أدوات استشعار في علامات الطرقات لتحسين القيادة الآلية

تساهم في تعزيز السلامة

أدوات استشعار في علامات الطرقات لتحسين القيادة الآلية
TT

أدوات استشعار في علامات الطرقات لتحسين القيادة الآلية

أدوات استشعار في علامات الطرقات لتحسين القيادة الآلية

تستمر التحديات الكبيرة التي تواجه العربات الكهربائية ذاتية القيادة، التي تقف عائقاً أمام فعاليتها وموثوقيتها. ولكن باحثين من مختبر «أوك ريدج ناشيونال» التابع لوزارة الطاقة الأميركية، وجامعة ميشيغان الغربية، تعاونوا لابتداع حلول «من خارج العربة»؛ إذ أدخلوا أجهزة استشعار ومعالجة في بنية الطرقات التحتية.

أدوات استشعار

يعمل مهندسو المعهد، بالتعاون مع منظمات أخرى، على وضع أدوات استشعار منخفضة الطاقة في العلامات العاكسة على الطرقات التي تُستخدم عادةً لمساعدة السائقين في تحديد الممرات. وتنقل هذه الرقائق الصغيرة معلومات عن شكل الطريق للسيارات المارة، حتى في الأوضاع التي تكون فيها الكاميرات وأجهزة «ليدار» (رادار ضوئي) في السيارة غير فعالة نتيجة عوامل، كالضباب والثلوج والتوهُّج.

تهدف هذه التقنية إلى تعزيز دقة وسلامة مزايا القيادة الآلية في المناطق البعيدة، من خلال إعادة تصميم البنى التحتية القائمة. وبالإضافة إلى توفير معلومات بيئية دقيقة، تفرغ هذه التقنية بعضاً من حمولة المعالجة من برنامج السيارة في البنية التحتية، فتساعد بالتالي على حفظ طاقة البطارية في السيارة الكهربائية، وتمدد نطاق القيادة، وتشجع على تبني السيارات الكهربائية.

وتشير الورقة التقنية المنشورة لهذا المشروع إلى أن علامات الطرقات المجهزة بالرقائق من شأنها أن تخفض استهلاك الطاقة الملاحية بنحو 90 في المائة مقارنةً بأفضل تقنيات الكاميرا والـ«ليدار» المتوفرة اليوم في السيارات ذاتية القيادة.

تتجاوز التطبيقات المحتملة لهذه التقنية مستقبل العربات الآلية، إلى تعزيز مزايا القيادة الآلية، كالمساعدة في الممرات. في سياق متصل، تقود جامعة ميشيغان الغربية مشروعاً أكبر بالتعاون مع شركات من المجالين البحثي والصناعي لتطوير أجهزة استشعار ذات صلة وتقنيات قيادة ذاتية، كعاكسات مجهزة بالرادار، وخرائط عالية الدقة، والتفريغ الحاسوبي، والاستشعار المناخي. يعكف باحثو الجامعة اليوم على اختبار تقنيتهم الجديدة وقياس تراجع استخدام المركبة للطاقة بفعل هذه التقنية باستخدام القيادة في مسار مقفل.

تركيبة تقنية

في المقابل، أجرى باحثو معهد «أوك بريدج» تجارب لتحديد أفضل تركيبة ممكنة تضم جهاز الاستقبال والإرسال، والبطارية، والهوائيات، في حزمة أجهزة الاستشعار في علامات الطريق المعيارية، كتلك المصممة للصمود أمام كاسحات الثلوج. كما طوروا بروتوكول اتصالات يستخدم طيف تردد راديوياً خاصاً، يدرأ التداخل، ويخفض الكلفة، ويستهلك طاقة أقل. صُممت هذ المعدات لضمان استمرار عمل بطارية جهاز الاستشعار طوال دورة استخدام علامات الطرقات التي تمتد عادة لسنة واحدة.

وابتكر باحثو المعهد خوارزميات تستفيد من إحداثيات الـGPS الخاصة بعلامات الطرقات من أجل إعادة تشكيل صورة منطقة القيادة. وُضعت إحدى هذه الخوارزميات في الرقاقة الصغيرة المدمجة في علامة الطريق، بينما وُضعت خوارزمية أخرى في برنامج السيارة.

