يُعرف إقليم أومبريا الحبيس، الذي يطلق على نفسه «قلب إيطاليا الأخضر»، بالكمأ وزيت الزيتون والجبن، كما أن لديه ثروات ثقافية هائلة، والتي يوجد الكثير منها في البلدات الواقعة على التلال هناك مثل أورفيتو وبيروغيا وأسيزي.
لدى ثلاث مدن واقعة فوق التلال في هذه المنطقة الحبيسة ثروات ثقافية ومأكولات شهية ومناظر خلابة، إليك كيفية الوصول إليهم من روما وفلورنسا.
ويمكنك الاستمتاع بالنقوش وفن الفسيفساء الرائع الموجود على واجهة كاتدرائية أورفيتو الشهيرة التي تعود للقرون الوسطى، ومشاهدة اللوحات الجدارية المذهلة للرسام الإيطالي الشهير جيوتو دي بوندوني المذهلة في بازيليك سان فرنسيسكو (كاتدرائية سان فرنسيسكو) في أسيزي واستكشاف معرض أومبريا الوطني في بيروغيا والذي يحتوي على أعمال فنية تعود إلى القرن الثالث عشر.
ويمكنك الوصول بسهولة إلى الكنوز الثقافية والأكلات الشهية الموجودة في هذه المنطقة بالقطار من مدينة روما، التي تقع إلى جنوب الإقليم مباشرة، أو من فلورنسا الواقعة في الشمال.
وفي حال رغبت في الذهاب إلى هناك من روما، فإن مدينة أورفيتو تعدّ نقطة انطلاق مثالية، فهي تقع على بُعد ما يزيد قليلاً على ساعة عن الإقليم، مع توفر قطار كل ساعة تقريباً، في حين يغادر البعض من محطة تيرميني الرئيسية، ويغادر آخرون من محطة تيبورتينا الضخمة متعددة الطوابق، التي يسهل الوصول إليها من خلال استخدام مترو أنفاق روما.
وعادةً ما تبلغ التكلفة ما بين 9 يورو (نحو 10 دولارات) و17 يورو (نحو 18.50 دولاراً) للتذكرة الواحدة، أما من فلورنسا، فعليك أن تقوم بالرحلة في الاتجاه المعاكس، بدءاً من المدن الواقعة في الشمال مثل أسيزي وبيروجيا، ثم ستستمر إلى أورفيتو، والتي يمكنك الذهاب منها بسهولة إلى روما.
وبسبب موقع إقليم أومبريا فوق التلال، فإنك ستحتاج أثناء زيارة كل مدينة فيه إلى صعود التل من محطة القطار، وقد حلّت كل مدينة هناك هذه المشكلة بطريقة مختلفة بعض الشيء، ففي أورفيتو، سيأخذك قطار جبلي (تكلفة التذكرة 1.3 يورو) إلى داخل المدينة، التي تقع على جرف صخري، وتطل على الوادي الأخضر المحيط والتلال البعيدة.
وفوق أعلى نقطة في مدينة أورفيتو تقع أبراج الكاتدرائية الضخمة، والتي تم تشييدها على مدى قرون عدة، ابتداءً من عام 1290م، لإحياء ذكرى معجزة محلية تتعلق بنزيف كاهن في بلدة بولسينا القريبة في 1263م، وما زال القماش الملطخ بالدماء موجوداً داخل الكاتدرائية حتى اليوم.
وبعد أن تتجول في شوارع هذه المدينة الخلابة، يمكنك العودة إلى الطبيعة الساحرة الواقعة بالقرب من المكان الذي نزلت فيه من القطار الجبلي؛ إذ يمكنك الاستمتاع هناك بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة للتلال والوديان، ثم يمكنك الذهاب لزيارة «Pozzo di San Patrizio» أو بئر القديس باتريك، ففي عام 1527، بعد نهب روما العنيف، عندما نهبت جيوش الإمبراطور الروماني المقدس شارل الخامس المدينة، لجأ البابا كليمنت السابع إلى أورفيتو، التي كانت جزءاً من دولته البابوية، ولأنه أراد أن تكون المدينة جاهزة لتحمّل الحصار، فقد تم تصميم بئر بعمق 53 متراً من قِبل المهندس المعماري الفلورنسي أنطونيو دا سانغالو الأصغر (الذي عمل أيضاً في كنيسة القديس بطرس في روما)، مع درجين منفصلين، يحتوي كل منهما على 248 درجة، ويتم لفهما معاً في شكل حلزون مزدوج؛ إذ كانت تستطيع الحمير أن تنزل أحد الدرجين من أجل حمل الماء ثم تعود إلى الخارج عن طريق الدرج الآخر، وتسمح لك التذكرة (تبلغ تكلفتها 5 يورو) بالسير إلى أسفل البئر ومشاهدة تفاصيله المعمارية وتجربة الضوء المخيف هناك، الذي يتلاشى أثناء نزولك على الدرج ثم يعود ببطء بينما تعود إلى الخارج عن طريق الدرج الآخر.
ويستغرق القطار من أورفيتو إلى بيروغيا نحو ساعتين، بما في ذلك محطة تغيير عربة القطار في تيرونتولا كورتونا، ومن محطة قطار بيروغيا، يمكن عبور الميدان واستقلال قطار صغير (تكلفة التذكرة 1.5 يورو)، حيث تضعك محطة بينشيتو في قلب المركز التاريخي لمدينة بيروجيا، المُطلّة على التلال والوديان المحيطة.
وعند ذهابك إلى هناك، فإنك ستصبح قريباً جداً من ميدان الرابع من نوفمبر والكاتدرائية ونافورة ماجيوري، وهي نافورة من القرون الوسطى تضم حوضين رائعين من الرخام الوردي والأبيض، أحدهما داخل الآخر، محاطين ببلاط رخامي منحوت يمثل أشهر السنة والأبراج.
ومن المحتمل أيضاً أن ترى الكثير من الطلاب هناك؛ وذلك لأن بيروجيا باتت مدينة جامعية منذ عام 1308م، فقد كان سيزار بورجيا الشهير طالباً في جامعة بيروجيا في أواخر القرن الخامس عشر، وكان يلعب دوراً رئيسياً في توسيع سُلطة الحكومة البابوية خلال عصر النهضة، حيث قاتلت قوات الدولة البابوية الدول الفردية للمدن؛ ولهذا السبب تمكن كليمنت السابع من اللجوء إلى أورفيتو (وبناء البئر)، وبحلول ذلك الوقت، حكم الباباوات مدينة أومبريا، واستمروا في ذلك حتى توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر.
وسيمكنك أيضاً رؤية متاجر الشوكولاتة في الميدان هناك، وفي جميع أنحاء المدينة، كما يمكنك زيارة مصنع شوكولاتة «بيروغينا» الذي يقع على بُعد بضع كيلومترات؛ إذ تشتهر بيروجيا بالشوكولاتة، ولا سيما الشوكولاتة بالبندق التي تنتجها شركة «Baci» الشهيرة.
ولتناول وجبة غداء سريعة وممتازة هناك، يمكنك شراء خبز البانيني وأطباق اللحوم الباردة المحلية والأجبان المتاحة في متجر «Mr. Norcy» (تكلفة الغداء 10 يوروات أو أقل).
وفي زيارة حديثة إلى هناك، رأيت أطول طابور في المدينة موجود أمام مطعم «Antica Porchetteria Granieri» الذي يقدم الشطائر منذ عام 1916 في ميدان جياكومو ماتيوتي؛ إذ يقدم الشيف هناك شطائر اللحم يبلغ طولها نحو ستة أقدام (55 سنتيمتراً).
ومن بيروجيا، تستغرق الرحلة نحو 20 دقيقة بالقطار إلى أسيزي (تبلغ تكلفة التذكرة من 3 إلى 5.25 يورو)، ومن أجل صعود التل هناك والذهاب إلى وسط المدينة، يمكنك أن تستقل إحدى الحافلات التي تتواجد أمام محطة القطار.
وتتمثل إحدى ميزات المبيت في مدينة أسيزي في أنه يمكنك تجنب الزحام الشديد والتواجد في كاتدرائية سان فرنسيسكو في الصباح الباكر (يفتح المكان أبوابه للزوار في الساعة 6 صباحاً).
وتعدّ هذه الكاتدرائية إحدى أعظم المعالم الفنية في إيطاليا، كما أنها أيضاً وجهة رئيسية للجولات الدينية والحج؛ إذ يبدأ مسار الحج في توسكانا، ويتركز في أسيزي، ثم ينتقل إلى روما، وهي المسافة التي تبلغ نحو 300 ميل مجتمعة، ونظراً لحب القديسين هناك الشديد للحيوانات، فإنه يتم تشجيع الحجاج على جلب كلابهم معهم، والذين يتم استضافتهم بشكل جيد في أسيزي أيضاً، في منطقة خاصة بالقرب من الكاتدرائية.
ويوجد هناك أيضاً قبر القديس فرنسيس، الذي عاش في الفترة من 1181م إلى 1226م، والذي أصبح قديساً بعد عامين من وفاته، وهو أيضاً الوقت الذي بدأ فيه بناء الكنيسة، وقد وُلِد فرنسيس ابناً لتاجر ثري في أسيزي، وكرّس نفسه للدين، ولا يزال شخصية محبوبة للغاية هناك.
وتوجد في الكنيسة السفلية لوحات جدارية لسيمون مارتيني وبييترو لورينزيتي والكثير منهم لجيوتو ومدرسته الفنية؛ ولذا عليك التأكد من أن يكون برفقتك أحد المرشدين السياحيين لمساعدتك في فك رموز اللوحات الجدارية الأربعة الموجودة في القبو، وهي من أعمال جيوتو وأحد أتباعه المقربين، والتي تقدم صورة للقديسين في مجدهم، فضلاً عن رموز الفضائل الفرنسيسكانية الثلاث.
أين تأكل؟
تعدّ أسيزي مدينة ساحرة لتناول الطعام أيضاً؛ إذ ينبغي عليك تجربة تناول الطعام في شرفة حديقة مطعم «بوكا دي سان فرنشيسكو» الرائع، والذي يقع داخل أحد المباني القديمة الجميلة، ويقدم أطباق مثل السباغيتي ألا بوكا، والمعكرونة محلية الصنع مع الفطر واللحوم والأعشاب، أو كارلاشيا، وهو عبارة عن كريب مخبوز مع الجبن ولحم بروسكيوتو ولحم العجل (تكلفة العشاء نحو 35 إلى 40 يورو).
ويمكنك أيضاً تناول الطعام في « Osteria da Santu Mangionedraws» وهو مطعم غير رسمي يقع داخل مزرعة (سيخبرك مالكها باسم الخنزير الذي تم تصنيع النقانق من لحمه)، ولديه بعض الطاولات الرائعة الموجودة في الهواء الطلق والتي يمكنك من خلالها الاستمتاع بالنظر إلى مباني المدينة القديمة والوادي الواقع أسفلها (تكلفة الغداء هناك نحو 20 يورو).