كانت مدونات ثلاث من أكبر وكالات الأنباء في صناعة وسائل الإعلام الباكستانية تحمل تدوينات حول قضايا دينية وسياسية تثير قليلا من الجدل. ومر الأمر مرور الكرام دون ملاحظة من أحد داخل المشهد الإعلامي الباكستاني الضخم. لم يكن هناك صراخ أو عويل على شيء يذكر، ولم تنتظم الاحتجاجات ضد وسائل الإعلام في الشوارع، ولم تنطلق الإدانات كالمعتاد. بدا الأمر وكأن شيئا لم يحدث. صار ذلك الأمر يحمل صبغة روتينية في المشهد الإعلامي الباكستاني: حيث تدشن الصحف والمؤسسات الإخبارية مدونات تطرح موضوعات مثيرة للجدل والحساسية بصورة منتظمة. ولدينا على سبيل المثال وليس الحصر بعض المدونات حول التجديف الديني، ومفهوم الحجاب في الإسلام، والتحيزات الطائفية من جانب الحكومة الباكستانية وأجهزة الدولة، ومواطن النقص في السياسة الخارجية الباكستانية، وعيوب الأصول الآيديولوجية للدولة الباكستانية، والتي تحولت إلى موضوعات تطرح بشكل روتيني من قبل المدونين في باكستان.
يمارس المدونون في الصناعة الإعلامية الباكستانية مساحة واسعة نسبيا من الحرية في التعبير على أفكارهم أكثر من الصحافيين الذين يكتبون مقالات عن موضوعات مماثلة في الصحف أو المعلقين أو المحللين الذين يعبرون عن أفكارهم على شاشات التلفاز. ومن واقع كلمات أحد كبار الصحافيين العاملين في إحدى الصحف الرائدة بالبلاد، لا يتقيد المدونون في العادة بسياسات التحرير الصحافية التي تلتزم بها المؤسسات الإخبارية، والتي تمثل نوعا من التفتيش على الصحافيين المحترفين العاملين ضمن المؤسسات الإعلامية. يقول الصحافي الكبير الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «سياسة التحرير الصحافي في باكستان وفي المؤسسات الإخبارية الباكستانية ما هي إلا ناتج لمختلف القوى الضاغطة بشكل أو بآخر على فريق التحرير في المؤسسات الإخبارية. تشتمل تلك القوى على، بغض النظر عن مختلف الهيئات والوكالات الحكومية، الكثير من جماعات الضغط الدينية والسياسية والاجتماعية الفاعلة في المجتمع. يظل الصحافي العامل لدى إحدى الصحف مدركا لتلك الضغوط والقيود ويتعامل ممتثلا لها. في حين أن المدونين، والذين لا يعدون جزءا من الصحيفة، يبقون بمنأى عن مثل تلك القيود».
وكانت النتيجة تمتع المدونين بقدر أكبر من الجرأة في طرح آرائهم بصراحة حول الموضوعات المثيرة، في الغالب، للجدل. من وقت لآخر، نسمع أخبارا عن تلقي بعض المدونين للتهديدات من مصادر مجهولة وفي بعض الأحيان تمارس الحكومة ضغوطها على الصحف لحجب بعض من المدونين المثيرين للغط بكتاباتهم. ورغم كون تلك القضية من القضايا غير ذائعة الصيت في وسط التدوين الباكستاني حيث لم يبرز أي من المدونين الباكستانيين مثل معظم الصحافيين الباكستانيين البارزين.
جدل حول ما تطرحه المدونات في الإعلام الباكستاني
يتطرق إلى التجديف الديني ومفهوم الحجاب والتحيزات الطائفية من جانب الحكومة وأجهزة الدولة
جدل حول ما تطرحه المدونات في الإعلام الباكستاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة