لماذا تطالب سلطات طرابلس بـ«طرد» منظمات دولية من ليبيا؟

باتيلي ملتقياً في بنغازي ممثلي أحزاب سياسية ومجتمع مدني (البعثة الأممية)
باتيلي ملتقياً في بنغازي ممثلي أحزاب سياسية ومجتمع مدني (البعثة الأممية)
TT

لماذا تطالب سلطات طرابلس بـ«طرد» منظمات دولية من ليبيا؟

باتيلي ملتقياً في بنغازي ممثلي أحزاب سياسية ومجتمع مدني (البعثة الأممية)
باتيلي ملتقياً في بنغازي ممثلي أحزاب سياسية ومجتمع مدني (البعثة الأممية)

جدد خطاب مسرّب لوزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عماد الطرابلسي، طالب فيه السلطة التنفيذية بالبلاد، بإلغاء مفوضية المجتمع المدني، ومنظمات المجتمع المدني الليبية، حالة من الغضب في أوساط الحقوقيين.

وطالب الطرابلسي في خطاب ممهور بختمه وتوقيعه، الحكومة، بـ«طرد» منظمات دولية عاملة في ليبيا، من بينها «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، ومنظمتا «هيومن رايتس ووتش»، و«العفو الدولية»، وسط تساؤلات حقوقيين عن أسباب التصعيد في مواجهة هذه المؤسسات.

وكانت الحكومة، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، أثارت الجدل حول المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية، بعدما طالبتها في مارس (آذار) الماضي، بـ«تصحيح وضعها القانوني»، بما يتماشى مع قانون عام 2001، لكنها عدلت عن القرار.

والقانون المشار إليه هو رقم 19، وصدر في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، ويوصف بأنه متشدد في التعامل مع منظمات المجتمع المدني، التي لم يكن العمل مسموحاً لها إلا في أضيق الحدود حينذاك، الأمر الذي دفع حقوقيين ليبيين لطرح السؤال عن الأسباب التي دفعت الحكومة للعودة إلى قانون القذافي.

ممثلون لمنظمات مجتمع مدني ليبية يتلقون تدريباً في طرابلس على حل النزاعات وتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة (البعثة الأممية)

وأمام تسرب خطاب الطرابلسي، تجددت المخاوف بشأن القيود التي قد تُفرض على المنظمات المحلية والدولية، الأمر الذي عدّه احميد المرابط الزيداني، رئيس اللجنة القانونية لمنظمة «ضحايا» لحقوق الإنسان، «تضييقاً غير مبرر على الحريات».

وقال الزيداني في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «كنا نتمنى من وزارة الداخلية بدلاً من الحديث عن منظمات المجتمع المدني في خطابها المسرب على مواقع التواصل الاجتماعي، أن تتطرق إلى وجود (المرتزقة) في بلادنا»، متابعاً: «وجود هذه العناصر، وتبعيتها لدول أخرى، أخطر على الأمن القومي من المنظمات التي دافعت وتدافع عن رجال الداخلية والجيش».

واتهم الطرابلسي، في خطابه المسرب، منظمات دولية (مُنحت الإذن من مفوضية المجتمع المدني) «بنشر الإلحاد والمثلية، وغيرهما من الأفعال الضاربة بالمصالح العليا لليبيا»، وعدّها «مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة».

وقال الطرابلسي، إن «بعض الجمعيات تُستغل من أطراف دولية لأجل تحقيق مآربها للمساس بوحدة التراب الليبي»، وأوصى بـ«التعميم على منافذ البلاد بعدم السماح للمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأجنبية والعربية بدخول الأراضي الليبية، خصوصاً التي مُنحت الإذن من مفوضية المجتمع المدني»، واستثنى الطرابلسي المنظمات التي مُنحت الإذن من قبل وزارة الخارجية التابعة لحكومته.

كما شدد الطرابلسي في خطابه، على إلزام المنظمات غير الحكومية، وغيرها من الجمعيات الأجنبية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بـ«مغادرة ليبيا في أقرب الآجال».

ووسط رفض عديد من الحقوقيين الليبيين خطاب الطرابلسي، أبدى الزيداني، تعجبه من صدوره، وقال: «هذه المذكرة تمثل لي خللاً في تفكير هؤلاء»، في إشارة إلى الرافضين لعمل المنظمات.

