بغداد وأنقرة تتبادلان الزيارات عبر وزراء نفط وخارجية البلدين

الأمن والطاقة والمياه أبرز ملفات العلاقات العراقية - التركية

وزير النفط العراقي (يسار) مع وزير الطاقة التركي (موقع وزارة النفط العراقية)
وزير النفط العراقي (يسار) مع وزير الطاقة التركي (موقع وزارة النفط العراقية)
TT

بغداد وأنقرة تتبادلان الزيارات عبر وزراء نفط وخارجية البلدين

وزير النفط العراقي (يسار) مع وزير الطاقة التركي (موقع وزارة النفط العراقية)
وزير النفط العراقي (يسار) مع وزير الطاقة التركي (موقع وزارة النفط العراقية)

شهدت بغداد وأنقرة تبادلا لزيارتين عبر وزراء النفط والخارجية في البلدين... وفيما أجرى وزير النفط العراقي حيان عبد الغني محادثات في العاصمة التركية مع وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار بشأن قطاع النفط والطاقة، وصل بعد ظهر الثلاثاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد في زيارة تستمر ليومين يلتقي خلالها نظيره وكبار المسؤولين في الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، وفق بيان صادر عن الخارجية العراقية.

ويتوقع المراقبون أن تتمحور المحادثات بين الطرفين، حول ملفات النفط والمياه والأمن وطريق التنمية الاستراتيجية التي يعتزم العراق إقامتها من البصرة جنوباً وصولاً إلى الأراضي التركية شمالاً .

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (أ.ف.ب)

وقال بيان صادر عن وزارة النفط إن وزيرها والوزير التركي «ناقشا عدداً من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وشددا على أهمية خط أنابيب النفط الخام بين العراق وتركيا، واستئناف تدفقات النفط الخام، بعد الانتهاء من عمليات التأهيل والفحص اللازمة بعد حادث الزلازل في فبراير (شباط) الماضي».

وأكد الوزيران «تعزيز آفاق التعاون المشترك في مجالات الطاقة والنفط والغاز والربط الكهربائي والطاقة المتجددة».

وأشار بيان الوزارة، إلى أن «اللجنة الاقتصادية العراقية - التركية المشتركة التي يترأسها الوزيران قررت عقد الاجتماع التاسع عشر للجنة في بغداد، سيحدد موعدها لاحقاً».

اجتماع الوفدين العراقي والتركي (موقع وزارة النفط العراقية)

ويقول الدكتور غازي فيصل مدير «المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو في الأمر نوع من المفارقة، حيث يزور أنقرة وزير النفط العراقي، فيما يوجد وزير الخارجية التركي في بغداد، أعتقد أن زيارة وزير النفط تتعلق بمناقشة الأمور الفنية الخاصة بقضية إعادة ضخ النفط إلى ميناء جيهان التركي المتوقف منذ أشهر. أما زيارة وزير الخارجية فهي ليست بديلاً عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المتوقعة... زيارة وزير الخارجية مهمة جدا، وربما تضع الأسس والقواعد الضرورية للاتفاقيات الاستراتيجية المنتظر توقيعها بين أنقرة وبغداد».

وأضاف «هناك ديون مقدرة بنحو 10 مليارات دولار مستحقة للعراق على تركيا، بعد أن كسبت بغداد قرار المحكمة الدولية في باريس على خلفية تعامل أنقرة مع إقليم كردستان في تصدير النفط بشكل منفرد، وهذه القضية تتطلب نقاشا بين الجانبين، يتعلق بالإجراءات الجديدة في التصدير بعد قرار المحكمة، والتي ستكون بعهدة شركة (سومو) النفطية الاتحادية».

ويعتقد فيصل أن زيارة وزير الخارجية ستركز على «ملفات المياه والأمن والجانب المتعلق بالمصالح والتعاملات الاقتصادية بين البلدين، سيما أن إجمالي التبادل التجاري بينهما وصل إلى 15 مليار دولار، ويتوقع أن يصل إلى 20 ملياراً خلال العام الحالي».

