السعودية تعجل بإيصال مساعداتها الصحية إلى 21 محافظة يمنية باتفاقية أممية

منظمة الصحة العالمية: التنسيق جار مع قوات التحالف لتوفير ممرات آمنة

د. عبد الله الربيعة خلال توقيعه بروتوكول الاتفاقية مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية («الشرق الأوسط»)
د. عبد الله الربيعة خلال توقيعه بروتوكول الاتفاقية مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية تعجل بإيصال مساعداتها الصحية إلى 21 محافظة يمنية باتفاقية أممية

د. عبد الله الربيعة خلال توقيعه بروتوكول الاتفاقية مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية («الشرق الأوسط»)
د. عبد الله الربيعة خلال توقيعه بروتوكول الاتفاقية مع مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية («الشرق الأوسط»)

أبرمت السعودية، أمس، اتفاقية مشتركة بين «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» ومنظمة الصحة العالمية، ترمي إلى توفير الخدمات الصحية الطارئة المنقذة لحياة المتضررين في اليمن، والمقرر تنفيذها في 21 محافظة يمنية تستهدف 7.5 مليون مستفيد من الأشقاء اليمنيين وبتكلفة إجمالية بلغت 22.13 مليون دولار، وذلك ضمن تبرع خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 274 مليون دولار استجابة لنداء الإغاثة العاجلة لليمن الذي أطلقته الأمم المتحدة مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
وتتمثل مراحل الاتفاقية التي جرى توقيعها في العاصمة الرياض، أمس، بتأهيل وتجهيز المستشفيات المرجعية ودعمها بالكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات لتطوير مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها ونشر فرق الجراحة الطارئة وتعزيز خدمات الإحالة للتدبير العلاجي للإصابات التي تحدث بأعداد كبيرة، وكذلك تقديم الدعم في مجال بناء القدرات، بالإضافة إلى تقديم خدمات الإحالة والرعاية الصحية الأولية من العيادات المتنقلة والثابتة، إلى جانب إجراء حملات التطعيم ضد شلل الأطفال والحصبة في المخيمات والمحافظات كافة، وتأمين مخازن رئيسية كافية وآمنة وملائمة في عدن وصنعاء والحديدة، وشراء وتخزين وتوزيع المستلزمات الجراحية وأدوات علاج الحالات الطارئة وسيارات الإسعاف وتوفير الوقود اللازم لها ولمولدات المستشفيات والمراكز الصحية.
من جهته، عدّ الدكتور عبد الله الربيعة، المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أن توقيع الاتفاقية جاء في مرحلة مهمة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ممثلة بمدير مكتب شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، لغرض تقديم خدمات صحية شاملة في كل مناطق ومحافظات اليمن تُعنى بإنقاذ حياة كل المرضى والأمهات والأطفال، وتقديم برامج دعم وتأهيل المستشفيات، وتأهيل المرافق الصحية الأولية، بالإضافة إلى تقديم التطعيمات اللازمة، «لتكون سببا لإعادة الأمل في اليمن الشقيق».
وقال الربيعة: «لدينا عروض من عدة شركات للتجهيزات الأساسية والمستلزمات الطبية والصحية للمستشفيات في اليمن، ونتطلع إلى تأهيل مستشفى في عدن وآخر في مأرب، وسنتوسع في أكثر من مرفق، كما أن هذا الاتفاق يشمل تأهيل ما يقارب من 50 مرفقا صحيًا، فيما ستتبعها مستشفيات أخرى، حيث إن المركز لديه برامج مستقبلية لتقديم ما نستطيع لرفعة الرعاية الصحية باليمن الشقيق».
من جانبه، أفصح الدكتور علاء علوان، مدير مكتب شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، بعد توقيعه الاتفاقية أمس، أن هذه الاتفاقية ستوفر دعما لمنظمة الصحة العالمية لأداء واجبها في اليمن لتقديم الخدمة الصحية المتكاملة، ومنع تفشي الأمراض السارية، وتوفير العلاج لما يقارب 15 مليون يمني بحاجة ماسة لتوفير كثير من الخدمات كالمياه الصالحة للشرب، وتقوية أنظمة الرصد الوبائي.. وغيرها، مبينًا أن الممرات الآمنة تعد إحدى المشكلات التي تواجه عمل المنظمات هناك، وأن الأمم المتحدة تعكف حاليًا على معالجة تلك الأوضاع، كاشفًا في الوقت ذاته عن وجود تنسيق مشترك بين الأمم المتحدة وقوات التحالف المشتركة لتوفير الممرات الآمنة في اليمن لإيصال المساعدات الإغاثية الطبية.
وأكد مدير مكتب شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، أن هناك جهودا تبذل من قبل المنظمة لإيصال تلك المساعدات بالتنسيق مع الرياض، رافضًا التهم الموجهة لمنظمة الصحة العالمية التي تلقي باللوم عليها في التأخر في وجودها باليمن، مؤكدًا وجود المنظمة منذ اليوم الأول لحدوث الأزمة لدعم النظام الصحي في مناطق الصراع، مشيرًا إلى أن «أعداد العاملين التابعين للمنظمة الموجودين في اليمن قد ازدادت بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكن في الأماكن التي نستطيع الوصول إليها».
وأضاف الدكتور علوان: «نعرف أن هناك مشكلات كبيرة تعترض عمل المستشفيات، والمنظمة تعمل على توفير الأدوية قدر الإمكان، ونعمل على توفير الوقود في المستشفيات؛ حيث زودت المنظمة العالمية اليمن بـ180 طنا من الأدوية والمستلزمات الصحية الأخرى، إضافة إلى حملات التطعيم المستمرة هناك، ولكننا نتخوف وبشكل كبير من تفشي مرض شلل الأطفال؛ حيث إنه في حال انتشاره فسيؤثر على الأمن الصحي الإقليمي في كل دول الإقليم، ونتطلع إلى زيادة الوجود في بعض المحافظات اليمنية من قبل العاملين في المنظمة، وذلك بالتنسيق مع وزير الخارجية اليمني، لتوسيع عمل المنظمة ومكاتبها في مختلف المحافظات».
وفي ما يتعلق بتوقيع الاتفاقية مع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، والسبب وراء تأخرها، قال الدكتور علوان: «المنظمة لم تتأخر كثيرًا في توقيع الاتفاقية، ولكننا لم نمض في التوقيع إلا بعد إنجاز جميع المتطلبات القانونية لتوقيعها، وحالما انتهينا، جرى التوقيع في حينه».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».