وأضاف: «الحديث عن الأمن القومي الليبي لا يستقيم في ظل وجود 20 ألف عنصر مرتزق يعيشون على ترابنا بشرق البلاد وغربها، حتى وإن كان بعضهم يوجد وفق اتفاقات».

وربطت منظمات دولية ومحلية توجه حكومة الدبيبة، وما شهدته البلاد، خلال الأشهر الماضية، من «ازدياد القيود على أنشطة الجماعات المدنية»، وبين التمسك بـ«قانون قديم» تم تعليق العمل به في السابق، وهو ما أشارت إليه منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تصريح سابق، بـ«كثرة المضايقة والاحتجاز والملاحقة القضائية للموظفين المحليين، والعقبات التي تحول دون حصول غير الليبيين العاملين في المنظمات الإنسانية والحقوقية وغير الحكومية على تأشيرات دخول».

وتحدث الزيداني، عن أن «البعض أصبح يتنصل من الدور الذي لعبته وتلعبه منظمات المجتمع المدني، ويريدون أن يعودوا بالبلاد إلى مربع القمع ووأد الحريات»، لكنه قال: «سندافع عن هذا الحق الذي كفله لنا الدستور، ولن نرضى بهذه الضغوط، غير المستغربة، في ظل التضييق على مؤسسات المجتمع المدني».

ومضى الزيداني مدافعاً: «مؤسسات المجتمع المدني أصبحت تكشف الخروقات التي تُرتكب في البلاد، وتتبع سياسة (الند للند)؛ ودائماً نقول، حتى لو وُجدت في البلاد مؤسسات مجتمع مدني، أو أفراد فاسدون فيجب معاملتهم وفق القانون، ولا يُوضع الجميع في سلة واحدة (...) لن نسمح بقمع الحريات، وسنقاومه بالطرق السلمية، حتى لو اضطررنا للتصعيد دولياً».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية (المكتب الإعلامي للحكومة)

في سياق قريب، طالبت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، عمداء البلديات ورؤساء المجالس التسييرية للبلديات، بعدم السماح لأعضاء المنظمات الإقليمية والدولية بالدخول أو التجول في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وعدم التعامل معها إلا بعد أخذ الموافقة من رئاسة الحكومة أو الجهات المفوّضة منها، وفقاً للقانون.



«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.


«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
TT

«رواتب العسكريين» تصطدم بالخلاف السياسي بين أفرقاء ليبيا

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات للقاء رئيسها السايح مع البرعصي

دخل المشهد السياسي الليبي مرحلة جديدة من التصعيد والتجاذب بين المؤسسات عقب جلسة مجلس النواب، الاثنين، التي استُكملت الثلاثاء، ولا سيما بعد الجدل الذي أثاره إقرار البرلمان زيادة مرتبات العسكريين بنسبة 150 في المائة، وهي خطوة قوبلت بمعارضة من المجلس الأعلى للدولة في غرب البلاد، في ظل انقسام سياسي وعسكري مزمن تعيشه ليبيا منذ أعوام.

وتزامن ذلك مع اتساع دائرة الخلاف لتشمل مجلسي النواب والدولة، والسلطة القضائية، إضافة إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الشعبية في العاصمة طرابلس ضد حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في غرب البلاد.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (رويترز)

وبعد ساعات من إقرار مجلس النواب زيادة مرتبات العسكريين، نشرت وسائل إعلام محلية جدولاً جديداً لمرتبات منتسبي «الجيش الوطني»، أظهر زيادات تصل إلى 150 في المائة، إذ قفز أعلى راتب إلى 12 ألفاً و850 ديناراً لرتبة المشير، في حين بلغ أقل راتب 800 دينار للطلاب العسكريين بمراكز التدريب، وفق ما أوردته تلك الوسائل. (الدولار = 5.40 دينار في السوق الرسمية و8.78 دينار في السوق الموازية).

غير أن المجلس الأعلى للدولة سارع إلى رفض قرار زيادة الرواتب العسكرية، عاداً إياه «إرهاقاً للميزانية العامة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة»، مؤكّداً في المقابل تمسكه بجدول رواتب موحد، يحقق العدالة بين المدنيين والعسكريين دون تمييز. وحذّر المجلس، في بيان له، من أن مثل هذه الخطوات الأحادية من شأنها تقويض التوافق السياسي، وتعميق الانقسام، وإرباك المسار السياسي، داعياً إلى الالتزام بالاتفاقات، والعمل المشترك من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون.