خضعت منصة أجهزة الاستشعار لاختبار ميداني دقيق في أوضاع جوية مختلفة، وحتى في متنزه بعيد في ولاية مونتانا الأميركية يفتقر للاتصال اللاسلكي. ووفقاً لموقع «إمباكت لاب» الإلكتروني، فقد جاءت النتائج مثيرة للإعجاب، حيث إن النتائج تخطت الهدف الرئيسي، أي توفير الإرسال في نطاق 100 متر، إلى مسافة تصل إلى 5 أضعاف الهدف.

تستطيع العلامات المجهَّزة بأجهزة الاستشعار، إعلام السائق بتغييرات الممرات المؤقتة أو الطرقات المقفلة في مواقع البناء، بتوفير معلومات بالوقت الحقيقي عند خروج تطبيقات الخرائط عالية الدقة عن الخدمة. في المستقبل، قد تصبح هذه العلامات المستشعرة قادرة على توفير بيانات إضافية عن درجة الحرارة، والرطوبة، والزحمة على الطريق. ويخطط فريق المشروع للتعاون مع طلاب لتطوير رقاقة أصغر للعلامات، للحصول على بديل أقل تكلفة، ويسهل الحصول عليه.

ولتسهيل التنفيذ على نطاق واسع، يخطط الباحثون لاستعراض التقنية على الطرقات أمام إدارات النقل في بعض الولايات الأميركية، لأن اعتماد هذه التقنيات يحتاج وبشدة إلى مشاركة الجهات الحكومية المسؤولة عن قرارات البنى التحتية.

تُرى السيارات الآلية ذاتية القيادة عادة على أنها مشكلة برمجيات، ولكن الباحث آشر من جامعة ميشيغان الغربية يعتقد أن اعتماد مقاربة صبورة تجمع بين المعدات المدمجة في البنى التحتية وتعاون جهات النقل الحكومية قد يكون الحل للوصول إلى «عربات من دون حوادث» تستهلك الطاقة بشكلٍ مستدام. يمثل دمج أجهزة الاستشعار في البنى التحتية على الطرقات مساراً واعداً باتجاه قيادة آلية أكثر أماناً وفعالية.



الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع
TT

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح نظام ذكاء اصطناعي يسمى «نويرون Noyron» في تصميم وتصنيع واختبار أحد أكثر محركات الصواريخ تحدياً في صناعة الطيران والفضاء: محرك دفع هوائي مبرد.

محركات «آيروسبايك»

من الناحية النظرية، يحافظ تصميم محرك الدفع الهوائي cryogenic aerospike thruster (محرك آيروسبايك)على كفاءة عالية عبر مجموعة واسعة من الارتفاعات، مما يجعلها مثالية للصواريخ التي يمكنها الانتقال من سطح الأرض إلى المدار على متن سفينة فضائية واحدة. هذا النوع من المركبات -المسمى مرحلة واحدة إلى المدار (بدلاً من المحركات الصاروخية المختلفة لمختلف المراحل)- هو أحد الأهداف «المقدسة» لاستكشاف الفضاء بسبب كفاءته وبساطته وفاعليته من حيث التكلفة.

إنجاز الذكاء الاصطناعي غلب «ناسا»

وعلى عكس مهندسي وكالة «ناسا» الذين قضوا سنوات في تصميم وتصنيع واختبار محرك هوائي مبرّد في التسعينات من القرن الماضي، نجح الذكاء الاصطناعي في إنجاز ذلك في دقائق معدودة.

كنت قد تحدثت مع لين كايزر، المؤسس المشارك لشركة «ليب 71»، Leap71، حول نظام «نويرون»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أخبرني بأن الهدف النهائي له ولشريكته جوزفين ليسنر، هو إنشاء نظام ذكاء اصطناعي هندسي متعدد الأغراض في العالم الحقيقي، يشابه «جارفيس» الخيالي الذي يعمل مع توني ستارك في أفلام «الرجل الحديدي»، Iron Man.

