مهرب لاجئين يدير أعماله من غرفة بفندق صغير في تركيا

ثمن لقاء الرحلة 1300 دولار.. ومدته لا تتجاوز 45 دقيقة

لاجئون متجمعون في مدينة أزمير التركية حيث يعدون إجراءات سفرهم نحو اليونان أمس («واشنطن بوست»)
لاجئون متجمعون في مدينة أزمير التركية حيث يعدون إجراءات سفرهم نحو اليونان أمس («واشنطن بوست»)
TT

مهرب لاجئين يدير أعماله من غرفة بفندق صغير في تركيا

لاجئون متجمعون في مدينة أزمير التركية حيث يعدون إجراءات سفرهم نحو اليونان أمس («واشنطن بوست»)
لاجئون متجمعون في مدينة أزمير التركية حيث يعدون إجراءات سفرهم نحو اليونان أمس («واشنطن بوست»)

تبدأ محطة الانطلاق الأولى والأكثر أهمية وخطورة في رحلات اللاجئين والمهاجرين السوريين الذين باتوا يتدفقون نحو مختلف الدول الأوروبية في تلك المدينة الساحلية التركية، عبر زيارة لأحد المهربين الذي يدير أعماله من إحدى غرف الفنادق الصغيرة الموجود في نهاية أحد الأزقة الضيقة.
قال موظف الاستقبال في الفندق المتواضع داخل الزقاق الضيق ومن دون أن يسأله أحد: «غرفة المهرب بأعلى هناك»، مشيرًا إلى إحدى الغرف المجاورة لفناء الفندق. وهناك، يحيي المهرب زبائنه جالسا على سرير صغير يحمل بضعة وسائد متفرقة، وموجها نصائحه بما يتعين على الزبائن جلبه، وما يجب عليهم تركه وراءهم، ويتلقى منهم مبلغ 1300 دولار لقاء الرحلة التي لا تتجاوز 45 دقيقة من عمر الزمن.
ينتمي ذلك المهرب، الأصلع ذو الفك الكبير والبالغ من العمر 40 عاما والقادم من بلدة عزاز السورية ذات السمعة السيئة في نشاط التهريب، إلى شبكة واسعة ومربحة للغاية من عشرات المهربين الذين يطلقون القوارب المنهكة والمكتظة باللاجئين عبر ممر ضيق من البحر ما بين تركيا واليونان. ولقد اتخذ ثلثا الذين يطلبون اللجوء السياسي في أوروبا خلال هذا العام ذلك الطريق للهجرة، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأغلبية أولئك المهاجرين قد انطلقوا في رحلاتهم من مدينة أزمير التركية، وهي مركز تجارة التهريب.
تبدلت شوارع المدينة ذات الأشجار الوارفة بقدر ما تبدلت أية مدينة أوروبية اجتاحتها جحافل اللاجئين مؤخرا. وفي أي يوم من الأيام، يجوب الآلاف من اللاجئين شوارع حي بازمان الرئيسي، حيث ينامون أسفل الأشجار، وتزدحم بهم الفنادق الرخيصة، ويبتاعون سترات النجاة من الأكشاك المتناثرة في الشوارع والتي ظهرت لتلبية طلبات الزبائن، ويستريحون على المقاهي انتظارا لنداء يدعوهم لركوب أحد القوارب في المساء.
عندما يأتي النداء، يتجمع الذين وقع عليهم الاختيار في الميدان الرئيسي بالحي لاستقلال الحافلات التي تنقلهم إلى أحد الشواطئ المعينة، ممسكين بما تبقى من أمتعتهم ويرتدون معاطف النجاة تحت أنظار الشرطة التركية المكلفة بحراسة مقر البلدية المجاور.
ولا يتجاوز الطريق ما بين تركيا وأقرب جزيرة يونانية 15 ميلا، هو الأقصر والأكثر أمانا من الطريق إلى إيطاليا عبر شمال ليبيا، والذي كان يعتبر في السابق طريق العبور الرئيسي المستخدم من جانب الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا بطرق غير مشروعة - حتى انفجر طوفان اللاجئين من سوريا المجاورة وفاق التوقعات في أعداد المهاجرين المتدفقين على تركيا، حيث تواجه أوروبا حالة تدفق بشرية هائلة لم تشهد لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية.
هي رحلة خطيرة رغم كل شيء، وتتم خلسة تحت جنح الظلام في قوارب هوائية تنتقل عبر عشرات الشواطئ النائية والخلجان الممتدة على طول الساحل المتعرج. وتتعرض تلك القوارب الضعيفة للثقوب قبل وصولها إلى شواطئ الجزيرة اليونانية، ولذلك لا يمكن لجنود حرس السواحل اليونانيين إجبارهم على الرجوع من حيث جاءوا - ويضطر ركاب القوارب على السباحة خلال المرحلة الأخيرة من الرحلة المهلكة، وفقا للمهرب وأولئك الذين ينظمون الرحلات.
يفخر المهرب، الذي اشترط مناقشة أعماله من دون الكشف عن هويته، بأنه لم يفقد أيًا من زبائنه غرقا حتى الآن، وأن 90 في المائة من زبائنه يصلون إلى اليونان سالمين ومن أول محاولة. وقال إنه لا يضع أكثر من 45 شخصا على أي قارب الذي يبلغ طوله 9 أقدام، كما أنه يتأكد بنفسه أن القارب محمل بصورة جيدة.
