معارك طاحنة بين «الشباب» وقوات الاتحاد الأفريقي بجنوب الصومال

منسق الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في الصومال لا يزال حرجًا وينذر بالخطر

معارك طاحنة بين «الشباب» وقوات الاتحاد الأفريقي بجنوب الصومال
TT

معارك طاحنة بين «الشباب» وقوات الاتحاد الأفريقي بجنوب الصومال

معارك طاحنة بين «الشباب» وقوات الاتحاد الأفريقي بجنوب الصومال

شن مسلحون تابعون لحركة الشباب هجوما على قاعدة عسكرية تابعة لقوات السلام الأفريقية في الصومال المعروفة بالـ«أميصوم»، في مدينة جنالي الواقعة على بعد 100 كم إلى الجنوب من العاصمة مقديشو. واقتحم عشرات المقاتلين يتقدمهم انتحاريون فجر أمس الثلاثاء القاعدة المحصنة، واشتبكوا مع الوحدة العسكرية الأوغندية الموجودة فيها.
وأكد شهود عيان في المدينة استيلاء حركة الشباب على مدينة جنالي وكذلك القاعدة العسكرية، وقال متحدث باسم حركة الشباب إنهم قتلوا نحو خمسين من قوات الاتحاد الأفريقي في الهجوم، لكن ذلك لم يتأكد من مصادر مستقلة. وقام مقاتلو الحركة بتفجير الجسر في المدينة التي تقع على ضفتي نهر شبيلي، مما أدى لقطع الإمدادات العسكرية عن القاعدة العسكرية التابعة لقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال.
وقد استعادت القوات الأفريقية قاعدة جنالي من مقاتلي حركة الشباب في وقت متأخر من مساء الثلاثاء بعد انسحاب مقاتلي حركة الشباب، لكن قيادة الاتحاد الأفريقي في الصومال لم تكشف عن الخسائر التي لحقت بصفوف قواتها.
وفي تطور آخر، استعادت قوات الحكومة الصومالية المدعومة بقوات الاتحاد الأفريقي السيطرة على مدينة «هلغن» في محافظة هيران بوسط البلاد. ودخلت القوات المتحالفة المدينة صباح أمس من دون قتال، وذلك بعد انسحاب مقاتلي حركة الشباب منها قبيل وصول القوات المشتركة إليها. ويأتي ذلك قبيل انطلاق مؤتمر تشكيل الإدارة الإقليمية المزمع إنشاؤها لمناطق هيران وشبيلي الوسطى بوسط البلاد.
في هذه الأثناء، دعا رئيس الوزراء الصومالي الأسبق محمد عبد الله فرماجو، الحكومة الصومالية إلى استخدام استراتيجيات جديدة وفعالة في الحرب ضد حركة الشباب. وقال فرماجو، في تصريحات صحافية، إن الاستراتيجية المتبعة حاليا في محاربة الحركة غير كافية وغير مجدية أيضًا؛ لأن الحركة لا تزال قادرة على شن عمليات نوعية ضد المقرات الحكومية وقواعد قوات الاتحاد الأفريقي (الأميصوم) على الرغم من الحملات العسكرية المستمرة ضدها.
ودعا فرماجو إلى التركيز على تجفيف مصادر الدخل للحركة وكسب دعم السكان المحليين والعمل على حرمان الشباب من جمع الأموال من السكان المحليين في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك من خلال تأليب القبائل على الحركة. وقال: «لا يمكن القضاء على حركة الشباب من خلال الاعتماد على الجانب العسكري فقط، بل يجب على الحكومة اتباع استراتيجيات مختلفة إذا أرادت أن تنجح جهودها لإلحاق الهزيمة بحركة الشباب وكسب المعركة ضدها».
وعلى الرغم من الهزائم العسكرية التي لحقت بالحركة وطردها من معظم معاقلها الرئيسية بوسط وجنوب البلاد، فإن حركة الشباب لا تزال تسيطر على مناطق ريفية واسعة وتكثف من عملياتها باتباع تكتيكات حرب العصابات ونصب الكمائن وتنفيذ عمليات انتحارية وهجمات خاطفة.
على صعيد آخر، قال بيتر دي كليرك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال، إن الوضع الإنساني في الصومال لا يزال حرجا وينذر بالخطر، في ظل ارتفاع حاد للأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة. وأوضح دي كليرك أن الوضع الإنساني في الصومال لا يزال مثيرا للقلق، مشيرا إلى أن أعداد الأشخاص الذين يحتاجون بشكل عاجل للمساعدات الغذائية ارتفعت بنسبة 17 في المائة مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر.
وقدر عدد الصوماليين المحتاجين والذين يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد مطلع هذا العام بنحو 730 ألف شخص، إلا أن هذا العدد ارتفع الآن إلى 855 ألف شخص، في حين أن نحو 2.3 مليون شخص إضافي يتعرضون لخطر الانزلاق في الوضع نفسه، وبذلك يرتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم الإنساني والمعيشي إلى أكثر من 3.1 مليون شخص، الغالبية العظمى منهم من النازحين داخليا، وفقا لأحدث بيانات أصدرتها وحدة الأمن الغذائي وتحليل التغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وشبكة نُظم الإنذار المبكر من المجاعة التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ويشير هذا التقييم الجديد إلى استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية لدى الأطفال، حيث يعاني نحو 215 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وأن نحو 40 ألف طفل من هؤلاء الأطفال يواجهون مخاطر عالية ويحتاجون إلى مساعدات غذائية وعلاجية منقذة للحياة.
وتقول الأمم المتحدة إن هذه البيانات تظهر أن الوضع الإنساني في الصومال لا يزال يبعث على القلق، وأن القتال المستمر في بعض المحافظات وكذلك الحصار الذي تفرضه حركة الشباب على بعض المناطق المحررة يعرقل جهود الإغاثة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وحذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال من أن التمويل المتاح لا يتناسب مع الاحتياجات، ودعا إلى بذل المزيد من الجهد لتفادي وقوع كارثة إنسانية في البلاد.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.