ونجح المصممون، الخريف الماضي، في اختبار «تي كيه إل-5»، TKL-5، وهو محرك صاروخي مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد (الطباعة التجسيمية) بقوة 5 كيلونيوتنات، أنتجته الشركة باستخدام الإصدار الأول من نظام « نويرون». وقد استخدموا جميع البيانات التي حصلوا عليها في أثناء تطوير الصاروخ مجدداً لإعادتها بهدف تطوير نظام جديد هو Noyron 2.0.

ابتكار محرك بدلاً من تحسين النموذج الموجود

وقال لي كايزر، عبر البريد الإلكتروني: «كان معظم الشركات تركز على تحسين المحرك الحالي، ولكن نظراً لأن هدفنا هو إتقان نموذج الذكاء الاصطناعي الحسابي، فقد قررنا اتِّباع استراتيجية لتوسيع كمية البيانات التي سنحصل عليها».

اقترح ليزنر أن يركزوا على ابتكار محرك مختلف جذرياً -وصعب للغاية- مثل فوهة «آيروسبايك». وعلى النقيض من «فوهة الجرس» التقليدية التي نعرفها جميعاً، فإن فوهة «آيروسبايك» توجِّه العادم الأسرع من الصوت على طول سنبلة مخروطية الشكل تمتد إلى الخارج. ويتناقص الشكل نحو الخلف، مما يضمن تدفق غازات العادم على طول سطحه، والتمدد بشكل طبيعي. ويتكيف هذا الشكل الخارجي مع تغيرات الضغط الجوي ويوفر أداءً متفوقاً في أثناء صعود المركبة الفضائية، من مستوى سطح البحر إلى فراغ الفضاء.

حلم «آيروسبايك»

يقول لي كايزر: «تحتاج المحركات التقليدية إلى طول فوهة مختلف، اعتماداً على الارتفاع الذي تحلِّق فيه». وعلى الأرض، يمكن للمحركات أن تكتفي بفوهة قصيرة، ولكن في فراغ الفضاء يجب أن تمتد الفوهات وتصبح طويلة جداً، «وإلا فإن الغاز سوف يتجه جانباً ولن يُنتج قوة دفع»، وهذا يجعل فوَّهات الفراغ للمراحل العليا من رحلات الفضاء طويلة وثقيلة، مما يزيد من تكلفة إطلاق كل صاروخ استخدمته البشرية على الإطلاق، من «ساتورن 5» إلى «ستارشيب سبيس إكس». ولأنك لا تستطيع تحسين الفوهة إلا لنظام جوي واحد، فإن المحرك على مستوى سطح البحر يبدأ بقوة كبيرة، ولكنه يصبح أقل كفاءة بعد ذلك عندما يبدأ العادم في التحرك جانبياً في الغلاف الجوي الأعلى والأخف وزناً.

ولهذا السبب تحتوي الصواريخ الحالية على مرحلتين أو ثلاث مراحل، مما يُعقِّد تصميمها وتكلفتها. ويتم تجنب كل هذا بواسط «آيروسبايك».

ولكن على الرغم من المزايا الواضحة لهذا المحرك، كما يشير كايزر، فإن «عدداً قليلاً فقط من الفرق نجحت في إطلاقه في العقود الأربعة الماضية». والمشكلة الرئيسية هي التبريد.

ويقول: «نظراً إلى أن سبايك يقع في وسط غاز العادم الساخن الذي تبلغ درجة حرارته 5430 درجة فهرنهايت (3000 مئوية)، فإنه من الصعب جداً تبريده بشكل صحيح، إذ حتى السبائك المعدنية عالية الحرارة القادرة للغاية لها نقاط انصهار تبلغ نحو 2732 درجة فهرنهايت (1500 مئوية) وتَضعُف قبل ذلك بكثير». من الصعب تصميم سبايك الطيران لأنه يتطلب قنوات تبريد داخلية معقدة وهندسة دقيقة، مما يجعل من الصعب تصنيعه باستخدام الطرق التقليدية.

