دخل القوميون في تركيا في تجاذب حاد مبكر، قبل أشهر من الانتخابات المحلية المقررة في مارس (آذار) المقبل، بعد دعوة جديدة أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، لرئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشنار، للعودة إلى صفوف الحزب الذي انشقّت عنه عام 2017.
وجاءت دعوة بهشلي عبر رسالة مذكرة نقلها نائبه، إسماعيل أوزدمير، عبر أحد البرامج في قناة «سي إن إن تورك» القريبة من الحكومة. وقال فيها: «لقد دعوناكم من قبل (في عام 2019) للعودة إلى البيت، ولم تعودوا. فلنكن جيراناً في الإدارة المحلية من أجل خير البلد والشعب». وتابع أوزدمير: «سبق أن وجه رئيسنا (دولت بهشلي) دعوة إلى السيدة أكشنار وقيادات حزبها في 1 أغسطس (آب) 2019 للعودة إلى صفوف الحزب، لكنها قوبلت بالرفض. واليوم يوجه دعوته للعودة والعمل معاً في الانتخابات المحلية».
دعوة مضادة
وقوبلت دعوة بهشلي، التي أطلقها قبل يومين، والتي جاءت بعد دعوة سابقة من الرئيس رجب طيب إردوغان، لأكشنار قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي، بردود فعل سلبية من جانب قيادات حزب «الجيد». ووجه المتحدث باسم الحزب، كورشاد زورلو، دعوة مضادة إلى «القوميين ومحبي الوطن» إلى الاجتماع تحت مظلة حزب «الجيد».
من جانبه، قال نائب رئيس الحزب، تولغا أكالين، إنه «إذا كان السيد دولت بهشلي يدعو إلى طريق ثالث، أي إذا كان يريد إنشاء رابطة وطنية، فنحن موجودون بالفعل. أما إذا كان يعرض القومية التركية في ظل قيادة الإسلام السياسي (في إشارة إلى تحالف بهشلي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم)، فإننا لسنا بحاجة إلى الرد».
أما نائب رئيس الحزب المسؤول عن الشؤون السياسية، أوكطاي فورال، فقال إن حزب «الجيد» ليس مقيّداً أو ملزماً بأي تحالف، «ونحن ملتزمون فقط تجاه الأمة». وأضاف: «لسنا في وضع يسمح لنا بالتنازل عن إرادتنا لأي شخص. حزب (الجيد) لن يدخل في تحالف يشارك فيه حزب (الشعوب الديمقراطية) (مؤيد للأكراد). لقد رأينا تكلفة ذلك في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة. خلال فترة الانتخابات، تعرّضت منظماتنا لهجمات غير عادلة بسبب حزب (الشعوب الديمقراطية)»، في إشارة إلى زيارة مرشح تحالف «الأمّة» المعارض الذي كان حزب «الجيد» جزءاً منه، كمال كليتشدار أوغلو، لحزب «الشعوب الديمقراطية»، وإعلان الحزب تأييده له في الانتخابات.
انقسام داخل حزب أكشنار
وأعلن حزب «الجيد»، أن أكشنار ستلقي خطاباً في 26 أغسطس (آب) ينتظر أن تعلن فيه ردها على دعوة بهشلي.
في السياق، ذكر النائب السابق المستقيل عن حزب «الجيد» في إزمير (غرب)، آيتون تشيراي، أن هناك مجموعة داخل الحزب تدعو إلى التعاون مع حزبي «العدالة والتنمية» وحزب «الحركة القومية» في الانتخابات المحلية، وهناك مجموعة أخرى تعتقد، مثل أكشنار، أنه يجب أن يخوض الحزب معركته بنفسه، لافتاً إلى أن النواب الذين يدافعون علناً عن التعاون مع تحالف «الشعب» (العدالة والتنمية والحركة القومية) هم، في الغالب، «مضطهدون».
وعلق الكاتب السياسي المخضرم، فهمي كورو، على دعوة بهشلي ورد أكشنار المحتمل، قائلاً إن حزب «الجيد» الذي تم تأسيسه عام 2017 لسد فجوة في مجال السياسة، وليكون حزباً يُمثّل «الوسط» لم ينجح حتى الآن في أن يكون حزب «وسط» أو «يمين وسط».
وقال كورو، إن حزب «العدالة والتنمية» كان قادراً على تلبية هذه الحاجة حتى تاريخ معين، لكن بعد عام 2010، عندما غيّر نهجه من «التجميع» إلى «إثارة الانقسام» نأى بنفسه عن هذا الموقف، حتى لو كان بشكل غير مقصود، بات اليوم أحد أحزاب «اليمين». وأضاف أنه «على الرغم من أن ردود الفعل الأولية من حزب الجيد كانت سلبية، إلا أنها قد تزول، لأن الحزب ظل بعيداً عن هدفه الأولي. واليوم هو (حزب يميني) تقليدي لم يكن سعيداً برحلته مع 5 أحزاب لمدة عام في الانتخابات الأخيرة، وأبدى أشد الندم على قبول عرض حزب (الشعب الجمهوري) في 2018 باستعارة نواب منه حتى يتمكن من دخول البرلمان كونه لم يكن قد استوفى الشروط لذلك بعد».
ورأى كورو أنه قد تكون هناك طريقة لتخفيف القلق لدى حزب «الجيد»، وهي انتظار نتيجة مغامرة رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، داخل حزب «الشعب الجمهوري»، والمضي قدماً معاً في حالة تركه الحزب، إذا كان هناك إصرار على ملف فجوة «الحزب المركزي» الذي يمثل تيار الوسط.