وأضاف يقول: «إن السمعة في عملنا هذا تعني كل شيء»، موضحًا أن الزبائن يأتون إليه على أساس توصيات من أصدقائهم وأقاربهم الذين وصلوا اليونان بأمان، وتابع يقول: «إنني أتمتع بسمعة جيدة».
ولقد رفض بعض ممن تجمعوا في الميدان انتظارا للقيام برحلتهم. حيث فشلت الرحلة التي خرجوا فيها الليلة قبل الماضية بسبب مهرب آخر ممن وضع ركابه على متن قاربهم، مما تجاوز الحمولة إلى 57 لاجئا. فغرق القارب سريعا، وظلوا ينتظرون الخروج في محاولة أخرى.
يقول أحد اللاجئين من مدينة حمص بغرب سوريا: «إنها مافيا»، مشيحا بوجهه وخافضا صوته كي لا يسمعه أحد.
لدى الكثيرين ممن يفترشون شوارع أزمير قصص أسوأ يتلونها، من التعرض للخديعة على أيدي أشخاص يوهمونهم بأنهم مهربون، حيث تضيع مدخراتهم عليهم، أو سفرهم المتكرر عبر قوارب مكتظة للغاية ثم تتعرض للغرق على الفور، مما يلزمهم السباحة للعودة إلى الشواطئ مرة أخرى. وقال أحد الرجال من جنوب سوريا إنه خرج في 9 رحلات حتى الآن خلال الـ12 يوما الماضية، ومن بينها رحلة كان عليه السباحة فيها لمدة ساعة ونصف الساعة قبل أن تنقذه قوات حرس السواحل التركية. وأضاف الرجل «إنهم يملأون القوارب بالركاب فقط لجني المزيد من الأموال».
وقال مواطن سوري آخر، من مدينة حلب، إنه دفع 8400 دولار لأحد المهربين المفترضين لنقله برفقة زوجته وأطفاله، ولكنه لم يسمع عنه مجددا. وتنام تلك العائلة حاليا في شوارع أزمير، وهم غير قادرين حتى على العودة مرة أخرى إلى سوريا.
وحتى من دون الغش والاحتيال، بات من الواضح أنها تجارة مربحة للغاية. حيث تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 258 ألف لاجئي قد عبروا بالقوارب إلى أوروبا خلال هذا العام. ومع سعر الرحلة الواحدة يقترب من 1200 دولار خلال معظم شهور الصيف، فذلك يعني أن اللاجئين دفعوا نحو 300 مليون دولار إلى المهربين - مما يمثل حالة انتقال ضخمة للثروة من الناس الذين هم في حاجة ماسة إلى المهربين الذين باتوا أثرياء على نحو سريع. نفى المهرب جنيه للكثير من الأرباح أو استغلاله لعائلات اللاجئين السوريين وقال إنه أحيانا يسمح للمعوزين من اللاجئين باستقلال القوارب مجانا.
وأضاف المهرب يقول إن التكاليف مرتفعة للغاية هناك، حيث إن التكاليف الكلية لوضع القارب الواحد في حالة تشغيلية جيدة في البحر تجاوز 40 ألف دولار، منها 7 آلاف دولار للقارب ذاته مع رسوم لأطراف أخرى في سلسلة التهريب الممتدة. والشبكة بكاملها تخضع لسيطرة اثنين أو ثلاثة من المواطنين الأتراك الذين يجنون غالبية الأرباح.
يدفع معظم اللاجئين في شهور الصيف ما لا يقل عن 1200 دولار عن الفرد الواحد، ولكن ذلك السعر قد ارتفع مؤخرا إلى 1300 دولار، وهناك المزيد والمزيد من اللاجئين الذين يتدفقون على مدينة أزمير هروبا باتجاه أوروبا قبل حلول فصل الشتاء بأجوائه القاسية التي تجعل عبور البحر أكثر خطورة مما هي عليه الآن، كما قال المهرب، الذي أضاف أن الرحلة لم تكن تتكلف العام الماضي سوى 900 دولار فقط عن الفرد الواحد.
واستطرد المهرب قائلا إن يفكر في الخروج إلى أوروبا بنفسه قبل أن تسوء الأحوال الجوية فعلا ويصبح السفر مستحيلا، وقال إنه ينوي السفر إلى بريطانيا. وهناك مهربون آخرون من مدينة عزاز السورية، التي اشتهرت بنشاط التهريب حتى قبل اندلاع الحرب السورية، قد انتقلوا بالفعل إلى أوروبا، حيث يعملون على إدارة أنشطة مربحة أخرى من الطريق الذي يسلكه طالبو اللجوء السياسي.
وقال المهرب أخيرا: «إذا سافرت، فسوف أسافر لأجل أبنائي»، وذلك قبل استئذانه منا ليغفو في قيلولة خفيفة استعدادا لليلة عمل «تهريبية» أخرى.
تعرض ما لا يقل عن 55 شخصا للغرق حتى الآن خلال هذا العام أثناء محاولة العبور بين تركيا واليونان، مقارنة بما يفوق 2700 غريق عبر طريق الهجرة الليبي، وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة. ومن بينهم الطفل الصغير إيلان كردي، والذي توفي على طريق عبور آخر يبعد 200 ميل إلى جنوب أزمير، مما أثار موجة من المشاعر العارمة والتعاطف الشديد مع اللاجئين.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)
نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)
TT

نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)
نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)

أعلنت نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي اليوم (السبت) أنها أمرت شخصاً بقتل الرئيس فرديناند ماركوس جونيور في حال تم اغتيالها، ما دفع المكتب الرئاسي إلى التعهد «باتخاذ لإجراء المناسب الفوري»، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

في إشارة دراماتيكية إلى الخلاف المتزايد بين أقوى عائلتين سياسيتين في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، قالت دوتيرتي في مؤتمر صحافي إنها تحدثت إلى قاتل مأجور، وأمرته بقتل ماركوس وزوجته ورئيس مجلس النواب الفلبيني إذا تعرضت للاغتيال.

قالت دوتيرتي في الإحاطة المليئة بالشتائم: «لقد تحدثت إلى شخص. قلت له (إذا قُتلت، اذهب واقتل بي بي إم (ماركوس)، والسيدة الأولى ليزا أرانيتا، ورئيس مجلس النواب مارتن روموالديز)... لا مزاح... قلت له ألاّ يتوقف حتى يقتلهم».

كانت نائبة الرئيس ترد على أحد المعلقين عبر الإنترنت الذي حثها على البقاء آمنة، قائلاً إنها كانت في أرض العدو، حيث كانت في الغرفة السفلى من الكونغرس طوال الليل. لم تذكر دوتيرتي أي تهديد مزعوم ضدها.

الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور (أ.ب)

ورد مكتب الاتصالات الرئاسية ببيان قال فيه: «بناءً على بيان نائبة الرئيس الواضح الذي لا لبس فيه بأنها تعاقدت مع قاتل لاغتيال الرئيس إذا نجحت مؤامرة مزعومة ضدها، أحالت السكرتيرة التنفيذية هذا التهديد النشط إلى قيادة الأمن الرئاسي لاتخاذ إجراء مناسب فوري... يجب دائماً التعامل مع أي تهديد لحياة الرئيس على محمل الجد، خاصة أن هذا التهديد تم الكشف عنه علناً بعبارات واضحة ومؤكدة».

وتابعت نائبة الرئيس في الإحاطة: «هذا البلد ذاهب إلى الجحيم لأن شخص لا يعرف كيف يكون رئيساً وكاذب، يقوده».

وفي يونيو (حزيران)، استقالت دوتيرتي، ابنة سلف ماركوس، من مجلس الوزراء بينما ظلت نائبة للرئيس، مما يشير إلى انهيار التحالف السياسي الهائل الذي ساعدها وماركوس في تأمين انتصاراتهما الانتخابية في عام 2022 بهامش كبير.

وتُعدّ تصريحات دوتيرتي الأخيرة الأحدث في سلسلة من العلامات القوية للعداء في السياسة الفلبينية. في أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت ماركوس بعدم الكفاءة، وقالت إنها تخيلت قطع رأس الرئيس.

العائلتان على خلاف بشأن السياسة الخارجية والحرب القاتلة التي شنها الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي على المخدرات، من بين أمور أخرى.

في الفلبين، يتم انتخاب نائب الرئيس بشكل منفصل عن الرئيس وليس لديه مهام رسمية. وقد سعى العديد من نواب الرؤساء إلى المساهمة في أنشطة التنمية الاجتماعية، في حين تم تعيين بعضهم في مناصب وزارية.

وتستعد البلاد لانتخابات التجديد النصفي في مايو (أيار)، والتي يُنظر إليها على أنها اختبار حاسم لشعبية ماركوس وفرصة له لتعزيز سلطته وإعداد خليفة له قبل انتهاء فترة ولايته الوحيدة التي تبلغ ست سنوات في عام 2028.