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (إ.ب.أ)

ويضيف أن «الوزير التركي مهتم بصورة خاصة بالعلاقات مع العراق، وقام برسم دبلوماسية خاصة للرئيس إردوغان بذلك... هناك اهتمام ومشكلة عراقية بموضوع المياه، وهناك اهتمام تركي بقضية حزب العمال الكردستاني المعارض الذي يوجد بعض عناصره في العراق. وهناك أيضا طريق التنمية التي تريده العراق، ويتطلب ذلك مساعدة تركيا، وهي طريق استراتيجية ومهمة جدا للبلدين، حيث ستربط تجارة آسيا بأوروبا عبرهما».

ويتوقع فيصل، أن «تضع زيارة وزير الخارجية الأسس والقواعد التي يراد توقيعها بين أنقرة وبغداد خلال زيارة الرئيس إردوغان المتوقعة».

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا، وفق موقع «trade map» أكثر من 15 مليار دولار خلال العام الماضي 2022. وذكر الموقع في إحصائية نشرها أن «العراق استورد من تركيا خلال العام الماضي 101 مادة من السلع بقيمة بلغت 13.744.082 دولار، وشملت الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، تليها البلاستيك ومصنوعاته، إلى جانب الحبوب والدهون والزيوت واللحوم»، في مقابل استيراد تركيا الوقود والزيوت وبعض المعادن الأخرى بنحو مليار ونصف المليار دولار.

مشهد من إحدى مصافي النفط العراقي (مواقع التواصل)

وسبق أن تحدثت تقارير في أنقرة عن شروط تركية، وصفت بـ«التعجيزية»، لإعادة استئناف تصدير النفط مع العراق، تضمنت وقف تطبيق اتفاق المقاصة بين النفط العراقي والغاز الإيراني، لأن تركيا وإقليم كردستان لديهما اتفاق بشأن النفط لمدة 50 عاما، ودفع تعويضات مقابل استئناف صادرات نفط الإقليم، وسحب الدعوى الثانية من قِبل بغداد في محكمة التحكيم الدولية عن التعويضات للمدة من 2018 إلى 2022، والاستمرار بإعطاء تركيا خصماً مقداره 13 دولاراً عن كل برميل نفط خام مصدر من الإقليم.

كما تضمنت الشروط، وفق التقارير، الاستمرار في دفع أجور نقل إلى شركة خطوط الأنابيب التركية (بوتاش) بواقع 7 دولارات لكل برميل نفط خام مصدر عبر ميناء جيهان، وأن يتحمل العراق تكلفة إصلاح خط الأنبوب العراقي - التركي. وتعد تركيا هي الطرف الأكثر تضرراً من وقف تصدير النفط العراقي من خلالها.

في السياق، اتهم مستشار الطاقة في مكتب الإعلام بـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» بهجت أحمد، «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، بتهريب 200 ألف برميل نفط يومياً عبر الشاحنات إلى تركيا، من حقول مختلفة، قائلا إن «الإيرادات لا تدخل إلى خزينة الإقليم إطلاقاً، كما أن الحكومة العراقية تعلم بهذا الأمر».

الرئيس التركي خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في مارس الماضي (أ.ف.ب)

وفي ما يتعلق بملف المياه، قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، خالد شمال، إنه «سيكون هناك منهاج يخص الزيارة المرتقبة للرئيس التركي إردوغان إلى العراق وبروتوكولات ستُراعى وملفات كثيرة ستُبحث».

وبات ملف المياه في العراق حرجاً. وأكد وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب «أن هناك صعوبات في تأمينها، لكن مع الإدارة الجيدة، من الممكن تجاوز الأزمة بأقل الضرر».

وذكر ذياب أن «العراق تحدث بصراحة مع تركيا عن السبب المباشر لقلة الإطلاقات رغم توافر كميات كافية من المياه ضمن المخزون الاستراتيجي، وأن تركيا ظلت تتباطأ، إلى أن بعث رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، برسالة خطية للرئيس إردوغان وبمبعوث خاص لطرح الموضوع بشكل واضح بهدف إيجاد حلول».


مقالات ذات صلة

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

الاقتصاد رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».