وأثار تصويت مجلس النواب على زيادة مرتبات العسكريين تبايناً في مواقف المراقبين، بين من أبدى حماسه للقرار، وآخرين عبّروا عن رفضهم له. ومن بين المؤيدين للقرار عبد الله عثامنة، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي عدّ هذا النهج ضمن «تحولات استراتيجية نوعية وطنية، وغير مسبوقة في تاريخ المؤسسة العسكرية».

في المقابل، تساءل أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد الفضيل، قائلاً: «أليس المتقاعدون وأصحاب المعاشات الأساسية هم الأحق بإنصافٍ يقي مآسيهم، والذين لا يملكون سوى صبرهم على شظف العيش؟»، وذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك».

وفي سياق قريب، وفيما بدا أنه انحياز نسبي واصطفاف مؤسسي مع مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، دافعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن شرعية الإجراءات المتخذة، والاكتفاء بملء المقاعد الشاغرة في مجلس المفوضية، دون حله بشكل كامل.

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وفسّرت المفوضية، في بيان صدر الثلاثاء، موقفها بالقول إن «شغل المقاعد الشاغرة تم وفقاً للمادة (10) من قانون إنشائها لسنة 2013، ولا علاقة له بالاتفاق السياسي، الذي تحاول أطراف إقحامه لأغراض تخدم أجنداتها، وتُبعد الاستحقاقات الانتخابية عن مطالب الشعب الليبي».

وحرص مجلس المفوضية في بيانه على التأكيد أنه «أثبت قدرته على إدارة العملية الانتخابية بنجاح»، لا سيما من خلال تنفيذ انتخابات المجالس البلدية في مختلف مناطق البلاد، وتجاوز التحديات والعراقيل، ورفض الخضوع لما وصفه بضغوط صادرة عن «أطراف متنفذة فقدت مصالحها».

وسبق أن رفض المجلس الأعلى للدولة أيضاً تصويت مجلس النواب على استكمال تعيينات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

من جلسة سابقة لأعضاء مجلس النواب الليبي (المجلس)

وفي تأكيد على استمرار هذا التصعيد المؤسسي المتداخل، أعرب قضاة ليبيون عن بالغ قلقهم إزاء «تصاعد الخطاب والممارسات، التي تمس هيبة القضاء ومكانته الدستورية»، محذّرين في بيان أعقب اجتماعاً طارئاً للجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية، من أن «استمرار هذا المسار قد يقود إلى انقسام السلطة القضائية»، التي ظلت «موحّدة ومتماسكة ومحايدة رغم سنوات الصراع سواء السياسي أو العسكري».

وفي رد ضمني على دعوة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى إقالة رئيس محكمة النقض، عبد الله أبو رزيزة، وعدّه «خصماً سياسياً غير محايد»، شددت الجمعية على أن وحدة القضاء واستقلاله «خط أحمر»، داعية إلى «احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وعدم التدخل في شؤون القضاء، أو التعرض له قولاً أو فعلاً».

كما أعلنت الجمعية أنها في حالة انعقاد دائم، وأنها أجرت سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع جهات قضائية عدة، مشيرة إلى قرب الإعلان عن «المبادرة الوطنية لوحدة السلطة القضائية»، الهادفة إلى صون استقلال القضاء، وتجنيبه أي مظاهر انقسام أو تجاذب سياسي.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ويعكس هذا التصعيد توتراً غير مسبوق بين السلطتين التشريعية والقضائية، في وقت تتواصل فيه الجهود الأممية والدولية لإعادة إطلاق العملية السياسية، وسط مخاوف كبيرة من أن يؤدي هذا التوتر إلى مزيد من الانسداد وعدم الاستقرار، وتقويض فرص التوافق والانتقال نحو انتخابات طال انتظارها.

ويتزامن هذا التصعيد المؤسسي مع استمرار الجهود الأممية لإنهاء الجمود السياسي القائم منذ عام 2021، عبر توحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات، إلى جانب تحركات احتجاجية في الشارع، حيث شهدت العاصمة طرابلس، الاثنين، ولليوم الرابع على التوالي، مظاهرات احتجاجاً على «الفساد»، واستمرار حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وأشعل المتظاهرون مجدداً النيران وأغلقوا الطريق أسفل كوبري المدار بوسط المدينة، فيما رصدت وسائل إعلام محلية اشتعال سيارة عسكرية، تتبع اللواء 444 قتال، التابع للحكومة، وسط غياب أي توضيح رسمي من الجهات المختصة.