محاولات إنتاج المحرك

وجرت محاولات لإنتاجه في الستينات من القرن الماضي، ثم تابعت وكالة «ناسا» وشركة «لوكهيد مارتن» الفكرة مرة أخرى لإنتاجه لبرنامج طائرة الفضاء دون المدارية «إكس 33». وقد أُلغي عام 2001 بسبب التحديات الفنية والميزانية. وقد حاول كثير من الشركات الأخرى وفشلت، لا سيما «فايرفلاي Firefly»، وهي شركة ناشئة أفلست عام 2017 وعادت مؤخراً إلى الحياة بعد إلغاء تصميم «آيروسبايك» الخاص بها.

ومع ذلك، نجح البعض، بما في ذلك شركة «Pangea Aerospace» الإسبانية، التي اختبرت بنجاح محرك «آيروسبايك» الخاص بها «DemoP1» الذي يعمل بالميثان والأكسجين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. وتخطط هذه الشركة لتوسيع نطاقها إلى محرك بقوة 300 كيلونيوتن.

وجاء أحدث جهد قبل إنتاج محرك «نويرون» من «Polaris»، من شركة «Raumflugzeuge» الألمانية التي نجحت في تصميم وإشعال محرك «آيروسبايك» في أثناء اختبار طيران للنموذج التجريبي «MIRA-II» فوق بحر البلطيق.

الذكاء الاصطناعي ينقذ الموقف

وفق ليسنر، تمكن المصممون من توسيع فهم «نويرون» للفيزياء لمعالجة التعقيد الفريد لهذا النوع من المحركات. وابتكر الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«Leap71» تصميماً ذاتياً يجري فيه تبريد المسامير بواسطة قنوات معقدة مغمورة بالأكسجين المبرد، فيما يجري تبريد الجزء الخارجي من الغرفة باستخدام وقود الكيروسين.

بعد الانتهاء من تصميم الإصدار الجديد، أنشأ المصممون تصميماً لـ«آيروسبايك» في ملف CAD، جاهز للطباعة ثلاثية الأبعاد في قطعة واحدة صلبة من النحاس. ويقول كايزر إن هذا شيء لم يقم أحد به من قبل وقد تعاقدوا مع شركة ألمانية.

كما عمل المصممون مع معهد «فراونهوفر» لتكنولوجيا الليزر، الذي أجرى المعالجة الحرارية لتقوية المعدن، فيما كانت شركة ألمانية ثالثة مسؤولة عن تنظيف المسحوق المتبقي تماماً من التجاويف الداخلية للمحرك.

نجاح الاختبارات

بعد التصنيع، أرسلت «Leap71» المسمار الهوائي إلى فريق «Race 2 Space» في جامعة شيفيلد، الذي ساعد على تحضير المحرك للاختبار في مرافق الهندسة المحمولة جواً في ويستكوت، بالمملكة المتحدة، وهو مخبأ خرساني يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية يمكنه احتواء أي انفجارات إذا حدث خطأ ما.

كان عليهم في الأساس إجراء الاختبار بشكل أعمى. «كنا متأكدين نسبياً من النظرية وراء ذلك، ولكن لا يمكن اكتشاف كثير من الأشياء إلا في أثناء الاختبار، مثل المقاومة في قنوات التبريد، بسبب خشونة سطح الطباعة ثلاثية الأبعاد»، كما يقول كايزر. كل شيء تقريباً في هذا المحرك كان جديداً وغير مُختبَر.

على الرغم من المخاطر المحتملة، نجح فريق الاختبار في إشعال المحرك في المحاولة الأولى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يرى ليسنر أن هذا الإنجاز «يعد بمثابة تصديق رائع على نهج الذكاء الاصطناعي القائم على الفيزياء». والواقع أنه من الجدير بالذكر أن شركة برمجيات الذكاء الاصطناعي المكونة من شخصين أنفقت نحو ثلاثة أسابيع في المجموع لتصميم أحد أصعب محركات الصواريخ التي يمكن تخيلها.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً