأعجبتني الأبيات الشعرية التي نظمها الشيخ يوسف، ونقشت على لوحة فوق الباب الأوسط للمسجد العمري الكبير في صيدا، كما لفت انتباهي بشدة السبب الذي جعله يترك التدريس في مسجد الكيخيا ويغادر صيدا ضنّاً بالعلم يعطى لغير أهله».

وربما أن أحد عناصر جاذبية سير رجال النهضة، ويوسف الأسير أحدهم هي عصاميتهم، فلم يتخرجوا من جامعات، ولم تذلل أمامهم الصعوبات، ولم تكن طفولتهم في مدارس تمنحهم الدفع الكافي، ومع ذلك ساقهم فضولهم إلى البحث عن المعرفة أينما كانت، وفي سبيلها تحملوا المشقات، وقطعوا المسافات، وحرموا من أهلهم وتغربوا عن ديارهم. ففي الأستانة لم يتحمل الشيخ البرد القارس، وقد اعتل جسده بعد سنوات من الكد والعمل، شدّ الرحال من جديد إلى بيروت، رغم إلحاح المسؤولين على بقائه هناك، والمكانة المالية والمناصب المهمة التي تولاها. وفي بيروت أكمل رحلته كاتباً وباحثاً وخطيباً، وواعظاً إلى أن وافته المنية سنة 1889، عن عمر يناهز السابعة والسبعين. شيّع الشيخ يوسف إلى مثواّه الأخير، محمولاً على أكفّ طلبة العلم، يحيطون بالنعش، وبين جموع المشيعين حاكم بيروت التركي، والمفتي، ووجهاء وأعيان من الطوائف كافة.

نعى الشيخ يوسف تلاميذته وأصحابه من معاصريه، فأخذوا ينظمون القصائد، ويدبّجون المقالات في تأبينه، مشيدين بفضله على عصر النهضة، وبدوره في نشر العلم والثقافة، ومسجلين آثاره ومآثره، وما تركه من مؤلفات ومقالات. وقد جمع صديقه الشيخ إبراهيم الأحدب معظم ما قيل في تأبينه في كتاب أسماه «مراثي الشيخ يوسف الأسير».



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».