أعلنت السلطة المحلية في محافظة عدن، جنوب اليمن، أن الشرطة المدنية باشرت عملها، أمس السبت 5 سبتمبر (أيلول) 2015م، لاستئناف الشرطة لمهامها، بعد الدعم الذي قدمته دولة الإمارات من معدات وسيارات، وذلك في عملية تهدف إلى أمن واستقرار المحافظة، التي تعيش وضعا استثنائيا، عقب تحررها من ميليشيات وقوات الحوثي وصالح، منتصف يوليو (تموز) المنصرم.
وقال المتحدث باسم السلطة المحلية في المحافظة، صلاح العاقل، لـ«الشرق الأوسط» إن الشرطة استأنفت نشاطها، من شرطة مدينة الشيخ عثمان، شمال شرقي عدن، وهي الشرطة النموذجية، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الإمارات دعمت شرطة عدن، بأجهزة متكاملة، فضلا عن إسهامها في تأهيل عناصر شرطوية، خارج اليمن.
وذكر العاقل أنه سيجري توزيع ضباط إماراتيين، وبواقع ضابطين اثنين على كل قسم شرطة، يتولى أحدهما العمليات والآخر يكون مسؤولا عن الاتصالات، مضيفا أن شرطة النجدة والمرور عاودت نشاطها، خلال الأيام الثلاثة الماضية، لافتا إلى أن قيادة السلطة المحلية قامت يوم الخميس بتدشين عمل قوات النجدة وشرطة السير.
إلى ذلك، أشار العميد عباس صالح مقبل الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية اليمنية في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البلاد تمر بمرحلة تاريخية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، إذ إن الحرب ما زالت قائمة، وخلفت آثارا جسيمة في البنية التحتية وفي النفوس، مضيفا أن معظم وحدات وألوية ومعسكرات الجيش والأمن انتهت، وكانت حصيلة ذلك أمنا مفقودا، وألغاما مزروعة، وكهرباء واتصالات منقطعة أو معدومة، وطرقا مخربة، ومياه شرب منعدمة، وأسعارا مرتفعة، والأهم من ذلك أن هوية الدولة مفقودة، لدرجة أنه لم يعد هناك رابط بين المواطن ودولته، لأن كل الأنظمة والقوانين والدستور المنظم لحياة المجتمع معطلة.
وبيّن العاقل أن «هذه الأشياء، بلا شك، ستكون عوامل سلبية تقف بوجه استعادة الأمن والاستقرار، باعتبار إشاعة الأمن والاستقرار المهمة الأولى، وأن الهدف يتوجب له أمن وجيش وطني مؤهل وحقيقي، ووحدات أمنية وطنية، ولاؤها لله وللوطن، وليس مثلما سبق في عهد الرئيس المخلوع وأقربائه وأتباعه، الذين بنوا للأسف جيشا وأمنا جهويا وفئويا وعائليا».
وأكد الخبير الأمني والعسكري أن أمام أجهزة الأمن والجيش الوطني مهام جسيمة، تتمثل أولا بتطبيع الحياة العامة، وتأمين عودة السكان إلى منازلهم، وبمساعدتهم قدر الإمكان على تمشيطها، من قبل الفرق الهندسية المعنية بالكشف والإزالة لهذه الألغام، من الطرقات العامة، والفرعية، والمنازل والمنشآت، التي تم دخولها والتمركز فيها، والمساعدة في إعادة كل الخدمات الضرورية بالتنسيق مع الجهات الأخرى الخدمية. وأردف: «المسألة التالية ينبغي إعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والألغام والمتفجرات، والقنابل اليدوية والقواذف الصاروخية، ووسائل النقل الثقيلة والخفيفة، وأجهزة الاتصالات والمعدات الهندسية، وكل ما يخص القوات المسلحة والأمن والمنشآت الحكومية والخاصة، للاستفادة منها وتشغيلها مثلما كان سابقا، بالتنسيق مع القيادات العسكرية والأمنية والمدنية الحكومية وغير الحكومية.
واعتبر أن المسالة الرابعة تتمثل بالمشاركة الفعالة في دمج المقاومة بقوات الجيش الوطني، وهذا يجب أن تتبع فيه الإجراءات الصحيحة مثل الاستمارات الخاصة بالأفراد المراد دمجهم، ومحتواها السيرة الذاتية، لجميع الأفراد الذين سيتم دمجهم في الجيش والأمن، لافتا إلى أن هذه الإجراءات مهمة وأساسية لضمان إقامة جيش وطني حقيقي، وشطب من لا تتوفر لديهم الكفاءة والنزاهة والأهلية، من الانضمام إلى المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ونوه بأن تأمين الحماية للمحافظات المحررة، مؤملا أن تساعد دول الخليج شقيقتهم اليمن في ما يخص التقنية والأجهزة والمؤن، وهذه المساعدة المطلوبة ضرورة في الوقت الراهن، كي يتم تطهير المحافظات من كل الخلايا النائمة، وكذا من الأفراد الموالين للحوثيين والرئيس المخلوع، ورصد كل القادمين إلى عدن والمحافظات الأخرى المحررة من الميليشيات الحوثية واتباع الرئيس الأسبق، خصوصا المنافذ البرية والبحرية والجوية، والتعامل مع هذه الفئات وفقا والإجراءات المتبعة في كل دول العالم.
وفي ذات السياق قال مسؤول البحث الجنائي بمحافظتي لحج والضالع سابقا، المحامي محسن ناجي محمد، لـ«الشرق الأوسط» إن أمن واستقرار المحافظات المحررة يلزمه عدد من الإجراءات الأولية، أهمها العنصر البشري المختص المؤهل للتعامل مع المسألة الأمنية، علاوة على إشراك المجتمع في المسألة الأمنية، باعتبارها عملية مشتركة ومتكاملة بين المواطن ورجل الشرطة.
وأكد القيادي الأمني الأسبق ضرورة عمل خطة أمنية، وتفعيل مراكز الشرطة، ووضع قيادات أمنية، من العناصر ذات الكفاءة والخبرة، وتحظى باحترام وقبول المجتمع، وتوزيع المدينة إلى مربعات أمنية، تسهل على الجهات الأمنية، ضبط الأمن وبسط نفوذ النظام والقانون، وتشكيل لجان أمنية في الأحياء السكنية من المواطنين، وتقوية شبكة المعلومات، ورصد وجمع المعلومات عن العناصر المشتبه بإخلالهم للنظام العام، باعتبار إحلاله وحفظه وحمايته من أي انتهاك، من صلب مهمة رجال الأمن.
وأضاف أن الأمن متعدد ومتشعب الاختصاصات والمهام، مشيرا إلى أن عدن خاصة والمحافظات الجنوبية المحررة لديها إرث كبير في العمل الأمني المؤسسي المجتمعي المعلوماتي، وعلى السلطات المحلية، إلى جانب المقاومة والجيش الوطني، الاستعانة بالضباط والجنود المتخصصين والمؤهلين الذين بمقدورهم، شغل مراكز الشرطة، والمراكز الحيوية العملياتية والمعلوماتية، علاوة على امتلاكهم المعرفة والقدرة على التعامل مع المشكلات الأمنية الحاصلة الآن، منوها بأن العامل البشري القادر على التعامل مع المصادر والمعلومات الأمنية، يعد من أولويات الحالة القائمة، ومن ثم يأتي دور التقنية والتأهيل والتدريب للمجندين الملتحقين، في مؤسسة الأمن. وكان محافظ عدن، نايف البكري، كشف عن وجود لواء عسكري سعودي وآخر إمارتي بكامل تجهيزاتهما العسكرية، في العاصمة اليمنية المؤقتة (عدن)، يعملان وفق استراتيجية واضحة لدعم الجهود العسكرية والأمنية، كذلك الحفاظ على الانتصارات التي تحققت في الآونة الأخيرة، من خلال إقامة حزام أمني على المدينة ومحفظاتها.
وقال البكري إن قرابة 400 ضابط وفرد من الشرطة انتشروا للقيام بجولات ميدانية وعمل الحزام الداخلي لمدينة عدن، إضافة إلى عودة أكثر من 300 ضابط وعسكري للعمل الميداني في مراكز الشرطة المؤهلة في العاصمة اليمنية، وذلك بعد أن خضعوا لدورة تدريبية وتأهيلية خلال الفترة الماضية، بينما أخضع نحو 357 فردًا لدورة تدريبية، تمهيدًا للالتحاق بالأجهزة الأمنية ومنها، البحث الجنائي، الدفاع المدني، والمرور، وسيكون داعما في الفترة المقبلة للقطاعات العسكرية.
وشددت محافظة عدن على أهمية وجود اللواء العسكري السعودي والآخر الإماراتي، في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد من ضعف في بعض الجهات، خصوصا أن المقاومة الشعبية بكل أطيافها تخوض معركة التحرير بالتعاون والتنسيق مع قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، الذي قدم الدعم الكامل لإعادة الشرعية، لافتا إلى أن الحفاظ على الأمن وسلامة المواطنين يأتي ضمن أولويات التحالف العربي، وخصوصا من السعودية والإمارات اللتين قدمتا كل ما لديهما للحفاظ على مكتسبات البلاد. وبرزت ظاهرة حمل السلاح، وإطلاق الرصاص، وأعمال عنف واقتتال، في الآونة الأخيرة، جراء توافر السلاح، وبكمية كبيرة، باتت لافتة ومهددة للسكينة، وهو ما استدعى بتحرك عسكري سعودي إماراتي، وبإرسال لواءين مجهزين بأحدث الوسائل العسكرية إلى محافظة عدن وفق تأكيد محافظها الشاب نائف البكري. وفي غضون ذلك، التحق نحو 4000 ألف شخص من شباب اليمني الجنوبي الذين انخرطوا ضمن اللجان الشعبية بمؤسسة الأمن، في محافظة عدن الجنوبية، التي تعيش حراكا تنمويا وإغاثيا وأمنيا وعسكريا وخدميا وشعبيا، لاستعادة كثير من الخدمات واستتباب الأمن والاستقرار، في المدينة التي لم تعرف طوال تاريخها مثل هذا الفراغ الأمني الذي يعمل الآن على ملئه وشغله وبدعم ومساعدة الأشقاء في دول التحالف، وفي المقدمة السعودية والإمارات اللتين تشاهد أعلامهما في كل الأماكن والساحات والطرقات.
الشرطة المدنية تنطلق من مركز نموذجي في عدن لمباشرة عملها في ضبط الأمن
ضباط إماراتيون يتولون العمليات والاتصالات.. وانخراط 4 آلاف شاب يمني في المؤسسة العسكرية
الشرطة المدنية تنطلق من مركز نموذجي في عدن لمباشرة عملها في ضبط الأمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة