جعل مكيّفات الهواء أقل استخداماً للطاقة وتلويثاً للبيئة تحدٍّ للفاعلين في القطاع

عرض مكيفات الهواء للبيع في متجر خلال موجة حر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
عرض مكيفات الهواء للبيع في متجر خلال موجة حر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

جعل مكيّفات الهواء أقل استخداماً للطاقة وتلويثاً للبيئة تحدٍّ للفاعلين في القطاع

عرض مكيفات الهواء للبيع في متجر خلال موجة حر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)
عرض مكيفات الهواء للبيع في متجر خلال موجة حر في بروكلين بمدينة نيويورك (أ.ف.ب)

في ظل الاستخدام الشائع لمكيفات الهواء بهدف مواجهة الاحترار المناخي، تسعى الجهات الفاعلة في المجال وكذلك الأبحاث إلى جعل هذه الأجهزة أقل استهلاكاً للكهرباء والاستغناء عن غازات التبريد الضارة جداً بالبيئة.

يجري الابتكار على ثلاث جبهات، أبرزها يتعلق بالحاجات على صعيد طاقة لتشغيل المكيفات التي تستحوذ على 6 في المائة من إجمالي الكهرباء المُنتَجَة في الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويجري العمل على إدخال تحسينات تقنية كثيرة إلى المكيفات، خصوصاً لناحية تكنولوجيا «العاكس» («إنفرتر») التي تتيح تعديل سرعة محرّك المكيّف، وقد ساهمت أصلاً في تخفيض متوسط استهلاك الكهرباء لمكيفات الهواء بمقدار النصف منذ عام 1990، بحسب وزارة الطاقة الأميركية.

ومن بين الميزات الجديدة الأخرى التي يجري العمل عليها، ما يُسمّى «نظام التهوية عند الطلب» الذي يستخدم أجهزة استشعار لتحديد عدد الأشخاص في المبنى وضبط تدفقات الهواء استناداً إلى ذلك.

يتمثل التحدي الثاني للقطاع في إيجاد بدائل لغازات التبريد التي لا تزال معظم مكيفات الهواء المُقدّر عددها بنحو ملياري مكيّف في العالم، بحسب وكالة الطاقة الدولية، مُجهَّزَة بها. ومع أنّ هذه الغازات موجودة داخل الأجهزة، لكن يمكن أن تتسرّب في حال كان مكيّف الهواء مكسوراً.

وعلى مدى عقود، كانت مكيفات الهواء تستخدم بشكل حصري تقريباً غازات الكلوروفلوروكربون أو الهيدروكلوروفلوروكربون التي تؤثر على مسألة الاحترار العالمي اكثر بعشرة آلاف مرة من ثاني أكسيد الكربون.

وحُظر هذان الغازان بموجب بروتوكول مونتريال (1987) الذي خضع لتعديل عام 2016 فيما يتعلق بمركبات الكربون الهيدروفلورية (HFCs) التي خلفت الغازين المذكورين، ويُفترض أن تُحظر بصورة نهائية بحلول عام 2050.

وبدأت المواقع الصناعية تعتمد غازات أخرى كالأمونيا الذي لا يؤثر على الاحترار المناخي، والهيدروكربونات وتحديداً البروبان الذي يتسبب بانبعاثات أقل من تلك الناجمة عن غاز الميثان.

ويقول أنكيت كالانكي، من معهد روكي ماونتن: «بدأ في بعض البلدان استخدام البروبان» في مكيفات الهواء الفردية.

لكن بما أنّ هذا الغاز قابل للاشتعال على عكس مركبات الكربون الهيدروفلورية، فإنّ الكميات الصالحة للاستخدام محدودة بموجب القوانين بينما ينبغي اتخاذ تدابير سلامة إضافية.

لذلك؛ «لا يزال استخدامه محدوداً جداً لأنّ هذا المستوى من التطور يرفع من سعر المكيّف»، على قول كالانكي.

ويضيف المهندس أنّ «سوق مكيفات الهواء المُستخدمة في المنازل تميل إلى البحث عن الأسعار الأقل أولاً ثم الكفاءة».

من جهة أخرى، تعمل شركة «باسكال» الصغيرة التي تم إنشاؤها هذا العام في كمبردج (ماساتشوستس)، على ابتكار آلية تركّز على مواد تبريد لا تخرج مطلقاً من الأجهزة؛ ما يحدّ تالياً من أي انبعاثات.

تعمل شركات أخرى على ابتكار مكيفات هواء تعمل من دون ضغط، وهي تقنية تستهلك كميات كبيرة من الطاقة ولم تطلها تغييرات كثيرة منذ اختراعها سنة 1902.

وتتمثل هذه التقنية في جعل الضغط على مادة التبريد متفاوتاً في حلقة مغلقة؛ مما يتيح للمكيّف سحب الهواء الساخن من الغرفة.

وابتكر باحثون من جامعة سنغافورة الوطنية وفريق من معهد «ويس» التابع لجامعة هارفارد في الولايات المتحدة مكيفات تستخدم الماء لتبريد الهواء.

وتستخدم شركة «بلو فرونتير» الناشئة التي استثمر فيها بيل غيتس، محلولاً ملحياً يلتقط رطوبة الهواء ثم يبرده مرة أخرى عن طريق ملامسته للماء.

ويتيح هذا الحل أيضاً إمكانية تخزين الطاقة التي يمكن استخدامها في أي وقت؛ «لذا لا داعي للقلق في شأن الإتاحة» المحدودة للكهرباء في فترات الاستهلاك الكبير، بحسب المدير العام لشركة «بلو فرونتير» دانيال بيتس.

لكنّ هذه التقنيات مُكلفة، ومن أجل «إزالة العبء المالي» المرتبط بالاستثمار في هذه المكيفات، تأمل الشركة أن توفّر ابتداءً من عام 2025 «خدمة عبر الاشتراك» لأصحاب المباني التجارية الذين غالباً ما «لا يرون هدفاً من امتلاك أجهزة أكثر كفاءة» وأغلى ثمناً، ويعدّون أنّ ذلك «مجرد تسويق»، على قول بيتس.

ومن الناحية التكنولوجية، تتمثل المشكلة الثالثة التي يتسبب بها تكييف الهواء على البيئة، في تصريف الهواء الساخن من المباني والتي لا يحلّها التبريد المائي.

ومن بين الخيارات القليلة الموجودة، تتجنّب أنظمة الطاقة الحرارية الجوفية تسخين الهواء الخارجي بفضل شبكة من الأنابيب المُثبتة تحت الأرض.


مقالات ذات صلة

العثور على جثتين في حجرة معدات هبوط طائرة أميركية

الولايات المتحدة​ طائرة تابعة لشركة «جيت بلو» تقلع من مطار تامبا الدولي بولاية فلوريدا... أعلنت الشركة في 7 يناير الحالي العثور على جثتين في حجرة معدات الهبوط في طائرة تابعة للشركة كانت تقوم برحلة بين نيويورك وفلوريدا (أ.ب)

العثور على جثتين في حجرة معدات هبوط طائرة أميركية

أعلنت شركة «جيت بلو» الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، العثورَ على جثتين في حجرة معدات الهبوط في طائرة كانت تقوم برحلة بين نيويورك وفلوريدا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

احتجت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، أمس (الثلاثاء)، على تعليقات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب حول إمكانية استخدام القوة الاقتصادية ضد البلاد.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي في مار إيه لاغو 7 يناير 2024... في بالم بيتش بولاية فلوريدا الأميركية (رويترز)

ترمب يرفض استبعاد التحرّك العسكري للسيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، إنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإنهاء مخاوفه المتعلقة بقناة بنما وجزيرة غرينلاند.

شادي عبد الساتر (بيروت)
الولايات المتحدة​ عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في غزة ترفع لافتات خلال احتجاج يطالب بوقف إطلاق النار والإفراج عنهم في تل أبيب (إ.ب.أ)

مبعوث ترمب للشرق الأوسط يأمل في إحراز تقدم بملف الرهائن الإسرائيليين في غزة

أعلن ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط الثلاثاء أنه يأمل في تحقيق نتائج طيبة فيما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي في مار إيه لاغو، الثلاثاء 7 يناير 2024 في بالم بيتس بولاية فلوريدا الأميركية (أ.ب)

قاضية تمنع مؤقتاً إصدار تقرير المستشار الخاص بشأن قضايا ترمب

منعت قاضية فيدرالية مؤقتاً الإصدار العام لتقرير المستشار الخاص جاك سميث بشأن التحقيقات في قضايا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)
منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)
منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

ومن المتوقع أن يكون 2024 العام الأكثر دفئاً على الإطلاق، حسب المنظمة التابعة للأمم المتحدة. وقد شهدت هذه السنة أيضاً نسبة قياسية من انبعاثات غازات الدفيئة.

صورة عامة من مدينة داليان في مقاطعة لياونينغ بالصين تُظهر دخاناً متصاعداً من أحد المصانع 17 يوليو 2018 (رويترز)

وقالت الأمينة العامة للمنظمة سيليستي ساولو، إن «التغير المناخي يحدث أمام أعيننا بشكل شبه يومي مع ازدياد تواتر وأثر الظواهر المناخية القصوى»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأردفت: «شهدنا هذا العام تساقطات وفيضانات قياسية وخسائر فادحة في الأرواح البشرية في بلدان عدة، مما أثار الحزن في نفوس مجتمعات كثيرة عبر القارات».

رجل إطفاء يعمل على إخماد حريق مشتعل في سبراي بأوريغون في الولايات المتحدة الأميركية 21 يوليو 2024 (رويترز)

وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن «الأعاصير المدارية خلّفت حصيلة بشرية واقتصادية هائلة، آخرها في إقليم مايوت التابع لفرنسا في المحيط الهندي».

الرياح المدمّرة هي أحد التأثيرات الناجمة عن إعصار «ميلتون» في فلوريدا أكتوبر 2024 (رويترز)

وذكّرت بـ«الحرارة القصوى التي طالت عشرات البلدان، متخطية 50 درجة مئوية في عدة مرات، والأضرار التي ألحقتها حرائق الغابات».

معدّل حرارة الهواء السطحي بين يناير وسبتمبر 2024 كان أعلى بـ1.54 درجة مئوية مقارنة بالمتوسّط الذي كان سائداً ما بين 1850 و1900 (رويترز)

ويقضي الهدف الطويل الأمد من اتفاق باريس حول المناخ المبرم سنة 2015 باحتواء الاحترار المناخي، وحصر ارتفاع معدل درجات الحرارة على الكوكب بما دون درجتين مئويتين، أو 1.5 درجة إن تسنّى ذلك، مقارنة بالمعدل الذي كان سائداً قبل الثورة الصناعية.

أشخاص يحملون أمتعتهم لعبور شارع غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة في أحمد آباد بالهند 28 أغسطس 2024 (رويترز)

وأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن معدل حرارة الهواء السطحي بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) كان أعلى بـ1.54 درجة مئوية، مقارنة بالمتوسط الذي كان سائداً ما بين 1850 و1900.