دعوات لتحويل مقاتلي عشائر الأنبار إلى مؤسسة رسمية

مع استمرار تلقيهم أسلحة أميركية

جندي أميركي يدرب أبناء العشائر على استخدام السلاح الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا («الشرق الأوسط»)
جندي أميركي يدرب أبناء العشائر على استخدام السلاح الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا («الشرق الأوسط»)
TT

دعوات لتحويل مقاتلي عشائر الأنبار إلى مؤسسة رسمية

جندي أميركي يدرب أبناء العشائر على استخدام السلاح الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا («الشرق الأوسط»)
جندي أميركي يدرب أبناء العشائر على استخدام السلاح الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا («الشرق الأوسط»)

وصلت إلى الأنبار مؤخرا أول شحنة من الأسلحة الأميركية الحديثة المقدمة إلى أبناء المحافظة الغربية في العراق الذين يتصدون لتنظيم داعش ضمن برنامج أميركي لدعم مقاتلي العشائر يتوقع أن يستمر في الأيام المقبلة.‏
وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة الأنبار عيد عمّاش إن «طائرات شحن أميركية هبطت في قاعدة ‏الحبانية الجوية تحمل على متنها أكثر ‏من 500 قطعة سلاح متوسط من طراز (‏بي كيه سي) ونحو ألف قطعة سلاح خفيف من طراز (إم 16) فضلا عن كميات كبيرة من ‏الذخائر والأجهزة الفنية العسكرية كالنواظير الليلية وأجهزة استشعار الحركة وأخرى للكشف عن الألغام وحقائب ‏وتجهيزات عسكرية أخرى خاصة بالمقاتلين».‏
‏ وأضاف عمّاش أن «السلاح وزع على أبناء الأنبار وسيرجح كفة العشائر والشرطة المحلية في المواجهة مع ‏التنظيم المتطرف في مناطق عدة وبوقت قياسي»، مشيرا إلى أن عملية التسليح تمت بحضور محافظ الأنبار وأعضاء مجلس الأنبار وذلك بعد موافقة بغداد على تسليح فوجين قتاليين من مقاتلي العشائر في الأنبار من قبل التحالف الدولي، مضيفا أن «الأيام المقبلة ستشهد تسليح أفواج أخرى جديدة من مقاتلي العشائر». وأشار عمّاش إلى أن مهمة الفوجين والأفواج الأخرى التي سيتم تسليحها وفق نظام أميركي خالص، هي المشاركة في تحرير الرمادي ومناطق الأنبار من الدواعش وسيكون لهم دور مؤثر في المعارك التي ستنطلق قريبًا جدًا.
وفي سياق متصل، أعلن محافظ الأنبار، صهيب الراوي، عن سعيه مع الحكومة المركزية وقوات التحالف الدولي إلى تحويل تشكيلات مقاتلي العشائر إلى مؤسسة رسمية. وقال الراوي خلال مراسم توزيع الأسلحة والمستحقات المالية على مقاتلي أبناء عشائر الأنبار في قاعدة الحبانية: «نسعى مع الحكومة المركزية وقوات التحالف الدولي لتحويل تشكيلات مقاتلي العشائر إلى مؤسسة عسكرية رسمية تخضع لكل الضوابط الأمنية والإدارية والسياقات العسكرية»، مؤكدا أن الحكومة المحلية تعمل وبالتنسيق مع الحكومة المركزية على تخريج دفعات أخرى من مقاتلي العشائر وتسليحهم بما ستوفره الحكومة المركزية.
رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي حاكم الزاملي أكد، بدوره، على عزم القوات المشتركة ومقاتلي العشائر على تحرير مناطق الأنبار من سيطرة تنظيم داعش والتصدي للمعوقات التي تحد من زخم المعركة، معلنا عن قرب وصول مقاتلات كورية وتشيكية ودبابات روسية ضمن عقود التسليح المبرمة مع تلك الدول. وأضاف الزاملي «اطلعنا على سير العمليات العسكرية من خلال زيارة ميدانية إلى قواطع العمليات في حديثة والخسفة وقاعدة الحبانية في الأنبار، ونؤكد على عزم المقاتلين من القوات المشتركة وأبناء العشائر على تحرير المناطق من دنس الدواعش في أسرع وقت ممكن، خاصة بعد وصول أسلحة جديدة إلى العراق».
ميدانيًا، أعلن قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، عن مقتل العشرات من «داعش» في محافظة الأنبار، وقال إن «قوة من الشرطة الاتحادية وبالتعاون مع شرطة الأنبار تمكنت وخلال عملية استباقية من قتل 30 عنصرا من تنظيم داعش وتدمير آلية مدرعة وثلاثة زوارق خلال محاولة التنظيم التعرض على قطاعاتنا الأمنية في منطقة حصيبة شرق الرمادي». وأضاف جودت: «كما تمكنت قطعاتنا من تدمير مقر لتنظيم داعش شرق المدينة بينما تصدت الطائرات الحربية العراقية غبر قصف جوي لتحركات لمسلحي التنظيم في منطقة جويّبة وأدى القصف إلى مقتل أكثر من 60 إرهابيا وإلحاق خسائر مادية جسيمة في آلياته ومقراته».
من جانب آخر، أعلن قائد الفرقة السابعة بالجيش العراقي اللواء الركن نومان عبد الزوبعي، عن مقتل أكثر من مائة مسلح من «داعش» في معركة سماها التنظيم المتطرف بـ«عروس المعارك» في ناحية البغدادي وقضاء حديثة غرب الرمادي. وقال الزوبعي إن «تنظيم داعش شن خلال الـ72 ساعة الماضية، هجوما على ناحية البغدادي وقضاء حديثة غرب الرمادي ضمن معركة سماها (عروس المعارك) كان ينوي فيها السيطرة على المنطقتين». وأضاف أن «المعركة انتهت بخسارة التنظيم للمعركة وتصدي القوات الأمنية ومقاتلي العشائر والطيران العراقي وطيران التحالف الدولي له وإلحاقه خسائر كبيرة»، مشيرا إلى أن القوات الأمنية قتلت 112 عنصرا من تنظيم داعش خلال المعركة ودمرت عشرات العجلات التابعة لهم بينها عجلات مفخخة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».