مسيحيو العراق يطالبون رئيس الجمهورية بإلغاء مرسوم البطريرك ساكو

قالوا إنه مثّل إهانة لرئيس أكبر كنيسة في البلاد

مظاهرة مسيحية مؤيدية لساكو في أربيل (مواقع كردية)
مظاهرة مسيحية مؤيدية لساكو في أربيل (مواقع كردية)
TT

مسيحيو العراق يطالبون رئيس الجمهورية بإلغاء مرسوم البطريرك ساكو

مظاهرة مسيحية مؤيدية لساكو في أربيل (مواقع كردية)
مظاهرة مسيحية مؤيدية لساكو في أربيل (مواقع كردية)

تظاهر مئات المسيحيين، اليوم (الخميس)، في مدينة عينكاوا بمحافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، مطالبين رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد بالعدول عن المرسوم الجمهوري الذي ألغى بموجبه مرسوماً سابقاً صدر في عهد الرئيس الراحل جلال الطالباني عام 2013، منح البطريرك مار لويس ساكو حق تولي الأوقاف المسيحية.

كان الرئيس رشيد، أصدر، يوم الجمعة الماضي، مرسوماً جمهورياً بـ«سحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013، الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، ومتولياً على أوقافها». ما أثار غضب البطريرك الشديد وغضب أتباعه والمرتبطين بمرجعيته الدينية.

ورغم البيانات المتكررة التي أصدرتها رئاسة الجمهورية بشأن إلغاء المرسوم، وأنه لا يستهدف «النيل من مكانة البطريرك»، فإنها لم تساعد في امتصاص طيف واسع من المسيحيين. وقالت رئاسة الجمهورية، في آخر بيان حول الموضوع، الأربعاء، إن «بعض وسائل الإعلام تداولت خبراً مفاده أن سحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 مقصود به رمز ديني بعينه، وهنا نود أن نبين أنه سبق أن صدر مرسومان جمهوريان لرمزين دينيين في نفس الفترة، ولم يتم تجديدهما أيضاً لعدم وجود سند دستوري أساساً لصدورهما، إذ لا تصدر المراسيم الجمهورية بالتعيين إلا للعاملين في المؤسسات والرئاسات والوزارات والهيئات الحكومية، وبالتأكيد لا تُعد المؤسسة الدينية دائرة حكومية، ولا يُعد رجل الدين القائم عليها موظفاً في الدولة كي يصدر مرسوم بتعيينه».

مظاهرة المسيحيين في أربيل (مواقع خبرية كردية ومسيحية)

وتجمع مئات من المسيحيين أمام كاتدرائية «مار يوسف» للكلدان الكاثوليك في عنكاوا، وأصدروا بياناً قالوا إنه يمثل أحزاب وحركات الشعب المسيحي من الكلدان والآشوريين والسريان والأرمن ورؤساء وأعضاء منظمات المجتمع المدني وجميع شرائح المجتمع العنكاوي المسيحي.

وخاطب بيان المحتجين رئيس الجمهورية بالقول: «نعرب عن استنكارنا وشَجبنا لما أقدمتم عليه من خطوة ترتقي إلى إهانة وإذلال رمز من رموزنا الدينية، ألا وهو أبونا الموقّر البطريرك والكاردينال مار لويس ساكو رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم».

ساكو مع البابا فرانسيس

وأضاف البيان: «مثل هذه الإهانة لرئيسِ أكبر كنيسة في العراق لَهي سابقة خطيرة ومؤلمة لنا جميعاً، لم تحدث طيلة تاريخ العراق، وستكون لها آثارها وتبعاتها السيئة التي لا تحمد عقباها على وجودنا المسيحي بأسره، سواء في العراق أم في المنطقة برُمّتها؛ فهذه السابقة تُعدُّ ضربةً في الصميم، توجّه إلى مكوِّن مسالمٍ مِن قِبل مَن يفترضَ أن يكونَ حامي العراقيين جميعاً».

وتابع أن «صدور مراسيم جمهورية في تولي سيادة البطاركة والأساقفة الأجلاء مناصبهم وأوقاف كنائسهم بعد تنصيبهم من قبل الفاتيكان درجت عليه الحكومات العراقية كافة التي سبقت عهدكم، وقبلها في العهود الملكية والجمهورية كافة، وقبلها في عهد الدولة العثمانية والخلافة العباسية، وقد أصبحت عرفاً يكتسب القواعد القانونية، والعرف في المفهوم الدستوري أقوى من النص الدستوري».

وخلص بيان المحتجين إلى القول: «إننا اليوم المسيحيين نشعر، بكل أسف ومرارة، أننا مستهدفون في استمرارية وجودنا في وطننا العراق، ونجد أنفسَنا أمام مؤامرة خبيثة تحاك بواسطة أيادي وعقول تضمر الشر بنا، وتعمل جاهدةً من أجل استئصال جذورنا المغروسة داخل هذه الأرض الطيبة، ودفعنا لخيار ترك الوطن، واللجوء إلى الخيار الأصعب، الهجرة، وهذا ما لم نكن نتوقعه يحدث في عهدكم مطلقاً».

وطالب البيان «الرئيس العراقي بصفته حامي الدستور وحامي مكونات العراق بأن يبادر فوراً لإلغاء المرسوم 31 في 2023، السيئ الصيت وإعادة صلاحية تولي أوقاف كنيستنا الكلدانية إلى صاحب الغبطة الكاردينال لويس ساكو».

وانحسر الوجود المسيحي في العراق خلال العقدين الأخيرين بشكل كبير نتيجة هجرة معظم العوائل المسيحية في بغداد على وجه الخصوص إلى أوربا والولايات المتحدة الأميركية، وهروب قسم آخر إلى إقليم كردستان الشمالي الذي تمتع بالأمن والهدوء خلافاً لبقية محافظات العراق.

يشار إلى أن الطائفة المسيحية وبقية الطوائف والأقليات ينظم عملها ويدير شؤون أوقافها رسمياً «ديوان أوقاف الديانات المسيحية والأيزيدية والصابئة المندائية»، شأن الوقفين السني والشيعي، لكن المرسوم الذي يمنح البطريرك ساكو «ولاية» الأوقاف المسيحية إنما هي ولاية أقرب للتاريخية والفخرية، كما يؤكد البطريرك والحلقة المقربة منه.

لعبة الانقسامات

في الوقت الذي دخلت الانقسامات العرقية والمذهبية بين الشيعة والسنة والكرد والتركمان، بقيت الأقليتان المسيحية والصابئية تشعران بالظلم والتهميش من المكونات الكبيرة، لكن لعبة الانقسامات دخلت الجسد المسيحي قبل قضية المرسوم الجمهوري الخاص بتنصيب الكاردينال ساكو، الذي سحبه الرئيس العراقي.

ففي الوقت الذي كان الصراع خلال السنوات الأولى من سقوط النظام السابق عام 2003 اتخذ بعداً طائفياً (السنة والشيعة) وبعداً عرقياً (العرب والأكراد)، في السنوات الأخيرة بدأ يأخذ بعداً آخر، وهو تشظي نفس المكونات وتفاقم حدة الخلافات فيما بينها.

فعلى الساحة الشيعية، حصل انقسام حاد في الجسد الشيعي بين التيار الصدري من جهة وقوى الإطار التنسيقي من جهة أخرى، أما سنياً فالصراع في المحافظات الغربية بات اليوم على أشده، خصوصاً بين حزب تقدم، بزعامة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، وتحالف الأنبار الموحد، بزعامة رافع العيساوي، أما كردياً فقد وصل الصراع الحزبي بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني إلى شبه طريق اللارجعة. في هذه الأثناء، برز نزاع مسيحي ـ مسيحي بشأن كوتا المسيحيين في البرلمان العراقي، عبر أكثر من طرف مسيحي، ومن ثم تفاقم أكثر بين البطريرك ساكو وحركة بابليون، التي يتزعمها ريان الكلداني.



غوتيريش: الغارات الإسرائيلية على اليمن «مثيرة للقلق»

صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش: الغارات الإسرائيلية على اليمن «مثيرة للقلق»

صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

ندّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش بـ«التصعيد» في الأعمال العدائية بين المتمردين الحوثيين في اليمن وإسرائيل، معرباً عن «قلقه» إزاء الغارات التي شنّتها الدولة العبرية على مطار صنعاء، الخميس.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم غوتيريش في بيان، إنّ «الأمين العام يدين التصعيد بين اليمن وإسرائيل. إنّ الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مطار صنعاء الدولي ومواني في البحر الأحمر ومحطات للطاقة الكهربائية في اليمن، مثيرة للقلق بشكل خاص»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لقطة مأخوذة في 26 ديسمبر 2024 تظهر تصاعد الدخان بعد الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه بشكل خاص إزاء تداعيات قصف منشآت للنقل على عمليات المساعدات الإنسانية في بلد يعتمد 80 في المائة من سكّانه على المعونات.

وشدّد البيان على أنّ «الأمين العام ما زال يشعر بقلق عميق إزاء خطر حدوث مزيد من التصعيد في المنطقة، ويكرّر دعوته لكل الأطراف المعنية إلى وقف كل الأعمال العسكرية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

وشنّ سلاح الجو الإسرائيلي (الخميس) غارات على مطار صنعاء الدولي وأهداف أخرى في اليمن أسفرت، وفق وسائل إعلام تابعة للحوثيين، عن مقتل 6 أشخاص، وذلك غداة هجمات شنّها ضد الدولة العبرية المتمرّدون اليمنيون المدعومون من إيران.

صورة ملتقطة في 19 ديسمبر 2024 في نيويورك بالولايات المتحدة تظهر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث خلال مؤتمر صحافي قبل اجتماع لمجلس الأمن (د.ب.أ)

كما حذّر غوتيريش، وفقاً للبيان، من أنّ «الغارات الجوية على موانٍ بالبحر الأحمر وعلى مطار صنعاء تشكّل مخاطر جسيمة على العمليات الإنسانية، في وقت يحتاج فيه ملايين الأشخاص إلى المساعدة المنقذة للحياة».

كما ندّد الأمين العام، في بيانه، بالهجمات التي يشنّها المتمرّدون الحوثيون على خطوط الملاحة البحرية منذ عام.

وقال غوتيريش، في بيانه، إنّه يدين الحوثيين بسبب «الأعمال التصعيدية المتواصلة منذ عام... في البحر الأحمر والمنطقة، والتي تهدّد المدنيين، والاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة البحرية».